نيويورك تايمز: أضرار الكابلات تحت البحر الأحمر تعكس مخاوف التهديد الأوسع للصراع في الشرق الأوسط (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الضرر الغامض الذي لحق بكابلات الاتصالات الحيوية تحت البحر الأحمر يثير مخاوف بشأن ما إذا كان الصراع في الشرق الأوسط قد بدأ الآن يهدد الإنترنت العالمي.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن المياه قبالة اليمن تحتوي على ممرات شحن حيوية، فهي أيضًا موقع بالغ الأهمية للكابلات البحرية التي تنقل البريد الإلكتروني وغيره من حركة المرور الرقمية بين آسيا والغرب.
ونقلت الصحيفة عن تيم سترونج، نائب رئيس الأبحاث في شركة TeleGeography، التي تحلل سوق الاتصالات، قوله إن هذه الحزم من الألياف الزجاجية، التي يبلغ سمكها سمك خرطوم حديقة، "مهمة للغاية". "أكثر من 90 بالمائة من حركة الاتصالات بين أوروبا وآسيا تمر عبر هذه الكابلات".
وذكرت أنه في أواخر الشهر الماضي، لاحظت شركة Seacom، وهي شركة متخصصة في توفير الاتصالات للدول الأفريقية، أن البيانات توقفت عن التدفق عبر خطها الذي يمتد من مومباسا، كينيا، عبر البحر الأحمر إلى الزعفرانة في مصر.
"وفي الوقت نفسه، انقطع كابلان يربطان الغرب بالشرق، مما أثر على 25% من حركة المرور عبر المنطقة"، وفقًا لتقدير شركة HGC Global Communications، وهي شركة اتصالات مقرها هونغ كونغ.
وفي مقابلة من مكتبه في جوهانسبرج، قال برينش باداياتشي، كبير مسؤولي العمليات الرقمية والعمليات في شركة Seacom، إن الأضرار التي لحقت بكابل شركته حدثت في قاع البحر الأحمر، في المياه اليمنية على عمق حوالي 650 قدمًا. الكابلان التالفان الآخران موجودان في مكان قريب.
يضيف: ما الذي أدى إلى تعطيل الكابلات لا يزال غير واضح. وتركزت الشكوك حول المتمردين الحوثيين في اليمن، لكن الحوثيين، الذين هاجموا العديد من السفن في المنطقة فيما يقولون إنه تضامن مع الفلسطينيين في غزة خلال الحرب بين إسرائيل وحماس، نفوا مسؤوليتهم.
وقال باداياتشي إن سبب الضرر سيظل مجهولا حتى تتمكن سفينة الإصلاح من سحب السلك لأعلى وفحصه. من بين المرشحين مرساة تجرها سفينة أو اضطراب في قاع البحر أو تخريب. وأضاف: "لن نتمكن من معرفة ذلك إلا بعد أن نرفع الكابل".
وتابع "ثبت أن ترتيب الإصلاحات أمر صعب. وتعمل شركة Seacom مع شركة تدعى E-marine، والتي لديها قوارب في سلطنة عمان المجاورة، لمعالجة المشكلة، لكن السيد بادايشي أقر بأن الوظيفة تتطلب تقييم الوضع السياسي والحصول على تصاريح من اليمن.
وأعرب عن أمله في أن يبدأ العمل في وقت ما من الشهر المقبل.
وفي حين تمكنت شركة Seacom من ترتيب إعادة توجيه معظم حركة المرور على الإنترنت عبر كابلات أخرى، قال السيد باداياتشي إنه غاضب من عدم الاستقرار الإقليمي الذي يعيق جهود الإصلاح. وقال: "نفضل أن تكون لدينا جداول زمنية محددة لا تمليها الأوضاع الجيوسياسية".
وزاد "إن وجود عدد كبير جدًا من الكابلات التي تمر عبر هذه المنطقة المتقلبة يعد أيضًا مصدر قلق. من السهل نسبيًا إتلاف الخطوط الفردية. وفي حين أن الكابلات مدفونة ومدرعة بالقرب من الشاطئ، فإنها في البحر تقع في القاع دون حماية تذكر.
وقدر سترونج أن هناك ما يقرب من 500 كابل تحت البحر على مستوى العالم، ومتوسط 100 انقطاع سنويًا. وقال إنه في معظم الأحيان يكون السبب هو وقوع حادث بحري مثل جر المرساة.
وقال سترونج إن ما عوض عن هشاشة الكابلات الفردية هو التكرار الذي قام المشغلون بدمجه في النظام.
