جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-14@17:00:50 GMT

أمريكا وصناعة "حضارة التوحش"

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

أمريكا وصناعة 'حضارة التوحش'

 

 

محمد بن رضا اللواتي

سَعَت الولايات المتحدة منذ عقود لصناعة حضارة أبعد ما تكون عن الأخلاق والقيم والفضيلة، وفي الواقع فلقد سعت إلى تكريس انحطاط الإنسان بصناعة غابة مُوحِشَة ترأسها هي ومن يسايرها ممن أسمتهم بـ"المجتمع الدولي"، ذاك المصطلح الذي بات يُعبر عن مجتمع أمريكا السياسي والحربي والاستعماري.

في هذه الغابة المُوحِشَة، تبدو المفاهيم البديهية واضحة الدلالات عصية على الفهم، مشوشة وتحتاج إلى إثباتات!

وكما أشارت الكاتبة نوف السعدية في مقالها "غيرتنا غزة للأبد"، بأننا في حضارة، السرقة فيها بصفتها عمل غير أخلاقي، أضحت في مسيس الحاجة لتقديم دلائل على كونها غير أخلاقية!

وهكذا القتل، بما فيه قتل الأطفال، وأبشع أنواع القتل، وهدم المستشفيات والمدارس والمنازل على رؤوس من فيها من الرُّضع والعجزة والنساء، يحتاج لدليل ملموس يؤكد أن ذلك كله في حاجة لتحقيق لكي يتم التأكد من كونه عملًا لا أخلاقي!

غابة أمريكا المُوحِشَة هذه بدأت قبل عقود طويلة، بحرب لا هوادة فيها على الله، لأجل إخراجه من التفكير والاعتبار، فلقد عملت مؤسسات أمريكا الإعلامية وفي إطار الترفيه -هوليوود مثلا- على تحويل الإله إلى فكرة تنبت في العقل قهرًا، وليست فكرة تكون انعكاسا للواقع الخارجي. هذا اللون من غسيل الدماغ تمَّ بعد جهود كبيرة بُذلت لصياغة تعريف للعلم لا يدعم فكرة وجود الإله بالمرة، رافقه عمل رصين وهو جعل كل ما هو خارج عن تعريف العلم في أبجديات الغابة المُوحِشَة، مساوٍ للعدم!

ولم ننتبِه نحن إلى المسار الكارثي الذي نَنقاد إليه، رغم أننا نحملُ عقيدةَ التوحيد وبين أيدينا كتاب فيه كلام الله بحسب مُعتقدنا؛ ذلك لأن التطوُّر التقني الذي راهنت عليه أمريكا ليكون نبيَّ العصر، تمكَّن منا تماما، فبتنا لا نستطيع أن نتخيَّل أن حضارة رفدت إلى الأمم هذا التطور التقني من الممكن أن تكون مُتوحِّشَة إلى مقدار لعق دماء الأطفال وإماتتهم جياعًا، حتى سطع نجم "غزة" وسط فوران الدماء ونزف الجراح وبكاء الأطفال ونحيب النساء، لتوجد انقلابا حقيقيا في ضمير الأمم، ويتقشع الضباب الذي ظل جاثما على أعيننا لأمد، وتظهر معه معالم التوحُّش والإجرام العالمي الذي صنعت له أمريكا هذه الحضارة التي نعيشها نحن اليوم.

إنَّه عالم مُوحِش للغاية؛ فالإبادة الجماعية التي يمارسها الصهيانة بإملاء أمريكا في فلسطين السليبة، وبأسلحتهم، في حاجة إلى أن تُرفع ضدها "دعوى قضائية"، وإلا ومن دونها وكأن شيئا لم يكن! لقد خُتمت أفواه دُعاة حقوق الإنسان بالشمع الأحمر!

وما كانت قيمة تلك القرارات التي صدرت عن محكمة العدل الدولية بالأمس، في حين راعية الارهاب والقتل العالمي -أمريكا- تلقي ببطاقة الفيتو في وجه الهدنة الإنسانية الفورية في غزة، والتي اقترحتها الجزائر على مجلس الأمن. هل هناك ثمة من لا يزال مُرتابا في أن الولايات المتحدة قد صاغت هذه الحضارة على أنقاض الضمير الأخلاقي؟

لو لم تُختتم مسيرة الأنبياء بآخرهم "ص"، لكانت أمريكا اليوم تحشد مجتمعها الدولي لقتالهم، لأنهم لم يكونوا قد أتوا يوما لأجل إرشاد البشرية إلى كيفية استخدام تقنية النانو، ولا لأنهم لم يجدوا في ذلك جدوى أو فائدة تعود للمجتمع البشري، وإنما لأنهم أدركوا أنه ما لم تتم صناعة الإنسان، وما لم يتم بناء محتواه الداخلي الأخلاقي، ولن يتم ذلك إلا بحضور الإله في حياة هذا الإنسان، فإنَّ التطور التقني سيكون إحدى أشد وسائل الفتك والولوغ في دماء الأبرياء، كما نرى ذلك اليوم.

لو لم تُختتم سلسلة المبعوثين بالوحي لكانت الولايات المتحدة قد لطَّخت أيديها بدمائهم، ولعملت على إقناعنا بضرورة قتلهم، وما أسهل ذلك عندما يتم طرد الإله من حياة الإنسان، ثم تصبح المثلية حالة طبيعية يُعاقب عليها المعتَرِض، ثم تُشن حربٌ على "الجيندر"، وختاما تنقلب البديهات لتصبح أفكارا في حاجة لإثبات.

الصراع اليوم هو في مقدرة الإنسان في الحفاظ على إنسانيته في غابة التوحُّش الأمريكية هذه، ومقدرته على القول "لا" للفيتو الخبيث الذي تتستَّر خلفه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اتفاق لتوسيع مشاركة المؤسسات العُمانية في معرض "مراعي" بالبحرين

 

 

 

المنامة- العُمانية

توصلت لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عُمان في ختام مشاركتها بمعرض البحرين الدولي للإنتاج الزراعي والحيواني "مراعي" مع اللجنة المنظمة إلى الاتفاق على توسيع مشاركة المؤسسات العُمانية من حيث العدد والقطاعات في الدورات القادمة لمعرض "مراعي".

وأكد الشيخ أحمد بن عامر المصلحي رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عُمان أن هناك إقبالًا كبيرًا على المنتجات العُمانية بالمعرض من قبل المستهلك والمقيم بالبحرين. وأضاف- في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية- أن لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عُمان تسعى من خلال المشاركة بالمعارض الخليجية إلى التعريف بالمنتجات العُمانية وتنوعها وما وصلت إليه من جودة ورقي بالتغليف في مجال التمور العُمانية تأكيدًا لرؤية الغرفة في تنمية ريادة الأعمال وبناء العلاقات الخارجية.

وأشار إلى أهمية تعميق الشراكة الاقتصادية وتطوير قنوات التواصل بين الغرف التجارية في البلدين، بما يخدم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويعزز دوره في دعم التنمية الاقتصادية في المنطقة.

يُشار إلى أن مشاركة غرفة تجارة وصناعة عُمان ممثلة في لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في معرض "مراعي" في البحرين بـ22 مؤسسة مثلت قطاع التمور والصناعات الداخلة بالتمور وغيرها من المنتجات الغذائية.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان وترسيخ الكرامة الإنسانية
  • مجلس الدولة يحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان ويؤكد التزامه بحماية الحقوق والحريات
  • النيابة الإدارية تنظم فعالية «معًا لمناهضة العنف الوظيفي ضد المرأة» اليوم
  • الثلاثاء.. تدشين مبادرة "تمكين" لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • انطلاق النسخة الثامنة من معرض “حقوق الإنسان اليوم وكل يوم” في الزرقاء
  • سيناريوهات البيك أب والتسلّل البرّي.. ما الذي يتدرّب عليه الطيّارون الإسرائيليون اليوم؟
  • اتفاق لتوسيع مشاركة المؤسسات العُمانية في معرض "مراعي" بالبحرين
  • أحمديات: مملكة النمل تتحدث عن البشر
  • ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر