رئاسة مصرية واستضافة سعودية.. انعقاد أعمال المؤتمر السنوي الثالث لشبكة المنافسة العربية
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
انطلقت فعاليات المؤتمر السنوي الثالث لشبكة المنافسة العربية، برئاسة جمهورية مصر العربية؛ حيث تولى الدكتور محمود ممتاز –رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري- رئاسة أعمال المؤتمر باعتباره رئيسًا لشبكة المنافسة العربية، وذلك بحضور رؤساء وممثلي أجهزة المنافسة بالدول العربية أعضاء الشبكة وعدد من الخبراء وممثلي المؤسسات الدولية، والذي استضافته المملكة العربية السعودية هذا العام.
وتم إطلاق وتدشين شبكة المنافسة العربية Arab Competition Network (ACN)، وعقد مؤتمرها الأول في شهر مارس 2022، بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، وتم اختيار مصر لتولي رئاستها لمدة عامين.
وخلال كلمته الافتتاحية رحب الدكتور محمود ممتاز –رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري ورئيس شبكة المنافسة العربية- بجميع الحاضرين والمشاركين من رؤساء وممثلي أجهزة المنافسة بالدول العربية والخبراء من المؤسسات الدولية المختلفة، مؤكدًا أن شبكة المنافسة العربية أضحت منصة ومساحة حقيقية عززت من التواصل بين الدول الأعضاء فيما يتعلق بالإنفاذ الفعال لسياسات وقوانين المنافسة، وعرض أبرز القضايا والقرارات والدراسات التي عملت عليها كل دولة على حدة خلال الفترة الماضية وأساليب التحقيقات للكشف عن المخالفات مما يسهم في تبادل المعرفة والخبرات.
وأضاف الدكتور محمود ممتاز، أنه خلال السنوات القليلة الماضية يمر العالم بأحداث ومتغيرات جيوسياسية أثرت بشكل مباشر على كافة الدول ومن بينها اقتصاديات دولنا العربية، وزادت الصعوبات والتحديات في وجه عمليات التبادل التجاري بين الدول وظهرت بالتبعية بعض الجماعات التي تحاول استغلال تلك الأزمات لمصالحها حيث تأثير العديد من الأسواق والقطاعات والشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يتطلب منا نحن أجهزة المنافسة بذل المزيد من الجهود لمكافحة أية ممارسات احتكارية تزيد من التأثيرات السلبية لتلك الأزمات.
واستعرض رئيس جهاز حماية المنافسة ورئيس شبكة المنافسة العربية، ما تم إنجازه وتنفيذه من أعمال على مدار العامين الماضيين لتحقيق رؤية ورسالة وأهداف الشبكة من لقاءات دورية، وأبحاث مشتركة، وبرامج التدريب وبناء القدرات، وتبادل المعرفة، حيث تم التنفيذ بالتوازي ومن خلال خطط سنوية لمجموعات العمل بالشبكة الخاصة بالاندماجات والاستحواذات، وإنفاذ قوانين حماية المنافسة، والكفاءة المؤسسية، مشيرًا إلى أنه تم عقد والمشاركة في أكثر من 30 ورشة عمل ودورة تدريبية ومؤتمرات وفعاليات سواء بين الدول أعضاء الشبكة أو بالمشاركة مع المؤسسات والتكتلات الدولية، وعلى جانب آخر تمكنت الفرق الفنية المشتركة من إصدار الإرشادات الخاصة بالهيكل المؤسسي لسلطات المنافسة والكفاءة المؤسسية، لتكون مرجعية لسلطات المنافسة خاصة حديثة النشء.
كما صدرت مجموعة من الأوراق البحثية أبرزها حول الرقابة على التركزات الاقتصادية، والتواطؤ في العمليات التعاقدية، وفاعلية التدابير السلوكية، وإنفاذ قانون المنافسة فيما يخص اتفاقات تحديد سعر إعادة البيع، وكتيب بأهم الأسئلة وأجوبتها فيما يخص نظام الرقابة المسبقة على التركزات الاقتصادية وغيرها من الإصدارات والأوراق البحثية المتاحة للجميع للاطلاع عليها ولتكون مرجعية للجميع من عاملين بمجال سياسات المنافسة وأكاديميين وغيرهم.
وأكد أنه لم يكن الحرص فقط على الحاضر وقضاياه ولكن جاءت النظرة للمستقبل وكيفية مواجهة أية ممارسات احتكارية تضر بمستقبل اقتصاديات دولنا العربية، والتي لا يمكن مواجهتها إلا بكوادر بشرية مؤهلة ومدربة فجاء الاتفاق والموافقة على إطلاق نموذج محاكاة سلطات المنافسة العربية والذي عقد على مدار العامين الماضيين وشهد تفاعلًا واسعًا من قبل الجامعات بالدول الأعضاء وإقبالًا كبيرًا من الطلاب العرب الدارسين للاقتصاد والقانون. وتم تدريبهم ليكونوا نَواة لإعداد الكوادر العربية المدربة والمؤهلة للعمل في هذا المجال.
واختتم الدكتور محمود ممتاز كلمته بقوله "تُؤمن قيادات دولنا العربية بأهمية وضرورة التكامل الاقتصادي بالمنطقة العربية والتعاون في كافة المجالات من أجل مستقبل أفضل لشعوب منطقتنا العربية، وتحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، وعلينا -نحن المتخصصون في مجال سياسات المنافسة- دورًا كبيرًا للعمل على دعم معايير الشفافية والحَوكمة ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار ومنع الممارسات الاحتكارية وضبط آليات السوق في مختلف القطاعات، وهو ما ينتظره منَّا شعوب دولنا.
وتشهد أعمال المؤتمر الثالث مناقشة العديد من الملفات ذات الصلة بسياسات المنافسة، خاصة تلك التي تعالج قضايا الحاضر كالأسواق الرقمية وكيفية تسخير التقنيات المتطورة لإنفاذ قوانين المنافسة والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا الشأن.
الجدير بالذكر أنه تم اطلاق شبكة المنافسة العربية في مارس 2022 برعاية جامعة الدول العربية بناء على مبادرة مقدمة من جهاز حماية المنافسة المصري لتكون أول شبكة عربية تجمع أجهزة المنافسة بالمنطقة، مما يسمح بإجراء حوار بنَّاء يساعد على الإنفاذ الفعَّال لسياسات وقوانين المنافسة في المنطقة العربية، وفي إطار الحرص على تحقيق التعاون والتكامل بين الدول العربية، وتعزيز التنسيق بينهم في مجال المنافسة؛ من خلال تبادل الخبرات والتجارب وبناء القدرات فيما بينهم، وتقديم الدعم اللازم للدول العربية التي تسعى إلى سن تشريعاتها الخاصة بحماية المنافسة أو تطويرها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شبكة المنافسة العربية رئيس جهاز حماية المنافسة المؤتمر السنوي الثالث لشبكة المنافسة العربية جهاز حمایة المنافسة أجهزة المنافسة الدول العربیة بین الدول
إقرأ أيضاً:
قمة بغداد العربية والحاجة للمّ الشمل العربي !
ليس من المبالغة في شيء القول إن قمة بغداد الرابعة والثلاثين، التي عُقدت في العاصمة العراقية بغداد يوم السبت الماضي، تُشكّل في الواقع علامة بارزة على طريق القمم العربية منذ القمة العربية الأولى في «أنشاص» عام 1946، والقمة العربية عام 1989 في العاصمة العراقية بغداد برئاسة الرئيس العراقي صدام حسين في ذلك الوقت، والتي اتُّخذ فيها قرار مقاطعة مصر ونقل مقر جامعة الدول العربية مؤقتًا من القاهرة إلى تونس، بسبب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ورفض الدول العربية الأعضاء في الجامعة رفع أعلامها الوطنية إلى جانب العلم الإسرائيلي على ضفاف النيل في القاهرة.
وبين عامي 1946 و1989 من ناحية، وعامي 1989 و2025 من ناحية ثانية، مرت أحداث وتطورات عديدة على الدول العربية، وعلى امتداد نحو ثمانين عامًا تقريبًا، جرت تغيّرات لم يكن يتصورها أحد. وآخرها الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشملت كلًا من السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، واختتمها ترامب قبل أيام قليلة باحتفالات غير مسبوقة وبإشادات لم يعهدها قادة المنطقة من جانب الرئيس الأمريكي، والأسباب معروفة ومبررة أيضًا إلى حد كبير في مثل هذه الحالات، في ظل الفجوة الكبيرة بين الدولة الأولى في عالم اليوم (أي الولايات المتحدة)، وبين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأيًا كانت العلاقات بين الدول ومستوياتها، فإنها تحتمل الكثير من المعاني والمجاملات والتقديرات المتبادلة، على أكثر من مستوى، خاصة وأنها تخص القيادات في المقام الأول، ولا تتخطاهم إلى غيرهم في الغالب.
على أية حال، فإن جولة ترامب في الشرق الأوسط أرست في الواقع أساسًا جديدًا ومختلفًا للعلاقات الأمريكية مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والآفاق التي تنتظرها، أو تنتظر بعضها على الأقل، في السنوات القادمة، والتي تبلورت في عدد من الصفقات، تم الإعلان عن بعضها، وسيُعلن عن البعض الآخر خلال الأشهر القادمة، وفق كل حالة على حدة.
أولًا: إن استضافة بغداد للقمة العربية الرابعة والثلاثين تأتي في وقت بالغ الأهمية على المستويين الفردي والجماعي العربي، وهو ما تجسّد في الجدل حول مشاركة سوريا في القمة، ومعارضة بعض النواب العراقيين لتلك المشاركة، في ضوء أعمال القيادة السورية في السنوات السابقة، والتي حسبها البعض على القيادة، وترتب على ذلك عدم مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في أعمال القمة، وتمثيل وزير الخارجية بلاده في أعمال القمة.
ومن بين أعمال كثيرة، يمكن الإشارة إلى بعضها، وأبرزها ما يلي:
أولًا: أن الظروف العربية في هذه الفترة تتسم بوجه عام بعدم الاستقرار وعدم الهدوء، ثم ترتب على ذلك تقاطع الكثير من المشكلات بين الدول العربية، ووصول بعض الخلافات إلى محكمة العدل الدولية؛ كخلاف الجيش السوداني مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لاتهام الجيش السوداني للإمارات بتسليح قوات الدعم السريع، وهو ما نفته الإمارات، ولم تعترف به، وترتب عليه شطب الدعوى.
ومن جانب آخر، نشبت مواجهات مسلحة بين أكثر من دولة عربية؛ منها على سبيل المثال توتر العلاقات السورية اللبنانية، والعلاقات الأردنية السورية بسبب تهريب المخدرات عبر الحدود، وكذلك تهريب المرتزقة والميليشيات إلى داخل الدول. يُضاف إلى ذلك توتر العلاقات الجزائرية المغربية، والصدامات الداخلية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. هذا فضلًا عن تدخل دول عربية في مشكلات دول عربية أخرى، مما زاد من تعقيدها وعرقلة محاولات حلّها بشكل أو بآخر.
كما لا يمكن تجاهل الخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية، وتعثر جهود الوساطة العربية والدولية، وما يترتب عليه من نتائج مباشرة وغير مباشرة، بالإضافة إلى الصدامات المسلحة بين الميليشيات في ليبيا، وآخرها ما حدث مؤخرًا في طرابلس. وقد أدى كل ذلك إلى مواجهات وتصفية حسابات بين القوى المتصارعة في أكثر من بلد عربي، ثم إلى إضعاف الدول وانحدارها إلى ما يشبه الدول الفاشلة، مما تتحمل الشعوب العربية كلفته في النهاية.
وأمام هذه الأوضاع، كان من الضروري السعي بقوة لعقد القمة العربية، في محاولة للخروج من أكبر قدر ممكن من المشكلات، أو على الأقل التوصل إلى تفاهمات تمهّد للحلول، حتى لو كانت عبر الإطاحة بالنظام القائم، كما حدث في سوريا في ديسمبر الماضي.
ثانيًا: إن تعدد المشكلات والخلافات العربية ترتب عليه تعدد وتنوع مصادر التصعيد، بما يعنيه من قابلية التوسع وامتداد الخلافات وتعقيدها، وعرقلة حلها. ومن ثم، فإن عقد القمة العربية كان أحد السبل الممكنة للبحث عن حلول، وتقريب وجهات النظر، ومحاولة التوصل إلى تفاهمات تُسهم في تخفيف حدة الأزمات. وهذا النوع من التفاهمات غالبًا ما يكون بيد القادة، بما يتيحه لهم من قدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة.
ثالثًا: إن حالة من الاستقطاب شغلت الأطراف العربية، خاصة حول حل القضية الفلسطينية، وحول خيار حل الدولتين، ومقترح ترامب بتهجير سكان غزة إلى دول ومناطق أخرى تتوفر فيها حياة أكثر هدوءًا. وهو ما عارضته الدول العربية بشدة، لمخالفته للقانون الدولي والشرعية الدولية، كما قوبل بالرفض داخل الأمم المتحدة وخارجها.
ورغم أن ترامب عاد مؤخرًا للحديث عن خيار التهجير، فإن الموقف العربي الرافض لا يزال يشكل عائقًا أمام هذا المسار، برغم ما يُشاع عن تقديم إغراءات لتسهيله. ومن المؤكد أن بلورة موقف فلسطيني وعربي مشترك، ستُسهم في دعم خيار حل الدولتين، وهو ما تخشاه إسرائيل بشدة، خاصة بعد تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، ورئيس وزراء إسبانيا، عن احتمال اعتراف بلديهما بالدولة الفلسطينية.
هذا الاعتراف قد يشكل بداية سلسلة من الاعترافات الدولية، في إطار حل الدولتين الذي تسعى إسرائيل لعرقلته بشتى الوسائل. ومن هنا نفهم تصريحات نتنياهو الرافضة لهذا الحل تحت أي ظرف. ومع الوضع في الاعتبار التماسك العربي، والدعم الإقليمي والدولي المتزايد لحل الدولتين، فإن قمة بغداد تزداد أهمية، خاصة مع وجود ميل أمريكي ـ كما يبدو من تصريحات ترامب ـ لتفهم أهمية هذا الحل، والتعامل معه ضمن صفقة شاملة تشمل إطلاق سراح الرهائن، ومنح ترامب لقب «رجل السلام»، وهو ما يتطلع إليه، خصوصًا مع تأكيده عدم الترشح لفترة رئاسية ثالثة.
ومن هنا، فإن تركيز «بيان بغداد» على حل الدولتين، ورفض التهجير، يكتسب أهمية كبيرة في مواجهة أية ضغوط مباشرة أو غير مباشرة. وبرغم محاولات ترامب، فإن حق الشعوب، وخاصة الشعب الفلسطيني، لا يمكن التنازل عنه تحت أي ظرف.