لندن- لم تمر سوى أيام قليلة على التصريح المثير الذي أدلى به وزير الدفاع البريطاني بن والاس، حول مساعدات بلاده العسكرية لأوكرانيا، والتي عبر فيها عن شبه تذمر من الطلبات التي لا تتوقف من الجانب الأوكراني، حتى أعلن الوزير استقالته من منصبه بداية سبتمبر/أيلول المقبل.

وجاءت تصريحات وزير الدفاع البريطاني عقب انعقاد قمة الناتو الأخيرة مفاجئة، عندما خاطب الأوكرانيين بلهجة فيها الكثير من العتاب، مؤكدا أن الغرب وبلاده خصوصا "ليست متجر أمازون" مطالبا الأوكرانيين بإظهار المزيد من الامتنان.

ولم تمر هذه التصريحات مرور الكرام داخل أروقة اتخاذ القرار في بريطانيا، بعد أن نأى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بنفسه عنها، قبل أن يخرج بن والاس بخبر الاستقالة، وهو الذي نفى قبل أيام فقط الأخبار التي كانت تقول إنه سينسحب من العمل السياسي.

وقبل أسبوع من خبر الاستقالة نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مصادر مقربة من وزير الدفاع أن أخبار انسحابه من السياسة "لا قيمة لها".

ومن المفارقات أن وزير الدفاع البريطاني كان يقدم نفسه للبريطانيين والعالم كأكبر داعم لتسليح أوكرانيا، وبفضل هذا الملف صعدت أسهمه بين البريطانيين، قبل أن يتحول نفس الملف إلى مسمار يدق في نعش مساره السياسي.

تصريحات غير محسوبة

لمع نجم وزير الدفاع البريطاني بن والاس مع اندلاع الحرب الأوكرانية، ورغم التغييرات الكبيرة التي شهدها منصب رئيس الوزراء منذ بوريس جونسون إلى ليز تراس وصولا لريشي سوناك، حافظ بن والاس على منصبه منذ سنة 2019.

وحرص السياسي البريطاني على إظهار الدعم المطلق لأوكرانيا، وكان من أشد المتحمسين لمنحها دبابات قتالية. ولهذا كانت بريطانيا أول بلد أوروبي يقدم دبابات من طراز "تشالنجر 2" للجيش الأوكراني، وكذلك كان الوزير أول من دافع عن قرار تدريب الطيارين الأوكرانيين لتزويدهم بطائرات قتالية، وأيضا تزويد الجيش الأوكراني بصواريخ طويلة المدى.

كل هذا جعل بن والاس من أثقل الشخصيات وزنا من الناحية السياسية داخل حزب المحافظين، وعندما كانت المنافسة على أشدها لقيادة الحزب، كان جُل استطلاعات الرأي تمنحه الصدارة لتقلد هذا المنصب، ليعلن في كل مرة رفضه الترشح للتركيز على عمله كوزير للدفاع.

ولأشهر، حمل بن والاس على عاتقه مهمة حشد الدعم الغربي لأوكرانيا، وكان من المتوقع أن يواصل نفس المهمة بتحضير الأجواء لتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، قبل أن يأتي بتصريحات منتقدة للمطالب الكثيرة لأوكرانيا، والتي لم ترُق لرئيس الوزراء ريشي سوناك، فقرر بن والاس الانسحاب.

وزير الدفاع البريطاني (في وسط الصف الأول) يعيش إحباطا جراء استبعاده من المنافسة على منصب أمين عام الناتو (الأناضول) طعنة الناتو

يعيش وزير الدفاع البريطاني حالة من الإحباط، بعد أن كان يمنّي النفس بتقلد منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وحاول رئيس الوزراء البريطاني سوناك، إقناع الغرب والأميركيين خصوصا بتسليم هذا المنصب لبن والاس، إلا أن القرار الأميركي كان حاسما بالتمديد للأمين العام الحالي ينس ستولتنبرغ.

هذا القرار ولّد حالة من التذمر لدى الوزير الذي يرى أنه قدم كل شيء من أجل منح الدعم العسكري لأوكرانيا، وكان في مقدمة الصف في تسليح الجيش الأوكراني، مع ترجيح أنه غاضب من الأوكرانيين أيضا الذين ربما لم يدعموا ملف ترشيحه كما يجب.

ولعل هذا ما دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للرد على تصريحات وزير الدفاع البريطاني بأن بلاده تظهر الامتنان لبريطانيا، "لكن الوزير ربما كان يريد شيئا خاصا".

ولم يفوت الوزير فرصة إعلان استقالته بدون رسم صورة قاتمة عن وضع العالم، خلال السنوات المقبلة، حيث تحدث بيقين بأن بريطانيا ستدخل في مواجهة مباشرة مع روسيا بحلول سنة 2030 "إما ستكون عن طريق حرب باردة أو حقيقية"، مشيرا إلى أن روسيا ما تزال لديها قوات جوية وبحرية "لا يُستهان بها".


