لا شك أن هواية الولايات المتحدة المفضلة هي شنّ الحروب حتى تبدو وكأن آخرين بدأوها.

فقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية، في الحرب العالمية الثانية، حظرا نفطيا خانقا على اليابان، ما اضطر الأخيرة أن تشن حرب من أجل الوصول إلى الموارد الحيوية.

إقرأ المزيد الأنغلوساكسون يستعدون لتفجير قنبلتين قرب روسيا قبل الانتخابات الرئاسية

فرضت مولدوفا، يناير الماضي، وقبلها أوكرانيا، حصارا على جمهورية بريدنيستروفيه غير المعترف بها.

على المدى المتوسط، فإن الوضع بالنسبة لبريدنيستروفيه وروسيا ميؤوس منه، ولا تستطيع روسيا حاليا فكّ الحصار عن الجمهورية.

هناك أيضا أذربيجان وأرمينيا، التي تسلّحها وتشجّعها فرنسا، فيما يدفع الغرب بنشاط هذين البلدين نحو حرب جديدة، استنادا إلى حقيقة أن إيران سوف تضطر إلى التدخل في هذا الصراع، ذلك أن إنشاء ممر بين تركيا وأذربيجان (آسيا الوسطى) هو أمر غير مقبول بالنسبة لإيران. وإذا كان الغرب محظوظا، فسوف تنجر روسيا أيضا إلى هذا الصراع.

كذلك نرى، في الوقت نفسه، بوتين يوافق على التخلي مؤقتا عن مدينة خيرسون الروسية رسميا، وبالتالي لا يشكل الاحتلال المؤقت المحتمل لبريدنيستروفيه من قبل مولدوفا، أو الحرب الأذربيجانية الأرمنية الجديدة ورقة رابحة قوية للغاية في أيدي الأمريكيين. لكنها، مع ذلك، أوراق رابحة في يد واشنطن، بما في ذلك كجزء من محاولات تجميد الحرب في أوكرانيا.

  زار رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز أوكرانيا في 15 يناير الماضي، ثم قام رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، التي توسطت بنجاح بين روسيا وأوكرانيا/الغرب، وبعدها بيوم واحد زار زيلينسكي السعودية.

من الواضح أن المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا جارية، لكن المهم هو فحوى هذه المفاوضات ومستوى المطالب الروسية. ولا أعتقد أن بوتين سيغير تلك المطالب ولو بشكل مؤقت لأسباب تكتيكية. وبالحكم خلال تسلسل الزيارات، فقد أحضر بيرنز إلى كييف أمر الاستماع إلى الروس، ثم استمع زيلينسكي، في الرياض، إلى المطالب أو الشروط الروسية من السعوديين. دعونا نراقب سلوك زيلينسكي في الأسابيع المقبلة.

فإذا حدث تجميد مؤقت، رغم أنني لا أعتقد أنه سيحدث فعليا، فإنه سيسمح للولايات المتحدة بالتركيز على انتخاباتها، فضلا عن تركيزها على الوضع في الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، كثيرا ما نسمع آراء وتقارير في الصحافة الغربية تفيد بأن الولايات المتحدة تحاول احتواء إسرائيل، وأنها تخشى بدء حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله وتوسيع رقعة الصراع. في رأيي المتواضع، أن الولايات المتحدة لا تخشى توسيع رقعة الصراع، بل تخشى فقط من مشاركتها المباشرة في هذه الحرب، وهو ما تسعى إليه إسرائيل.

إقرأ المزيد "مؤدلج بوتين" ألكسندر دوغين حالم خطير

أعتقد كذلك أن أحدا لا يشك في أن الولايات المتحدة قد حددت لنفسها بالفعل هدف التعامل مع الصين. ولن تقاتل الولايات المتحدة الصين بشكل مباشر، إلا إذا فشلت الإجراءات الأخرى. كما أنه من الصعب كذلك إثارة صراع عسكري بين الصين وتايوان. لقد انتظرت الصين عقودا من الزمن، وربما تستطيع الانتظار بضع سنوات أخرى.

إن الفرصة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، لإجبار الصين على القتال هي حرمانها من الموارد، وفي المقام الأول النفط. وفوق كل شيء حرمان الصين من نفط الخليج. فقطع الوصول إلى الموارد أمر فعال حتى بدون حرب.

ومن غير المرجح أن تكون العقوبات الغربية الشاملة فعّالة، كما أنه من غير المرجح كذلك أن تنضم الدول العربية إلى تلك العقوبات.  وما تبقى هو حرب إقليمية في الشرق الأوسط، من شأنها أن تغلق المضائق، وتقطع إمدادات نفط الخليج عن الأسواق الخارجية.

وذلك ما يفسر سبب قيام واشنطن، بتوسيع المواجهة مع أنصار الله، بدلا من إجبار إسرائيل على وقف الحرب في غزة، على الرغم من أن بايدن نفسه اعترف بأن العمل العسكري من قبل التحالف الغربي لن يكون قادرا على وقف هجمات الحوثيين.

وسيكون نجاح واشنطن تمكنها من إثارة هجمات الحوثيين على البنى التحتية النفطية السعودية والإماراتية، وإغلاق إيران لمضيق هرمز، وضرب إيران لقواعد عسكرية أمريكية في دول الخليج، مع تورط هذه الدول لاحقا في الحرب مع إيران.

لهذا تحتاج الولايات المتحدة، على أقل تقدير، إلى تصعيد الحرب في البحر الأحمر والحرب في أرمينيا، ومن المستحسن كذلك إضافة استفزازات ضد السفن التجارية المدنية، لا سيما الصينية والروسية، وبالطبع الضربة الإسرائيلية ضد إيران.

كذلك ستسمح المشاركة في حرب الوصول إلى نفط الخليج للدول الأوروبية بالانجرار بشكل أكيد إلى القتال، ما يسهل مشاركتها في التحالف ضد الصين بشكل أكبر.

إلا أن الرائع في مثل هذا الموقف هو أن الولايات المتحدة تستطيع في هذه الحالة شن حرب ضد الصين، ليس من خلال وكيل فحسب، وإنما كذلك من دون تزويد الصين على الإطلاق بمنافس يمكن هزيمته وبالتالي حل المشكلة. سوف يتقاتل أصدقاء الصين هناك فيما بينهم.

إقرأ المزيد احتجاجات المزارعين في أوروبا مرحلة من انهيار الاتحاد الأوروبي وبروفة لثورات الدول النامية

إن الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط لا تضر بقدر ما تفيد الولايات المتحدة، التي ستصبح حينئذ أكبر مورد، إن لم يكن المورد الوحيد للنفط والغاز إلى أوروبا، وتحرم الصين من موارد الطاقة بشكل موثوق. إلا أن القيد الوحيد هنا هو أن مثل هذه الحرب ستشكل صدمة للاقتصاد العالمي، بما في ذلك بالنسبة للولايات المتحدة نفسها. ولكن، إذا كان الاقتصاد مقدر له أن ينهار على أي حال، وهو واقع الحال الراهن، فإن القيام بذلك بطريقة متعمدة وتحت السيطرة سيكون الخيار الأفضل.

كذلك فإن هناك السيناريو الذي ترغب فيه إدارة بايدن في صدمة الولايات المتحدة إذا فقد الديمقراطيون الأمل في البقاء في السلطة في الانتخابات في وقت لاحق من هذا العام. وكما نتذكر، فقد توقع ترامب بالفعل حدوث كساد أسوأ من الكساد الكبير عام 1929، وقال إنه لا يريد أن يصبح نسخة ثانية من الرئيس هربرت هوفر، الذي ورث الانهيار الاقتصادي والصدمة الاجتماعية من سلفه، ومخاوف ترامب تبدو في محلها.

بالتالي، وفي رأيي المتواضع، كل المتطلبات متوفرة لكي نرى حربا إقليمية في الشرق الأوسط هذا العام أو أوائل العام المقبل.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة تطبيق "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف ألكسندر نازاروف الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي البحر الأحمر الجيش الروسي الحرب على غزة الحوثيون العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حزب الله حلف الناتو طوفان الأقصى قطاع غزة مضيق باب المندب مضيق هرمز هجمات إسرائيلية وزارة الدفاع الروسية أن الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط الحرب فی

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط يترقب قرار “أبو صهيب” .. من هو؟

#سواليف

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية في #الشرق_الأوسط ومسؤولين إسرائيليين أن #عزالدين_الحداد ( #أبو_صهيب ) يتولى حاليا قيادة ” #كتائب_القسام” في قطاع #غزة.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العميد إيفي ديفرين، أن الحداد يشغل حاليا موقع القيادة الفعلية لـ”القسام” وحركة حماس بشكل عام في غزة.

