نجاة عبد الرحمن تكتب: لماذا 25 يناير؟ !
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
لماذا 25 يناير؟ ! قبل الإجابة على هذا السؤال يحتم علينا الحديث اولاً حول يوم 25 يناير عام 1952، ذلك اليوم الذي شهد اعظم بطولة للرجال البواسل بمركز شرطة البستان بمحافظة الإسماعيلية عندما رفضوا تسليم سلاحهم و مبنى القسم والمحافظة للاحتلال البريطاني، وكان من بين الضباط؛ النقيب حينئذٍ صلاح احمد مراد ذو الفقار، و اللواء الراحل مصطفى رفعت، قائد الشرطة حينذاك في ملحمة الإسماعيلية التي جرت أحداثها يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، بضلوع القوات الإنجليزية بمحاصرة المبنى وبدء التفاوض مع القائد الإنجليزي «إكسهام» الذي طلب منهما الانسحاب وإنزال العلم المصري، وقوبل طلبه بالرفض، لتبدأ معركة شرسة بين قوات مصرية ببنادق بدائية وأخرى انجليزية مسلحة بأسلحة حديثة، لمدة 9 ساعات، وسقط خلالها قرابة 60 شهيدا من الشرطة، وأُصيب مئات آخرون، كان عدد الجنود المصريين لا يزيد عن 800 جندي في الثكنات و80 جندي داخل مبني القسم والمحافظة لا يتعدي تسليحهم البنادق القديمة، صمد رجال الشرطة في تلك المعركة وقاوموا ببسالة حتي نفذت ذخيرتهم .
وبعد انهيار جدران القسم والمحافظة طلب الجنرال" أكسهام " من الجنود والضباط الخروج من القسم رافعي الأيدي مستسلمين ألا أنهم رفضوا وقرروا المقاومة لآخر قطرة دماء وصنعوا بشجاعتهم ملحمة فداء ووطنية في حب مصر، و كان لتك المعركة الشرسة الفضل في القيام بثورة 23 يوليو من نفس العام بقيادة الضباط الأحرار.
و لكن مع بداية تقدم مصر وانتصارها وتحرير كامل أراضيها ظلت دول الأعداء تحاول النيل منها و تم إقرار عدة مخططات والبدء في تنفيذها على عدة مراحل تستهدف هدم أعمدة الدولة التي ترتكز عليها السلطة و التي تتمثل في هدم " الشرطة، الجيش، القضاء، التعليم، المؤسسة الدينية، الاقتصاد، الإعلام " و سبق و شرحت أيديولوجية الهدم في عدة مقالات سابقة حملت عنوان " من طرف خفي "، و تم وضع مدى زمني لتنفيذ مراحل خُطَّة الهدم، و تم اختيار يوم 25 يناير عام 2011 ليكون الشرارة الأولي لبدء الهدم، و لكن بفضل جيشنا المصري العظيم الذي كان متيقظا لكل ما يحاك ضد أرضنا استطاعت مصر وأد تلك المخططات و وقف إقرار مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وصعه برنارد لويس، الذي اقره الكونجرس الأمريكي في جَلسة سرية رسمية عام 1983 على أن يتم البدء في تنفيذه خلال مدى زمني يستغرق عشرون عاما، وبدأت محاولات تنفيذ السيناريو بالمطالبات بضرورة إنشاء منظمات حقوق الإنسان في مصر عام 1981 أي بعد نصر أكتوبر بستة سنوات واتفاقية كامب دافيد بأقل من عامين اثنين و بالمواكبة مع عرض المستشرق اليهودي برناد لويس لمشروعه الذى بدائه من وحى تصريحات مستشار الأمن القومى الأمريكي برجنسكى عقب اتفاقية كامب دافيد بعدة اشهر عام ١٩٨٠ و فى ظل اشتعال العراقية الإيرانية، صدرت تصريحاته التي أكد فيها أن المعضلة التي ستعانى منها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الآن هي كيفية تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، واستنزفت مقدرات الشعب العراقى، تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو، وعقب إطلاق هذا التصريح- وبتكليف من البنتاجون- بدأ المستشرق البريطاني اليهودي «برنارد لويس» عام ١٩٨١ بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كل على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي. وغيرها، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح «بريجنسكى» مستشار الأمن القومى. ، و بدأت الإدارة الأمريكية في ابتكار ما يسمى بحقوق الإنسان وتم استقطاب بعض العملاء المصريين لهم وأوعزوا لهم بضرورة تأسيس اول منظمة لحقوق الإنسان وتم تشكيلها بشكل سرى غير معلن حيث بدأت في تونس لتكون النواة الأولي نحو الانطلاق لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي أحبطته مصر و تم القضاء عليه بقيام ثورة 30 يونيه عام 2013.
و للإجابة على السؤال الذي طرحته في بداية المقال، لماذا 25 يناير؟ !
الإجابة هي العمل على محو تاريخ البطولات المصرية واستبدال ذلك التاريخ بأحداث أخرى ترتبط بتواريخ ومناسبات وطنية لصنع تاريخ يناسب طبيعة المخطط لمحو الهوية المصرية وتفريغ انتصاراتها من مضمونها.
حفظ الله مصر أرضا و جيشا وشعبا
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
إلهام أبو الفتح تكتب: الإيجار القديم بين العدالة والإنسانية
قانون الإيجار القديم، قانون استثنائي صدر أثناء الحرب العالمية الثانية، وسمح للدولة بالتدخل في العلاقة بين المالك والمستأجر.
ومنذ صدوره وهو محورًا للنقاش، فقد صدر في ظل أوضاع استثنائية تشبه الأحكام العرفية، وتحديدًا مع بداية تطبيق قانون الإيجارات الاستثنائية عام 1944، ثم جاء تعديله في قانون رقم 121 لسنة 1947، واستمر التدخل في العلاقة الإيجارية بشكل أوسع بعد ثورة يوليو 1952،.
وجاء تعديل رقم 21 لسنة 1992، ليزيد من تشوّه العلاقة بين المالك والمستأجر.
منذ سنوات طويلة، قمت بحملة في جريدة الأخبار عن الإيجارات القديمة، التقيت خلالها بعدد من أصحاب العمارات في مناطق مثل الزمالك وجاردن سيتي، عمارات فاخرة تطل على النيل، وإيراداتها لا تكفي حتى لصيانتها، ومستأجرون معظمهم خرج إلى المعاش، ومعاشه لا يكفي سوى لدفع الإيجار الذي لا يتجاوز بضعة جنيهات.
واقع مختل كان دائما محلا للنقاش خاصة بعد حكم الدستورية العليا عام 2002، الذي نص على عدم دستورية بعض مواد قوانين الإيجار لغير الغرض السكني، واعتُبر وقتها بداية لإعادة النظر في المنظومة بأكملها.
فالقانون الاستثنائي الصادر عام 1961، كان قد ثبّت العلاقة الإيجارية مدى الحياة، بل وورّثها للجيل الثاني والثالث، وهو ما خلق حالة من الجمود استمرت لعقود طويلة.
نعم، نحن بحاجة إلى حماية حقوق المالك ومنحه حقه في الاستفادة من ملكه، لكن في نفس الوقت، لا يمكن أن نتجاهل واقع المستأجر الذي عاش في هذه الشقة لعشرات السنين، واستقر فيها، ولا يملك بديلاً لها.
و صدر(القانون رقم 4 لسنة 1996)، الذي فتح الباب أمام عقود إيجار محددة المدة وبشروط جديدة، فأصبح لدينا قانونين وهو أمر غير دستوري، فالمصريون جميعًا أمام القانون سواء
الموضوع ليس فقط قانونيًا، بل اجتماعي وإنساني أيضا، ويحتاج، حلول واقعية، فكثير من ملاك هذه العقارات أصبحوا مليونيرات على الورق فقط، ومستأجرون في أحياء راقية جدًا، يدفعون إيجارًا رمزيًا لا يتناسب مع الواقع،
اليوم، يعود قانون الإيجارات القديمة إلى البرلمان مرة أخرى لمناقشة هذه القضية الإنسانية الشائكة.
أتمنى أن نصل إلى قانون عادل وإنساني، وهي معادلة صعبة.