أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي

تعتمد دول الخليج بصورة كبيرة على العمالة الوافدة في مختلف الأنشطة والقطاعات، مما يجعلها أكبر مصدر للتحويلات المالية في العالم كنسبة من ناتجها المحلي الإجمالي -وفق إحصائيات دولية-، فما الآثار السلبية لظاهرة “هجرة الأموال للخارج” وكيف يُمكن التعامل معها؟

“أثير” تواصلت مع  الباحث الأكاديمي علي بن شعبان اللواتي، الذي قدّم مؤخرًا ورقة عن ظاهرة “الحد من هجرة الأموال للخارج”، من خلال دراسة قطاع إعادة التأمين وإعادة تأهيل الشباب، ليوضح لنا أسباب ظاهرة “هجرة الأموال للخارج” وسلبياتها وطُرق معالجتها.

ما سلبيات هجرة الأموال للخارج؟

أكّد علي اللواتي بأن خروج الأموال تؤثر على الوضع الاقتصادي للبلد حيث إن خروجها يعني خروج رأس المال الذي ينبغي الاستفادة منه في الاستثمار داخل البلد، لذا فإنه رغم المداخيل الكثيرة للدول فإنها تحتاج للاستدانة من الخارج وكثيرًا ما تتعثر في سداد الديون وينخفض تصنيفها الائتماني مما يتسبب في هروب المستثمرين وعدم جذب الآخرين، وكي تصلح هذه الدول الوضع الداخلي تحاول فرض مختلف أنواع الضرائب ورفع الدعم الحكومي عن بعض الأساسيات بدلًا من تصحيح المشكلة الأساسية وهي “الحد من هجرة الأموال للخارج”.

هل تأهيل وإعادة تأهيل مواطني دول الخليج أحد الحلول؟

أوضح اللواتي بأن بعض دول المجلس تعاني من زيادة عدد الباحثين عن عمل وفي تخصصات تناسب وثقافة وطبيعة المجتمع الخليجي، وتحديد المخرجات وتأهيلها بل وإعادة تأهيلها سيوجِد فرصا كبيرة جدًا، فمثلا المملكة العربية السعودية لديها ما يُقارب الـ 170 ألف وظيفة في المحاسبة والطلب متزايد في المحاسبة القانونية بجميع أفرعه، والعدد الذي يغطيه المحاسبون المؤهلون في المملكة هو 4800 محاسب، مضيفًا: لو ركزنا على وظيفة المحاسبين وتم تأهيلهم وإعادة تأهيل مخرجات الإدارة والاقتصاد والتجارة وما شابه فإننا نعمل على تدوير الأموال وتحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة.

وأشار اللواتي إلى أن الكثير من مثل تلك الأعمال يمكن أن تؤدى عن بعد أو تحتاج إلى الانتقال بشكل دوري كالتدقيق ودراسات الجدوى والاستشارات وتحليل البيانات الضخمة مثلا، بالإضافة إلى الأعمال الإدارية المتعلقة بها من كتابة التقارير وترجمتها وغيرها، ولدينا أيضًا نقص شديد في المتخصصين في الدراسات الاكتوارية ولو تم إعادة تأهيل مخرجات كليات العلوم وخاصة الرياضيات والإحصاء مثلا، ستكون إضافة كبيرة للسوق الخليجي.


ما تأثيرات التحويلات على الاقتصاد العماني؟

قال اللواتي: من الواضح أن التحويلات أضرّت بالاقتصاد العماني كثيرًا وللأسف لم يؤخذ هذا الموضوع بصورة جدية، ورغم الارتفاع النسبي لأسعار النفط فإن رفع الدعم وفرض الضرائب ليس في صالح الاقتصاد المحلي وعدم معالجة التحديات الأساسية مثل توطين المعرفة وإيجاد فرص وظيفية مناسبة -ليست المتاحة بشكل عشوائي وغير مدروس والإحلال غير الفعال- وفرض تبعات مالية على التحويلات.

ما طرق معالجة التحويلات الضخمة؟

بيّن لنا علي اللواتي بعض الطرق التي قد تعالج هجرة الأموال للخارج وهي:

– وجود تشريعات تشجع المغتربين على الاستثمار داخل البلد، من شراء العقار أو الإيداع طويل الأجل في البنوك والمحافظ الاستثمارية أو برامج التأمين على الحياة وغيرها.

– تغيير ديمغرافية المغتربين والوافدين وذلك بتغيير نمط الاستثمارات القائمة، فعلى سبيل المثال ما تزال دول الخليج تنفق كثيرًا على البنية الأساسية منذ 50 عامًا وأكثر، وهذه الاستثمارات تحتاج إلى عمالة قليلة الرواتب لكن بأعداد كبيرة، وهذه العمالة تحول مبالغ كبيرة في المجموع إلى أسرهم، وتغيير نوعية الاستثمار الحكومي في قطاعات أخرى التي تكون العمالة فيها ماهرة ومتخصصة في مجالات علمية ومالية يُرتجى منه عدم سحب الأموال للخارج.

– وجود مشاريع ضخمة مشتركة في قطاعات مثل إعادة التأمين وقطاع التجزئة وتقنية المعلومات بالإضافة إلى القطاع الصناعي.

– إستراتيجية السوق التكاملي وليس التنافسي بين دول الخليج، بمعنى عدم تكرار الصناعات والمشاريع في دول الخليج نفسها، وبالتالي لا تكون جدوى مالية لصغر السوق لكل دولة على حدة.

– استيراد المواد الأساسية بشكل مشترك كما هو الحال في قطاع الأدوية.

المأمول في الفترة المُقبلة

عبّر اللواتي عن اعتقاده قائلًا: لا توجد السياسة والواضحة والوعي الكامل لهذه المشكلة، لذا لم نجد في رؤية 2040 لسلطنة عُمان وكذلك 2030 للسعودية مثلا فصلًا خاصًا لهذا التحدِي مثلما فعلت للتنوع الاقتصادي، ومن هنا لو أن غرف التجارة والصناعة في دول الخليج التي تمثل القطاع الخاص باشرت بجدية من خلال فريق عمل متخصص لدراسة الموضوع وفرض الحلول بشكل متكامل سنصل إلى نتائج مدهشة لا تقل عن نتائج التنوع الاقتصادي.

وفي الختام تطرق اللواتي في حديثه لـ “أثير” إلى ما ذكره صندوق النقد الدولي مؤخرًا
” إذ تُعد دول مجلس التعاون أكبر مصدر للتحويلات المالية في العالم، كنسبة من ناتجها المحلي الإجمالي، وبلغ مجموع التحويلات للعمالة الوافدة بدول الخليج في عام 2021م لوحده ( 119 مليار دولار) وهي كالآتي:

– الإمارات 40 مليار دولار

– السعودية 38 مليار دولار

– الكويت 17,7 مليار دولار

– قطر 12مليار دولار

– عمان 8.4 مليار دولار

– البحرين 3 مليار دولار

ويبلغ حجم قطاع التأمين حوالي 25-30 مليار دولار أمريكي خلال 2023-2030، والقطاع ما يزال متواضعًا في مجال التأمين الصحي والتأمين على الحياة بشكل كبير، وأغلب هذه الأموال تحول لشركات إعادة التأمين 62-70% للشركات العالمية، وحجم الإنفاق على تقنية المعلومات بلغ 10 مليارات دولار وأغلب هذه الأموال تصدر للخارج.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: وإعادة تأهیل إعادة تأهیل ملیار دولار دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

ارتفاع في عجز الميزانية الأمريكية بمقدار 196 مليار دولار منذ بداية العام

الجديد برس| أفاد مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي بأن عجز الميزانية منذ بداية هذا العام المالي ارتفع بمقدار 196 مليار دولار، على الرغم من جهود خفض النفقات وتقليص حجم الجهاز الحكومي. ووفقا للتقرير، ازدادت النفقات الفيدرالية خلال الفترة من أكتوبر إلى أبريل بمقدار 342 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وكان النمو الرئيسي في مجالات الدفاع وبرامج الهجرة والالتزامات الاجتماعية، بينما زادت إيرادات الميزانية خلال هذه الفترة بمقدار 146 مليار دولار فقط، على الرغم من ارتفاع تحصيل ضريبة الدخل. وجاء في وثيقة مكتب الكونغرس: “النفقات على الدفاع والهجرة، بالإضافة إلى الضغط المستمر على أنظمة الرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية، زادت من عجز الميزانية بمقدار 196 مليار دولار منذ بداية العام المالي الحالي.” وأوضح مكتب ميزانية الكونغرس أن النفقات على الدفاع زادت بمقدار 39 مليار دولار، وعلى وزارة الأمن الداخلي بمقدار 18 مليار دولار. وكان أكبر مساهم في العجز هو المدفوعات بموجب برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، حيث بلغ إجماليها ما يقرب من 1.5 تريليون دولار – بزيادة 70 مليار دولار عنها في العام السابق. وفي ظل هذه المؤشرات، تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إقرار مشروع قانون ضخم للضرائب والهجرة، يتضمن خططا لخفض النفقات بما لا يقل عن 2 تريليون دولار. وأنشأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية ولايته إدارة الكفاءة الحكومية الأمريكية بهدف “خفض النفقات المتهورة وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية”. وفي 16 يناير، صرح وزير الخزانة الأمريكية سكوت بيسينت أن النفقات الفيدرالية للحكومة الأمريكية وصلت إلى مستوى غير مسبوق في وقت السلم، وأن عجز الميزانية يتراوح بين 6.8% و7% من الناتج المحلي الإجمالي. ووصف الوضع الحالي للسياسة المالية الأمريكية بأنه “خرج عن السيطرة”، معربا عن قلقه من العواقب المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، قال رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون في 11 فبراير الماضي، إن إدارة الكفاءة الحكومية كشفت عن نفقات “صادمة” للحكومة الأمريكية لم يتم الحصول على إذن من الكونغرس بشأنها.

مقالات مشابهة

  • تقرير: توسّع إمبراطورية ترامب في الخليج يقابله تطلّعات إلى النفوذ والأسلحة والتكنولوجيا
  • شبكة ABC: أمير قطر سيهدي ترامب طائرة بقيمة 400 مليون دولار في زيارته إلى الخليج
  • عدن.. محكمة الأموال العامة تحسم الخلاف المحلي والدولي بشأن ملكية الآثار المهربة مايو 11, 2025م
  • 33.7 مليار دولار أرباح مبيعات "آب ستور" في 2024
  • 33.7 مليار دولار أرباح مبيعات آب ستور في 2024
  • ارتفاع في عجز الميزانية الأمريكية بمقدار 196 مليار دولار منذ بداية العام
  • العراق.. استرداد نصف مليار دولار من الأموال المُهرَّبة خلال 2024
  • أكثر من 1.5 مليار دولار قيمة صادرات العراق النفطية الى تركيا
  • كنز بقيمة 100 مليار دولار أسفل 5 صحاري .. ما القصة؟
  • الانهيار الاقتصادي في اليمن.. التحديات والحلول