طالب الأمين العام لحزب العمال البلجيكي بيتر ميرتنز المجتمع الدولي بتعريف إسرائيل على أنها قوة استعمارية، ودولة فصل عنصري، وقوة احتلال، مؤكدا ضرورة تفكيك المجتمع الدولي هذه العناصر "لأنه لا مستقبل للمنطقة من دون تفكيك هذه العناصر الثلاثة".

وفي تصريحات للجزيرة نت، اعتبر ميرتنز ما يجري في قطاع غزة "أول حرب إبادة جماعية، مستمرة منذ أكثر من 4 أشهر على الهواء مباشرة، وعلى شاشات التلفزيون" مضيفا أن الوضع في غزة أصبح "غير إنساني وغير قابل للعيش، وأن القصف الإسرائيلي دمر كل البنية التحتية هناك".

واستنكر ميرتنز مطالبة البعض للنازحين في رفح البالغ عددهم 1.4 مليون نسمة بالعودة إلى الشمال، موضحا أنه لا توجد حياة هناك بسبب اتباع إسرائيل سياسة التجويع، وتدمير المرافق الصحية وتخريب مستقبل التعليم، وقصف المدارس والجامعات مقرونة بسياسة ممنهجة لتدمير التاريخ الفلسطيني.

وأضاف أن إسرائيل استهدفت أيضا تدمير المراكز الثقافية والمتاحف والمكتبات، وكل ما يشير إلى التراث الثقافي للفلسطينيين وفلسطين في غزة، مشيرا إلى انتشار مقاطع فيديو لبعض المستوطنين يهاجمون قوافل المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة.

تواطؤ غربي

وقال السياسي البلجيكي إنه لا يجد تفسيرا للسبب الذي يجعل إسرائيل تفلت دائما من العقاب على الجرائم التي ترتكبها طوال 75 عاما من الاستعمار والاحتلال والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. مضيفا أنه كان حاضرا في جلسات محكمة العدل الدولية التي استقبلت الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام المحكمة.

كما اعتبر أن بريتوريا نجحت في جلب الاهتمام الدولي إلى لاهاي، وكانت دعواها عملية، واستندت إلى حقائق ومستندات موثقة لجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة. وطالبت إسرائيل بضرورة الالتزام بقرار الأمم المتحدة الصادر في عام 1980 والقاضي بإعادة جميع الأراضي المحتلة لأهلها الفلسطينيين، مذكرا بأنها لم تنفذ القرار ولم تتعرض لأي إجراء أو عقوبة.

وأضاف أن حكومة بنيامين نتنياهو ترسم خططا لمزيد من الاستعمار، أو على الأقل لتطوير هيكل احتلال عسكري كامل مرة أخرى في غزة، كما اتهم الولايات المتحدة وأوروبا بالتواطؤ والنفاق فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل، مشيرا إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين أوروبا وإسرائيل ما زالت سارية، وأن كل المعرفة التكنولوجية في أوروبا تذهب إلى الجيش الإسرائيلي.

وطالب ميرتنز بفرض حظر شامل لتصدير الأسلحة أو مرورها على الأراضي البلجيكية والأوروبية نحو تل أبيب، إضافة إلى حصار اقتصادي على إسرائيل أسوة بالخطوات التي اتخذتها أوروبا خلال شهر واحد تجاه روسيا حينما هاجمت أوكرانيا.

حق المقاومة

وحول بعض الآراء التي تتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ببداية الحرب دعا ميرتنز إلى تذكر أن سياسة الاحتلال واستعمار الأراضي والفصل العنصري تتبعها تل أبيب بدأت منذ 75 عاما، وتساءل "هل تظن إسرائيل أنها تستطيع قمع الشعب الفلسطيني إلى الأبد؟ بالتأكيد لا، ولا بد أن تكون هناك ردة فعل تجاه الاستعمار والاحتلال، خصوصا أن حق المقاومة معترف به أمام الأمم المتحدة".

وحذر ميرتنز إسرائيل من استفزاز المسلمين خلال شهر رمضان، وقال إن انقياد حكومة تل أبيب وراء المتطرفين الإسرائيليين هو سبب الحرب الدائرة الآن، مؤكدا أن "للإيمان مكانا عميقا في القلب لا يحتمل الاستفزاز، خصوصا أن من الفلسطينيين من فقد زوجته أو منزله أو عائلته، وكل حياته وتبقى له دينه وإيمانه فقط، فمن يحاول أن يستفزه في هذه الناحية يهدف إلى إثارة المزيد من المقاومة بالتأكيد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: الفيزياء.. لغة المستقبل وجسر الحضارات

في قلب الصحراء التي شهدت ولادة أكبر تحولات الطاقة في القرن العشرين، استقبلت الظهران مؤخرا تحولا آخر، قد لا يقل تأثيرا عن اكتشاف النفط؛ إنه تحول تنتجه العقول الشابة، تشعله أفكار تأبى الحدود، وتكرسه إرادة أمة اختارت أن تكون جسرا بين الماضي والمستقبل. هنا، تحت سماء المملكة العربية السعودية، حيث يلتقي تراث الحضارات بآفاق العلم اللامتناهية، أنطلق أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025، حاملا رسالة مفادها أن الطاقة الحقيقية ليست تحت الأرض، لكن في العقول التي تفكر.  

  
استضافة المملكة العربية السعودية لهذا المحفل العلمي الدولي تتويج لمسيرة بدأت قبل ربع قرن، حين قررت دول آسيا أن تنشئ أولمبيادا خاصا بفيزياء المستقبل، فجاءت النسخة الأولى في إندونيسيا عام 1999، بمشاركة 12 دولة. اليوم، بعد 25 عاما، يصل الأولمبياد إلى الشرق الأوسط لأول مرة، حاملا معه 240 طالبا من 30 دولة، وكأنما يقول العالم: إن الفيزياء لغة لا تعترف بالحواجز، وأن التنافس في ميادينها ليس سوى محبة مشتركة للكون وأسراره.  


هذه الاستضافة ليست مفاجئة لمن يتابع مسيرة السعودية في السنوات الأخيرة؛ فمنذ إطلاق رؤية 2030، تحولت المملكة من دولة تدير ثروات الأرض إلى دولة تستثمر في ثروات العقول، وهو ما تؤكده مؤسسة "موهبة" التي حولت اكتشاف المواهب إلى نظام مؤسسي قادر على صناعة إنجازات دولية، مثل الـ16 ميدالية التي حققها الطلاب السعوديون في الأولمبياد منذ 2012.  


إلا أن السؤال الأعمق يبقى: كيف نصنع من الفيزياء فلسفة حياة؟ هنا يبرز التحدي: كيف تحافظ على هويتك بينما تسبح في محيط العولمة؟ الإجابة تكمن في "موهبة"، المؤسسة التي حولت المواهب المحلية إلى نجوم عالمية. إنها معادلة السعودية الجديدة: ألا تكون تابعًا، ولا منعزلاً، إنما جسرًا بين الحضارات.

عندما تلتقي الثقافة بالفيزياء  
ليس غريبا أن يفتتح الأولمبياد بعرض للتراث السعودي، فالعلم والثقافة توأمان؛ كلاهما يعبران عن هوية الأمم، وكلاهما يقاسمان الأسئلة نفسها: من أين نأتي؟ وإلى أين نذهب؟ وفي هذا الجمع بين الفيزياء والفنون، تكمن إجابة ضمنية: أن التقدم العلمي لا ينفصل عن الجذور، وأن التفوق في معادلات اليوم لا يعني نسيان حكايات الأمس.  
ولعل في اختيار شعار الأولمبياد "معا، نولد طاقة المستقبل" إشارة ذكية إلى التحول السعودي من دولة مصدرة للنفط إلى دولة مصدرة للمعرفة، وهو تحول تقوده شركة أرامكو- الراعي الماسي للحدث - التي باتت نموذجا لتحول شركات الطاقة من الاعتماد على الموارد إلى استثمار العقول، وكأنها تردد مع الفيزيائيين: إن الطاقة لا تفنى، بل تتحول.  
لماذا الفيزياء الآن؟  
في عصر يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي والأسئلة الوجودية عن مصير البشرية، تبرز الفيزياء كعلم قادر على إعادة تشكيل الواقع. فمن خلالها نستطيع فهم التحديات الكبرى: تغير المناخ، ندرة الموارد، مستقبل الطاقة. ولهذا، فإن تنافس الطلاب في حل مشكلاتها النظرية والعملية هو تدريب أكاديمي عملي على قيادة العالم نحو أجوبة قد تنقذه.  
هنا، يذكرنا الدكتور كويك ليونغ تشوان، رئيس الأولمبياد، بأن هذه المسابقة هي "لحظة تاريخية"، ليس لأنها تعقد في الشرق الأوسط فحسب، بل لأنها تأتي في وقت يحتاج فيه العالم إلى علماء قادرين على رؤية ما وراء النظريات، والتواصل عبر الثقافات.  
رسالة من الظهران إلى العالم  
قد يسأل سائل: ما الذي يريده العالم من السعودية اليوم؟ الإجابة ببساطة: أن تظل جسرا - كما كانت دائما - لكن هذه المرة، جسرا بين شمال العلم وجنوبه، بين شرقه وغربه. فالمملكة، برؤيتها الطموحة، تثبت أن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الوحيد لصناعة مكانة دولية، وأن الفيزياء - بكل تجريدها - قد تكون أصدق تعبير عن واقع نعيشه: كل شيء متحرك، وكل شيء ممكن.  
في الختام، لا ينبغي أن ننسى أن هؤلاء الطلاب الـ240، الذين تنافسوا في اختبارات استغرقت نحو 10 ساعات، هم سفراء دولهم، لكنهم أيضا سفراء عصر جديد، فقد تحولت الصحراء إلى مختبر عالمي، وأصبحت الجامعات السعودية منصات لحوار الحضارات. ربما لن يتذكر التاريخ أسماء الفائزين بالميداليات، لكنه سيتذكر أن الظهران كانت نقطة انطلاق لشيء أكبر: إيمان بأن المستقبل لا يبنى إلا بالعلم، والعلم لا يبنى إلا بالجسور.

طباعة شارك القرن العشرين المملكة العربية السعودية أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025

مقالات مشابهة

  • بعد تسوية دعوى بـ«50 مليون دولار».. فضيحة عنصرية تهز غوغل
  • إسرائيل تُنفذ خطتها للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية
  • باحث سياسي: طرح توزيع إسرائيل لمساعدات غزة أمر عبثي
  • سايكس بيكو.. جريمة مايو التي مزّقت الأمة
  • رويترز : طائرات اليمنية التي استهدفتها إسرائيل لم يكن مؤمناً عليها 
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • مسؤول أمريكي: هناك عمل دبلوماسي يتعين لإجبار الحوثيين على وقف مهاجمة إسرائيل ونسعى لتوسيع الاتفاق معهم
  • رئيس شين فين الأيرلندي يطالب بحظر الأسلحة وعقوبات شاملة على إسرائيل
  • ترامب يطالب بعودة روسيا لكأس العالم
  • عبد السلام فاروق يكتب: الفيزياء.. لغة المستقبل وجسر الحضارات