وأردف إنه حتى لو تم قطع جميع الكابلات في البحر الأحمر، فمن الممكن إعادة توجيه حركة الإنترنت، مثل الناقلات، حول رأس الرجاء الصالح عند طرف إفريقيا أو شرقًا عبر سنغافورة واليابان وعبر الولايات المتحدة إلى أوروبا. وقال: "إن الأمر أبطأ، ولكن يمكن القيام به".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر كابلات الإنترنت الشرق الأوسط الحوثي البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
الأحادية القطبية وسلام الشرق الأوسط
تغيرت خريطة الشرق الأوسط الاستراتيجية بفعل الأشهر الاثنين والعشرين التي بدأت منذ هجمة حماس على مجتمعات جنوبي إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 فأدت إلى حرب الأيام الاثني عشر بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025. ولقد كان الحدث الأكثر دراماتيكية هو أن الولايات المتحدة أصبحت اللاعب الخارجي الأهم في المنطقة بفارق كبير، بما أدى إلى لحظةِ أحاديةٍ قطبيةٍ جديدة في تاريخ الشرق الأوسط. فبموجب هذه التركيبة الإقليمية الجديدة ليس لأمريكا منافسون خارجيون ذوو شأن؛ إذ لم يكن بوسع روسيا حتى أن تمنع سقوط نظام بشار الأسد برغم ضخامة ما استثمرته سابقا في الدفاع عن ذلك النظام.
ومن هنا ينبع التماثل اللافت بين هذه البيئة الجديدة وبين الشرق الأوسط الذي ظهر في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي في أواخر الثمانينيات، وانتصار التحالف أمريكيِّ القيادة في حرب الخليج الأولى سنة 1991. فقد أتاحت لحظة الأحادية القطبية الأولى للرئيس جورج بوش الأب ووزير الخارجية جيمس بيكر أن يعقدا مؤتمر السلام، ويفتتحا مفاوضات سلام ناجحة بين إسرائيل والأردن، ومفاوضات أقل نجاحا بين إسرائيل وسوريا، وأن يوجدا الظروف التي سمحت باتفاق أوسلو الرائد بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأن يطلقا محادثات متعددة الأطراف طواها النسيان الآن بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وثلاث عشرة حكومة عربية؛ للنظر في أشد قضايا المنطقة إلحاحا.
وبالمثل أتاحت لحظة الأحادية القطبية الجديدة الآن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يفرض على إيران موعدا نهائيا ـ في غضون ستين يوما، وإلا ـ لقبول طلبه بتخليها عن أنشطتها في تخصيب اليورانيوم. ولما لم تلزم إيران نفسها بذلك أعطى ترامب لإسرائيل الضوء الأخضر لقصف منشآت إيران النووية. وبعد قرابة عشرة أيام انضم ترامب إلى القتال مباشرة بإرسال قاذفات بي 2 الأمريكية الخاصة إلى فوردو، ومنشآت نووية إيرانية أخرى.
جاء تصرف ترامب ذلك متناقضا تناقضا صارخا مع عجز إدارة أوباما عن معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على استعماله أسلحة كيميائية ضد خصومه الداخليين، برغم جهود الرئيس باراك أوباما لإثنائه عن ذلك. والحق أن تصرف ترامب الأخير بات يقارن الآن بعجزه عن اتخاذ رد فعل إزاء هجمات إيران على منشآت المملكة العربية السعودية النفطية قبل خمس سنوات. غير أن ترامب أوضح الآن تماما أن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بتجاوز تدمير المنشآت النووية الإيرانية. وهكذا؛ حينما أطلقت إسرائيل طياريها المقاتلين انتقاما من خرق إيراني لوقف إطلاق النار المعلن، ولأن ترامب رأى ذلك الخرق تافه الشأن، واستراب في أن إسرائيل تضيف تغيير النظام الإيراني إلى قائمة أهدافها من الحرب؛ فإنه لم يتردد في توجيه أمر لإسرائيل بإعادة طائراتها.
وثمة بعد آخر لاسترداد السيطرة الأمريكية على الشرق الأوسط يتمثل في أن أداتها العسكرية الأساسية التي تقيم بها هذه السيطرة -أي القيادة المركزية الأمريكية- قد أصبحت أهم تنظيم عسكري في المنطقة. فبفضل قرار يناير 2021 بنقل المسؤولية عن إسرائيل من القيادة الأمريكية الأوروبية إلى القيادة المركزية الأمريكية؛ أصبحت القيادة المركزية الأمريكية هي الإطار الأساسي للتنسيق بين جيوش المنطقة لمواجهة هجمات الصواريخ الباليستية الإيرانية على إسرائيل في أبريل ونوفمبر 2024 وخلال حرب الأيام الاثني عشر في يونيو 2025.
تحول المنطقة
أما داخل الشرق الأوسط فقد كان التغيير الأكثر دراماتيكية خلال الشهور الاثنين والعشرين الماضية هو انهيار «محور المقاومة» ذي القيادة الإيرانية. كان تصميمه قد جاء من قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. وكان أعضاء المحور ملتزمين بالتعاون في محاربة خصوم الجمهورية الإسلامية، وهم بالأساس الولايات المتحدة (المعروفة بالشيطان الأكبر)، وإسرائيل (الشيطان الأصغر). وقد ضم المحور بالإضافة إلى إيران جماعة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، والحوثيين اليمنيين، وميلشيات قوات الحشد الشعبي العراقية.
وقد عهد في هذا الهيكل بدور محوري لحزب الله الذي كان من المتوقع أن تردع ترسانته المