عربي21:
2025-12-13@02:03:43 GMT

نتنياهو بين العجز عن الحسم وإطالة الحرب

تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT

يبدو أن حرب الدمار والإبادة التي تشنها الدولة الصهيونية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، سوف تستمر لأشهر طويلة وربّما لسنوات، ولا تلوح في الأفق إمكانية وقفها. وقد عاد بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، إلى التصريح بأن الحرب لن تنتهي قبل الوصول إلى «نصر مطلق» وتحقيق أهداف الحرب كاملة، وفي مقدمتها «سحق حركة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية وتقويض حكمها وضمان ألّا تشكّل غزة مستقبلا، تهديدا على إسرائيل»، إضافة إلى إعادة المحتجزين (نتنياهو يمتنع بعناد عن استعمال تعبير إعادتهم أحياء).



على الرغم من كل ما حصل في الأشهر الأخيرة، ما زال بنيامين نتنياهو أكثر الساسة الإسرائيليين تأثيرا، وهو المصدر الأهم والحاسم في اتخاذ القرار الأمني – السياسي في إسرائيل، ومن هنا أهمية الانتباه إلى ما يقول وإلى حقيقة مقاصده ونواياه، خاصة أن الغالبية في حكومته مثله، وبعضهم أكثر تطرّفا. وحين يقف نتنياهو أمام الجمهور الإسرائيلي ويلتزم بالحسم العسكري، فهو لا يترك مجالا للتراجع.
وفي لقائه مع ضباط في المدرسة العسكرية كرر موقفه بلهجة أشد: «ما أصبو إليه هو نصر مطلق. لا أقل من ذلك. لا بديل عن النصر. أسمع محللين ومختصين على الشاشات يقولون «غير ممكن» أو «لا حاجة». هذا ممكن حقا وهناك حاجة ولا خيار آخر أمامنا.. هؤلاء الوحوش سيهزمون هزيمة نكراء. لا بديل عن النصر». يجمع المحللون الإسرائيليون على أن نتنياهو معني بإطالة الحرب حتى لا تفتح عليه نار جهنّم، ويضطر للاستقالة، أو للدخول في انتخابات خاسرة. ويكرر المحللون العرب هذه المقولة، في رأيي أن نتنياهو ليس معنيا بالضرورة بحرب طويلة، وما يهمه أساسا هو حسم المعركة وتحقيق «النصر» بأسرع وقت ممكن (وليس بأطول)، وعندها سيكون على استعداد لوقف القتال والعودة الى الجمهور الإسرائيلي لكسب الثقة التي فقدها، باعتباره «محقق النصر وساحق الأعداء والقائد الذي لا يهزم»، وربما يعود الاعتقاد بأن نتنياهو يعمل على إطالة الحرب إلى أنّه يصر على مواصلتها، مهما طالت، إلى حين تحقيق الحسم والنصر فيها.

النقاش مع نتنياهو في إسرائيل لا يتعلق بالحرب ذاتها، بل بما بعدها، وبمسألة أولوية تحرير المحتجزينكما أنّ هناك مبالغة في تقدير تأثير اليمين الديني المتطرف برئاسة الوزيرين الفاشيين، بتسلئيل سموتريتش وزير المالية وإيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي، على قرارات نتنياهو، هما يهددان بالاستقالة وبإسقاط الحكومة في حال جرى الإعلان عن وقف الحرب، ولكن ليس هذا ما يحسم موقف نتنياهو، فهو نفسه غير معني بوقفها إلى حين تحقيق «النصر المطلق»، ولو تحقق له ذلك لما أعار استقالتهما اهتماما، لأنه يعتقد أنه سيكون حينها في موقف قوي لا يخشى الانتخابات. ولعل أكثر ما يرعبه هو أن تتوقف الحرب، لسبب ما، قبل إنجاز غاياتها المعلنة، وعندها سيحمل عبء هزيمتين، السابع من أكتوبر/تشرين الأول والحرب على غزة. وعندها ستسقط حكومته ويسقط معها هو سقوطا حرا، ويخسر السلطة وتلحقه اللعنات طول حياته وحتى بعدها، ويسطّر اسمه في التاريخ الصهيوني كقائد فاشل وجالب للكوارث.

النقاش مع نتنياهو في إسرائيل لا يتعلق بالحرب ذاتها، بل بما بعدها، وبمسألة أولوية تحرير المحتجزين.. أهداف الحرب التي يعلنها نتنياهو ليل نهار لا تختلف جوهريا عمّا يردده منافسوه من أمثال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالنت، وعضو مجلس الحرب بيني غانتس، ورئيس المعارضة عضو الكنيست يئير لبيد، وكذلك الأمر بالنسبة لقيادة الجيش والأجهزة الأمنية، وفي مقدمتهم رئيس الأركان الجنرال هرتسي هليفي. هذا التوافق قد يتغير لاحقا تبعا للتطورات، ومنها على سبيل المثال استقالة الجنرال هليفي، التي ستكون لها تبعات أمنية وسياسية، وهناك اعتقاد بأنه سيستقيل مطلع الصيف المقبل. الغالبية في ائتلاف نتنياهو الحكومي لا تريد مثله فتح ملف ما بعد الحرب، ووزراؤه يرددون مثل الببغاوات ما يقوله رئيسها، من أن لا طائل من الحديث حول ما بعد، قبل تحقيق «النصر».

ولكن في الواقع بدأت إسرائيل تنفّذ ما هو متفق عليه داخليا عندها، وشرعت في «تنظيف» المنطقة المحاذية للحدود داخل قطاع غزة لإنشاء «شريط الموت» الممتد على طول الحدود، وإذ يصل عمق هذا الشريط إلى 1-1.5 كم، فإنّه يصل الى حوالي 70 كيلومترا مربعا، ما يعني اقتطاع حوالي ربع مساحة القطاع المكتظ أصلا. وقد جاء مقتل 21 جنديا وضابطا إسرائيليا في هذا الإطار، حيث قام هؤلاء بنصب الألغام والعبوات تمهيدا لتفجير مبنى يقع على بعد 600 متر من الحدود، فاستهدفهم مقاتلان فلسطينيين بقذائف أر.بي.جي، ما أدى إلى انفجار ضخم وفتّاك أودى بحياتهم. نتنياهو هو داهية سياسي، ولكنه مصاب بالغرور، ولم يفقد صلفه بعد السابع من أكتوبر، التي صوّبت إلى لب العجرفة الإسرائيلية. هو يعتقد أنه يستطيع مواصلة الحرب لتحقيق أهدافه وأهدافها، وقادر على رسم مرحلة ما بعدها، واثقا من أنه سيتمكن من فرض شروطه على الجميع، بما فيهم دول العالم التي ستشارك في إعادة الإعمار. فهو يرى مثلا أن مصر ستقبل بالتعاون مع إسرائيل بكل ما يخص الترتيبات الأمنية على محور فيلادلفيا وحدودها مع غزة. وهو يحسب أن المملكة العربية السعودية ستقبل بشروطه بشأن إعادة إعمار غزّة، وبعد كل الذي حدث، ما زال يتصوّر أن التطبيع معها ممكن وقابل للتجسيد العملي. وفوق هذا كلّه يخطط لإنشاء تحالف عربي – دولي لإدارة غزة، وهو يظن كذلك أنه يستطيع مواصلة المناورة داخليا وخارجيا لكسب الوقت والشرعية لمواصلة حرب الدمار والإبادة في غزة، ليبني مجده فوق الجثث والخراب. ومع أن نتنياهو استطاع إدارة حرب دمار وإبادة لأشهر طويلة، من دون أن يتعرض هو وحكومته إلى ضغط جدي داخلي أو خارجي، هناك مؤشّرات بأن غروره صار يسبق ذكاؤه، وهذه وصفة للسقوط.


لقد توهّم أهالي المحتجزين الإسرائيليين في غزّة أن بمقدورهم إقناع نتنياهو بالعمل على إعادتهم، لكنهم صدموا بأن نتنياهو في عالم آخر، وهو لا يقبل حتى النطق بجملة «إعادة المحتجزين أحياءً». وفي جلسة مغلقة معهم، طرح الأهالي الاقتراح، الذي يدفع به الكثير من النخب الأمنية والسياسية والثقافية الإسرائيلية، والقاضي بوقف الحرب لعدة أشهر وإتمام صفقة تبادل سريعة لإنقاذ حياة المحتجزين، ومواصلة الحرب في مرحلة ما لاحقا، وكان جواب نتنياهو: «حماس تصر على أن يتم التبادل بعد وقف تام وشامل لإطلاق النار، وتصر كذلك على ضمانات دولية ملزمة. المشكلة ليست في المبادلة بسجناء فلسطينيين، بل بوقف الحرب تماما وهذا غير مقبول لنا».

يظهر واضحا من تحليل خطاب نتنياهو عموما، أنها حرب طويلة وسوف تمتد لأشهر وربما لسنوات، الأهداف التي وضعها، ومعه فيها المؤسسة الأمنية والسياسية، بعيدة المنال وصعبة التحقيق من جهة، ولا استعداد عنده ولا عند قيادة الجيش للاعتراف بالواقع والسعي الى مسار لوقف الحرب، خاصة أنّ الرأي السائد في إسرائيل بأن انهاء الحرب قبل «سحق حماس» هو هزيمة للجيش وللدولة، وحتى للمشروع الصهيوني، ويدور الحديث حول هذا الموضوع في الفلك الاستراتيجي وليس في عالم التكتيك.

تفضي قراءة توجّهات متخذي القرار في إسرائيل إلى الاستنتاج بأن الدولة الصهيونية مندفعة في الحرب إلى حين تصطدم بما يوقفها، وعندها ستحاول امتصاص الصدمة عبر إجراء تغييرات في شدّة الأعمال القتالية، وستكون حاجة لضغط كبير إضافي لوقفها عند حدها. لا يبدو حاليا أن التفاعلات الجوّانية تشكّل مصدرا مؤثرا للجم هستيريا الحرب، وما حدث إلى الآن كان العكس. في المقابل يعوّل الكثيرون على ضغط خارجي أمريكي، وهذا يبدو مستبعدا، وإن جاء فلا يلوح بأنه سيكون كبسة فعلية على نتنياهو وحكومته. الموقف الأمريكي قد يتغيّر إذا جرى تفعيل ضغط حقيقي على إدارة بايدن من الدول العربية والإسلامية وأنصار العدالة لفلسطين في العالم. والديناميكية السياسية المضادة للممارسات والمخططات الإجرامية الإسرائيلية تبدأ بالتوصل إلى وحدة فلسطينية في الموقف والعمل، تكون قادرة على إفشال الكثير من المآرب الإسرائيلية، وبحراك عربي جدّي ينتقل من الفرجة إلى الفعل، وبحشد ضغوط عربية ودولية على إسرائيل والولايات المتحدة، تحشرهما في الزاوية وتجبرهما على وقف حربهما القذرة على غزة وعلى الشعب الفلسطيني بأسره.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني نتنياهو غزة فلسطين غزة نتنياهو الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إسرائیل أن نتنیاهو ما بعد

إقرأ أيضاً:

مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر

الثورة نت /..

قال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج، خالد مشعل، الأربعاء، إن القضية الفلسطينية تقف على حضور غير مسبوق استعادة لروحها على الساحة الإقليمية والدولية، بعد أن كانت “مخبأة في الأدراج”.

وأضاف مشعل في مقابلة مع قناة الجزيرة اليوم الأربعاء ، أن القضية اكتسبت أيضا مساحات جديدة إلى جانب المقاومة، ودخلت على شرائح من جيل الشباب الأميركي والأوروبي.

وأوضح أن وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر، وأصبح “الإسرائيلي” منبوذا ينتسب إلى كيان قاتل، وارتكب إبادة جماعية في قطاع محاصر.

وأشار مشعل إلى أن الأمة استيقظت واستعادت الروح تجاه القضية الفلسطينية التي تمثل شرفها، وأن العدو “الإسرائيلي” عدو للأمة بأكملها.

وأكد أن قطاع غزة يدفع ثنا باهظا اليوم في مسيرته نحو التحرر، مستدركا أن الذي “يجبر الفلسطينيين على المُر هو وجود الاحتلال على الأرض”.

وشدد مشعل على أن الإدارة الأميركية تحاول عبر مبادراتها لوقف الحرب وإيجاد حلول، أن تقدم صورة في غزة من شكل استقرار ولو جزئي وانتهاء شلال الدم من أجل تسويق ذلك على الساحة الدولية، لإنقاذ سمعة “إسرائيل”، ومن أجل تطبيع بعض دول المنطقة مع العدو.

وبحسب مشعل، فإن الحرب بصورتها التي تمثل حرب إبادة شاملة التي رأيناها عبر عامين كاملين، لا شك أنها انتهت واستنفدت قدرة المجتمع الدولي على تحملها. مستدركا: “نأمل ألا تعود”.

وبيّن أن الحراك العربي والإسلامي يرفض التهجير واستمرار حرب الإبادة في غزة، لكن الجهد المبذول في الفترة الأخيرة من قادة 8 دول عربية وإسلامية خلال اجتماعهم مع ترامب وأركان إدارته، كان نوعا من الخطوة الختماية للوصول إلى إنهاء الحرب.

ولفت مشعل إلى أن “الحرب انتهت، لكن القتل لن يتوقف”.

وتنتهك “إسرائيل” كل القوانين الدولية في قطاع غزة، دون أن يكترث العالم بذلك، وفقا لمشعل الذي أكد أن المسؤولية الآن تتمثل في أن تطبب جراح غزة وتغاث، وأن يعود الشارع العربي والإسلامي إلى دوره الفاعل للضغط على العواصم الغربية و”إسرائيل” لاستكمال متطلبات المرحلة الأولى من وقف الحرب على غزة، للانتقال إلى المرحلة الثانية.

وأردف مشعل أنه منذ أكثر من شهرين تتعامل “حماس” والمقاومة الفلسطينية بمسؤولية ومرونة كافية لإيقاف الحرب على غزة، ولا تزال تتعامل بانضباط من أجل ألا تعود الحرب وأن يتنفس الناس الصعداء، وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية في غزة.

وتابع أن هناك من يريد أن يفرض رؤيته على المقاومة، مثل نزع السلاح، وهو أمر مرفوض في ثقافة الفلسطينيين.

وقال إن المقاومة تريد ضمانة لطرح فكرة ألا يستعرض بسلاحها في غزة (يتم تجميده)، بعيدا عن فكرة نزع السلاح، لأن نزع السلاح يعني نزع الروح، وألا يأتي أي تصعيد عسكري من غزة، مقابل وقف الحرب ووقف التصعيدات والانتهاكات “الإسرائيلية”، مستدركا أن استراتيجية غزة هي التعافي والانشغال بنفسها.

كما أوضح مشعل أن الفلسطيني يعتبر سلاحه روحه، وذلك يعني أن المقاربة بنزع سلاح الفلسطيني يعني نزع روحه.

وقال رئيس “حماس” في الخارج، إنه جرى التوافق برعاية الإدارة المصرية على أن تسلم إدارة قطاع غزة لحكومة تكنوقراط، تلحق بهم قوات شرطة لحفظ الأمن، لصنع صورة مجتمع مدني حقيقي، لكن “إسرائيل” تعطل ذلك.

وأضاف أن فكرة “مجلس السلام” التي اقترحها ترامب، محفوفة بالمخاطر، لأن تحته مجلس تنفيذي يشكل الحكم الحقيقي في غزة، مؤكدا أن ذلك مرفوض بالنسبة للمقاومة، لأنه شكل من أشكال الوصاية ويذكر بالانتداب البريطاني.

وتابع مشعل، أن الحركة إلى جانب حركات المقاومة، يريدون أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني، وتعجيل إعادة إعمار غزة، إلى جانب بقاء وقف إطلاق النار وعدم عودة الحرب.

وارتكبت قوات العدو منذ 7 أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

مقالات مشابهة

  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • “ترامب يضغط على نتنياهو لأجل مصر”.. الصفقة الأكبر بين مصر وإسرائيل تقترب من لحظة الحسم
  • رسالة غير مسبوقة من نتنياهو إلى إسرائيل
  • تحرك استيطاني جديد.. الائتلاف يضغط لرفع العلم الإسرائيلي شمال غزة
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • إعلام إسرائيلي نقلا عن مسؤول: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيحدد موقف إسرائيل من التصعيد في لبنان
  • مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر
  • خبير استراتيجي: “نتنياهو” يحاول إبقاء إسرائيل في حالة حرب
  • باحث سياسي: نتنياهو يدرك ضعف موقفه الانتخابي ويسعى لإبقاء إسرائيل في حالة حرب
  • ‏إسرائيل توافق على بناء نحو 800 وحدة سكنية في 3 مستوطنات بالضفة الغربية