برنامج الأغذية العالمي يصف الوضع في السودان بـالكارثي
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
الخرطوم- وصف برنامج الأغذية العالمي الوضع في السودان بـ"الكارثي"، داعيا الأطراف المتحاربة إلى تقديم ضمانات فورية لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى المناطق المتضررة من النزاع.
وأكد البرنامج، في بيان، السبت3فبراير2024 أن الكثير من النازحين محاصرين دون أن تتمكن المنظمات الإغاثية من الوصول إليهم بالمساعدات المنقذة للحياة، مشيرا إلى أن نحو 18 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد يواجهون الجوع الحاد رغم الجهود التي يتم بذلها لتقديم المساعدة الغذائية، وفق وكالة قنا القطرية.
وأعرب عن صدمته من أن عدد الجياع قد ارتفع بما يزيد عن الضعف مقارنة بالعام الماضي، حيث يعاني ما يقدر بنحو خمسة ملايين شخص من مستويات طارئة من الجوع الحاد بسبب الصراع في مناطق مثل الخرطوم ودارفور وكردفان.
إلى ذلك، وصل فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للسودان أمس الجمعة في زيارة تهدف لتسليط الضوء على محنة ملايين النازحين السودانيين، وكذلك اللاجئين الذين يستضيفهم السودان، حيث أكد حاجة السودان إلى الدعم والتضامن، ومشددا على أن وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سلام جادة وحدهما الكفيلان بوضع حد لهذه المأساة.
يأتي هذا في وقت تستعد فيه الأمم المتحدة إلى إطلاق خطتي استجابة إنسانية للسودان، إحداها للنازحين داخليا وأخرى للاجئين في البلدان المجاورة، خلال الأسبوع المقبل.
جدير بالذكر أنه، منذ منتصف إبريل الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مواجهات مسلحة خلفت آلاف الضحايا بين قتلى وجرحى ومفقودين، فضلا عن ملايين النازحين واللاجئين داخل البلاد وخارجها.
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
???? حين ضاق الخناق .. هل قرر العالم أخيرًا التخلص من مليشيا الدعم السريع؟
قراءة مختلفة للمتغيرات الدولية… منذ اندلاع الحرب في السودان، كان الموقف الدولي في بداياته مرتبكًا، تتنازعه مصالح متضاربة وحسابات ضيقة. لكن يبدو أن الزمن كفيل بكشف الحقائق مهما طال الإنكار. واليوم، وبعد أكثر من عامين من المعاناة، بدأ المجتمع الدولي يغيّر لهجته، وربما حتى بوصلته.
فبيان وزارة الخارجية الأمريكية الأخير، واجتماع نائب الوزير كريستوفر لاندو مع سفراء الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، والإمارات)، يعكسان تحولاً لافتًا في طريقة مقاربة الأزمة: لم يعد الحديث عن وقف القتال فقط، بل عن معالجة جذرية، وأن لم يعلن عن تفاصيلها لكن يبدو أنها ستبدأ من تحمّل مليشيا الدعم السريع مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وتفكيك الأزمة عبر إخراجها من المشهد بأقل الأضرار الممكنة.
الدعم السريع.. من ورقة ضغط إلى عبء ثقيل
كانت بعض العواصم في بداية الحرب تنظر إلى الدعم السريع كـ”أمر واقع”، يمكن احتواؤه أو توظيفه لمصالح سياسية ضيقة. لكن ما ارتكبته هذه المليشيا من فظائع — من نهب واغتصاب وتجنيد أطفال، إلى ترويع المدنيين واحتلال المدن وتخريبها — جعل أي محاولة لتبرير وجودها عبئًا لا يُحتمل أخلاقيًا وسياسيًا.
اليوم، تتعامل العديد من الدول مع هذه المليشيا كـ”ورقة محروقة”، لم يعد بالإمكان الدفاع عنها. التفاوض المقترح لا يهدف إلى إعادة تأهيل الدعم السريع، بل إلى إخراجه من المسرح السياسي، تحت عباءة “الحل السلمي”.
الجيش السوداني.. صمود بدّد الأوهام
التحول الدولي لم يكن منحة مجانية، بل ثمرة لصمود أسطوري لقواتنا المسلحة وقواتنا النظامية. فقد راهن البعض على انهيار الجيش، لكنه صمد، وقاتل، واستعاد زمام المبادرة في محاور عدة، رغم الظروف الصعبة.
وفي ظهره، وقف الشعب السوداني بكل ما يملك من صبر وكرامة. صمد في وجه الترويع، ورفض الخضوع، وعرّى المليشيا أمام العالم. حتى بعض القوى السياسية، رغم تباين المواقف، كان لها دور في فضح الانحيازات الدولية والتدويل غير النزيه.
التفاوض القادم: لا تنازل عن الثوابت
والآن، مع ازدياد الحديث عن تسوية سياسية، فإن الجيش وحكومة السودان لا يذهبان إلى الطاولة من موقع ضعف، بل من موقع الطرف الذي صمد ورفض أن ينكسر. ومن هنا، فإن أي مفاوضات جادة يجب أن تُبنى على الثوابت الوطنية، وأهمها:
1. تفكيك الدعم السريع كليًا، دون قيد أو شرط.
2. تقديم قادة المليشيا للعدالة على الجرائم التي ارتكبوها.
3. رفض أي مساواة بين الجيش والمليشيا في أي صيغة سياسية أو انتقالية.
4. الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية والأمنية، واحتكارها المشروع لاستخدام القوة.
5. رفض أي وصاية خارجية، وتمسك كامل بسيادة القرار الوطني.
من يتحمّل فاتورة الإعمار؟
لا يمكن تجاهل الدور غير المعلن لبعض الدول في دعم الأزمة، وخاصة الإمارات التي أصبحت في خانة المساهم في تعقيد الموقف. واليوم، وقد بدأت هذه الدول تراجع مواقفها، فإن من الطبيعي أن نطالبها بالمشاركة الفاعلة في إعادة الإعمار، لا نكايةً، بل من منطلق المسؤولية السياسية والأخلاقية.
مؤتمر دولي، أو صندوق دعم تشارك فيه الدول الفاعلة، قد يشكّل بداية صحيحة لمصالحة قائمة على الاحترام المتبادل، لا على الإملاءات.
ختامًا: لا مكان للمليشيات في سودان الغد
ربما تغيّر الموقف الدولي، وربما نشهد محاولات لإنتاج تسوية جديدة، لكن الثابت أن الجيش والشعب كانا خط الدفاع الأول عن الوطن. وكل محاولة لحل الأزمة لا تعترف بهذه الحقيقة، ولا تستند إلى دماء الشهداء ومعاناة النازحين وصمود الجنود، ستكون مجرد وهم سياسي جديد.
السودان اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يحسم المجتمع الدولي أمره ويضع حدًا لوجود المليشيا، أو يستمر في إدارة الأزمة إلى أن تنفجر بشكل أوسع. لكن الأكيد أن الجيش الذي لم ينكسر، لن يفرّط في نصرة ولا في كرامة شعبه.
السودان ليس أرضًا سائبة، بل وطن عريق، مليء بالخيرات، لكنه يعرف كيف يدافع عن نفسه. ومن لا يحسن قراءة تضاريسه، ستلتهمه أشواكه قبل أن يلتقط أنفاسه.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٥ يونيو ٢٠٢٥م
نشر بموقع صحيفة المحقق الإلكترونية