فيما كان الأمير تشارلز أثناء زيارة رسمية لأستراليا في 26 يناير عام 1994، يتقدم من منصة في سيدني، اندفع شاب بقوة وبلغ المكان وهو يصرخ بكلام غير مفهوم ويطلق النار من مسدس وهمي.
إقرأ المزيدالأمير تشارلز وكان حينها يحمل لقب أمير ويلز، وهو الآن العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث، لم يفهم ما يحدث، وأحذ ببرود إنجليزي تقليدي يسوي أزرار أحد أكمام قميصه غير عابئ بما يجري.
اندفع حارس الأمير الشخصي نحوه ودفعه بعيدا، فيما هرع عدد من الحراس الأخرين وألقوا بأنفسهم على المهاجم الذي سقط عمدا على المنصة، لمنعه من النهوض مجددا.
في ذلك الحادث الغريب الذي اعتادت وسائل الإعلام على وصفه بمحاولة اغتيال، حاول شاب يدعى ديفيد كانغ ويبلغ من العمر 24 عاما أن يلفت انتباه أمير ويلز وولي العهد البريطاني في ذلك الوقت إلى مشاكل المهاجرين الكمبوديين في استراليا، وكان استعمل في هجومه مسدسا يستعمل في إعطاء إشارة الانطلاق في الألعاب الرياضية، وأطلق رصاصتين من النوع الخلبي الذي لا تصدر عنه إلا فرقعة عالية.
للأمير تشارلز ينسب تعليق طريف حين سئل في مقابلة تلفزيونية عن سبب عدم اكتراثه بما حدث. يقال عن تشارلز علّق قائلا: "أنتم تعون، أن عائلتنا كانت تعمل على تحسين السلالة منذ ألف عام"!
صاحب الفعلة، ديفيد كانغ، اعتقل ومثل أمام القاضي، وتوصلت المحكمة إلى أنه لم يحاول فعليا اغتيال الأمير تشارلز، على الرغم من اتهامه بالتهديد بعنف غير قانوني، وتمت معاقبته بالعمل في الخدمة الاجتماعية لمدة 500 ساعة. حينها برر الشاب ما قام به قائلا إنه كان يحتج على احتجاز أكثر من 100 طالب لجوء كمبودي في معسكرات اعتقال في أستراليا.
في وقت وقوع تلك الحادثة الغريبة، صرّح رئيس الوزراء الأسترالي بول كيتنغ بأنه "محرج" من الحادث، ونفى في مقابلة تلفزيونية الادعاءات بأن كانغ كان ينوي قتل تشارلز، مشددا على أن ما جرى "لم يكن محاولة اغتيال، بل مظاهرة سياسية".
حين مثل كانغ أمام المحكمة في أعقاب ما يوصف في وسائل الإعلام بمحاولة اغتيال، أفيد بأن الشاب قبل الحادث، أرسل حوالي 500 رسالة بشأن اللاجئين الكمبوديين إلى الصحف والكنائس وقادة العالم بما في ذلك الرئيس الأمريكي حينها بيل كلينتون والأمير تشارلز، أمير ويلز.
بعد مرور عام واحد على الحادث، أدلى كانغ بتصريح قال فيه إنه كان يعتقد أن حراس الأمير تشارلز الشخصيين سيطلقون النار عليه، مضيفا قوله: "لم أتعثر على المنصة، لقد سقطت عمدا، لأنه لم يكن لدي أي نية لإيذاء أي شخص".
في عام 2005، حين أعلن عن جولة للأمير تشارلز في أستراليا، استقصت صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد، عن ديفيد كانغ، وعرفت أنه بلغ من العمر 35 عاما وأصبح محاميا.
كانغ أبلغ الصحيفة بأن الحادث مع تشارلز كان نقطة تحول في حياته، وشدد على أنه لم يكن ينوي إيذاء أي شخص بذلك النوع من الاحتجاج، مشيرا إلى أن "ما حدث قبل 11 عاما كان تجربة مؤلمة للغاية وقد انتقلت بالتأكيد في حياتي، والآن أصبحت محاميا هنا في سيدني".
المهاجم الذي أصبح محاميا ذكر في تلك المناسبة أن "التفكير في الأمر حتى الآن يزعجني قليلا... ما حدث في ذلك الوقت كان مؤلما للغاية وكان تأثيره على عائلتي مزعجا جدا".
الصحف المحلية الأسترالية عقب الحوار الصحفي الذي أجري مع كانع في عام 2005، ذكرت أن نقابة المحامين في ولاية نيو ساوث ويلز، رفضت المخاوف التي ظهرت حينها حياله، مشددة على أنه شخص لائق ومناسب، ولا يشكل أي تهديد.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الملك تشارلز الثالث الأمیر تشارلز فی ذلک
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
د. أحمد بن علي العمري
سلطنة عُمان… بلد الأمن والأمان والسلام والإسلام والاعتدال والحياد والأعراف والعادات والتقاليد وحسن التعامل والتسامح، حيث إن الأعراف والتقاليد لدى العُماني أقوى من أي قانون؛ الأمر الذي جعلها محل ثقة وتقدير واحترام العالم أجمع دون استثناء.
ومع ذلك؛ فالرأي مفتوح للجميع، وسقف الحرية مرتفع بحكم القانون العُماني. ولقد لفت انتباهي الانطباع الذي خرج به المشاركون في معرض مسقط الدولي للكتاب من زوار ومؤلفين وناشرين؛ حيث عبّروا عن الحرية التي وجدوها؛ فهناك الكثير من الكتب التي يُمنع نشرها في العديد من الدول وجدت حريتها في عُمان تنتظرها، وأكدوا أن في عُمان مجالًا رحبًا للرأي والرأي الآخر، وأفقًا للرأي الواسع، كما أشاروا إلى حفظ الحقوق واحترام وتقدير الآخرين.
لقد وجدوا التطبيق الفعلي لعدم مصادرة الفكر؛ بل حمايته وتهيئة الجو المناسب له، فقد قالها السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه -: "إننا لا نصادر الفكر.. أبدًا"، وأتت النهضة المتجددة لتؤكد على استمرارها ونموها وتوسعها؛ فأضحت عُمان بلا منازع محل تقدير ومركز تسامح وموقعًا لثقة الجميع.
المعروف أن الودق هو المطر الذي يُنهي الجفاف ويحيي الأرض، وفي السياق الأدبي أو الثقافي يُستخدم كرمز للخير والسلام، وعندما نقول إنه يطفئ الحروب، فهو تعبير مجازي عن دور عُمان التاريخيّ في إخماد النزاعات بالحكمة والدبلوماسية، كما فعلت عبر تاريخها في الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
إن سلطنة عُمان معروفة بسياسة الاعتدال والحوار؛ سواء كان ذلك في محيطها الخليجي أو العربي أو على المستوى الدولي، مما جعلها صانعة للسلام بامتياز. وهكذا فإن الودق العُماني ليس مجرد مطر مادي، وإنما هو إشارة للغيث الأخلاقي في البوتقة السياسية الذي تقدمه عُمان لتهدئة الصراعات ومسبباتها ووأد الفتنة في مهدها.
لقد وقفت السلطنة كعادتها الدائمة والثابتة والراسخة على الحياد؛ فلم تقطع العلاقات مع جمهورية مصر العربية إبان اتفاقية كامب ديفيد، وكذلك الحياد في اتفاقيات مدريد وأوسلو ووادي عربة، وبقيت محايدة في الحرب العراقية الإيرانية، ولم تتدخل في الحروب التي تستعر هنا وهناك من حينٍ لآخر؛ فلم تتدخل في حرب ليبيا، ولا الصومال، ولا اليمن، ولا السودان؛ بل أغلقت أجواءها أمام الاستخدام العسكري لأي من الطرفين المتنازعين.
وقد كانت الوسيط لإطلاق عدد كبير من المحتجزين للعديد من الدول، كما إنها كانت وسيط الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، وحاليًا تقوم بالوساطة ذاتها بين أمريكا وإيران للوصول إلى اتفاقية ثابتة وملزمة ومحكمة.
ومؤخرًا تدخلت السلطنة لإطفاء الحرب الملتهبة بين أمريكا واليمن، والتوصل للاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وهي حرب بالغة في التعقيد، لكن الدبلوماسية العُمانية المعهودة كان لها التأثير السلس الذي يتواصل مع الفرقاء برقة النسيم، وعذوبة الودق، وشذى الياسمين.
كل ذلك بهدوء ودون صخب إعلامي أو ضجيج القنوات الفضائية أو جعجعة الحناجر، كعادتها عُمان تبتعد عن المنّ والأذى.
إن الطائر الميمون الذي يقلّ المقام السامي لحضرة مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بين العديد من عواصم العالم بين الحين والآخر، إنما يحمل على جناحيه غصن الزيتون ومرتكزاته وأهدافه، هو نشر السلام والتسامح؛ فعُمان تلتقي ولا تودع، وتجمع ولا تفرّق، وتلمّ ولا تشتّت، وتمُدّ يد السلام والوئام والتسامح والأُلفة للجميع.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.