ما هي الآثار طويلة المدى لموجات الحرارة البحرية؟
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يؤدي تغير المناخ إلى موجات حارة في البحر وكذلك على الأرض. نتحقق من الآثار طويلة المدى لموجات الحرارة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، ونتساءل عما إذا كان يمكن فعل أي شيء لمساعدة هذه المستعمرات الشهيرة على البقاء.
أحدثت أحدث البيانات حول درجة حرارة سطح البحر ضجة كبيرة في الأخبار حيث ذكرت كوبرنكس كلايمت تشينج سرفس أن الأرقام وصلت إلى مستويات قياسية جديدة بالفعل في شهر يناير من هذا العام.
قبل أن نتطرق إلى هذا الموضوع، لا بد من تذكير سريع بأحدث بيانات كوبرنيكوس التي تكشف أننا شهدنا شهر يناير الأكثر دفئًا على الإطلاق حيث تجاوزت درجات الحرارة العالمية متوسط فترة 1991-2020 بمقدار 0.7 درجة مئوية. كما شهدنا أيضًا أكثر اثني عشر شهرًا حرارة على التوالي على الإطلاق، حيث وللمرة الأولى تجاوز متوسط درجة حرارة 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الحقبة الصناعة. تُعد هذه العتبة الرمزية هدفًا رئيسيًا لاتفاقية باريس للمناخ التي أبرمتها الأمم المتحدة.
لكن كان هناك تقلب كبير في الطقس في أوروبا في شهر يناير. حيث شهدت أجزاء من الدول الاسكندنافية أبرد درجات حرارة لها منذ عقود، بينما سجلت إسبانيا ارتفاعات في نهاية الشهر تزيد عن 8 درجات فوق المتوسط.
في المحيطات الواقعة بين 60 درجة شمالًا و60 درجة جنوبًا، أي البحار الواقعة بين المنطقتين القطبيتين بلغ متوسط درجة حرارة سطح البحر في جميع أنحاء العالم 20.97 درجة مئوية. يتساوى هذا الرقم مفاجئ مع أعلى متوسط مطلق على الإطلاق الذي سجل 20.98 درجة مئوية في أغسطس 2023.
لا تبشر درجات حرارة سطح البحر هذه بالخير لصيف عام 2024، مما يثير تساؤلات حول مدى مرونة بعض النظم البيئية المهمة مثل الشعاب المرجانية في مواجهة الضغوط المتكررة من فترات المياه الدافئة.
التوجه إلى ليه فاريلونمع وضع هذا الموضوع في الاعتبار، انطلق فريق المناخ الآن إلى مرسيليا للذهاب للغوص مع باحثين من منظمة سيبتنتريون إنفيرونمن غير الحكومية. عندما انضممنا إليهم، كانوا يرتدون معداتهم ويتجهون إلى البحر.
أوضح عالم الأحياء البحرية تريستان إيستاك: "سنجري اليوم إحصاءً لصحة مستعمرات المرجانيات الرخوة ذات اللون الأحمر على عمق يتراوح بين 30 و40 مترًا في موقع بالقرب من مرسيليا يسمى ليه فاريلون".
كما شدد على ضرورة الزيارات المتكررة: "الهدف هو إجراء مراقبة منتظمة جدًا لمتابعة تدهور صحة هذه المجتمعات تدريجيًا بمرور الوقت."
تعرض هذا الساحل الخلاب لمنتزه كالانك الوطني لظروف موجة حر بحرية في الأعوام 1999 و2003 و2015 و2022 و2023.
وهذا يعني الآن أن مستعمرات المرجان والمرجانيات الرخوة قد اختفت من أول 10 إلى 20 مترًا من الماء. تحافظ هذه الأنواع المميزة على ازدهارها في المياه الأعمق والأكثر برودة.
"الحقيقة الآن هي أن كل ما كان ميتًا في عام 2022 لا يزال ميتًا." يتابع تريستان قائلًا: "لا يزال هناك الكثير من هياكل المرجانيات الرخوة الميتة"، مشيرًا إلى أن نمو الشعاب المرجانية الجديدة لم يحدث منذ بدء واستمرار درجات الحرارة المرتفعة في السنوات الأخيرة.
"عندما نصل إلى حوالي 35-40 مترًا نرى مجتمعات كثيفة، بصحة جيدة كما كانت عليه في السنوات السابقة. لذا لم تتعرض للصدمة بعد."
توفر الفيديو والصور التي يلتقطها العلماء أساسًا موثوقًا لمراقبة كيفية تسبب موجات الحر البحرية بقتل أنواع معينة في البحر الأبيض المتوسط.
ترينا جستين ريشوم ثلاث صور من نفس المنطقة بالقرب من كورسيكا لتوضيح ما يحدث. وتقو عن أقدم صورة تعود لعام 2015: "يمكننا أن نرى مستعمرات المرجان الأحمر المتوسطي بصحة مثالية. وفي الصورة الثانية من عام 2017 يمكننا أن نرى أن المستعمرات بدأت تموت. يمكننا ملاحظة النخر والأنسجة الميتة. قد يكون سبب ذلك موجات الشذوذ الحراري."
"وأخيرًا في الصورة الأخيرة من عام 2023، يمكننا أن نرى أن مستعمرات المرجان الأحمر هذه قد سقطت تمامًا تاركة ورائها مساحة موئلها المسطحة إلى حد ما، وبالتالي فقدت الأسماك موطنها."
على الصعيد العالمي، تضاعف عدد موجات الحر البحرية منذ عام 1982 والكائنات العاجزة عن الحركة مثل الشعاب المرجانية من بين الأكثر تضررًا.
ما الذي يمكن فعله لمساعدة الشعاب المرجانية؟يقول العلماء إن الشيء الأهم الذي يمكننا القيام به للمساعدة هو منع الصيد والسياحة حول المناطق المعرضة للخطر. يمكن أن تتسبب المراسي وزعانف الغوص والتلوث وبعض تقنيات الصيد بالأذى للشعاب المرجانية وأن تسلبها القدرة على التعافي.
يوضح تريستان إستاك: "ربما سنمنحهم فرصة للتكيف من خلال إزالة الضغوط البشرية، أو ربما تظهر طفرة ويصبح لدينا مستعمرات متطورة تتكيف مع تغير المناخ وعندها في عالم مثالي، ستتمكن من إعادة إنتاج واستعادة الطبقات الأقرب إلى السطح."
لكن تحذر جستين ريشوم من أن أي تعافي لن يكون قريبًا.
وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط على الأقل، تقول: "على نطاق عمر الإنسان، لن نتمكن من استعادة المناظر الطبيعية التي فقدت على سبيل المثال في أعقاب موجات الحر البحرية لأعوام 1999 و2003 و2022."
من المتوقع أن تصبح موجات الحر البحرية أكثر تكرارًا وشدة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وحتى في أفضل الظروف، تنمو هذه الأنواع بضعة مليمترات فقط في السنة.
سيواصل فريق سيبتنتريون إنفيرونمن مهمته المتمثلة في مسح الشعاب المرجانية وتوثيق تراجعها وتثقيف السكان المحليين وصناع القرار حول أهمية هذه النظم البيئية للتنوع البيولوجي في البحر الأبيض المتوسط. نظرًا لأن الأنواع الغازية والتلوث وارتفاع درجات حرارة المياه تشكل تهديدًا متزايدًا في هذه المياه، من الضروري رفع مستوى الوعي وإنشاء مناطق محمية لمنح الشعاب المرجانية فرصة للبقاء على قيد الحياة.
شكرًا لكوبرنكس كلايمت تشينج سرفس وسيبتنتريون إنفيرونمن وأسوشيتد بريس ومكتب السياحة في مرسيليا وMarineheatwaves.org ومتنزه كالانك الوطني.
المصدر: euronews
كلمات دلالية: بحار محيطات الاحتباس الحراري والتغير المناخي موجة حر إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس غزة طوفان الأقصى فلسطين بنيامين نتنياهو حكم السجن تقاليد روسيا البرازيل إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس غزة طوفان الأقصى فلسطين البحر الأبیض المتوسط حرارة سطح البحر درجات حرارة حرارة البحر على الإطلاق درجة حرارة شهر ینایر فی البحر
إقرأ أيضاً:
درجات حرارة مرتفعة.. مظاهر التغير المناخي تؤثر على ولايات سودانية
بورتسودان – بأنفاس متقطعة، يمسح الشاب محمد عمر العرق عن جبينه بقطعة قماش، ويقول إنه لم يتصور أن تكون درجات الحرارة بهذه القسوة، ويشكو من ارتفاع درجات الحرارة التي صعّبت مهمته كحمَّال على عربة يجرها بيديه، الأمر الذي اضطره للجوء إلى الظل طلبا لنسيم خفيف كل حين.
يوضّح عمر -وهو نازح عشريني- أنه اضطر لتقليل عدد ساعات عمله خلال اليوم بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وأضاف " لم أتصور أن الطقس في بورتسودان بهذه القسوة، الآن أنا مضطر للعمل إما باكرا أو بعد الظهيرة لتفادي التعرض المباشر والطويل للشمس".
وتعاني مدينة بورتسودان خلال هذه الأيام وطوال الأسبوع الماضي من طقس متقلب، حيث شهدت درجات الحرارة ارتفاعا غير مسبوق وتعدت 47 درجة مئوية مع رياح مثيرة للغبار، الأمر الذي فاقم معاناة الناس، وحدّ من حركتهم خلال ساعات النهار.
وقبل يومين، ألغت إدارة مطار بورتسودان الرحلات الجوية، وأعلنت "تعليق الرحلات مؤقتا بسبب سوء الأحوال الجوية، حفاظا على سلامة الركاب والطائرات"، وفق ما نقل بيان مقتضب عن إدارة المطار قبل أن تستأنف الرحلات لاحقا.
ظواهر متطرفة
أظهرت نتائج دراسة قام بها عدد من علماء المناخ الأفارقة بكلية "إمبريال الجامعية"، ومقرها الخرطوم، العام الماضي، أن السودان قد يتعرض لظواهر مناخية متطرفة كل 3 أعوام.
ويوضح رئيس وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية الدكتور أبو القاسم موسى إبراهيم أن أسباب الطقس المتقلب في مدينة بورتسودان يعود إلى حركة الفاصل المداري، وهو الخط الفاصل بين الرياح الشمالية الجافة والرياح الجنوبية الرطبة.
ويعزو الخبير السبب إلى أن "أنظمة الضغط الموجودة في الشمال وأنظمة الضغط الموجودة في الجنوب وضعت مدينة بورتسودان في حالة تأرجح بين الكتلتين الهوائيتين، الرطبة الموجودة جنوب الفاصل المداري والتي تحمل الرياح الجنوبية الغربية، والكتلة الجافة القادمة من الشمال وفيها الرياح الشمالية".
إعلانوأضاف أن الصراع بين هذه الكتل أدى إلى حركة رياح غير معتادة في هذا التوقيت وفي هذه البيئة الصحراوية، وهو ما أنتج الأتربة الشديدة التي شهدتها المنطقة.
وأكد إبراهيم أن الأرصاد السودانية أصدرت تنويها قبل يومين وإنذارا شديد الخطورة بهذا الخصوص. وقال إن "الفاصل المداري وصل هذه المرة إلى شمال مدينة بورتسودان، وهو أمر غير معتاد بالنسبة للمنطقة، وهذا يأتي متزامنا مع موجة الحرارة الشديدة".
ويوضح، في حديثه للجزيرة نت، أن "موجات الحرارة الشديدة هي إحدى مظاهر التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، وأن بورتسودان ليست استثناء"، وأضاف أن السودان أصبح يشهد كل عام إحدى الظواهر المتطرفة، سواء كان ذلك سيولا أو موجات حر شديدة، أو موجات برد قاسية".
كما توقع أن تكون التقلّبات هي السمة الغالبة للطقس المتوقع خلال الفترة المقبلة بمدينة بورتسودان، موضحا أنه "قد تهدأ حِدة الأتربة لبعض الأيام ثم تعود تارةً أخرى، إذ لا يزال الفاصل المداري جنوب المدينة، ومن المتوقع أيضا هطول أمطار جنوب ولاية البحر الأحمر، الأمر الذي قد يخلق فوارق في الضغط تثير الغبار والأتربة، لكن لا يتوقع زيادة في درجات الحرارة خلال الفترة القادمة".
ويقول إن أحد ظواهر التغيرات المناخية هو هطول أمطار في ولاية البحر الأحمر خلال شهور غير معتادة في السابق، حيث كانت الأمطار شتوية في شهور أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني، وديسمبر/كانون الأول، ولكن نتيجة للتغيرات المناخية أصبحت هناك أمطار في شهري يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول، وهي ظاهرة جديدة، حسب قوله.
دفع الطقس المتقلب إدارة المرور في ولاية البحر الأحمر لإصدار تنويه لسائقي المركبات ومستخدمي الطرق حول تأثر الولاية بالغبار والأتربة والعواصف الرملية، التي قد تؤدي إلى تدني مستوى الرؤية، وناشدت مستخدمي الطريق بالحذر وتقليل السرعة واستخدام الإضاءة الأمامية حفاظا على الأرواح.
وأكدت مديرة إدارة الطوارئ الصحية والأوبئة بوزارة الصحة السودانية ليلى حمد النيل، في تصريح للجزيرة نت، وصول 3 حالات تعاني من ضربات الشمس تم التبليغ عنها رسميا، حتى الآن، وتمت معالجتها، مع احتمالية وجود حالات لم تصل المستشفى.
وأكدت الدكتورة أن هناك عددا من المخاطر المترتبة على تقلب الطقس، منها ارتفاع درجات الحرارة، وإثارة الغبار والأتربة التي قد تؤثر على مرضى الجهاز التنفسي، مع التوصية بتقليل الحركة خلال فترات الطقس المتقلب.
وأوضحت أن ارتفاع درجات الحرارة ليس فقط في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، وإنما في الولايات الشمالية ونهر النيل سنويا أدت إلى حالات إصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري.
وقالت إن وزارة الصحة السودانية تستعد باكرا من خلال تدريب الفرق الطبية وتوفير أدوية ومخفضات للحرارة، وتعيّن أماكن لمعالجة الحالات التي تتعرض لضربات الشمس والإجهاد الحراري، مشيرة إلى أنها بدأت في بورتسودان منذ أسبوعين بتنفيذ الخطة مع تقييم أسبوعي.
إعلانوأشارت إلى تجهيز سيارات الإسعاف لنقل أي حالة تأثرت بارتفاع درجات الحرارة في الولايات المعنية، وتدريب وتأهيل فرق الاستجابة السريعة، وتوفير طرق للتبليغ السريع عن الحالات.