في مقالة مثيرة للفكر نُشرت مؤخراً في مجلة فورين أفيرز، يتعمق الباحثان مارك لينش وشبلي تلحمي في الواقع المرير للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويتحديان جدوى حل الدولتين الذي طال أمده. يقدم المقال الذي يحمل عنوان "سراب الدولتين: كيفية كسر دائرة العنف في واقع الدولة الواحدة"، حجة مقنعة ضد النهج التقليدي لحل الصراع المستمر في المنطقة.

يقدم لينش وتلحمي نقدًا لاذعًا لرد إسرائيل على هجوم حماس في 7 أكتوبر، مسلطين الضوء على العواقب الإنسانية الكارثية للصراع. ومع مقـ تل ما يقدر بنحو 24.000 فلسطيني، بما في ذلك أكثر من 10.000 طفـ ل، وتدمير أو تضرر 70 بالمائة من منازل غزة، يرسم المؤلفون صورة مروعة للدمار الذي أحدثته العمليات العسكرية الإسرائيلية. ويؤكدان على الحاجة الملحة لإعادة تقييم المسار الحالي للصراع، بحجة أن حل الدولتين التقليدي لم يعد خيارًا ممكنًا.

ويؤكد المؤلفان أن العوامل الرئيسية، بما في ذلك صعود القيادة الإسرائيلية اليمينية المعارضة لإقامة الدولة الفلسطينية، وعدم شعبية السلطة الفلسطينية بين الفلسطينيين، وانتشار المستوطنات الإسرائيلية، جعلت حل الدولتين غير قابل للاستمرار. ويؤكدان أن استمرار سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، إلى جانب رفضها لإقامة دولة فلسطينية، يشير إلى واقع الدولة الواحدة بحكم الأمر الواقع الذي يتميز بحكم أشبه بالفصل العنصري.

علاوة على ذلك، ينتقد لينش وتلحمي دور الولايات المتحدة في إدامة الوضع الراهن، ويتهمان الإدارات المتعاقبة بتمكين الحكومة اليمينية في إسرائيل والفشل في احترام القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان. ويجادلان بأن دعم واشنطن الثابت لإسرائيل يقوض مصداقيتها كمدافع عن القيم الليبرالية والنظام الدولي القائم على القواعد.

في ضوء هذه التحديات، يدعو المؤلفان إلى تغيير نموذجي في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويدعوان إلى الابتعاد عن السعي العقيم لتحقيق حل الدولتين ويحثان الولايات المتحدة على إعطاء الأولوية للالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان والمساءلة لجميع الأطراف المعنية. ويقترحان ربط المساعدات المقدمة لإسرائيل بالامتثال لهذه المبادئ ويؤكدان على أهمية تعزيز التوصل إلى حل عادل ومنصف للصراع.

عموماً، يقدم مقال لينش وتلحمي تقييماً واقعياً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويدعو إلى اتخاذ إجراءات جريئة لمعالجة أسبابه الجذرية. ومن خلال تحدي الحكمة التقليدية والدعوة إلى إعادة تقييم سياسة الولايات المتحدة، فإنهما يساهمان برؤى قيمة في النقاش الدائر حول أحد أكثر الصراعات استعصاءً على الحل في الشرق الأوسط.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإسرائیلی الفلسطینی الولایات المتحدة حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا

في صيف عام 1812، وبينما كانت أوروبا مشتعلة بنيران الحروب النابليونية، اندلعت حرب جديدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية.

 حرب قصيرة نسبياً، لكنها كانت مفصلية في رسم ملامح الهوية الأمريكية، وترسيخ استقلالها الناشئ.

جذور الصراع..سيادة مهددة ومصالح متشابكة

بدأت الحرب نتيجة تراكم طويل من التوترات، أبرزها فرض البحرية البريطانية لحصار اقتصادي على فرنسا خلال الحروب النابليونية، ما أثّر على التجارة الأمريكية. 

كما عمدت بريطانيا إلى تجنيد البحارة الأمريكيين قسرًا للخدمة في صفوفها، وهي سياسة أغضبت الإدارة الأمريكية واعتبرتها إهانة للسيادة الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، اتُهمت بريطانيا بدعم القبائل الهندية في الغرب الأمريكي بالسلاح، ما زاد من حدة الصراع في الداخل.

 كل هذه الأسباب دفعت الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون إلى إعلان الحرب في يونيو 1812.

حرب بلا نصر حاسم

شهدت الحرب معارك متفرقة عبر الأراضي الأمريكية والكندية، من بينها محاولة فاشلة للولايات المتحدة لغزو كندا، ومعركة بحرية شهيرة بين السفينتين USS Constitution الأمريكية وHMS Guerriere البريطانية.

وفي عام 1814، أحرقت القوات البريطانية العاصمة الأمريكية واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض، ردًا على هجوم أمريكي على مدينة يورك. 

ورغم ذلك، فشلت بريطانيا في كسر المقاومة الأمريكية في معركة بالتيمور.

سلام بلا منتصر

انتهت الحرب رسميًا بتوقيع معاهدة غنت في ديسمبر 1814، والتي أعادت الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب، دون أن يحقق أي طرف انتصارًا صريحًا. 

لكن المعاهدة لم تصل إلى أمريكا إلا بعد أسابيع، وخلال ذلك الوقت خاض الطرفان معركة نيو أورلينز في يناير 1815، حيث حقق الجنرال الأمريكي أندرو جاكسون نصرًا مدويًا زاد من شعبيته وأدى لاحقًا إلى انتخابه رئيسًا.

 تُعد حرب 1812 نقطة تحول في التاريخ الأمريكي، فقد أثبتت قدرة الولايات المتحدة على الصمود أمام قوة عظمى. 

كما تراجعت بعدها المقاومة الهندية في الغرب، وبدأت أمريكا عصر التوسع نحو الغرب


 

طباعة شارك الأراضي الأمريكية أوروبا الحروب النابليونية الولايات المتحدة الأمريكية الإمبراطورية البريطانية

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الفرنسي: نتمسك بالحل السياسي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني
  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • لماذا لا تنجح الحكومة في أداء مهامها في الولايات المتحدة؟
  • إيران تطالب بـضمانات من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: أطفال غزة يدفعون ثمنا باهظا للعدوان الإسرائيلي
  • إيران تطالب بـ”ضمانات” من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • الولايات المتحدة تعلق العقوبات الجديدة على إيران
  • حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • امريكا ترفض ردّ “حماس” الذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني