إنشاء دولة فلسطينية: خلاف يستعر بين الحليفين واشنطن وتل أبيب؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
إعداد: سفيان أوبان إعلان اقرأ المزيد
"يجب أن تكون قادرًا على قول لا". هذا الشعار الذي يستخدم من أجل أهداف التطوير الشخصي وجد صدىً غير عادي في إسرائيل ولدى بنيامين نتانياهو الذي أعلن مؤخرا أنه "على رئيس حكومة إسرائيل أن يكون قادرا على قول لا حتى لأعز أصدقائه"، قاصدا بذلك الولايات المتحدة الأمريكية دون ذكر اسمها.
جاء تصريح نتانياهو بعدما ما أكد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي، استحالة تحقيق الأمن الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط دون "إنشاء دولة فلسطينية".
مهمة تحقيق الأمن في الشرق الأوسط وضعت على المحك مصداقية واشنطن التي تخشى أن تؤجج الحرب بين إسرائيل وحماس الوضع بشكل كامل في هذه المنطقة.
وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض بعد نهاية المكالمة الهاتفية التي جرت بين بايدن ونتانياهو خلال حوالي 30 دقيقة بالقول "إن بايدن لا يزال يؤمن بإمكانية تأسيس دولة فلسطينية".
اقرأ أيضانتنياهو مصر على الاستمرار بالعملية العسكرية في غزة مهما كان الثمن.. لماذا؟
لكن هذا التصريح يتناقض مع تفكير نتانياهو الذي أشار إلى أن "إسرائيل بحاجة إلى مراقبة الوضع الأمني بشكل كامل وعلى جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن"، مضيفا: "هذا الشرط الضروري (مراقبة الأمن بشكل كامل) يتعارض مع فكرة السيادة الفلسطينية".
من جهته، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي ينتمي إلى معسكر اليمين المتطرف قبل أسبوعين: "مع كل الاحترام الذي أكنه لهم (يقصد الولايات المتحدة الأمريكية) نحن لسنا نجمة على العلم الأمريكي"، مذكرا في نفس الوقت أن "الولايات المتحدة هي أكبر صديق لنا".
هذا، ويشير تقرير نشره الكونغرس الأمريكي أن إسرائيل استفادت من دعم مالي قيمته 265 مليار دولار من قبل الولايات المتحدة منذ ولادتها. ما جعل الدولة العبرية البلد الوحيد في العالم الذي يتحصل على مثل هذا القدر الهائل من المساعدات المالية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
والسؤال المطروح الآن: إلى أي مدى يمكن أن تقول إسرائيل "لا" للولايات المتحدة؟ وما هي العواقب الناجمة عن ذلك على القضية الفلسطينية؟
هذه الأسئلة وأخرى يجيب عليها دافيد خالفا، المدير المشارك لمرصد شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة جان جوريس الفكرية في مقابلة مع فرانس24.
فرانس24: هل نحن أمام منعرج في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؟
دافيد خالفا: توصف العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بأنها "خاصة" كونها مبنية من جهة على قيم مشتركة ومن جهة أخرى على مصالح استراتيجية.
هي علاقة مليئة بالعواطف بين صديقين وحليفين. لكنها عرفت فترات من التوتر بدءا من عهد الرئيس أيزنهاور ثم جونسون وجيمي كارتر وخلال الماضي القريب في عهد باراك أوباما ودونالد ترامب.
هذا الأخير الذي وصفه نتانياهو بأنه "أفضل صديق لإسرائيل" لم يتردد في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بوصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنه "غبي" وانتقاد رئيس الحكومة الإسرائيلية عقب مجازر 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
اليوم العلاقة الأمريكية الإسرائيلية تمر بمرحلة مضطربة لكنها لم تصل إلى حد الأزمة المفتوحة بين البلدين لسبب واحد: جو بايدن شخصيا يصف نفسه بأنه "صهيوني" ودعمه لإسرائيل متجذر في تاريخه الشخصي والسياسي رغم العلاقة الصعبة التي تجمعه بنتانياهو.
دافيد خالفا: نعم يمكن أن يعيق المشروع على المدى القريب. لماذا؟ لأن هدفه الوحيد في الوقت الحالي وهو البقاء في السلطة.
أكثر من ذلك، الاستراتيجية التي يتبعها في حربه على غزة تهدف إلى إطالة أمد الحرب إدراكا منه بأنه لا يتمتع بشعبية كبيرة في إسرائيل ويعاني من مشاكل قضائية. لهذا السبب، فهو يحاول ربح الوقت، متمنيا أن تتحسن شعبيته وصورته بعدما لبس بزة مسؤول الحرب.
بنيامين نتانياهو رجل سياسي محنك وذكي ويقوم بحسابات عديدة. لكنه لا يملك كامل القوة السياسية والحرية لأن حكمه مرهون بالتحالف الذي عقده مع اليمين المتطرف الذي يعارض أي حل سياسي للقضية يرتكز على حل الدولتين. ضف إلى ذلك شيخوخته وكبر سنه، ما يجعله قريبا من مغادرة السلطة.
اقرأ أيضاخلافات بين واشنطن وتل أبيب حول "قيام دولة فلسطينية"
فبغض النظر عن الدعم الذي قدمه له الشعب الإسرائيلي في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن غالبية الإسرائيليين لا يساندونه اليوم. والدليل على ذلك هي نتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت مدى انهيار شعبيته حتى في صفوف الناخبين الذين ينتمون إلى اليمين المعتدل.
كما يمكن القول أيضا بأن الحل السياسي الذي تقترحه دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، والقاضي بتطبيع علاقاتها مع تل أبيب مقابل بذل جهود أكبر نحو تأسيس دولة فلسطينية، سيبقى قائما حتى بعد رحيل نتانياهو. زعماء هذه الدول شبان وسيبقون على الأرجح في السلطة خلال سنوات عديدة في المستقبل، عكس نتانياهو.
بالإضافة إلى هذا، من المتوقع أن يتغير المشهد السياسي في إسرائيل بعد رحيل نتانياهو من الحكم. كما هناك إمكانية حقيقية أن يقود التيار المعتدل الذي يتزعمه بني غانتس المشعل من جديد ويقوم بإبعاد اليمين المتطرف من السلطة.
برفضه اقتراحات الإدارة الديمقراطية، هل هذا يعني بأن نتانياهو يعول على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية المقبلة؟
دافيد خالفا: العلاقة مع دونالد ترامب لم تعد مثلما كانت عليه في السابق. الرئيس الأمريكي السابق يعتبر أن نتانياهو خذله بعدما اعترف بفوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر/كانون الأول 2020.
كما يجب التذكير أيضا بأن 145 مليار دولار قد وعد بايدن بتقديمها لإسرائيل لم يتم الإفراج عنها بسبب معارضة الجمهوريين في مجلس الشيوخ لأسباب سياسية لا علاقة لها بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
فكل اقتراح يأتي من الحزب الديمقراطي تقابله عرقلة منتظمة من قبل الحزب الجمهوري وهذا حتى إن تعلق الأمر بتمرير مصالحهم السياسية الحالية قبل التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب.
في المقابل، في حال فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية، هناك احتمال أن يعتمد الديمقراطيون على استراتيجية مماثلة ويعرقلون كل ما سيقترحه الحزب الجمهوري.
هل يمكن أن تعيد واشنطن النظر في المساعدة المالية العسكرية التي تقدمها لإسرائيل سنويا والتي تقدر بنحو 3.8 مليار دولار؟
دافيد خالفا: مهما كان الشخص الذي سيتولى منصب رئيس الولايات المتحدة، فهناك دوائر في وزارة الدفاع الأمريكية موالية لإسرائيل وتعتبر التحالف مع تل أبيب يخدم قبل كل شيء مصالح الولايات المتحدة.
وإذا كانت المساعدات المالية المقدمة للجيش الإسرائيلي مستمرة ولا أحد يمكن أن يشكك في ذلك، فيمكن جدا بالمقابل أن تتغير شروط منح هذه المساعدة لتصبح أكثر صعوبة.
لكن إذا أرادت إسرائيل ضمان الدعم الدبلوماسي الأمريكي على المدى المتوسط، فعليها القيام بالمزيد من التنازلات مهما كان الحزب الذي سيحكم البلاد.
خاصة وأن الإسرائيليين أصبحوا يعتمدون أكثر من أي وقت مضى على هذا الدعم العسكري الأمريكي وفي وقت أصبحت الحروب الدائرة داخل المدن تتطلب عتادًا عسكريًا أكثر، مثل قذائف الدبابات التي لا تصنعها إسرائيل.
حاليا واشنطن تواصل الضغط على إسرائيل لفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى سكان غزة وتقليص التواجد العسكري الإسرائيلي في القطاع. وتستخدم إدارة بايدن شتى الضغوطات لتحقيق ذلك.
سفيان أوبان
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الولايات المتحدة إسرائيل بنيامين نتانياهو جو بايدن مساعدات النزاع الإسرائيلي الفلسطيني للمزيد الحرب بين حماس وإسرائيل فلسطين كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد منتخب الجزائر بوركينا فاسو الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الولایات المتحدة دولة فلسطینیة فی إسرائیل یمکن أن
إقرأ أيضاً:
مجلة "التايم": ما يجب أن تعرفه عن حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب عن 12 بلد بينها اليمن؟
كما وعد خلال حملته الانتخابية، يُعيد الرئيس دونالد ترامب إحياء سياسة حظر السفر "الشهيرة" التي انتهجها منذ ولايته الأولى، مُشيرًا إلى تهديدات للأمن القومي لمنع جنسيات بأكملها من دخول الولايات المتحدة.
أصدر ترامب إعلانًا يوم الأربعاء يمنع دخول مواطني 12 دولة، ويُشدد القيود على مواطني سبع دول أخرى. يدخل القرار حيز التنفيذ في 9 يونيو. ويُوفر استثناءات، تشمل المقيمين الدائمين الشرعيين وحاملي تأشيرات محددة، بالإضافة إلى الرياضيين وأعضاء الفرق الذين يسافرون لحضور فعاليات رياضية كبرى. (تستضيف الولايات المتحدة كأس العالم للأندية FIFA هذا الصيف، وكأس العالم FIFA عام 2026، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2028).
أثار حظر السفر الأصلي الذي فرضه ترامب، والذي أصدره بعد أسبوع واحد فقط من توليه منصبه في ولايته الأولى عام 2017، فوضى في نقاط الوصول وأثار احتجاجات في جميع أنحاء البلاد. عُرف الأمر على نطاق واسع باسم "حظر سفر المسلمين"، إذ استهدف في البداية الدول ذات الأغلبية المسلمة، حيث منع اللاجئين السوريين من الدخول، وعلّق مؤقتًا دخول مواطني العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن.
ومع مرور الوقت، عُدّلت قائمة الدول، بينما طُعن في الحظر أمام المحكمة. أيدت المحكمة العليا الحظر في عام 2018، على الرغم من أن الرئيس جو بايدن، خليفة ترامب، ألغاه عند توليه منصبه في عام 2021.
يأتي "حظر السفر" الجديد بعد أمر تنفيذي صدر في 20 يناير، وجّه فيه وزيري الخارجية والأمن الداخلي، والنائب العام، ومدير الاستخبارات الوطنية، لتحديد الدول التي تُشكّل مخاطر على الأمن والسلامة العامة.
وقال ترامب في إعلانه يوم الأربعاء إن القيود الجديدة ضرورية "لمنع دخول أو قبول الرعايا الأجانب الذين تفتقر حكومة الولايات المتحدة إلى معلومات كافية عنهم لتقييم المخاطر التي يُشكّلونها على الولايات المتحدة".
ما هي الدول التي فرضت قيودًا جديدة؟
يعلق الإعلان دخول مواطني أفغانستان، وتشاد، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، وإريتريا، وهايتي، وإيران، وليبيا، وميانمار، والصومال، والسودان، واليمن بشكل كامل.
سيواجه مواطنو بوروندي، وكوبا، ولاوس، وسيراليون، وتوغو، وتركمانستان، وفنزويلا قيودًا محدودة، تشمل حظر دخول المهاجرين، ومنع دخول غير المهاجرين حاملي فئات معينة من التأشيرات.
في مقطع فيديو نشره البيت الأبيض على منصة X للإعلان عن الإعلان يوم الأربعاء، أضاف ترامب أنه يمكن توسيع القائمة لتشمل دولًا أخرى "مع ظهور تهديدات في جميع أنحاء العالم". في مارس/آذار، أظهرت مذكرة داخلية حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز أنه يمكن إدراج ما يصل إلى 43 دولة في هذا الحظر.
لماذا أُدرجت هذه الدول في القائمة؟
تسرد ورقة حقائق أصدرها البيت الأبيض حول الإعلان مبررات كل دولة من الدول الـ 19 المدرجة في القائمة.
لبعض هذه الدول صلات بالإرهاب. تسيطر حركة طالبان الإسلامية السنية على أفغانستان، والتي تولت السلطة عام 2021 بعد خروج القوات الأمريكية من البلاد؛ ولإيران صلات بالعديد من المنظمات المسلحة في الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وحماس في غزة؛ أما الصومال، حيث تتمركز حركة الشباب الجهادية، فقد صنفتها الولايات المتحدة "ملاذًا آمنًا للإرهابيين".
ويُعتبر آخرون غير متعاونين مع الولايات المتحدة في مشاركة بيانات إنفاذ القانون أو في قبول عودة مواطنيهم المغادرين.
في الفيديو على قناة X، قال ترامب إن هجوم الأول من يونيو في بولدر بولاية كولورادو، والذي أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص، "أكد الخطر الشديد الذي يشكله دخول الأجانب غير الخاضعين للتدقيق الأمني السليم، وكذلك أولئك الذين يأتون إلى هنا كزوار مؤقتين ويتجاوزون مدة تأشيراتهم". وصل مهاجم بولدر إلى الولايات المتحدة بتأشيرة غير مهاجرة انتهت صلاحيتها منذ ذلك الحين.
قال الرئيس، الذي وعد أيضًا ببذل جهود لترحيلهم جماعيًا: "بفضل سياسات بايدن المفتوحة، يوجد اليوم ملايين وملايين من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين الذين لا ينبغي أن يكونوا في بلادنا. لا نريدهم".
وأشاد ترامب في الفيديو بقيود السفر التي فرضها خلال ولايته الأولى، مدعيًا أنها ساهمت في إحباط الهجمات الإرهابية.
وقال ترامب في الفيديو: "لن نسمح بدخول من يرغبون في إيذائنا إلى بلادنا. ولن يمنعنا شيء من الحفاظ على أمن أمريكا".
*يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست