هل لا يزال جهاد أزعور مرشح المعارضة في وجه فرنجية؟!
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
على وقع حراك "الخماسية" المتجدّد على خط الرئاسة اللبنانية وانتخاباتها "المجمّدة" منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عاد الملف إلى صدارة الاهتمامات في الأيام القليلة الماضية، ليتبيّن أنّ الاستقطاب لا يزال على حاله، وأنّ كلّ فريق لا يزال متمسّكًا بمواقفه، بين معسكر يصرّ على أنّ الحوار "معبر إلزامي" للتفاهم على انتخاب رئيس، ومعسكر مضاد يتمسّك بالجلسات المفتوحة والمتتالية التي لا تنتهي سوى بانتخاب رئيس.
وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري سارع لحسم "الجدل" من خلال تصريحات صحافية أكّد فيها أنّ "لا جلسات متتالية من دون تشاور أو حوار"، موضحًا أنّه لا يستطيع منع أيّ فريق من مقاطعة أيّ جلسة باعتبار ذلك "حقًا دستوريًا"، وأنّ النصاب لا يمكن أن يتأمّن إلا بالتوافقات، فإنّه ذكّر في الوقت نفسه بمبادرته الحوارية الشهيرة، حين طرح الحوار لمدّة أقصاها سبعة أيام، داعيًا الفريق الآخر إلى "إحراجه"، إذا ما افترضوا أنّه يخدعهم.
لكن، بمعزل عن كلام بري، ثمّة من يسال عن "حقيقة" موقف قوى المعارضة، التي تدعو إلى جلسات مفتوحة ومتتالية، وفي صفوفها من يؤكد أنّ "التقاطع" الذي تمّ في مرحلة ما على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مقابل رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أصبح "في خبر كان"، فهل لا يزال أزعور فعلاً مرشح المعارضة في وجه فرنجية؟ وما حقيقة المعلومات التي تتحدّث عن انسحاب الرجل من السباق الرئاسي، ولو بقي غير مُعلَن؟!
"المرشح المُعلَن"
تتفاوت وجهات النظر داخل فريق المعارضة حول "تصنيف" الوزير السابق جهاد أزعور، ففي صفوفها من يؤكد أنّ ترشيحه استنفد، وأنّه انتهى ربما مع الجلسة "اليتيمة" التي طرح فيها اسمه، في مقابل من يجزم أنّ أزعور لا يزال "مرشحًا جديًا"، بإجماع كلّ من تقاطعوا عليه، ولو زادت حدّة الخلافات بينهم، ليبقى الأمر الثابت أنّ أزعور هو "المرشح الرسمي المُعلَن" لهذا الفريق، لكنه ليس بالضرورة "المرشح المُضمَر"، إن جاز التعبير.
ومع أنّ هناك من سارع لنعي "التقاطع" على أزعور في المرحلة الأخيرة، على وقع "شبه القطيعة" بين بعض أطرافه، ولا سيما بين "التيار الوطني الحر" وسائر قوى المعارضة، وفي مقدّمها "القوات اللبنانية"، خصوصًا بعد التمديد لقائد الجيش، فإنّ أوساط المعارضة تعتبر أنّ "التقاطع" لم يكن "تحالفًا" من الأساس، حتى يتأثّر باستحقاقٍ من هنا أو هناك، بل إنّ الهدف منه كان في الأساس "رفض" ترشيح سليمان فرنجية، وهنا بيت القصيد.
أكثر من ذلك، لا تعير هذه الأوساط اهتمامًا كبيرًا لما أثير في الآونة الأخيرة عن أنّ أزعور أبلغ المقرّبين منه بخروجه من السباق الرئاسي، لاعتقادها بأنّه إذا ما توافرت الفرصة الفعلية للوزير السابق للوصول إلى بعبدا، فهو لن يرفض الأمر، علمًا أنّه لم يكن من أعلن ترشيحه في الأساس، وإن "تلقّف" التقاطع على شخصه في مرحلة من المراحل، قبل أن ينكفئ من جديد نتيجة التزاماته المهنية والوظيفية المعروفة للقاصي والداني.
"المرشح الحقيقي"
بعيدًا عن الكلام الرسمي لأوساط المعارضة، ثمّة أصوات بدأت ترتفع داخل هذا الفريق، تؤكد أنّ الوزير السابق جهاد أزعور ليس "مرشحًا جديًا"، وأنّ التمسّك بترشيحه في العَلَن لا يعني وجود اتجاه حقيقيّ لانتخابه، حتى لو أنّ النسبة التي حصدها في الجلسة السابقة كانت مشجّعة، إلا أنّها نسبة لم يكن ليحصل عليها لو لم يكن الكثير من ناخبيه يدركون سلفًا أنّ التصويت له "رمزي"، ولا يتوخّى إيصاله فعلاً إلى قصر بعبدا.
لكنّ المجاهرين بعدم "جدّية" ترشيح أزعور، وباستنفاد الأخير للأهداف التي وُضِعت عند التقاطع على اسمه، لا يجاهرون في المقابل باسم "المرشح الحقيقي والمضمر" للرئاسة بالنسبة لقوى المعارضة، ولو أن ثمّة العديد من الأسماء المتداولة في الأروقة السياسية، يتقدّمها اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي يُعتقَد على نطاق واسع أنّ المعارضة "تخوض معركته"، وفق قاعدة "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".
وبغضّ النظر عن حقيقة ما يتمّ تداوله في هذا الإطار، يقول المعارضون لترشيح فرنجية إنّ الكرة عمليًا في ملعب الداعمين للأخير، فالمعارضة قدّمت أكثر من مرشح على طريق التنازلات، من ميشال معوض إلى جهاد أزعور، وهو ما خدم الفريق الآخر الذي حاول القول إنّ مرشحه هو "الثابت"، فيما الآخرون "متغيّرون"، ولذلك فإنّ أيّ اسم غير أزعور لن يُطرَح قبل أن يعلن الفريق الآخر رسميًا تخلّيه عن فرنجية، وهو أول الغيث.
هكذا تبدو الصورة ثابتة على وضوحها وضبابيّتها: جهاد أزعور يبقى "المرشح المُعلَن" لقوى المعارضة، حتى إشعار آخر، من دون أن يكون عمليًا "مرشحها الحقيقي". ثمّة من يقول إنّ هذه المعادلة ليست "مستجدّة"، بل إنّ القاصي والداني يدرك أنّها "سارية" منذ اليوم الأول لطرح اسم الرجل. إلا أنّ التسليم بهذا الأمر قد يطرح علامات استفهام حول موافقة البعض على التحوّل إلى "وقود" معارك الآخرين، بشكل أو بآخر!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: جهاد أزعور لا یزال مرشح ا لم یکن
إقرأ أيضاً:
ضربة قضائية للمعارضة.. هل يُقصى حزب إنصاف من البرلمان الباكستاني؟
إسلام آبادـ تلقت المعارضة الباكستانية، وتحديدا حزب "إنصاف" ضربة سياسية وقانونية قوية، بعد أن قضت المحكمة الدستورية التابعة للمحكمة العليا بعدم أحقية مجلس الاتحاد السني (المتحالف مع الحزب) في الحصول على المقاعد المحجوزة للنساء والأقليات، مما يشكل تراجعا كبيرا لقوة "إنصاف" البرلمانية، ويعزز قبضة الائتلاف الحاكم.
وجاء الحكم، الذي صدر بتأييد أغلبية 7 مقابل 3 قضاة، يوم 27 يونيو/حزيران الماضي، ليؤكد أن التحالف بين حزب "إنصاف" ومجلس الاتحاد السني لا يستوفي الشروط القانونية للحصول على هذه المقاعد بالمجلسين الوطني والإقليمي، مما أدخل المشهد السياسي في باكستان بأزمة جديدة، تضاف إلى سلسلة من التوترات بين الحكومة والمعارضة.
وبعد صدور القرار، وزعت لجنة الانتخابات المقاعد المحجوزة وفقا للحكم، مما أخرج عمليا "إنصاف" من خانة الأحزاب البرلمانية.
ووفق إخطار اللجنة، فقد تم تخصيص 19 مقعدا على النحو التالي: 13 للرابطة الإسلامية، 4 لحزب الشعب، و2 لجمعية علماء الإسلام (مولانا فضل الرحمن). وقد عزز ذلك من سيطرة التحالف الحكومي داخل البرلمان، في حين وجدت المعارضة نفسها أكثر تشتتا وضعفا.
وينظر إلى هذه الخطوة على أنها تعكس رغبة النظام السياسي القائم في تقويض نفوذ "إنصاف" داخل المؤسسات التشريعية، خاصة بعد أن شكل هذا الحزب تحديا كبيرا للحكومة الحالية في الانتخابات الماضية، رغم العوائق القانونية والسياسية التي واجهها.
بدأت الأزمة بعد انتخابات 8 فبراير/شباط 2024، حين خاض مرشحو حزب "إنصاف" السباق مستقلين، عقب قرار المحكمة بسحب الشعار الانتخابي من الحزب، ورغم فوزه بـ90 مقعدا، لم يكن بوسعهم قانونيا المطالبة بالمقاعد المحجوزة التي توزع حصريا على الأحزاب الرسمية.
إعلانولتجاوز هذه العقبة، التحق النواب المستقلون بمجلس الاتحاد السني، في محاولة للحصول على المقاعد المخصصة للنساء والأقليات، لكن الحكومة والتحالفات السياسية المنافسة طعنت بشرعية هذا التحالف أمام القضاء. وأثار ذلك جدلا واسعا في الأوساط القانونية والسياسية، إذ اعتبرته المعارضة محاولة مكشوفة لإقصاء خصم سياسي قوي من الحياة النيابية.
وشهدت القضية سلسلة من الجولات القانونية، بدأت في فبراير/شباط 2024 بطلب رسمي من مجلس الاتحاد السني، مرورا برفض لجنة الانتخابات، ثم صدور حكم لصالح الاتحاد في 12 يوليو/تموز من العام نفسه. لكن هذا الحكم ألغي لاحقا بعد سلسلة من المراجعات القضائية، انتهت بقرار المحكمة العليا الذي منح المقاعد لأحزاب التحالف الحاكم.
وفي المجمل، نُظرت القضية في أكثر من 15 جلسة أمام المحاكم الباكستانية المختلفة، وشارك فيها عدد كبير من المحامين والسياسيين والقضاة، مما يعكس عمق الانقسام المؤسسي حول شرعية تمثيل "إنصاف" في البرلمان.
ووفق القانون الانتخابي المعدل لعام 2023، فإن البرلمان يضم 336 مقعدا، منها 266 مقعدا عاما، و70 مقعدا محجوزا (60 للنساء و10 للأقليات). وبموجب التوزيع الجديد، أصبح التحالف الحاكم يمتلك 235 مقعدا مقابل 98 للمعارضة، مما يمنحه أغلبية الثلثين بسهولة، وهذا يُقصي فعليا "إنصاف" من أي دور تشريعي مؤثر.
يرى النائب عن حزب "إنصاف" همايون مهمند أن الحكم القضائي جزء من خطة ممنهجة لإقصاء الحزب، قائلا "يريدون إخراج الحزب الأكثر شعبية من البرلمان، رغم أننا نحظى بدعم نحو 80% من الباكستانيين، وفق استطلاعات الرأي".
ويؤكد مهمند -في حديث للجزيرة نت- أن اعتبار نواب "إنصاف" مستقلين يمنحهم مرونة أكبر، إذ لا يطبق عليهم بند الانشقاق البرلماني، لكنه يحذّر من استهداف بعض النواب في قضايا قانونية قد تفضي إلى استبعادهم، مما يفتح الباب أمام إضعاف حضور الحزب حتى في مجلس الشيوخ.
وأضاف أن الخطة "هي سحبنا من البرلمان أولا، ثم السيطرة على مجلس الشيوخ، ثم منح صفة المعارضة الرسمية لحزب الشعب. هذه خطوات مدروسة بعناية".
اعتراض قانونيمن جهته، عبر المحامي والخبير الدستوري غلام قاسم باتي عن قلقه من تجاوزات قانونية صاحبت الحكم الأخير، قائلا "من غير المسبوق في التاريخ القضائي الباكستاني أن تلغي هيئة أصغر حكما أصدره 8 قضاة سابقا. هذا يضر بمبدأ الاتساق القانوني ويثير تساؤلات عن استقلال القضاء".
وأعرب باتي عن اعتقاده بأن الحكم سيؤثر على قدرة حزب "إنصاف" في التشريع والمشاورة السياسية، مما يضعف موقعه كمكون مؤسسي فاعل في الحياة السياسية، ويقوض دوره في صياغة السياسات العامة والتوازن الديمقراطي.
ويضيف "لقد تجاوزت الهيئة المعايير القانونية المستقرة عند مراجعة الحكم، مما يشكك في حيادية العملية القضائية، خاصة في ظل حساسية التوقيت والانعكاسات السياسية للحكم".
ويشير باتي إلى أن الخيارات القانونية قد استنفدت، مما يضيق الطريق أمام الطعن في الحكم الأخير، ويجعل من أي تحرك قانوني إضافي غير مجد.
إعلان حوار وطنيبدوره، دعا النائب مهمند إلى إطلاق حوار وطني واسع مع كل الأطراف، مشيرا إلى أن هذا هو المطلب الرئيسي لقادة الحزب المعتقلين في سجن لاهور، قائلا "حان الوقت لحوار يشمل الجميع، سياسيين وغير سياسيين، قبل أن تغلق الأبواب تماما. نحن نؤمن بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق".
واتفق مع هذا الرأي المحامي باتي الذي أكد أن العمل السياسي والحوار مع الأطراف المعنية هو الطريق الوحيد المتاح حاليا أمام حزب "إنصاف" إذا ما أراد الحفاظ على ما تبقى من حضوره وتأثيره في المشهد السياسي الباكستاني.
ويرى مراقبون أن ما يحدث ليس مجرد إجراء قضائي، بل إعادة هيكلة غير معلنة للخريطة السياسية الباكستانية، مع تهميش أكبر أحزاب المعارضة عبر أدوات قانونية تبدو محايدة لكنها تفضي إلى نتائج سياسية واضحة.
وإذا استمر هذا المسار، فإن المعارضة في باكستان قد تواجه ـوفقا لمراقبينـ أحد أضعف فصولها منذ عقود، مع هيمنة شبه كاملة للسلطة التنفيذية والتشريعية على المشهد العام، وسط تراجع حاد في مؤشرات الحريات السياسية والتمثيل البرلماني المتوازن.
وبينما تُصر الحكومة على شرعية خطواتها وتعتبرها تطبيقا صارما للقانون، يرى حزب "إنصاف" أن ما يجري تصفية سياسية ممنهجة لن تضمن الاستقرار بل قد تعمق حالة الانقسام والاستقطاب في البلاد.