لا كرامة في الحب، مفيش حاجه اسمها كرامة بين الواحدة وجوزها، كلام كتير بنسمعه ومقولات نرددها يومياً بدون الفهم الصحيح لمعنى كلمة كرامة.
الكرامة في الحب، إشكالية اختلفت حولها النساء، فهناك من تؤكد أنه لا معنى لكلمة كرامة بين الحبيبين لأنه من المفترض أن الحب يصنع من القلبين قلبا واحدا، وهناك من تؤكد أن الكرامة هي الشيء الوحيد الذي لا يجب أن يمسه أو يمحوه الحب، فلابد للمرأة أن تحتفظ بكرامتها، وهناك رأي أن الكرامة أغلي من الحب، فاذا تعرضت كرامتك للإهانة الافضل لكى أن تنزعي قلبك وتسحقيه بقدميك فلا ترخصي نفسك فلا أحد يستحق.
المفهوم الصحيح للكرامة بين الزوجين هو احترام الحقوق والواجبات بينهما وعدم إهانة أو اساءة شريك الحياة، فالإهانة غير مقبولة بشكل عام سواء كان من الزوج أو الأخ أو الحبيب هناك كرامة ولا بد أن نحافظ عليها،
الحياة بين الزوجين مليئة بالاتهامات وتعمد الإيذاء وجرح الكرامة والتقليل من أنوثة المرأة وكذلك التقليل من رجولة الزوج وفرض السيطرة ومحاولة التحكم السلبي في العلاقة الزوجية من قبل الطرفين والعنف اللفظي والجسدي، كل هذه الممارسات لا تنتقص فقط من كرامة الإنسان ولكن تبني حاجز نفسي بين الطرفين لا يمكن هدمه أو التخلص منه فالحب يعوض أما الكرامة إذا أهدرت لن تعود.
الرجل الحقيقي الذي يقدم لكى الاحترام والإخلاص، فهنيئا لكي بقلب رجل رائع يخاف الله فيكي، يحبك ويرى كرامتك من كرامته، وإهانتك إهانة لذاته، فلقد خلق الله أدم ليبحث عن حواء وليس العكس، فقد أعزك الله وعلا من شأنك فأنتي المصون التي يجب أن يتعب الرجل ويسعي للحصول عليك والفوز بقلبك.
هل من الممكن أن تضحي بشخصيتك من أجل من تحب؟
لا يمكن التضحية بالشخصية لأنها كيانك وحصيلة فكرك وما سعيت إلى بنائه في نفسك، ومن يحبك يحبك بشخصيتك كما هي فلا يضطرك إلى التضحية بها وتصبح شخصا آخر لا تعرفه ولا يشبهك.
التضحية في الحب تكون في أمور أخرى وليس في هوية الإنسان وكينونته. أساسا إذا ضحى المرء بشخصيته تلاشت هيبته أمام نفسه وأمام من يحبه، لأن من أسباب انجذابنا لمن نحب هو الميل إلى جوهر الشخصية واعتزازها بصفاتها.
التضحية بحلم من الأحلام أمر وارد ولكن المبادئ خط أحمر.
ليس حباً هذا الذي نتصنع فيه شخصية لا تمثلنا وليست تضحية إذا فعلنا ذلك بل حمق وغفلة. لن تموت إذا خسرت من تحب ولكن ستعيش كالميت إذا خسرت كرامتك.
فن التسامح وتقديم الاعتذار للطرف الآخر من الفنون الزوجية التي ينبغي على الزوجين تعلمها وكلمة أسف من أسهل الكلمات التي تنهي أي خلاف مع الحفاظ على كرامة الطرف الأخر أو تقديم الاعتذار بالأفعال فالشريك الذكي هو الذي يبادر بالاعتذار دون الحاجة أن يطلب الشريك الآخر منه ذلك وهنا لا ينبغي أن تطول فترة الخصام بين الزوجين، حتى لا يحدث الجفاء والجمود العاطفي بينهما.
فالعلاقة الزوجية لها ضوابط وقيم تجعل كلا من الطرفين يدرك المستوى اللائق للحوار مع الطرف الآخر، وفى حالة إن حدث تجاوز فيجب أن تلفت الزوجة زوجها بشكل مهذب بعيداً عن السخرية والتكبر، وتوضح له أثر هذا التعامل في نفسيتها.
واخيرا
يقول تعالى ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ (الروم/21).
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الحب في زمن التوباكو (7)
مُزنة المسافر
ماتيلدا: في الضَّيعة التي كُنَّا نعيشُ فيها يا جولي، لم يكن الفقر عيبًا، أو وصمة عارٍ على جبين أحد، كُنا نرى فيه اختبارًا سماويًا، وكُنا نعيشُ اليوم، نفرحُ بكل عطايا الرَّب، ونخجلُ من مطالبنا الكثيرة، لكن كنتُ دومًا أخبرُ نفسي ماذا لو لبَّتْ لي السماء هذا وهذا وذاك، سأكونُ سعيدة!!
كان لنا في الضيعة، راهبٌ، وحكيمٌ، وحاكمٌ، وكنُا نستمعُ للجميع، كلٌ له وجهة نظرٍ، وبعضهم كان يشكو ضيق حاله للراهب، أو يبحث عن علاجٍ ما عند الحكيم، أو يقضي أمرًا مُستعجلًا لدى الحاكم قبل أن يُغادر إلى البلدات الأخرى أو إلى المدينة العريضة.
تعرفين يا جولي.. أنه مع الوقت تشعرين بالنوايا الصافية، لكنها تنجلي وتختفي حين يأتي المال، وتطغى المصلحة، وتتدخل الوجاهة وتسود على كل ذلك، كنتُ أغفلُ- يا ابنة أخي- أن العالم الحَيّ هو عالم مُتحرِّك على الدوام ينبضُ بالحركة، وليس على وفاقٍ أو وئامٍ كما كانت ضَّيعتنا التي رأيتُ فيها النور لأول مرة، وكنتُ أشعرُ مع خطوات رجلي المُتثاقِلة أن أصعد التَّل أو أغفو فوق عُشب المرج، ولم يكن لي أي نيّةٍ في العودة.
كان سوط والدي- ألا وهو جدك- يعذبني بين فينة وأخرى، كان يعاقبني إن أكلت الكعك أكثر من اللازم، وإنْ قلتُ كلامًا فارغًا، أو مشيتُ حافية القدمين، وقدماي يغطيها الطين، فتتسخ الأرضية الخشبية التي كانت ناصعة ولامعة في عينيه فقط.
لكنها كانت متهالكة ومتآكلة، كانت نشوة الذهاب إلى الضياع تعجبني، وكنتُ أرى طرقًا كثيرة لأهرب، وكنتُ أجدُ نفسي أُغني للريح، وأُغني للهواء المُختلِط بمشاعري، وكان كل يوم في عيني يوم جميل وجدير أن يقول بنسيان العذاب، وبرمي السراب للأمس، كنتُ أُحبُ هذه الطفولة وأُريدُها أن تستمر، لكنني أيضًا رغبتُ أن أكبر لأستقل، وأشعرُ بنفسي عزيزةً وغير وحيدة، يحيطها جمهور صلب الإرادة، يود أن يستمع لصوتي، وأن يرى أول أسطوانة لي.
ترددتُ كثيرًا لأسجل صوتي على القطعة الدائرية، لكن انتشار الحاكي أو الجرامافونات (أجهزة تسجيل وتشغيل) ساعدني أن أسجل أول الأغنيات، مع مندوب كان قادمًا من المدينة، يبحث عن أصواتٍ جديدة، ومواهب عديدة، وكان يريد مني أن أغني أمام الناس، وأن أظهر بفستان متواضع في مقهى الضَّيعة، وأغني أمام الحكيم والحاكم وربما قد يمر من هنا الراهب، ويجدني أغني للريح وإلى اللحن الصريح.
عرف والدي أنني سأُغني، لم يكن سعيدًا البتّة في الوهلة الأولى، لكنه لاحقًا أدرك النقود التي كنت سأحصلُ عليها، وأن كل شيءٍ بثمن، حينها فقط لم يعترض، وقال إنه سيكون معي في رحلة البلدة، وسيكون حاضرًا في كل تسجيل الأسطوانة المُطوَّلة.
اعترضتُ، أبيتُ، ورفضتُ، لم أسمح له أن يشاركني شيئًا، قلتُ له إن التركيز مهم للغاية، وإن الحياة أعطتني هذا وإنها فرصة العمر وعليَّ أن آخذها بنفسي.
جوليتا: وماذا حدث؟
ماتيدا: في فجرٍ كان يقول بغسقٍ باردٍ، خرجتُ مع المندوب في سيارة أجرة، وذهبنا لمكان يُطلق عليه أستوديو بعد أن عبرنا كل ما يتعلق بطفولتي من تلٍ، ومرجٍ، وبركةٍ.
جوليتا: وماذا أيضًا؟
ماتيلدا: تركتُ كل شيء ورائي، لأحقق الحُلم الذي جئتُ لأجله في هذه الحياة!