جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-19@04:09:18 GMT

اللعبة والنوايا

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

اللعبة والنوايا

 

وداد الإسطنبولي

 

لوهلة قصيرة، وبينما النفس حيرى في تخيُّر هذا العنوان، وتردد في انتقائه ليكون اختيارا جذابًا للأنظار؛ فكم يجذبنا تلألؤ النجوم وتناغم ألوان الورد، والعنوان بوابة الانفتاح لما هو آت من انسجام للموضوع وحبكة وترابط.

فكرة عبرت في خاطري الآن أن الإنسان الجميل يرى كل شيء جميلًا حوله، ويظن أن هذه الفطرة التي تربّى عليها كامنة طوال الوقت مع غير القريب والبعيد منهم .

. وهذه الفطرة تعيّشك في بهجة تتعامل معها برخاء؛ لأنك ساكن وسالم؛ ولأنك أيضًا على زاوية تترك تلك المخاوف والتقلبات ولا يدنو أدنى تفكير منك أن هناك مَن يوقد على نار هادئة .. وينضج طبخه وهو في روقان، ويقدمه بكل هدوء ورَويّة، وتسر أنت لتتذوقه وتنعم به، وتشكره بحسن النوايا؛ لأنك تربيت على فطرة تتعرى عن خبايا النفوس المريضة، وتنسى كالسكارى مطمئن البال، مغمض العينين متأملًا للحقائق الزائفة. هذه التمثيلية اللعبة والنوايا، كلها تعبير عن حالة الرفض بدواخلنا للواقع من أجل ألا نصطدم بما لا نستطيع أن نُصدقه، متمثلة بضحكة تخفف عنَّا الألم أو كما قلت سابقًا بالفطرة التي تربيت عليها، حيث تعيش متحيرا في فك طلاسم المبدعين.

أسلحة وسبل لتزيل ذلك المخزون المرير في النفس، وللأسف العدسة المكبرة أظهرت ما لم تره أمُّ العين، وهذا انتقال صعب بين فكر ربما -ولا زلت أقول ربما- ينغرس في الطبقية التي لا يمكن الفكاك عنها، أو الالتواء بالأحاديث دون صدق، أوعدم تقديس الكلمة الصادقة، أو..أو إشارات ورمزيات ليست طافحة على السطر قد تصبغت بالغموض، وهذا حال الجريح الطري الضعيف الذي مهما كان مختبئًا في أعماقه تخلق منه قوة عظيمة، وإن كانت هذه القوة مزيفة ولكن في قرارة نفسه إنها الفرصة التي يجب توظيفها.

هل اللعبة والنوايا مستمرة بدوام المصالح والاحتياج؟

وهل سيبقى من ديدنه النقاء والصفاء مستمرا بما ينضح قلبه من نقاء؟

" لا ينضح إناء إلا بما فيه".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أفغانستان والعودة إلى قلب «اللعبة الكبرى»

منذ أن رسمت الإمبراطوريات خرائطها على الرمال، كانت أفغانستان نقطة التقاء النار بالثلج، وجسرًا بين الطموحات الإمبراطورية والهاويات الجغرافية. إنها الأرض التي لا تُهزم ولا تنتصر، بل تُعيد تعريف الهزيمة والنصر مع كل قرنٍ جديد.

من هناك، من جبالها التي تشبه الصمت، خرجت كل الإمبراطوريات مثخنةً بالجراح: بريطانيا في القرن التاسع عشر، والاتحاد السوفييتي في القرن العشرين، والولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين. إنها ليست دولة تُغزَى، بل فكرة تُقاوِم.

ومع كل انسحابٍ لقوةٍ عظمى، تولد أخرى تحاول الإمساك بخيوط اللعبة، لتجد نفسها بعد حين في المستنقع ذاته، بين قبائل لا تُشترى، وجغرافيا لا تُستَملك، وحدودٍ تتنفس التمرد.

اليوم، تعود «اللعبة الكبرى» بثوبٍ جديد،

ليست مواجهةً بين مدافع وخيول كما كانت في زمن كبلنغ، بل صراعًا على خطوط الطاقة والممرات التجارية والمعادن النادرة، بين الصين التي تمد طريق الحرير الجديد عبر الجبال، وروسيا التي تحاول العودة إلى فضائها التاريخي في آسيا الوسطى، وأمريكا التي تراقب من بعيد لكنها لا تغيب، وبين باكستان التي تمزقها ازدواجية الولاء والهوية.

في هذه الفوضى، تبقى أفغانستان المفصل الذي يربط بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وبين حلم السيطرة ونهاية الإمبراطوريات. فكل لاعبٍ دولي يحاول أن يجعل منها قاعدةَ نفوذ، وكل جارٍ إقليمي يخشاها بقدر ما يحتاجها.

الهند تبحث عن عمقٍ استراتيجي في كابول لمواجهة الصين وباكستان، وإيران تخشى أن تتحول أفغانستان إلى خاصرةٍ رخوة أمام تمدد الغرب، أما باكستان فترى في جارتها مرآةً تعكس اضطرابها الداخلي وصراعها مع ذاتها قبل الآخرين.

الانسحاب الأمريكي لم يكن نهاية الحرب، بل بدايةَ طورٍ جديدٍ منها.

فالقوة التي تفشل في احتلال الجغرافيا، تحاول اليوم احتلال العقول عبر التكنولوجيا والعقوبات والتحالفات الاقتصادية. لم تعد الحروب تُخاض في الميدان، بل تُدار في الأسواق والبورصات ومراكز البيانات. ومع ذلك، ما زالت أفغانستان تُختبَر فيها إرادةُ القوى الكبرى كما كانت منذ قرنين.

العالم اليوم يقف على تخوم تحوّلٍ استراتيجيٍّ جديد،

ففي حين تُعاد صياغة الشرق الأوسط بعد حرب غزة، وتتحرك أوروبا بين الخوف من روسيا والتبعية لأمريكا، تنشأ في آسيا معادلةٌ دقيقة تُشبه خيوط العنكبوت: كل حركةٍ فيها تهز النظام الدولي بأكمله.

وأفغانستان، مرةً أخرى، في القلب من تلك المعادلة — ليست مجرد أرضٍ جبليةٍ فقيرة، بل ميزانُ العالم بين الشرق والغرب، بين الحلم الإمبراطوري والواقع الجغرافي.

التاريخ في أفغانستان لا يُكتب بالحبر، بل بالدماء.

هي المرآة التي تنعكس فيها أوهام السيطرة، حيث تتعرى الإمبراطوريات من خطابها الأخلاقي وتظهر في حقيقتها العارية: رغبةٌ في البقاء، بأي ثمن.

إنها اللعبة الكبرى في زمنٍ جديد، تتبدل فيه الأدوات لكن تبقى الغاية ذاتها — من يملك الممرات يملك القرار.

وفي النهاية، حين تهدأ المدافع وتبرد الجبهات، ستظل أفغانستان تُلقِّن الجميع الدرس ذاته:

أن الجغرافيا أقوى من السياسة، وأن روح الشعوب لا تُقهر بقرارٍ من عاصمةٍ بعيدة.

مقالات مشابهة

  • سنن الفطرة وحكم الالتزام بها في الشرع الشريف
  • الحرس الثوري الإيراني يدعو لتوطين جزر الخليج المتنازع عليها
  • جرحُ العمر.. عن الموت الذي يهزّ النفس والجسد
  • أفغانستان والعودة إلى قلب «اللعبة الكبرى»
  • حسن القصبي: دخول الجنة لا يكون إلا بالصبر ومجاهدة النفس
  • دواء خارق يظهر فعالية كبيرة في علاج انقطاع النفس أثناء النوم
  • 8 سنن احرص عليها قبل صلاة الجمعة
  • اقتباسات خريفية ليوم الجمعة
  • شاهد.. PowerWash Simulator 2 تصل رسميًا في 23 أكتوبر
  • "الأورومتوسطي": الحالة التي وُجدت عليها جثامين الشهداء التي سلمها الاحتلال صادمة