أيرلندا في طريقها للانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
لندن- في الوقت الذي يبدو فيه أن المسار القضائي لمحاسبة إسرائيل على جرائمها في قطاع غزة قد يمتد لسنوات قبل أن يؤتي أكله، تقترب الحكومة الأيرلندية من اتخاذ خطوة الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
ودافع وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، عن موقف بلاده بشأن انخراطها الفعلي في الدعوى التي تتهم فيها جنوب أفريقيا إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، مؤكدا أن حكومته ستنظر بشأن قرار الانضمام في هذا المسار القضائي بمجرد أن تتجاوز الدعوى مراحلها الأولية.
وكانت محكمة العدل الدولية قد استجابت لطلب البتّ في التدابير المؤقتة التي دعت جنوب أفريقيا لاتخاذها لحماية الفلسطينيين بقطاع غزة، وقررت في 11 و12 يناير/كانون الثاني الجاري عقد جلستي استماع لمرافعة كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل، ومن المرتقب أن تصدر المحكمة قرارها بشأن الوقف الفوري للأعمال القتالية نهاية الأسبوع الجاري.
وقدمت جنوب أفريقيا دعوى مؤلفة من 84 صفحة تؤكد خلالها أن الخطابات الإسرائيلية تنطوي على "إرادة لارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين"، مشيرة إلى أن الأعمال العسكرية الإسرائيلية في القطاع تمثل انتهاكا مباشرا لالتزامات إسرائيل الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
مطالب بتسريع الانضماموترى الحكومة الأيرلندية أن الطلب العاجل الذي تقدمت به جنوب أفريقيا، والذي يدعو المحكمة لإصدار أمر فوري للجيش الإسرائيلي بإنهاء أعماله القتالية في قطاع غزة، يتقاطع مع مطالبها بوقف كامل لإطلاق النار هناك، ووصول المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع.
لكن يُعد البتّ في طلب جنوب أفريقيا خطوة أساسية قبل تتخذ أيرلندا قرار الانضمام للدعوى القضائية ضد إسرائيل، والتي قد يستغرق إصدار حكم نهائي بشأنها عدة سنوات.
وقد لا يعد الالتحاق بجنوب أفريقيا في الترافع أمام قضاة محكمة العدل الدولية بمواجهة إسرائيل خطوة سهلة، رغم تعبير دول عدة كتركيا وبلجيكا عن دعمها لمحاسبة إسرائيل أمام الهيئات الدولية، ورغم موقف أيرلندا المتقدم مقارنة بجيرانها الأوروبيين.
وتعد تصريحات المسؤولين الحكوميين الأيرلنديين مجرد رجع صدى لموجة تضامن شعبي وسياسي لافت مع الفلسطينيين في صفوف الأحزاب والهيئات المدنية الأيرلندية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ولم يُسقط اللجوء إلى المسار القانوني في نظر المسؤولين الأيرلنديين ضرورة المطالبة بالعمل الفوري لوقف إطلاق النار في القطاع، حيث يجهر العديد منهم بخطاب ناقد وحاد تجاه العدوان الإسرائيلي.
وردا على المطالبات الشعبية المتصاعدة للحكومة بتسريع آلية انضمامها للدعوى التي ترفعها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، شدد وزير الخارجية الأيرلندي في تصريحات لوسائل إعلام محلية على أن "إسرائيل لا ينبغي أن تفلت من المحاسبة".
وأكد أن بلاده ستتبع النهج الجدي ذاته الذي سلكته خلال دعمها للدعوى التي رفعتها أوكرانيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الحرب الروسية على أراضيها، وانتهاكها لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وفي الوقت الذي تنتظر الحكومة الأيرلندية إصدار حكم من محكمة العدل الدولية، بشأن الطلب العاجل لوقف الأعمال القتالية في القطاع، للنظر فيما إذا ما كان على أيرلندا التدخل في هذه القضية، يتجه الحزب الاجتماعي الديمقراطي، أحد أهم الأحزاب المعارضة في البلاد، خلال أيام للتقدم بطلب رسمي للحكومة للانخراط في الدعوى القضائية المعروضة أمام محكمة العدل الدولية.