خسارة للمحافظين

وبإعلان وزير الدفاع البريطاني بن والاس استقالته من منصبه، يكون حزب المحافظين قد فقد واحدا من الأسماء الوازنة والتي ما تزال تحظى باحترام البريطانيين، فوفق آخر استطلاع أجري داخل الحزب عن شعبية وزراء الحكومة، حلّ بن والاس ثانيا خلف رئيس الوزراء ريشي سوناك.

وكانت كل التوقعات تفيد بأن بن والاس قد يتولى قيادة الحزب بعد الانتخابات العامة التي ستجري بداية سنة 2025، إلا أنه قرر قطع كل علاقته مع حزب المحافظين بإعلان عدم ترشحه خلال الانتخابات المقبلة، وبعد أن ظلّ في البرلمان منذ سنة 2005، ما يمكن تفسيره أيضا بعدم رغبته في تكبّد خسارة انتخابية بعد أن أظهرت استطلاعات رأي أن مقعده بات من المقاعد التي من المتوقع أن يخسرها حزب المحافظين لصالح حزب العمال، بسبب حالة الغضب العارمة من سياساتهم خلال السنوات الماضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وزیر الدفاع البریطانی رئیس الوزراء بعد أن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية السوري يكذّب تصريحات سفير أمريكي سابق بدمشق عن الشرع

دمشق- نفى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، صحة تصريحات السفير الأمريكي السابق لدى دمشق، روبرت فورد، عن فحوى لقاءات جمعته بالرئيس السوري أحمد الشرع في مارس/ آذار 2023، قال إنها كانت تهدف إلى "تأهيله سياسيا".

وقال الشيباني في سلسلة منشورات على منصة إكس، الثلاثاء 20 مايو 2025، إن زيارة فورد إلى إدلب ولقائه الشرع كانت في إطار سلسلة زيارات أجرتها وفود أجنبية كثيرة للاطلاع المباشر "على التجربة الثورية السورية وتطورها في المناطق المحررة، ومحاولة فهم واقعها ومراحلها"، وفق وكالة قنا القطرية.

وأضاف الشيباني: "واجبنا اليوم هو البناء على المناخ السياسي الإقليمي والدولي الداعم لسوريا، واستثماره لإعادة بناء بلدنا. مع عدم الالتفات لمن يريد إضعاف الثقة بالقدرات والعقول السورية وقيادتها".

وكان فورد قال خلال جلسة مطلع مايو/ أيار الجاري، أمام "مجلس العلاقات الدولية في مدينة بالتيمور" شرقي الولايات المتحدة إن "منظمة بريطانية متخصصة في حل النزاعات دعته للمشاركة في مبادرة تهدف إلى إخراج (الرئيس السوري أحمد) الشرع من عالم الإرهاب وإدخاله في السياسة"، على حد تعبيره.

وأضاف فورد أنه التقى الشرع مرتين عام 2023 ومرة أخرى بعد توليه الرئاسة في سوريا في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وتابع: "عقدت محادثة متحضرة مع الشرع في لقائنا الأول في 2023 بمدينة إدلب".

وزاد: "جلست إلى جانبه بلحيته الطويلة وملابسه العسكرية، وقلت له باللغة العربية ‘لم أكن أتخيل أنني سأجلس إلى جانبك’، فرد الشرع بهدوء، ولا أنا"، على حد قوله.

وأكد الشيباني أن "ما جرى في الثامن من ديسمبر (الإطاحة بنظام الأسد) هو إنجاز سوري بامتياز، جاء ثمرة لصمود شعب دفع ثمنا باهظا في سبيل حريته وكرامته، رغم حجم الخذلان الذي تعرض له".

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الإدارة السورية تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة بالعهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث، وإلغاء العمل بالدستور.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوري يكذّب تصريحات سفير أمريكي سابق بدمشق عن الشرع
  • وزير الأمن البريطاني يتحدث عن إمكانية حظر جبهة البوليساريو
  • استقالة وزير الزراعة الياباني بسبب هدايا الأرز
  • عاجل- وزير الخارجية البريطاني: لا صفقات مع إسرائيل وسط تصعيد الدمار في غزة
  • وزير الخارجية البريطاني: فرضنا عقوبات على إسرائيل لبعث رسالة بضرورة إدخال المساعدات لغزة
  • وزير الدفاع الألماني: بوتين لا يظهر أي استعداد حقيقي للسلام في أوكرانيا
  • ترامب ينشر تصريحات بعد مكالمته مع بوتين بشأن أوكرانيا
  • عاجل.. أولى تصريحات ترامب بعد مكالمته المنتظرة مع بوتين لتسوية حرب أوكرانيا
  • ‏وزارة الدفاع الروسية تعلن استيلاء القوات الروسية على بلدة "نوفولينيفكا" شرقي أوكرانيا
  • فنلندا تعلن دعم لأوكرانيا بــ 90 مليون يورو