استطلاع يظهر تراجعا في تأييد الصهيونية بين يهود بريطانيا
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
لندن – طرحت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة النقاش مجددا في الدوائر الأكاديمية والبحثية حول التغير الملحوظ في اتجاهات الرأي العام اليهودي الناقد للسردية الصهيونية وعلاقتها بالهوية اليهودية في أكبر العواصم الغربية دعما للسياسات الإسرائيلية، وذلك في ظل تصاعد الجدل حول تعمد الساسة الإسرائيليين وسم كل خطاب مناهض لسياساتهم الاستيطانية والرافض للأيديولوجية الصهيونية بـ"معاداة السامية".
وأظهرت نتائج استطلاع رأي أجراه معهد أبحاث السياسة اليهودية (مقره لندن)، صدرت في فبراير/شباط الجاري، تراجع نسبة اليهود البريطانيين الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم صهاينة من 73% قبل 10 سنوات إلى 63%، خاصة في صفوف الشباب. ويشير استطلاع المعهد الأكبر من نوعه في دراسة تشكل الهوية اليهودية في بريطانيا، إلى أن الشباب يفضلون الفصل بين هويتهم اليهودية والارتباط بالصهيونية بوصفها حركة سياسية وأيديولوجية.
وتسلط الدراسة الضوء على طبيعة العلاقة بين تبني الأيديولوجية الصهيونية والانتماء الحزبي في أوساط الأقلية اليهودية في بريطانيا، والتي لا يتجاوز تعدادها 300 ألف يهودي لكنها تعد ثاني أكبر جالية يهودية في أوروبا، حيث يخلص الاستطلاع إلى أن أغلب المؤيدين لحزب المحافظين من اليهود البريطانيين يعرفون أنفسهم بأنهم صهاينة بنسبة 73%، في حين تنخفض هذه النسبة إلى حدود 27% في صفوف المؤيدين لحزب الخضر المحسوب على أقصى اليسار البريطاني.
كما أشارت النتائج نفسها إلى أن ما يناهز 88% من المستطلعة آراؤهم صرّحوا بأنهم قد زاروا إسرائيل مرة واحدة على الأقل، في وقت أكد فيه 73% أنهم يشعرون بنوع من الارتباط تجاه إسرائيل.
عنصرية إسرائيلوفي حديث للجزيرة نت، قال بريدن ماكغيفر الخبير في معاداة السامية وأستاذ السوسيولوجيا في جامعة لندن إن "هذا الارتباط العاطفي بإسرائيل لم يعد يعني دعما لا مشروطا لسياساتها"، مشيرا إلى استطلاع مشابه لآراء اليهود الأميركيين بشأن سلوك إسرائيل السياسي وتدبيرها مسار السلام مع الفلسطينيين، الذي عكس مواقف ناقدة بشدة لتلك السياسات.
في حين ذهب استفتاء سابق في صفوف المصوتين اليهود أجراه المركز الانتخابي اليهودي إلى أن ما يزيد عن ربع المستجوبين يوافقون على وصف إسرائيل بـ"دولة فصل عنصري".
وأضاف ماكغيفر أن "ما يقدر بربع أعداد الجالية اليهودية في بريطانيا يفضلون وضع مسافة بينهم وبين الأيديولوجية الصهيونية ويرفضون وصفهم بالصهاينة"، معتبرا أن هذه الأرقام تجسد انعطافا يجب الانتباه له، والعمل على فحص ومراقبة التحولات التي ستحصل في اتجاهات الرأي العام اليهودي بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لفهم أعمق لمدى تأثير الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على صناعة الرأي العام في أوساط الجاليات اليهودية حول العالم في السنوات المقبلة.
ومع تصاعد الاحتجاج في الشارع البريطاني ضد الحرب على قطاع غزة، برزت حركة "الصوت اليهودي من أجل السلام" التي نظمت تحركات تضامنية مع أهالي القطاع في عدد من المدن البريطانية، وخرجت في احتجاجات تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتقول الحركة التي تنشط في أكثر من عاصمة غربية وترفع شعار "ليس باسمنا" إنها ترفض أن ترتكب إسرائيل جرائمها بحق الفلسطينيين باسم اليهود من خلال احتكار تمثيل هويتهم الدينية والثقافية.
ويمثل هذا التوجه تحولا في مزاج الرأي العام اليهودي خاصة في الدول الغربية، حيث يتسع هامش حرية الرأي والتعبير، وينشأ جيل جديد من الجاليات اليهودية أكثر انفتاحا، ويتعرف على سردية أخرى للصراع عبر قنوات مختلفة مغايرة للرواية التي تروجها إسرائيل والحكومات الداعمة لسياساتها.
خلط متعمدلكن إشهار المسؤولين الإسرائيليين تهمة معاداة السامية في وجه كل منتقد لإسرائيل يعيد الجدل بشأن ضرورة رسم حد فاصل بين رفض الصهيونية ومعاداة السامية، خصوصا بعد اتهام إسرائيل مسؤولين أمميين انتقدوا العملية العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع بمعاداة السامية، وهو خطاب رأى فيه البعض خلطا متعمدا بين معاداة السامية كممارسة عنصرية تمييزية ضد اليهود بسبب هويتهم الدينية، وبين انتقاد إسرائيل والمشروع الصهيوني الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية.
وعاشت الساحة البريطانية على وقع هذا الخلاف أكثر من مرة، حيث تجدد مع ارتفاع أصوات منتقدة لتعاطي حزب العمال مع ما وصفت بأنها "تصريحات معادية للسامية" أدلى بها بعض عناصره تعليقا على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وتحميلهم إسرائيل مسؤولية أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث بادرت قيادة الحزب لسحب دعمها لمرشحيْن انتخابيين بسبب آرائهما الناقدة للاحتلال.
في حين يحذر تيار داخل الحزب من أن تهمة "معاداة السامية" أصبحت مسوغا لحماية إسرائيل من المساءلة، وذريعة لمنع محاسبتها على السياسات التمييزية ضد الفلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معاداة السامیة الرأی العام الیهودیة فی قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
اعتقال حاخامات يهود خلال احتجاجات في واشنطن ونيويورك للمطالبة بإنهاء حصار غزة
احتجزت السلطات الأميركية عشرات الحاخامات اليهود أثناء احتجاجات نظموها في واشنطن ونيويورك للمطالبة بإنهاء الحصار على قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية. اعلان
اعتقلت السلطات الأميركية عشرات الحاخامات اليهود المنتمين إلى التيار اليساري في كل من واشنطن ونيويورك، خلال مشاركتهم في احتجاجات نظّموها للمطالبة بتقديم مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة وإنهاء الحصار المفروض عليه.
اعتصام داخل مكتب زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخفي العاصمة واشنطن، نظّم الحاخامات اعتصامًا داخل مكتب السيناتور الجمهوري جون ثيون، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، حيث اقتحمت مجموعة مؤلفة من 27 حاخامًا، تابعين لمنظمة "اليهود من أجل المساعدات الغذائية لشعب غزة"، المكتب في الساعة 11:10 صباحًا، رافعين لافتات كُتب عليها: "الحاخامات يقولون: احموا الحياة!" و"الحاخامات يقولون: أوقفوا الحصار".
وخلال الاعتصام، صرّحت إحدى المشاركات بأنهم يطالبون المسؤولين المنتخبين باتخاذ إجراءات فورية لإنهاء المجاعة التي تطال المدنيين في غزة، بمن فيهم الفلسطينيون والرهائن الإسرائيليون. كما قرأ اثنان من الحاخامات مقطعًا من "مراثي إرميا" المرتبط بحصار أورشليم القديمة، وترجما العبارة: "الأطفال الصغار يستجدون الخبز، ولا أحد يعطيهم كسرة". واختتموا الإنشاد بترتيل المزمور الثالث والعشرين، الذي يُستخدم عادة في الجنازات اليهودية، قبل أن تتدخل شرطة الكابيتول وتقوم باعتقالهم.
الحاخامة أليسا وايز، المديرة المؤسسة لمنظمة "الحاخامات من أجل وقف إطلاق النار"، أكدت في بيان أن ما يحدث "يتعلق بالحياة والموت"، مضيفة أن مسؤوليتهم الروحية كيهود وحاخامات تفرض عليهم حماية كل الأرواح. وقالت: "كل حياة مقدسة، لكن الأرواح الفلسطينية لا يُنظر إليها كذلك، وهذه وصمة عار على ضميرنا الإنساني الجماعي".
اعتقالات في نيويوركوفي اليوم السابق، كانت السلطات قد اعتقلت ثمانية حاخامات في نيويورك خلال احتجاج نُظم أمام القنصلية الإسرائيلية بمشاركة منظمتي "T’ruah" و"New York Jewish Agenda"، حيث دعا المتظاهرون إلى زيادة المساعدات إلى غزة، ووقف الحرب، وإعادة جميع الرهائن. وقد احتُجز الحاخامات في سجن بمنطقة مانهاتن لأكثر من ساعتين قبل الإفراج عنهم.
الحاخام إيفان تريلور، الذي شارك في احتجاج نيويورك، كتب عبر حسابه على إنستغرام: "أنا بخير، وسأواصل التحدث والعمل من أجل إنهاء المجاعة في غزة، وإعادة الرهائن، وإنهاء الحرب، وتحقيق العدالة والسلام الحقيقي لكل الناس في إسرائيل وفلسطين".
Related "ميلانيا تأثرت".. ترامب عن نقل سكان غزة ومراكز توزيع الطعام وعن المهلة المعطاة لبوتينالديمقراطيون يضغطون على إدارة ترامب لبذل جهود "واسعة النطاق" لمعالجة أزمة الجوع في غزة"غزة جزء لا يتجزأ من إسرائيل".. دعوة صريحة من سموتريتش لإعادة احتلال القطاع امتداد للاحتجاجات اليهودية خلال الحرب على غزةوتعيد هذه التحركات إلى الأذهان الاحتجاجات التي نظمها حاخامات ويهود أميركيون خلال العام الأول من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، والتي طالبت حينها بوقف إطلاق النار. وكان عدد من الحاخامات المعتقلين من بين المشاركين في تلك الفعاليات.
وتأتي هذه الموجة من الاحتجاجات في ظل تصاعد الدعوات داخل الأوساط اليهودية الأميركية لإنهاء الحرب وإغاثة المدنيين في غزة، حيث وقّع خلال الشهرين الماضيين أكثر من 23,500 يهودي أميركي – بينهم أكثر من 750 حاخامًا وأكثر من 100 كنيس ومنظمة دينية – على بيان بعنوان "اليهود من أجل المساعدات الغذائية لشعب غزة".
كما وقّع أكثر من ألف حاخام حول العالم خلال هذا الأسبوع على رسالة مفتوحة تطالب الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن استخدام "المجاعة كسلاح في الحرب" – وهو اتهام ترفضه إسرائيل بشكل قاطع.
تدهور الوضع الانساني في غزةفي سياق متصل، تتسارع المؤشرات الإنسانية في قطاع غزة نحو التدهور الحاد، مع تسجيل حالات وفاة نتيجة سوء التغذية، وقد حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من "خطر وشيك" يتهدد نحو 40 ألف رضيع فلسطيني نتيجة استمرار منع إدخال حليب الأطفال. واعتبر أن المأساة لم تعد مرتبطة فقط بمحدودية المساعدات، بل بسياسة ممنهجة تعتمدها إسرائيل لتجويع المدنيين، وسط صمت دولي مطبق.
من جهتها، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن جميع سكان قطاع غزة يعانون من الجوع، معتبرة أن الأطفال هم الفئة "الأكثر تضررًا" بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد. وقالت المنظمة إن الوضع الغذائي المتدهور يشكّل تهديدًا وجوديًا للأطفال في القطاع.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة