أخر مطاف البرهان المغادرة بهدوء أو هبة العسكر عليه
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
لا يزال البرهان قائد الجيش، و يريد القضاء على الدعم السريع وهذا ليس بمنطق العمل العسكري ولكن لما يسعي لتحقيق أجندة محددة لقيادات النظام البائد بالرغم من الفوضي الدمار والأضرار بمقام الجيش كمؤسسة قومية لها تاريخ، في حين الدعم السريع يظن أنه حقق علي الأرض نصرا ما ولكن ماذا بعد هذا الاقتتال ومازال البرهان قائد للجيش وله وضع الحاكم بوضعية الأمر الواقع، ومعها وـللمفارقة أطراف مدنية وإقليمية ودولية، بعضها يعارض سلوك الدعم السريع ويكرهون سيرتهم، وأخرى تحشرهم عَنْوَة في خانة الإرهاب، وكلهم يتمنى أيضا الخلاص من البرهان وحميدتي الذي يقال ببساطة؛ إنه و ما بعد هذه الحرب سيكون نهاية الإسلاميين بالفضاء السياسي في كل بر السودان, ولا أحد معني بمن يأتي غدا ليحكم أو يدير الشأن الكل بالساحة السياسية السودانية يودون أن يكونوا جزاء من السلطة القادمة و لا آحد حزين علي خسائر الأمة من هذه الحرب والدمار
وهنا أقول أن العمي في الاستبصار للمستقبل السياسي ليس حكرا علي العسكريين في هذه المرحلة بل طال المدنيين وكوكبة المثقفين كذلك آخر مطاف فشل البرهان السياسي والعسكري و مآلات الوضع في البلد ونهاية حكم الإسلاميين في السودان سوف تكون كارثية علي المستوي الإنساني في البداية , يواجه السودان أزمة سياسية واقتصادية عميقة منذ الإطاحة بنظام البشير في عام 2019.
وأخير أقول لك ولكل مناصر لك في تعنتك من قضية أيقاف الحرب أنه العمي في الاستبصار السياسي أيها القائد لن تنال السلطة ولن تبلغ مقام من سبقك من العسكر في الحكم والتاريخي العسكري ومن الأفضل أن تغادر بهدوء .
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المؤسسة العسکریة
إقرأ أيضاً:
حين تُصنع القرارات بهدوء.. وتنجح قبل أن تُعلن
خالد بن حمد الرواحي
لم يكن الحديث طويلًا، لكنه غيّر كثيرًا من نظرتي للإدارة؛ ففي مهمة عملٍ رسمية إلى سنغافورة قبل عدة سنوات، التقيت وكيل وزارة العمل السنغافوري، ولم يكن اللقاء بروتوكوليًّا عابرًا؛ بل حوارًا قصيرًا فتح أمامي نافذةً عميقة على طريقةٍ مختلفةٍ تمامًا في التفكير الإداري.
سألته بدافع التأمل والفضول: "ما الفرق بين إدارتكم الحكومية وإدارتنا في العالم العربي؟ كيف تنجحون في تمرير قراراتكم دون أن تواجهوا ما نواجهه من اعتراضات وارتدادات؟". ابتسم بثقة، وقال: "أنتم، عادةً، تُصدرون القرار أولًا، ثم تُفاجَؤون بردّات الفعل السلبية، فتبذلون الجهد والموارد في معالجتها. أما نحن، فنبدأ بمعالجة تبعات القرار قبل صدوره؛ نُهيّئ المجتمع، نُبني التوافق، ثم نُصدر القرار بهدوء... فيُستقبل بإيجابية، كأنه جاء من الناس لا فُرض عليهم."
كانت إجابته صادمة ببساطتها، لكن خلف تلك البساطة، وجدتُ عمقًا هائلًا في المفهوم: القرار الناجح لا يكمن في توقيعه، بل في توقيته وظروفه. ومنذ تلك اللحظة، بدأت أطرح على نفسي سؤالًا أوسع: هل نحن نصنع القرار لنحلّ المشكلة، أم لنُدير ردّات الفعل بعدها؟
في بيئاتنا الإدارية، كثيرًا ما نُباغَت بالمشكلات، فنصدر قراراتٍ حماسيةً تحت ضغط الرأي العام أو الظروف المفاجئة. وقد تأتي النوايا صادقة، لكن الخطأ لا يكون في الهدف، بل في الاستعجال. وهكذا تبدأ دورةُ إنهاكٍ طويلة: تفسير، وتبرير، وتعديلات، ومحاولات لامتصاص الغضب.
أما في التجربة السنغافورية، فالقرار لا يُرمى على الطاولة كحجرٍ ثقيل، بل يُغرس أولًا في وعي المجتمع؛ يُناقَش ضمنيًّا، يُلمَّح له في السياسات والخطط، حتى إذا صدر لاحقًا، بدا وكأنه استمرارٌ طبيعيٌّ، لا مفاجأة مزعجة.
وهنا بيت القصيد: إن أفضل القرارات ليست تلك التي تُعلَن بقوة، بل تلك التي تسبقها قراءة دقيقة للمشهد، واستعداد ذكي لاحتمالاته. إنها قرارات تُبنى في العقول والقلوب، قبل أن تُسجَّل في الوثائق.
التفكير بهذه الطريقة لا يتطلب ميزانياتٍ ضخمة، بل يتطلب عقلًا إداريًّا يُقدّر أثر القرار قبل وقعه. يسأل: من سيتأثر؟ كيف نُهيّئه؟ هل نُشركه في الحل؟ هل الوقت مناسب؟
كلها أسئلة لا تتعلق بالتقنية، بل بالحكمة السياسية والإدارية.
وقد أدركت من ذلك اللقاء أن الفرق بين ردود الفعل الإيجابية والسلبية لا يكمن في القرار نفسه، بل في الطريق الذي سلكناه قبله. فالتهيئة لا تقلّ أهمية عن التنفيذ، بل ربما تتفوّق عليه.
وربما هذا ما نحتاجه في بعض مؤسساتنا اليوم؛ أن نُبطئ لحظة إصدار القرار، لنُسرّع نجاحه بعد التنفيذ. فالمجتمع حين يُشرك في القرار، يتحول من متلقٍّ إلى شريك، ومن معترضٍ إلى داعم.
اليوم، في ظل "رؤية عُمان 2040" التي تراهن على بناء جهازٍ إداريٍّ مرن، ونزيه، وفعّال، نحتاج إلى هذا النمط من التفكير العميق. فليست الغاية أن نملأ الأدراج بالقرارات، بل أن نُخرج منها ما يُحدث أثرًا، ويبني ثقة، ويُشعِر المواطن بأنه شريكٌ لا متلقٍّ.
لقد قال لي وكيل العمل السنغافوري عبارته ومضى، لكنني غادرتُ اللقاء وأنا أُدرك أن إدارة القرار فنٌّ لا يقلّ عن مضمون القرار نفسه. هناك من يُصدر القرار ليُظهر سلطته، وهناك من يُصدره بعد أن استنفد الحوار والبدائل والتقييم، فكان قراره أشبه بخطوةٍ طبيعيةٍ في طريقٍ مشترك.
والفرق بين الاثنين... هو الفارق بين من يصنع الضجيج، ومن يصنع التاريخ.
ونحن في عُمان، نملك كل مقومات القرار الحكيم... فقط إن سبقناه بالحوار، وأحطناه بالثقة.