وبحسب مصادر أمنية، شارك الحداد، وهو في منتصف الخمسينيات من عمره، في التخطيط لهجوم ” #طوفان_الأقصى ” في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، وأسر قرابة 250 آخرين بينهم جنود. فيما قتل أكثر من 883 جنديا إسرائيليا منذ بدء الهجوم على القطاع. وتشير التقديرات إلى أن الحداد يعارض أي اتفاق يتضمن الإفراج الكامل عن الأسرى الإسرائيليين دون وقف شامل للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

مقالات ذات صلة حرس الثورة: رد إيران على أي عدوان جديد سيكون ساحقاً وبلا خطوط حمر 2025/07/05

كما يشير صعود عز الدين الحداد في هرم القيادة داخل حركة حماس إلى أن الحركة ستتشبث بموقفها الرافض لإطلاق سراح جميع الأسرى دون وقف كامل للحرب. فالعقبة الأساسية أمام التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، كانت ولا تزال، مسألة ديمومة وقف إطلاق النار.

عز الدين الحداد

وبينما تضغط الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة، فإن القرار النهائي بيد عز الدين الحداد،  ويعتقد أن الحداد يعارض بشدة جهود إزاحة حماس من السلطة، ما يشير إلى أنه قد يعرقل أي محاولة للإفراج عن جميع #الأسرى المتبقين ما لم يتوقف القتال بالكامل ويتم سحب القوات الإسرائيلية من غزة.

وقال ميخائيل ميلشتاين، ضابط استخبارات إسرائيلي سابق مختص بالشأن الفلسطيني: “لديه نفس الخطوط الحمراء التي كانت لدى من سبقوه”. ويعتقد أن الحداد يتخذ من غزة مقرا لقيادته، وقد صرح في الأسابيع الأخيرة أنه لن يقبل إلا بـ”اتفاق مشرف” لإنهاء الحرب، وإلا فإنها ستتحول إلى “حرب تحرير أو حرب استشهاد”.

الحداد، المعروف بلقب “أبو صهيب”، يعد من القادة البارزين في الحركة، وكان يشغل منصب قائد منطقة غزة في الجناح العسكري. وهو واحد من آخر من تبقى من أعضاء المجلس العسكري الأعلى لحماس الذي أشرف على الهجوم في 7 أكتوبر.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن نجل الحداد الأكبر، صهيب، قتل خلال الحرب، كما أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في أبريل مقتل محمود أبو حسيرة، الذي وصف بأنه من أقرب مساعدي الحداد.

وفي مقابلة نادرة بثتها قناة “الجزيرة”، ظهر الحداد متحدثا باسم الحركة، مشيرا إلى أن حماس لن تقبل بأي تسوية لا تشمل وقف الحرب، وسحب القوات الإسرائيلية، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ورفع الحصار المفروض على غزة، والسماح ببدء عملية إعادة الإعمار.

وبحسب المسؤولين، يتحدث الحداد العبرية بطلاقة، ويعتقد أنه قضى بعض الوقت مع الإسرى المحتجزين في شمال غزة.

وفي ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث تجاوز عدد القتلى 56 ألفا بحسب وزارة الصحة في غزة، وتدهورت الأوضاع المعيشية بشكل كبير، كثفت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة جهودها لدفع الأطراف إلى قبول مقترح هدنة مبدئية لمدة 60 يوما، تستأنف خلالها المفاوضات بشأن تسوية دائمة. ولم تعلن حماس حتى الآن موقفا نهائيا من المقترح، فيما يواصل الوسطاء مساعيهم لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام للأمم المتحدة يدين روسيا بسبب الهجوم الواسع على أوكرانيا
  • جهود وتحركات دبلوماسية مصرية مُكثفة تنقذ الشرق الأوسط من صراع شامل.. تفاصيل
  • "الأمم المتحدة" تدعو لوقف تام وفوري لإطلاق النار في أوكرانيا
  • إيكونوميست: لماذا لم تغير الحرب الإسرائيلية- الإيرانية الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط يترقب قرار “أبو صهيب” .. من هو؟
  • ميلوني تزعم أن الولايات المتحدة لم توقف إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا
  • تقرير ألماني يسلط الضوء على مخاطر حروب الشرق الأوسط وتهديدها لكنوز التاريخ
  • بوتين لترمب: لن نتخلى عن أهدافنا في أوكرانيا وندعو لتسوية نزاعات الشرق الأوسط دبلوماسياً
  • أكسيوس: الجيش الأمريكي غير قادر على الانسحاب من الشرق الأوسط
  • نائب وزير الخارجية يستعرض العلاقات الثنائية مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا