سرايا - “النصر المطلق”، كما يبدو، هو المعادل "الإسرائيلي" لـ “الكأس المقدسة” في أسطورة الملك آرثر. فنجان مفقود ومقدس ومسحور، قد يمنح من يعثر عليه قدراً كبيراً من القوة والثروة والكرامة والهيبة. في حالة "إسرائيل"، الكثير من أعضاء الكنيست الذليلين الذين سيثبتون مؤخراتهم بالكراسي.

الجميع يبحثون عنه: الجيش والحكومة، القوائم والأحزاب، اليمينيون والأكثر يمينية، متهمون ومشبوهون.

يبحثون ولا يجدون. قبل حوالي خمسة أشهر، أوشك أن يكون في متناول اليد. ولكنهم، بسبب الكسل، أبعدوه.

كان هذا في 8 تشرين الأول، غداة يوم أعمال الشغب في بلدات الغلاف (ربما بدأ مساء 7 تشرين الأول). هبت "إسرائيل" للحرب. ليس ضد رجال حماس الغزاة فحسب، بل الحرب الشاملة. المتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الروبوت الببغاء، أعلن في ذلك اليوم عن “آلاف الجرحى في غزة… تمت مهاجمة 426 هدفاً، ونفقاً، وبنية تحتية عسكرية، و10 مبان إرهابية (كما جاء في المصدر) ذات عشرة طوابق” وإلخ من الضربات. وبدأ سلاح الجو في ذاك اليوم بالحاق الدمار والقتل ولم يتوقف عن العمل حتى الآن.

هكذا، في يوم ونصف، بدون ذرة من الإعداد والتخطيط، أو ذرة من فهم الهدف ومسار الخروج، انطلقت "إسرائيل" إلى حرب شعواء. بأوامر من عصارات المعدة وغدد الاحترام والأنا المثقبة والعورة التي كشفت. أي دولة عقلانية لم تكن لتنطلق نحو الحرب على هذا النحو. هكذا يخرجون لاحتفال “عليهم” منفلت العقال.

في 9 تشرين الأول، أعلن الوزير غالنت عن “حصار مطلق”، لا مياه ولا غذاء ولا كهرباء ولا دواء. كانت هي اللحظة التي فقدنا فيها “النصر المطلق”.

لو أظهرت "إسرائيل" قدراً ضئيلاً من العقل السليم، لسيطرت على غريزتها الثائرة، وتعلمت ضبط النفس من غولدا مئير بعد قتل الرياضيين في ميونيخ، ومن الرئيس الأمريكي بعد عمليات التوائم، وحتى من الإيرانيين الذين يردون باقتضاب “سنرد في الوقت والمكان المناسبين” بعد كل خدعة أو إحباط ترميه "إسرائيل" في وجههم.

لو تصرفت "إسرائيل" بهذا الشكل لوجدت نفسها في الموقف الذي تحبه، موقف الضحية، والمطارد، والمسكين، من أجل التغيير، ومن أجل درجة كبيرة من العدالة. العالم كله كان عندها سيتألم لألمها ويغرقها بالحب، ويدعوها إلى مسابقة الأورفيجين ويحترمها. وبقيت حماس بصورة الشر المطلق، و "إسرائيل" الخير المطلق.

لكن "إسرائيل" لم تتحلّ بالعقل السليم النشط. تغلبت غرائزها عليها مرة أخرى. كان من المهم أكثر أن تُغلب “الأنا” وتخفي الفشل وترضي الجمهور الغاضب بوجبة دسمة من الانتقام. لا يمكن أن ببنى “النصر المطلق” بهذا، إنما يبنون “العار”.

كلما ازداد ارتفاع جبل جثث الفلسطينيين وأكوام أنقاض بيوتهم، ارتفعت علامة العار وترسخت على جبين "إسرائيل".

وعندما وصلنا إلى عشرات آلاف الضحايا، نصفهم وأكثر من النساء والأطفال، انضمت "إسرائيل" بشرف إلى نادي الدول المنبوذة. وأصبحت هدفاً للغضب والمظاهرات والعقوبات في الدول التي من غير اللائق أن نشاهد بصحبتها.

“النصر المطلق” (في الحقيقة أي نصر) لم يعد بالإمكان الحلم به، ليس من قوة الشر، بل من عمق الغباء. وذروة القبح هي أن “دولة اليهود”، الدولة التي غضبت لسنوات على العالم المتوحش الذي صمت في حينه، في تلك الأيام السيئة، تطلب الآن وبصوت مرتفع من العالم الثرثار أن يصمت وألا يتدخل في عملنا.


القدس العربي
إقرأ أيضاً : حزب الله سيستخدم "أوراقه المستورة" في حال أساءت "تل أبيب" التقديرإقرأ أيضاً : الرئيس البرازيلي يرد على اتهامه بالحديث عن "المحرقة" لدى انتقاده "إسرائيل" بشأن غزةإقرأ أيضاً : واشنطن تمهل "إسرائيل" أسبوعين وتلّوح بوقف الأسلحة


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الاحتلال اليوم اليوم العمل الرئيس العالم جبل الدولة العالم العالم العالم اليوم الدولة الله العمل القدس الاحتلال الجميع جبل الرئيس النصر المطلق

إقرأ أيضاً:

بعد اجتماعه بحزب الشعوب الديمقراطية.. أوجلان: عملية السلام دخلت مرحلة جديدة

بعد اجتماعه بحزب الشعوب الديمقراطية.. أوجلان: عملية السلام دخلت مرحلة جديدة

مقالات مشابهة

  • 4 أسباب بارزة.. لماذا سيطر الفشل على الدول التي دخلتها إيران؟
  • إطلاق حملة لترميم الجبال التي احترقت باللاذقية ووزير الطوارئ يشكر الدول المشاركة في إخماد الحرائق
  • الصفدي يؤكد ضرورة وقف إسرائيل كل الخطوات اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين
  • نتنياهو والنصر المطلق في غزة!
  • NYT: ثمن انتصارات نتنياهو هو تحويل إسرائيل لدولة منبوذة قادتها ملاحقون
  • ترامب: سنفرض رسوم إضافية على الدول التي تتبنى سياسات مجموعة بريكس
  • النصر يودع سارة خالد بعد 3 مواسم مع الفريق
  • الأولى منذ وقف إطلاق النار مع إيران.. ما الأهداف الحوثية التي ضربتها إسرائيل؟
  • بعد اجتماعه بحزب الشعوب الديمقراطية.. أوجلان: عملية السلام دخلت مرحلة جديدة
  • مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية تطلق نادي الأبطال: برنامج العضوية الجديد للأبطال المتوجين