رسالة إيران إلى العالم
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
آخر تحديث: 23 يناير 2024 - 9:45 صبقلم :فاروق يوسف هل يمكن تخيل شكل الحياة فيما لو انتصرت إيران على العالم؟ سؤال هو أشبه بالمزحة، ولكنه مطلوب من أجل أن يفكر فيه أولئك المتحمسون لحرب الجمهورية الإسلامية المفتوحة على كل الجهات. لا أحد منهم يفكر في عدالة القضية التي تنطوي عليها تلك الحرب، بقدر ما يفكر في الانتصار للعقيدة.
والعقيدة هنا تتناقض مع الحياة التي لا تخدمها أسلحة الدمار الشامل.فمنذ اليوم الأول لولادة دولتهم وقادة الجمهورية الإسلامية يقدمون خيار الحرب على أيّ خيار آخر. لم يتعلموا شيئا من حرب الثماني سنوات التي خاضوها ضد العراق. ما تعلموه أن يمضوا قدما في معاداة كل شيء وإشاعة الكراهية وروح البغض ولغة العداء. لديهم وجهة نظر. ذلك مؤكد. وهم يسعون إلى فرضها على الآخرين بالقوة. ولكنها وجهة نظر لا تخدم أحدا فهي لا تعكس مفهوما متقدما للحياة يمكن من خلاله تطوير أساليب العيش أو على الأقل حمايتها. أليس حريا بالإيرانيين وهم يدعون إلى ولادة نظام عالمي جديد يتناسب مع مقاييسهم أن يطبقوا نظرياتهم على أنفسهم ويتركوا الآخرين يعيشون حياتهم كما يريدون؟ ذلك سؤال ينطوي على ما يشبه الدعوة للانتحار. فالنظام العقائدي صُمّم لكي يكون عالميا أما إذا تم حجزه داخل إيران فإنه سينفجر بما وبمَن فيه. فهو نظام وصاية، لطالما حلم الفرس بممارستها على الشعوب الأخرى عبر القرون التي حُرموا فيها من فرص تدمير وهدم حضارات الشعوب التي تقع في محيطهم كما فعلوا في الأزمنة الغابرة. أما رفع شعارات العقيدة الإسلامية فهو محض وسيلة لتضليل البسطاء من الناس وتحويلهم إلى وقود للحروب التي تخوضها إيران بالوكالة. كل الذين يقتلون الآن في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن هم ضحايا إيران. الوسيلة دينية والهدف قومي. تلك هي المعادلة التي يقوم عليها وجود النظام الإيراني ومن غيرها يسقط النظام.ما حدث ويحدث الآن في الدول العربية المذكورة يمكن أن يحدث في أيّ دولة أخرى يُسمح لإيران بالتدخل في شؤونها. ألمَ ترغب إيران في أن تكون وصية على الحج، أحد الأركان الخمسة التي يبنى عليها الإسلام لولا حزم المملكة العربية السعودية الذي أخرج إيران بسعارها الطائفي من المعادلة؟ تتوعد إيران كل مكان تتمكن منه بالخراب. ما الذي فعله الحوثيون باليمن؟ أسقطوا الشرعية وجعلوا من البلاد مختبرا للأسلحة الإيرانية وانتهوا أخيرا إلى أن يقفوا في وجه الملاحة الدولية في البحر الأحمر ليذكّروا العالم أن إيران موجودة وعليه أن يتفاوض معها صاغرا. من موقع الوصاية ترى إيران أن لبنان لن يتمكن من اختيار رئيس له إلا بعد أن تمهر ذلك الرئيس بختمها. هل علينا أن نصدق ذلك؟ بعكسه فإن حزب الله مستعد لإشعال نار حرب أهلية جديدة. هناك ثكنة عسكرية إيرانية في لبنان اسمها حزب الله، هي عبارة عن مستودعات هائلة للسلاح، سبق وأن تم تفجير واحد منها بالخطأ فتهدم نصف الجزء التاريخي من بيروت. كان ذلك درسا لا يُنسى. هل يرغب العالم في تجديد عهد الحرب الأهلية في العراق؟ ميليشيات إيران في العراق وهي التي تحكم اليوم بالمناصفة مستعدة لإشعال فتيل تلك الحرب إذا ما شعرت بالخطر يتهددها أو يتهدد الجارة العزيزة. حرب إيران مفتوحة على العالم. وهي دولة لا تملك سوى الحرب نداء للشراكة.عبر أكثر من أربعين سنة لم يصدر من إيران نداء للسلام. فهي دولة غير مسالمة. تطوير السلاح هو مشروعها العلمي الوحيد. أما الحديث عن تقدم علمي إيراني فهو محض دعاية يُراد منها التغطية على الوضع المزري الذي تعيشه الشعوب الإيرانية في ظل حكم ظلامي وضعت فيه الدولة تحت سلطة رجل دين لا يفهم شيئا في أدنى شؤون الحياة. لقد كُتب على تلك الشعوب أن تخضع لمزاج الحرس الثوري الذي تم تأسيسه من أجل حماية الثورة من الشعب وها هو يستمر في تنفيذ وصية الإمام الخميني في تصدير الثورة من خلال نشر ميليشياته العابرة للحدود في العراق ولبنان واليمن وسوريا متخذا من القدس شعارا، غير أن ما تؤكده كل الوقائع أن ذلك الشعار هو أكثر شعارات الجمهورية الإسلامية تضليلا وكذبا. فمَن يرغب في تحرير القدس وهو جوهر الكفاح العربي في العصر الحديث لا يحتل بيروت وصنعاء وبغداد ودمشق ولا يفخر بأن أذرعه صارت تمتد من البحر المتوسط حتى البحر الأحمر.تلك هي رسالة إيران إلى العالم الذي لا يرغب في فهمها. هي رسالة تتضمن الكثير من الضمانات لإسرائيل. وهي في الوقت نفسه رسالة كراهية للعرب.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
بعد عام على العملية العسكرية الإسرائيلية التي اجتاحت مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لا تزال المدينة شاهدة على حجم الكارثة الإنسانية والدمار الهائل، حيث تحولت الأحياء إلى أطلال صامتة تروي وجع الناجين، وسط صمت دولي وتجاهل مستمر لمعاناة السكان.
وبحسب تقرير إعلامي، فبعد مرور عام على العملية العسكرية الإسرائيلية على مدينة رفح جنوب غزة، تحولت المدينة التي كانت تعج بالحياة إلى ساحة قاحلة، حيث أصبحت الأحياء أطلالاً تروي حكاية معاناة لم تنتهِ بعد، وتظهر الصور الجوية اختفاء كل معالم المدينة، فيما ظل ركام المباني المدمرة شاهداً على حملة عسكرية وصفتها منظمات حقوقية بـ”التدمير الممنهج”.
ووفق تقرير لقناة روسيا اليوم، ففي 7 مايو 2024، انطلقت حملة رقمية على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “كل العيون على رفح”، لكن بعد عام لم تنجح الحملة في لفت انتباه المجتمع الدولي لوقف الهجوم الإسرائيلي، وسط استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة.
وتابع التقرير: “اليوم، لم تعد رفح كما كانت، فلا يُسمع في شوارعها سوى هدير جنازير الآليات ودوي المدافع الإسرائيلية، وأبناؤها يحملون ذكريات الماضي بين أنقاض الحاضر، في انتظار مستقبل يبدو بعيد المنال.”
الجدير ذكره، أن الحكومة الإسرائيلية هددت مناطق أخرى في قطاع غزة، من شماله وحتى جنوبه، بمصير مماثل لمصير مدينة رفح، فيما يظل السؤال الوحيد الذي يراود أهالي القطاع: “إلى أين نذهب؟”، وسط تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باحتلال المناطق التي يدخل إليها جيشه.
ولا يزال قطاع غزة يتعرض لحرب إسرائيلية تسببت بتشريد نحو مليون و900 ألف فلسطيني، ومقتل ما يزيد على 50 ألفاً، وتدمير ما يقارب 450 ألف وحدة سكنية، كما تضررت 84% من المرافق الصحية وخرج 34 مستشفى عن الخدمة، وبات 620 ألف طالب بلا مدارس، بينما وصلت نسبة البطالة إلى 79%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للقطاع بنسبة تجاوزت 83%.
هذا وبدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح في مايو 2024، ضمن حملة أوسع شملت أنحاء قطاع غزة، بذريعة استهداف بنى تحتية لفصائل فلسطينية، ورغم الإدانات الدولية والتحذيرات الحقوقية من كارثة إنسانية، واصلت إسرائيل عملياتها في ظل غياب موقف دولي فاعل، وهو ما أجج الأزمة الإنسانية في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.