لغة السياسة بين الأمس واليوم
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
بعيداً عن هبوط المضمون، فإن قراءة لغة الخلاف السياسي هذه الأيام تكشف عن انهيار فكري شامل يكتب فيه المثقفون المفترضون بنفس الطريقة التي يصرخ بها فتوة في أزقة مظلمة ويهدد المارة بلغة مستنقعات.
تراجعت اللغة السياسية إلى مستويات خطيرة الإنخفاض. فقط قارن لغة الخلاف السياسي اليوم بأناقة ولياقة الهجمات المتبادلة في ماض قريب بين خصمين فكريين من أعلام الكتابة السودانية: منصور خالد وعبد الله علي إبراهيم.
في كتابه القيم “ومنصور خالد” نكت الدكتور عبد الله علي إبراهيم عمل منصور بجريدة “الناس” التابلويدية وذكر انها أسسها عميل مخابرات اجنبية معروف وذكر ان منصور كان يكتب فيها من غير ان يظهر اسمه ككاتب المقال وان منصور حذف عمله بتلك الصحيفة من سيرته الذاتية. وقال عبد الله ان منصور هو “حادي البرجوازية الصغيرة وحامل فانوسها”.
ولاحقا رد منصور وذكر انه فعلا كتب بجريدة الناس كما ذكر “كاتب ذو حظ عظيم من الادب ومن قلته”.
اعترف كل من عبد الله ومنصور بالإنجازات الفكرية العظيمة التي حققها الآخر ثم هاجمه بلغة مهذبة وبليغة ومسلية – لغة لا تساوم ولكنها منضبطة تترفع عن الابتذال والبذاءة والشتيمة المجانية التي لا تصعب علي أي فتوة أو قاطع طريق.
قارن أناقة رد منصور بلغة هجمات أبطال الديمقراطية المدنية أم كدمول.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
كرة القدم تحت رحمة السياسة.. أمريكا تفرض حظرًا على سفر 12 دولة قبل المونديال
أزمة مشاركة إيران في كأس العالم 2026 تكشف مرة أخرى كيف تُستخدم الرياضة كساحة للصراع السياسي، وكيف يمكن لقرارات سيادية أن تهدد أكبر حدث رياضي في الكوكب ، فالقرار الأميركي بحظر السفر على مواطني 12 دولة ليس وليد اللحظة، لكنه جاء ضمن سياق سياسي متشابك يرتبط بتوترات إقليمية ودولية ممتدة.
هذه الأزمة تُعيد إلى الواجهة السؤال الأهم: هل الرياضة فعلاً بعيدة عن السياسة؟ الواقع يقول إن كرة القدم أصبحت جزءاً من القوة الناعمة للدول، وأي قرار يمس المنتخبات يُقرأ دائماً ضمن الحسابات الجيوسياسية، وهذا ما يحدث مع إيران اليوم.
تحليل الأزمة يكشف كذلك أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات حفاظاً على سمعتها أمام المجتمع الرياضي الدولي ، فاستضافة المونديال تتطلب ضمان "الحياد الكامل" في التعامل مع جميع الدول، وهو ما تراه إيران غير متحقق حالياً.
كما يبرز الدور المفترض للفيفا في إدارة الصراع، خصوصاً أنه المنظمة الوحيدة القادرة على فرض حلول ملزمة، سواء عبر ضمانات رسمية من الدولة المستضيفة أو عبر نقل بعض فعاليات البطولة خارج الأراضي الأميركية، وهو أمر حدث سابقاً في بطولات أخرى.
الأزمة أيضاً تعكس هشاشة الاتفاقات الرياضية عندما تتداخل مع السياسات الداخلية، فقرارات الهجرة الأميركية تم تمريرها بدوافع سياسية داخلية، لكنها أثّرت على ملف دولي ضخم يحضره أكثر من 200 دولة.
وفي النهاية، قد تكون أزمة إيران مجرد بداية لسلسلة أزمات مشابهة إذا لم تُوضع آليات واضحة تضمن عدم خضوع البطولات الكبرى لتقلبات السياسة. فالعالم اليوم أكثر انقساماً، وأي حدث عالمي، مهما كان رياضياً، قد يقع في مرمى التجاذبات.