الأمم المتحدة تحذر من انفجار عدد وفيات الأطفال في غزة
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
لا يزال الوضع الإنساني كارثيا، اليوم الثلاثاء، في قطاع غزة حيث يحتشد نحو مليون ونصف مليون فلسطيني في مدينة رفح المهددة بهجوم إسرائيلي ضمن العدوان المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحذرت الأمم المتحدة الاثنين من أن النقص المقلق في الغذاء، وسوء التغذية المتفشي، والانتشار السريع للأمراض، هي عوامل قد تؤدي إلى "انفجار" في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزة.
وقالت وكالات الأمم المتحدة إن الغذاء والمياه النظيفة أصبحت "نادرة جدا" في القطاع الفلسطيني المحاصر، وإن جميع الأطفال الصغار تقريبا يعانون أمراضا معدية.
وقال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي لليونيسيف، إن غزة على وشك أن تشهد "انفجارا في وفيات الأطفال التي يمكن تفاديها، ما من شأنه أن يضاعف مستوى وفيات الأطفال الذي لا يطاق أصلا".
ويتأثر ما لا يقل عن 90% من الأطفال دون سن الخامسة في غزة بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية، وفق تقرير صادر عن اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي.
وقالت نازحة في مخيم في شمال غزة لوكالة الصحافة الفرنسية إن أطفالها "يموتون من الجوع" ويستفيقون وهم يبكون، متسائلة من أين يمكنها توفير الغذاء لهم.
من جهته، قال أيمن أبو شمالة الذي أصيب خلال قصف على مبنى في الزوايدة وسط قطاع غزة "الصواريخ تسقط علينا، فإلى متى يستطيع الإنسان تحملها؟" مضيفا "الناس في الشمال يموتون جوعا ونحن هنا نموت بسبب القصف".
سوء التغذية
من جهتها، أعلنت منظمة الصحة العالمية، ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في قطاع غزة بشكل حاد.
وذكرت المنظمة، في بيان، أن "90% من الأطفال دون سن عامين، و95% من النساء الحوامل والمرضعات، يواجهون فقرا غذائيا شديدا، مما يعني أنهم استهلكوا مجموعتين غذائيتين أو أقل في اليوم السابق، والطعام الذي يمكنهم الوصول إليه هو من أقل قيمة غذائية".
وتابعت "95% من الأسر تحد من الوجبات وأحجام الحصص، و64% من الأسر تأكل وجبة واحدة فقط في اليوم"، موضحة أن أكثر من 95% من الأسر قالت إنها قيدت كمية الطعام التي يتناولها البالغون من أجل ضمان حصول الأطفال الصغار على الطعام.
وأضافت "أظهرت الدراسات الاستقصائية في شمال المنطقة أن 15.6% من الأطفال هناك، أو واحدا من كل 6 أطفال دون سن الثانية، يعانون من سوء التغذية الحاد، حيث يعاني ما يقرب من 3% منهم من الهزال الشديد، وهو أكثر أشكال سوء التغذية تهديدا للحياة، مما يعرض الأطفال الصغار لخطر المضاعفات الطبية والوفاة ما لم يتلقوا علاجا عاجلا".
ولفتت إلى أن دراسات استقصائية مماثلة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أظهرت أن 5% من الأطفال هناك دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد، مشددة على أن هذه الأرقام "دليل واضح" على أن هناك حاجة للمساعدات الإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وفیات الأطفال سوء التغذیة من الأطفال قطاع غزة دون سن
إقرأ أيضاً:
نساء غزة.. فقد وألم وحياة مأساوية لا تنتهي
بكاء الأطفال الذين يرغبون في الحصول على الطعام أجبر جدتهم أم محمد (54) عامًا للعودة إلى منزلها شمال قطاع غزة الذي نزحت منه قبل شهر بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على تلك المنطقة، مشيًا على الأقدام سارت أم محمد مسافة تقدر بـ7 كيلومترات حتى وصلت منزلها الذي تحول إلى ركام، دقائق حتى حاصرتها طائرات الكوادكابتر ومنذ ذلك الحين لم تعلم عنها العائلة شيئًا.
تقول ابنتها ولاء: «اضطرت أمي للخروج من بيت لاهيا دون جلب أي شيء، خرجت بسرعة برفقة أختي التي وضعت طفلًا إلى غزة، عشنا داخل مخيم في منطقة الميناء، ما إن سمعت أمي بعودة البعض إلى الشمال حتى ذهبت معهم من أجل الحصول على ما تبقى من طعام لإطعام أحفادها الذين يعانون كغيرهم من سوء التغذية بسبب المجاعة».
على مقربة منا يجلس زوجها أبو محمد ممسكًا بهاتفه الذي كان يرن، كان هناك شخصًا يبلغه أن الشاب الذي رافق زوجته أثناء عودتها للشمال قد استشهد بسبب قنبلة أصابته بشكل مباشر فيما بقيت الأخبار مجهولة عن زوجته التي لا يُعرف مصيرها حتى اللحظة، مجموعة من النسوة من أخوات وبنات وأقارب زوجته يترقبن الأخبار بالدموع والأسى على مصيرها المجهول.
كان أبو محمد يداري دموعه عندما أخبرني قائلًا: «ناشدت كل المؤسسات والصليب الأحمر الدولي، والدفاع المدني الفلسطيني، والهلال الأحمر الفلسطيني، ومنظمة الصحة العالمية وكل المؤسسات من أجل معرفة مصير زوجتي لكن دون جدوى، لم يتمكن أحد من الوصول إلى منزلنا وأصبحت زوجتي التي عشت معها أكثر من خمسة وثلاثين عامًا في عداد المفقودين.
أصبحت الحياة في قطاع غزة مستحيلة بسبب تداعيات الحرب التي دخلت شهرها العشرين دون توقف، هذه الحرب دمرت البنية التحتية والمستشفيات والمباني والمدارس والجامعات والمرافق العامة، لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بذلك بل تعمد الاستمرار في إبادته الجماعية للبشر والمرافق الزراعية والحيوانية والبيئية فيما تفشت الأمراض بأنواعها المختلفة وغطت مياه الصرف الصحي معظم الأماكن التي بدورها تسببت في انتشار الأمراض المعدية بين النازحين الذين يعيشون حياة مأساوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
بدأت سميرة علي (34) عامًا، النازحة من مدينة بيت حانون بغزة إلى أحد مراكز الإيواء غرب مدينة غزة: «يختلف عن أقرانه من اﻷطفال، في الجري واللعب، خاصةً في الصيف، هذا الفصل الذي يؤثر عليه «كان هذا الحديث عن معاناة ، عمر (8 أعوام)، استرسلت في الحديث عن فرص نجاة طفلها المصابَ بمرض وباء الكبد نوع B منذ صغره، ورحلة مرضه وعجز العائلة النازحة عن تأمين علاج الطفل في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة.
تقول سميرة: «بدأت القصة منذ أن عانى عمر، من وهن شديد وارتفاع في درجات الحرارة وبكاء مستمر. حينها، لم يكن يتجاوز عمره الأربع سنوات، انطلقت به إلى قسم الأطفال بمشفى النصر للأطفال بغزة لطلب العلاج، وفور وصولنا طلب الطبيب بعد الكشف عليه بعض التحاليل، بعدها كانت الصدمة كبيرة عندما أخبرنا الطبيب بأن أحمد مصاب بالتهاب الكبد الوبائي نوع B نشط، وهو مرض لم أسمع به من قبل- ويلزمه مغذٍّ وطعام خاص وعلاج مستمر واستخدام أدوات خاصة وعدم المخالطة مع الأطفال خصوصًا فيما يتعلق بالأكل، بالإضافة إلى طرق عديدة للتعامل مع هذا الفايروس النشط الذي ممكن أن ينتقل من شخص لآخر، كنت أتبع التعليمات بشكل كبير حيث يتوفر العلاج المجاني داخل المستشفى».
وأردفت قائلة: «أثناء فترة العلاج عندما شاهدت الإبر تُغرز في أوردة ابني، لم أستطع التحمل أبدا، وكدت أن أنهار تماما أمام بعض المواقف، خاصةً عندما تعثّر المُمَرضون في العثور على وريد في يديه، واضطروا إلى وضع الأدوية عن طريق وريد في الساق حسبتها مرةً واحدةً وسينتهي العذاب، لكن فاجأني الطبيب بقوله: إنه يجب أن يتلقى هذا العلاج شهريا».
وتضيف سميرة: «أول سؤال وجهه إليّ الطبيب: هل أنت متزوجة من قريب لك؟ وكم عدد أولادك؟ لأجيبه بأن زوجي يكون ابن عمي، وأن لدي ثلاثة أطفال، فطلب مني إجراء تحاليل لأبنائي».
دموعها انهمرت عندما أخبرتني بالتفاصيل: «عندما أجريت التحاليل، كان ابني أحمد حاملا للمرض، أما ابنتي سلمى فقد كانت سليمة، أوضحت التحاليل بأنني مصابة والناقلة الأساسية للمرض، لكن لا يبدو أي تأثير على صحتي إلى اليوم، يطلق على نوع الكبد الوبائي الذي يصيبني بالخامل».
وبينما كانت سميرة تتحدث، كان أحمد وعمر يجلسان على كرسي يتناولان بعض الأطعمة، يتسع مقعدها لشخص واحد فقط، ولكن نظرا إلى صغر جسديهما بالنسبة إلى عمرهما، فإن الأمر سهل ليجلسا معا بسبب نقص الطعام والمجاعة المنتشرة.
تقول سميرة: «لا توجد أدوية متوفرة اليوم، أحتاج إلى أدوات نظافة وماء جار، الخيمة التي نعيش فيها صغيرة وسيئة التهوية، أصبحت مناعة أطفالي ضعيفة جدا بسبب قلة الطعام الصحي وعدم تناول الفواكه واللحوم والبيض والخضروات، أخشى أن أفقد أبنائي بسبب استمرار الحرب والتجويع، عندما أسمع عن موت الأطفال من سوء التغذية أصاب بنوبات بكاء مستمر وخوف شديد، من حق أطفالي الصغار العيش بكرامة وتناول ما يشتهونه من طعام، يارب تنتهى الحرب يارب».
ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية فإن عدد الشهداء قد وصل إلى 54,880 شهيدًا و126,227 إصابة منذ السابع من أكتوبر لعام 2023م.
أما وزارة الشؤون الاجتماعية في غزة فقد أصدرت بيان تحذر فيه من خطورة وقف دخول المساعدات الإنسانية واستمرار إغلاق المعابر على قطاعي المرأة والطفل والقدرة على حمايتهم وتوفير سبل الرعاية لهم في قطاع غزة، الأمر الذي سيفاقم من معاناة الأطفال والنساء ويعرض حياتهم للخطر الشديد نتيجة نقص الاحتياجات الأساسية وأدنى متطلبات الحياة، لاسيما أن قطاعي النساء والأطفال يشكلان 70% من ضحايا العدوان وحرب الإبادة الجماعية، حيث بلغ عدد الشهيدات 12,316 من إجمالي 48,346 شهيدا حتى تاريخه.
كما أوضح البيان أن نسبة الجرحى من النساء والأطفال تشكل 69% من إجمالي الجرحى البالغ عددهم 111,759 جريحا، بالإضافة إلى أن 70% من المفقودين في قطاع غزة
نتيجة العدوان الإسرائيلي هم من النساء والأطفال، حيث بلغ عددهم 14,222 مفقودا.
أما التقارير الصادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان فقد أشارت إلى أن ما يقارب مليونَيْ شخص اضطروا للنزوح من منازلهم خلال الحرب على القطاع، نصفهم من النساء والأطفال ومن المتوقع وفقا للتقارير أن تلد ما يقدر بنحو (50) ألف امرأة حامل في غزة في ظروف مزرية على نحو متزايد في حين أنه تم استهداف الأطفال والنساء، فكان من بين الشهداء 17881 طفلا، منهم 214 رضيعا ولدوا وماتوا خلال العدوان، وتيتم أكثر من 38 ألف طفل منهم 17 ألف طفل فقدوا كلا الوالدين، فيما قتل الاحتلال 12316 امرأة في حين أشارت التقارير إلى أن هناك أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في فترة الحيض لا يحصلن إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية.
إن ما يشهده قطاع غزة من استمرار للكارثة الإنسانية وحرب الإبادة يستدعي من كافة المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية إلى ضرورة توفير دخول الدواء والغذاء وكافة الاحتياجات الإنسانية الضرورية لأهالي قطاع غزة وأهمها احتياجات النساء والأطفال، كما أصبح هناك ضرورة وقوف المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والخروج من دائرة الصمت والإدانة إلى دائرة القرار والالتزام بتنفيذ ما أصدره من مرجعيات دولية للقانون الدولي الإنساني في إطار الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، لوقف الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية والضغط على الاحتلال بفتح المعابر وإدخال الاحتياجات الإنسانية.