الصومال والحاجة إلى انخراط دولي فاعل لمواجهة الإرهاب
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
اتجاهات مستقبلية
الصومال والحاجة إلى انخراط دولي فاعل لمواجهة الإرهاب
تتطلب عمليات تقدير درجات الخطر الإرهابي النظر إلى خارطتين رئيسيتين بكل ما تحملانه من تفاصيل دقيقة ومعطيات كمية وكيفية، ألا وهما؛ خريطة الانتشار الجغرافي للإرهاب، من حيث البؤر الإرهابية الأكثر سخونة والدول التي يضربها الإرهاب أكثر من غيرها.
التدقيق في محصلة هاتين الخريطتين على مستوى العالم يشي بأن الصومال كان ولا يزال من أكثر الدول التي تعاني خطر الإرهاب. والمفارقة أن هذا البلد الذي يتميز بموقعه الجغرافي الفائق الأهمية لم يخرج طيلة العقد الأخير، على الأقل، من قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب على مستوى العالم. بل الأنكى أنه لم يغادر قائمة الدول الخمس الأولى على مستوى العالم طيلة السنوات الثلاث الأخيرة باستثناءات نادرة سجلتها بعض شهور هذه السنوات الثلاث، حيث خرج فيها البلد من تلك القائمة ليحتل المركز السادس عالميًّا. وتعود تلك المأساة في معظمها إلى نشاط حركة الشباب التي تعد من أعتى فروع شبكة القاعدة الدولية وأكثرها فتكًا وخطورة.
فعلى سبيل المثال في عام 2022، تمددت تلك الحركة الإرهابية نحو مساحات شاسعة من جنوب الصومال ووسطه، ونفذت فيه بعض أسوأ هجماتها على امتداد تاريخها، حتى أن مناطق إقليم شرق ووسط إفريقيا احتلت في ذلك العام المركز الأول عالميًّا من حيث ضحايا الإرهاب. وكانت الحركة وحدها مسؤولة عن (297) هجومًا إرهابيًّا في 2022، لتحتل بذلك المركز الثالث عالميًّا داخل قائمة التنظيمات الأكثر نشاطًا والتي تضم نحو 57 تنظيمًا على مستوى العالم. وبرغم أن الإرهاب ضرب نحو 9 دول من دول شرق ووسط إفريقيا في 2022، فإن الصومال حازت نصيب الأسد، حيث شهدت أراضيها ما يقترب من 40% من الهجمات الإرهابية التي شهدها الإقليم.
الأخطر من ذلك كله ما أشار إليه معهد الأبحاث السويسري؛ “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية” عن حركة الشباب، إذ ذكر في تقرير له قبل نحو عام، أن الحركة أنشأت نظام تمويل متطور جعلها الفرع الأغنى والأكبر والأكثر فتكًا للقاعدة، وذلك من خلال إنشاء آلية فاعلة للغاية لتحصيل الضرائب تقوم على تغلغل عميق في المجتمع الصومالي، إذ يجري الاختراق على مستويات عدة؛ مستوى المجتمع المدني والخدمات المدنية التي تقدمها “حركة الشباب” للسكان، ومن خلال الآليات الأمنية التي أنشأتها المنظمة، ومن خلال اختراق التركيبة القبلية للمجتمع.
بل إن الحادث الأخير الذي راح ضحيته شهداء الوطن والواجب من أبناء الإمارات يسلط الضوء على الأساليب المتطورة التي تستخدمها حركة الشباب لاختراق قوات الأمن الصومالية. وحقيقة أن المهاجم كان عضوًا في الكتيبة 28، وهي وحدة دُرّبت مؤخرًا في أوغندا، تزيد من تعقيد الرواية، وتسلط الضوء على نقطة الضعف الحرجة في استراتيجية مكافحة الإرهاب، حيث يوجد العدو في الداخل.
ويُعدّ ذلك كله تذكيرًا صارخًا بالمخاطر التي تواجهها القوات الدولية المتعاونة في المناطق التي مزقتها الصراعات، ويؤكد الحاجة إلى تكاتف دولي وانخراط أممي أكثر فاعلية من أجل صياغة استجابة منسقة واستراتيجية أكثر نجاعة لمواجهة الإرهاب ليس في الصومال وحدها، ولكن في جميع مناطق العالم التي تعاني وطأة جرائم الإرهاب وتنظيماته.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: على مستوى العالم حرکة الشباب
إقرأ أيضاً:
مستشار مفتي الجمهورية يشارك في مؤتمر دولي بباكو لمكافحة الإسلاموفوبيا
يشارك الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، في فعاليات المؤتمر الدولي الثالث المزمع عقده في العاصمة الأذربيجانية باكو يومَي 26 و27 مايو 2025، بعنوان: "الإسلاموفوبيا في دائرة الضوء: كشف الانحيازات وتحطيم الصور النمطية"، وذلك بمناسبة الذكرى الثالثة لإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 مارس من كل عام يومًا دوليًّا لمكافحة الإسلاموفوبيا.
ومن المقرر أن يلقي مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم كلمة في المؤتمر تحت عنوان: "مؤسسات الإفتاء كجهات فاعلة في التغيير العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا: الفرص والتحديات"، يتناول فيها الدور المتنامي للمؤسسات الدينية في التصدي لمظاهر التمييز وخطاب الكراهية، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام، ودفع جهود التعايش السلمي.
وفي تصريح قبيل مغادرته إلى باكو، أكَّد الدكتور إبراهيم نجم أن مشاركته في هذا المؤتمر المهم تأتي في إطار حرص الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على الإسهام الفاعل في الجهود الدولية لمواجهة الإسلاموفوبيا وتفكيك خطاب الكراهية والتمييز.
وأكَّد مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تشكِّل أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، ليس فقط لكونها تستهدف المسلمين في أمنهم وكرامتهم، بل لأنها تهدد قيم التعددية والتعايش الإنساني، قائلًا: إن المؤسسات الدينية، وفي طليعتها مؤسسات الإفتاء، تتحمل مسؤولية كبرى في تفكيك الصور النمطية المغلوطة، وبيان المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي، عبر خطاب متزن، ومبادرات تواصلية، وتعاون دولي واسع النطاق.
وأوضح الدكتور نجم أن المؤتمر يمثل فرصة مهمة لتبادل الرؤى والخبرات بين مختلف الأطراف المعنية، مؤكدًا ضرورةَ تبنِّي مقاربة شاملة تتضمن البُعد الديني والثقافي والتعليمي والسياسي، من أجل معالجة جذور هذه الظاهرة العالمية المتنامية.
وأضاف: "من خلال مشاركتنا في هذا المؤتمر، نؤكد أن مكافحة الإسلاموفوبيا لا بد أن تكون مسؤولية عالمية مشتركة، تقوم على المعرفة، والعدل، والاحترام المتبادل، وترتكز على شراكات حقيقية بين مختلف الأطراف الفاعلة، من دول ومؤسسات ومجتمعات مدنية."