ما إن تهبّ نسائم رمضان مع وصول قطار شعبان إلى محطّته الأخيرة؛ حتّى ترتعش قلوب المحبّين بين يدي اللّقاء وتتزاحم الأفكارُ لجعل الاحتفاء بهذا الحبيب المؤذن بالوصول استثنائيّا.
توضَع البرامج والجداول؛ فلكلٍّ برامجه وجداوله وطريقة احتفائه، ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها، غيرَ أنّ مَن تشبّعوا بالأفكار التي تُرسّخ في قلوبهم كُنه رمضان وفلسفة الصّيام، ومن ارتووا بالأفكار التي تعينهم على التّعامل مع زيارة الحبيب السّريعة؛ هم الأقدر على استثمار الوقت وإنجاز ما هو أعظم وأغلى من البرامج والسلوكيّات المنسجمة مع روح الشّهر الكريم.
وفيما يأتي أربعةُ أفكار يسهم التشبّع بها في أن يكون رمضان مختلفا على الوجه الذي يليق برمضان ومعانيه.
الفكرة الأولى: ادخل رمضان بنفسيّة وعقليّة المتسابِق في المضمار
توضَع البرامج والجداول؛ فلكلٍّ برامجه وجداوله وطريقة احتفائه، ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها، غيرَ أنّ مَن تشبّعوا بالأفكار التي تُرسّخ في قلوبهم كُنه رمضان وفلسفة الصّيام، ومن ارتووا بالأفكار التي تعينهم على التّعامل مع زيارة الحبيب السّريعة؛ هم الأقدر على استثمار الوقت وإنجاز ما هو أعظم وأغلى من البرامج والسلوكيّات المنسجمة مع روح الشّهر الكريم
عادة توجّه نصائح عدّة للمتسابق في سباقات الجري والعدو المختلفة من أهمّها؛ عليك الوصول مبكّرا، وتخيُّل سباقك قبل أن يحدث، والالتزام بما هو مألوف بحيث يمكنك التحكّم به فالسّباق المهمّ ليسَ محلّ تجريب الأمور الجديدة، وعليك أن تركّز عقلك فتمسح منه قبل السّباق كلّ ما ليس له علاقة بالسّباق؛ من مشكلات شخصيّة أو ماليّة أو مسائل تتعلّق بالعمل وكلّ ما يمكنه التشويش عليك وأنت في المضمار، كما أنّه يجب عليك أن تستمرّ في تغيير سرعتك فتزيدها كلّما اقتربت من نهاية المضمار، ولا تنسَ وأنت في المضمار أن تستمتع بالجري فهذا مما يعينك على الفوز.
وهكذا هو رمضان تماما مضمار سباق؛ تنطلق شارته مع أذان مغرب اليوم الأخير من شعبان، وخط نهايته مع أذان مغرب اليوم الأخير منه، والتتويج والتكريم وتسليم الجوائز يوم عيد الفطر، فإذا أردت الفوز فعليك أن تكون في حالة التحفّز والتأهّب للانطلاق في المضمار وقد تشرّبت نفسك بكلّ الصّفات السّابقة التي ينبغي على المتسابق في المضمار أن يتشرّب بها ليفوز في السباق.
وهذا المعنى هو ما عاشه السّلف الصّالح حين قال الحسن البصريّ رحمه الله تعالى: "إنّ الله جعلَ شهر رمضانَ مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته؛ فسبقَ قومٌ ففازوا وتخلّف آخرون فخابوا؛ فالعجب من اللّاعب الضّاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون".
الفكرة الثّانية: اقضِ رمضان بطباع الخيل الأصيلة
الخيل الأصيلة لها مواصفاتها النّفسيّة والاجتماعيّة وكذلك الجسديّة، وهي التي تؤهّلها للفوز بالسّباقات المهمّة؛ ومن أهمّ هذه الطّباع تحمُّل الجري لمسافات طويلة والصّبر على مشقّة الطريق ووعورته؛ ومن طباعها الفريدة أيضا أنّها تشتدّ في السباق بشكلٍ لافتٍ في آخر المضمار، كما أنّ من طباعها أيضا أنّها لا تتقبّل التّغيير المفاجئ في نظامها الغذائيّ من حيث نوعيّات الطّعام وكميّاته، وأيّة تغييرات مفاجئة تتسبّب في عدم قدرتها على خوض السباقات بلياقتها وقدرتها المعهودة.
في رمضان يعينك على أن يكون موسمك مختلفا أن تتحلّى بطباع الخيل الأصيلة فلا ينقطع نَفَسك بعد أيام من بداية السّباق، وأن تشتدّ في العشر الأخير التي هي الشّوط الأخير في المضمار؛ فقد "كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليلَه، وأيقظَ أهله".
وكن كالأصائل في طباعها فلا تغيّر طبيعة طعامك فجأة لأجل السّباق كي لا تخسره؛ وليبق طعامك نوعا وأصنافا وكميّات في رمضان كما كان قبلَه؛ ولله درّ الإمام الغزالي إذ يقول في "إحياء علوم الدّين": "روحُ الصّوم وسرّه تضعيف القُوى التي هي وسائل الشّيطان في العود إلى الشّرور ولن يحصل ذلك إلا بالتّقليل؛ وهو أن يأكل أكلَته التي كان يأكلها كلّ ليلةٍ لو لم يصم، فأمّا إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع بصومه".
الفكرة الثّالثة: تشرَّب نفسيّة وعقليّة التّاجر في رمضان
"رأسُ المال جبان" من أشهر العبارات والقواعد التي يتداولها التجّار وأصحاب رؤوس الأموال، وهي تدلّ على أنّ نفسيّة التّاجر خائفةٌ دوما على رأس المال ولا يمكن لها المخاطرة به في بيئة غير مستقرّة.
في رمضان أنت تبني رأس مالٍ مهمّ من الصّيام والقيام والذّكر وقراءة القرآن وأعمال الخير؛ تعامَل مع رأس مالك هذا بنفسيّة التّاجر ولا تخاطر به في بيئات غير مستقرّة أخلاقيّا، "فإن سابَّكَ أحدٌ أو جهِلَ عليكَ فقل: إنِّي صائمٌ إنِّي صائمٌ" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
بيئة الزّور والانحراف والباطل بأنواعه كلّها بيئة خطيرة على رأس مالك الرّمضانيّ؛ وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذلك فقال: "مَن لم يدَع قولَ الزّور والعمل به والجهل فليسَ لله حاجة أن يدَع طعامه وشرابه".
والتّاجر كذلك حريص أشدّ الحرص على تكثير أرباحه في الأسواق الكبيرة والمعارض الموسميّة، وقد كان السّلف الصّالح يردّدون بعقل التّاجر ونفسيّته "رمضان سوقٌ قامَ ثم انْفَضّ، ربحَ فيه من ربح وخسرَ فيه من خسر".
الفكرة الرّابعة: أقبِل على الصّيام بنفسيّة المقاتل في المعركة
المقاتل في المعركة يكون همّه تحقيق الانتصار على عدوّه وخصومه؛ سواء كان الانتصار بالضّربة القاضية أم بتسجيل النّقاط أم بتحييد العدوّ وإبعاد تأثيره.
كمن أهميّة المعركة في رمضان في بُعدين اثنين؛ الأوّل تحقيق النّصر على النّفس والشّيطان في هذه الجولة من معركة طويلة لا تنتهي إلّا بالموت، والثّاني أنّ رمضان معسكر تدريبيّ حقيقيّ على أصول التعامل مع النفس والشّيطان خلال بقيّة أوقات السّنة خارج رمضان، وهو معسكر تدريبيّ لإعداد الإنسان ليكون مؤهلا لتحمُّل الأمانة الثّقيلة
نفسيّة المقاتل نفسيّةٌ متحفّزة ومتأهّبة دوما، وهي في المعركة نفسيّة مقدامةٌ لأنّ الخطر يتهدد الوجود.
رمضان ساحةُ معركةٍ حقيقيّةٍ مع النّفس من جهةٍ، ومع الشّياطين غير المصفّدة من شياطين الإنس من جهةٍ ثانية.
وتكمن أهميّة المعركة في رمضان في بُعدين اثنين؛ الأوّل تحقيق النّصر على النّفس والشّيطان في هذه الجولة من معركة طويلة لا تنتهي إلّا بالموت، والثّاني أنّ رمضان معسكر تدريبيّ حقيقيّ على أصول التعامل مع النفس والشّيطان خلال بقيّة أوقات السّنة خارج رمضان، وهو معسكر تدريبيّ لإعداد الإنسان ليكون مؤهلا لتحمُّل الأمانة الثّقيلة التي عرضها الله تعالى على السّماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، لكن حملها الإنسان.
وقد عبّر الشّهيد سيّد قطب في الظلال عن هذا المعنى فقال: "الصّوم هو مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة، ومجال اتّصال الإنسان بربّه اتصال طاعةٍ وانقياد؛ كما أنّه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلّها، واحتمال ضغطها وثقلها، إيثارا لما عند الله من الرّضى والمتاع. وهذه كلّها عناصر لازمة في إعداد النّفوس لاحتمال مشقّات الطّريق المفروش بالعقبات والأشواك؛ والذي تتناثر على جوانبه الرغاب والشّهوات؛ والذي تهتف بسالكيه آلاف المغريات".
هذه أربعة أفكار لعلّ في تشرُّبها في النفس والقلب والعقل إسهامٌ في صناعة رمضان مختلف، ومساعدةٌ في تطبيق الجداول والبرامج بطريقة تجعل هذا الشّهر استثنائيّا على الوجه الذي يحبّ ربّنا تعالى ويرضى.
twitter.com/muhammadkhm
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رمضان رمضان دروس الصوم العبادة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معسکر تدریبی فی المضمار فی رمضان نفسی ة
إقرأ أيضاً:
أفكار مميزة لتزيين منزلك بألوان مناسبة لموسم الأعياد
مع اقتراب موسم الأعياد ونهاية عامٍ واستقبال عام جديد، يكتسي المنزل أجواءً دافئة ومفعمة بالفرح، تستحق لمسات تعكس روح الشتاء وسحر الاحتفال. فاختيار الألوان والزينة بعناية يمنح المكان رونقًا خاصًا يجمع بين الأناقة والبهجة، ويحوّل كل زاوية من زوايا المنزل إلى مساحة نابضة بالحياة. ومع أجواء الكريسماس ورأس السنة، تبدأ التحضيرات التي تضيف دفئًا وترحيبًا للبيت، بدءًا من تنسيق الزينة والأغصان والرموز المرتبطة بالميلاد، مرورًا بتزيين شجرة الكريسماس والنوافذ والرفوف، وصولًا إلى الباب الخارجي الذي يعكس روح الأعياد في كل تفاصيل المنزل.
اقرأ ايضاًالاهتمام بهذه التفاصيل الصغيرة يخلق أجواء مليئة بالسعادة والأمل، ويجعل استقبال العام الجديد لحظة مميزة ملؤها الفرح والسلام. ولأنك بالتأكيد تبحثين عن لمسات غير تقليدية تمنح منزلك طابعًا احتفاليًا مميزًا، جمعنا لك مجموعة من أجمل الطرق والألوان لتزيين المنزل بروح العيد، لتنشري البهجة وتضفي على المكان دفئًا وجمالًا لا يُنسى.
1. تحديد لوحة ألوان متناسقة
اختاري مجموعة من الألوان الأساسية لتوحيد طابع الديكور، مثل:
الأحمر مع الذهبيالأبيض مع الفضيالأخضر مع الذهبيالنبيذي مع الوردي الذهبيالتناسق اللوني يجعل الديكور أنيقًا وجذابًا.2. استخدام الشموع والإضاءة الدافئة
شموع معطرة بروائح شتويةسلاسل ضوئية خافتةفوانيس صغيرة موزعة في الأركانهذه الإضاءات تمنح المنزل جوًا مريحًا ودافئًا.
3. إدخال العناصر الطبيعية
أغصان الصنوبر
أكاليل خضراء مزينة بشرائط
أقماع الصنوبر داخل أوعية زجاجية
هذه اللمسات تضيف طابعًا طبيعيًا جميلًا للديكور.
4. تنسيق الوسائد والبطانيات
وسائد مخملية شتوية
بطانيات دافئة بألوان الموسم
نقوش بسيطة تخلق أجواء راقية
تجديد الأقمشة يغيّر شكل الغرفة فورًا.
5. تزيين طاولة الطعام
مفرش بلون محايد
أطباق بلمسات ذهبية أو فضية
شموع وصنوبر في منتصف الطاولة
تبدو الطاولة بهذا الشكل احتفالية وفخمة.
6. إضافة زينة موسمية بسيطة
جوارب كريسماس متناسقةكرات زينة توضع على الأرففمزهريات زجاجية ممتلئة بكرات لامعة تعطي لمحة احتفالية دون مبالغة.7. استخدام قطع ديكور صغيرة
أشجار صغيرة أو بيوت ثلجيةلوحات ترحيبية موسميةسلال تحتوي على بطانيات أو وسائد هذه التفاصيل تمنح المنزل طابعًا دافئًا.8. إنشاء زاوية احتفالية
شجرة صغيرةهدايا مغلفةإضاءة خافتةشموع شتوية9. الحفاظ على توازن الألوان
اعتمدي قاعدة 60% لون أساسي + 30% لون مساعد + 10% لون لامع، للحصول على ديكور متناغم ومتوازن.
10. دمج خامات شتوية فاخرة
المخمل
الصوف
الفرو الناعم
الخشب الطبيعي
هذه الخامات تضيف غنى ودفئًا للمساحات.
كلمات دالة:موسم الأعيادديكور تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضمّتْ إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" عام 2013 كمُحررة قي قسم صحة وجمال بعدَ أن عَملت مُسبقًا كمحُررة في "شركة مكتوب - ياهو". وكان لطاقتها الإيجابية الأثر الأكبر في إثراء الموقع بمحتوى هادف يخدم أسلوب الحياة المتطورة في كل المجالات التي تخص العائلة بشكلٍ عام، والمرأة بشكل خاص، وتعكس مقالاتها نمطاً صحياً من نوع آخر وحياة أكثر إيجابية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن