إدارة بايدن وعملية انتقال السلطة
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
بدأت ملامح مستقبل إدارة الرئيس بايدن على المحك مع ظهور تحليلات واقعية من مراكز البحوث الاستراتيجية في واشنطن حول ما إذا كان الرئيس الأمريكي بايدن يستطيع الدخول في معمعة الانتخابات الأمريكية نحو السباق إلى البيت الأبيض أم أن كاميلا هاريس قد تكون الأوفر حظا في إطار الإصلاحات العميقة للحزب الديمقراطي، وعلى صعيد الدولة الأمريكية العميقة والتي لها نفوذ كبير في مستقبل الدولة الأمريكية وعلى ضوء ذلك فإن الحالة الصحية للرئيس الأمريكي بايدن سوف تشكّل المحور الأساسي في المقاربة السياسية للحزب الديمقراطي والذي يسعى إلى فترة ثانية في البيت الأبيض.
الولايات المتحدة الأمريكية تواجه جملة من التحديات الكبيرة سواء على الصعيد الداخلي حيث المشكلات الاقتصادية وقضايا الهجرة ولعل نموذج ولاية تكساس الجنوبية أعطى مؤشرا خطيرا نحو تفكك الدولة الفيدرالية وأعاد للأذهان الحرب الأهلية القاسية بين الشمال والجنوب قبل إعلان الاستقلال عام ١٧٧٦، كما أن التحديات الخارجية والصراعات والحروب التي يشارك فيها الجيش الأمريكي تضع علامات تساؤل كبرى حيث بدأت عدة جبهات في التصدي للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة والهزيمة الكبرى التي مني بها الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر من العام الماضي.
وأمام تلك الهزيمة الإسرائيلية المدوية دفعت واشنطن بكل قوتها العسكرية والاقتصادية واللوجستية والاستخباراتية وحتى مشاركة قوات دلتا الخاصة في الحرب بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية حيث صرح الرئيس الأمريكي بايدن ووزير الخارجية بلينكن بأنهم يهود صهاينة وسوف يدعمون الأمن الإسرائيلي. وفي تصوري إن هذا الخطاب الأمريكي المنحاز سبّب مشكلة قانونية وحضارية وإنسانية للدولة الأمريكية حتى من الدول الصديقة لها، وأصبحت واشنطن بعد أكثر من أربعة أشهر من اندلاع الحرب هي جزء من المشكلة من خلال وقوفها عقبة ضد صدور قرار من مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ووقف المجازر والإبادة الإسرائيلية ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني حيث قامت قوات الاحتلال الصهيوني بمجازر مروعة فاستشهد ما يقارب من ٣٠ ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء وتدمير البنية الأساسية في قطاع غزة، حتى المستشفيات لم تسلم من الهمجية الصهيونية، علاوة على استشهاد عشرات الصحفيين والمسعفين وحتى موظفي الأونروا في إطار إبادة جماعية ارتكبها إرهاب الكيان الإسرائيلي والذين يشكلون عصابة لا بد أن تُحاكم في محكمة الجنايات الدولية. كما أشارت محكمة العدل الدولية في حكمها إلى مسؤولية الكيان الإسرائيلي عن قتل الآلاف من المدنيين وعلى ضوء ذلك فإن المشهد السياسي في الإقليم يعدُّ على درجة كبيرة من الخطورة في ضوء انفلات الصراع إلى أبعد من قطاع غزة حيث المواجهة في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من جهة وجماعة أنصار الله، والأثر الكبير على قضايا الملاحة والشحن والتجارة الدولية، كما أن المواجهات العسكرية الأمريكية مع الجماعات المسلحة في العراق وسوريا أضاف المزيد من التعقيد السياسي والاستراتيجي على صعيد إدارة بايدن، كما أن الحملة العسكرية للكيان الصهيوني ضد محافظة رفح جنوب قطاع غزة يعد تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري حيث التماس الجغرافي بين رفح وسيناء المصرية، ومن هنا فإن عجز إدارة بايدن عن ترويض نتانياهو ومجموعته المتطرفة يعطي مؤشرا بأن إدارة بايدن هي في أضعف مواقفها وأن الرأي العام الأمريكي بدا يعطي مؤشرات سلبية لإدارة بايدن عند حلول الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر القادم. ومن هنا فإن الحزب الديمقراطي بدا يتحدث عن مسألة الوضع السياسي للحزب خاصة إذا استطاع الرئيس الأمريكي السابق ترامب تجاوز القضايا والاتهامات المرفوعة ضده والسير كمرشح أساسي للحزب الجمهوري، وعلى ضوء ذلك فإن كاميلا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي بايدن لديها حظوظ كبيرة للانطلاق نحو الساحة السياسية وإعطاء دفعة انتخابية للحزب الديمقراطي وإقناع بايدن بأن مصلحة الحزب هي أولوية قصوى في هذه المرحلة.
وتشير تلك الدراسات الاستراتيجية إلى أن الأشهر الثلاثة القادمة سوف تكون حاسمة فيما يخص مسألة انتقال السلطة من الرئيس الأمريكي بايدن إلى كاميلا هاريس التي تعد الأكثر حظا للدخول في الانتخابات الأمريكية للوصول إلى البيت الأبيض. إن الرئيس الأمريكي بايدن يواجه مشكلات داخلية على صعيد الاقتصاد وعلى صعيد تآكل شعبيته بشكل كبير خاصة في أوساط العرب والمسلمين في ولايات مهمة مثل ولاية ميشيغان التي تعد من الولايات التي قد تحسم السباق الانتخابي، كما أن مشكلة ولاية تكساس أضرّت بالحزب الديمقراطي رغم أن ولاية تكساس هي من الناحية التاريخية ولاية جمهورية، وعلى صعيد الأزمات الإقليمية سجلت أمريكا تراجعا كبيرا على الصعيد الشعبي داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها من خلال موقفها المنحاز ضد الشعب الفلسطيني بل ووقفت حجر عثرة نحو اتخاذ قرار من مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب في قطاع غزة ووقف مجازر الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين والآن في رفح حيث وجود أكثر من مليون ونصف مليون إنسان عُرضة للقصف والهجمات البربرية الصهيونية، وعلى ضوء ذلك فإن الأسابيع القادمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية سوف تكون حاسمة سواء على صعيد البيت الديمقراطي ومسألة وضع الرئيس الأمريكي بايدن أو على صعيد مستقبل العملية الانتخابية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تخسر الكثير من الدول العربية وأيضا شعوبها وكان موقفها ينم عن عدم مسؤولية أخلاقية، وأظهرت واشنطن عجزها عن قيادة العالم وأن الأمم المتحدة وتحديدا مجلس الأمن يحتاج إلى إعادة هيكلة وتغيير وأن النظام الدولي الحالي لم يعد صالحا وأن وجود عالم متعدد الأقطاب هو المسار الصحيح نحو إيحاد علاقات متوازنة وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي والشرعية الدولية ولجم عصابة نتانياهو التي تريد إشعال حرب إقليمية كبرى في الشرق الأوسط وربما حربا عالمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الرئیس الأمریکی بایدن إدارة بایدن فی قطاع غزة على صعید کما أن
إقرأ أيضاً:
مصر تواصل دعمها الأمني للفلسطينيين: تدريب قوات السلطة لتمهيد إقامة الدولة المستقلة
شارك د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة يوم الإثنين في المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين المنعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
ألقى الوزير عبد العاطى كلمة مصر شدد خلالها على ضرورة خلق أُفق سياسي وتدشين مسار تفاوضى للتوصل إلى السلام العادل والشامل من خلال تنفيذ حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، بالإضافة إلى إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، ووقف جميع الإجراءات الأحادية وعلى رأسها الاستيطان، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، وبالأخص القرارات ٢٤٢ و٢٥٢ و٢٦٧ و٤٤٦ و٢٣٣٤.
وطالب الوزير عبد العاطي بالعمل على تنفيذ عدد من الإجراءات تتمثل في إنهاء العدوان الاسرائيلى السافر على غزة، وإتمام صفقة وقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والأسرى، وتمكين الأمم المتحدة ووكالة "الأونروا" من الاضطلاع بدورها بغزة، وتدفق المساعدات الإنسانية دون اية عوائق، ودعم جهود السلطة الوطنية الفلسطينية وتمكينها من العودة للقطاع لضمان وحدة الأرض الفلسطينية. كما شدد على ضرورة دعم جهود تنفيذ الخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، وتقديم ما يلزم من إمكانات لجعل قطاع غزة قابلاً للحياة من جديد.
وقد تناول وزير الخارجية الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة في ظل الجرائم التى ترتكبها اسرائيل يومياً في حق الفلسطينيين، وضرورة تنسيق المواقف الدولية للتعامل مع الكارثة الإنسانية في الأرض الفلسطينية المُحتلة، والعمل الجماعي على معالجة جذور الأزمة وجوهرها الحقيقي من خلال إحياء حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع وترسيخ الأمن الإقليمي.
فى هذا السياق، أكد على أهمية دعم قدرات السلطة الوطنية الفلسطينية لكى تتمكن من أداء دورها في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء تمهيداً لإطلاق مسار المفاوضات السياسية، مشدداً على أن الاعتراف بفلسطين هو حق من حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ويرتبط بحق تقرير المصير.
كان الوزير عبد العاطي قد رأس وفد مصر فى أولى جلسات المؤتمر بصفتها الرئيس المشارك لمجموعة العمل الخامسة المعنية بالعمل الإنساني وإعادة الإعمار في غزة بالشراكة مع المملكة المتحدة. وقد أعرب خلال الجلسة عن حرص مصر علي طرح رؤيتها فيما يتعلق بالوضع الإنساني في الأراضي المحتلة، باعتبار ذلك ركيزة أساسية لأي تحرك عملي لتوفير الظروف الضرورية لإقامة الدولة الفلسطينية، والتي ترتكز على دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه في ظل ما يكفله له القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من حقوق في مقدمتها الحماية والتمتع بالخدمات الأساسية، وهي الحقوق التي تتعرض لانتهاكات صارخة متواصلة وممنهجة، واعتداءات في الضفة الغربية وسط تصريحات رسمية من القوة القائمة بالاحتلال تدعو لتهجير سكان غزة وفرض السيادة علي الضفة، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع، باعتباره يهدد فرص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومن ثم تنفيذ حل الدولتين.
مصر تؤكد دعمها لفلسطين وتحذر من المساس بأمنها المائي
وأشار إلى تكثيف مصر لجهودها لوقف الحرب في غزة وانهاء الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون، من خلال نفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة التي تعد مصر في طليعة الدول المقدمة لها، موضحاً استمرار مصر في دعم عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة والأراضي المحتلة وبقية مناطق العمليات التابعة لها. وأكد عزم مصر التعاون مع الشركاء الدوليين لتنظيم مؤتمر للتعافى المبكر واعادة إعمار قطاع غزة فور التوصل لوقف إطلاق النار، وذلك لوضع الخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار موضع التنفيذ، وهو ما سيُسهم في إنهاء المعاناة الإنسانية والمعيشية لسكان غزة بشكل فعال.
كما أبرز وزير الخارجية مواصلة مصر توفير برامج التدريب الأمني للقوات التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، بغرض تمكين هذه القوات من إنفاذ القانون في قطاع غزة والضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه أن يُسهِم في تهيئة المناخ الملائم لإقامة الدولة الفلسطينية متصلة الأراضي.