ويدعو الحزب الحكومة لترجمة الموقف الرسمي الأيرلندي الداعي لإنهاء الحرب فورا، إلى خطوات سياسية عملية وإجراءات قانونية ملموسة، فيما يكابد المدنيون الفلسطينيون مزيدا من المجازر دون أن يملكوا ترف انتظار الوقت الكافي لانتهاء إجراءات التقاضي الدولية.
ثقل قانوني وسياسيكانت أيرلندا من بين حوالي 32 دولة أوروبية دعمت الدعوى التي تقدمت بها أوكرانيا أمام محكمة العدل الدولية، متهمة روسيا بارتكاب جرائم إبادة جماعية خلال حربها المتواصلة على أوكرانيا، لكن التحاق أيرلندا بجنوب أفريقيا يعد إضافة نوعية، نظرا للخبرة القانونية والسياسية التي راكمتها خلال صراعها مع بريطانيا بشأن استقلال أيرلندا الشمالية، حيث تعتبر لاعبا ذا رمزية تاريخية مناصرا لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وقد تبلورت المواقف الأيرلندية السياسية الداعمة للشعب الفلسطيني خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، عبر مسلك تاريخي طويل ساندت فيه الأحزاب والقوى السياسية والمدنية الأيرلندية حق الشعب الفلسطيني في مقاومة مُحتليه، فيما يرى الأيرلنديون أن تاريخ القضية الفلسطينية يتقاطع في كثير من محطاته مع ما يعتبرونه صراعهم التاريخي ضد بريطانيا، التي يعتبرونها قوة استعمارية محتلة للجزء الشمالي من أراضيهم.
ويمثل هذا التطابق مع نضال الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، أحد الأسس الفكرية التي تشكل المخيال السياسي الأيرلندي بشأن تصوره للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتجعل أيرلندا من الأصوات القليلة داخل الاتحاد الأوروبي الناقدة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي لتوغله الاستيطاني وانتهاكاته المتواصلة لحقوق الشعب الفلسطيني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أمام محکمة العدل الدولیة جنوب أفریقیا ضد إسرائیل قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ساعات حاسمة.. هذا ما قد يدفع ترامب للانضمام إلى الحرب ضد إيران
توقع كاتب أمريكي/ إسرائيلي أن تشهد الساعات القادمة حسما بشأن مصير الهجمات الإسرائيلية على إيران، وإمكانية تدخل أمريكا فيها.
وقال ميخائيل هراري بمقال له في صحيفة "معاريف"، إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب يبدو مترددا حتى الآن، بشأن ما إذا كان الوقت قد حان للانضمام إلى المعركة، وخاصة إذا كان ذلك سيضمن له تحقيق نصر حاسم على إيران.
ما هي العوامل المؤثرة على قراره؟
يرى هراري أولا أن الصراع الداخلي الذي يعيشه ترامب بين أيديولوجيته الانعزالية، التي تميز بها، وبين الفرصة التي يرى فيها إمكانية لتحقيق نجاح استثنائي قد يُخلَّد في التاريخ (وربما يجلب له أيضًا جائزة نوبل).
ثانيًا، أن النجاح الإسرائيلي في ميدان المعركة قد يشكل دافعًا له للانضمام، لكي يكون شريكًا في هذا النجاح. بعبارة أخرى: الصورة والنجاح تجذبه أكثر من الفشل. هذا لا يعني بالضرورة أنه لن يهبّ لمساعدة "إسرائيل" إذا احتاجت، بشكل أو بآخر، لكن "النجاح يُغري ترامب، أما الفشل فلا.
ثالثًا، احتمال التصعيد الإقليمي قائم، ولا يمكن استبعاد أن تلجأ إيران إلى مهاجمة الخليج أو إلى إغلاق مضيق هرمز، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على سوق الطاقة. في هذا السياق، يُعتبر ولي العهد السعودي لاعبًا مهمًا للغاية، وموقفه سيؤثر دون شك على ترامب.
رابعًا، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقد أعرب بالفعل عن رغبته في الوساطة، ولكن ليس من الواضح مدى الجدية العملية لهذا الموقف في نظر واشنطن. ولكن، وهذا مهم، فإن ضغطًا روسيًا حازمًا، وهو ما تستطيع قوة عظمى مثل روسيا ممارسته، رغم ضعفها نتيجة الحرب في أوكرانيا، قد يكون له وزن كبير. علاوة على ذلك، قد يرى ترامب في هذه الورقة فرصة مهمة في سياق الحرب الأوكرانية وسعيه لإنهائها.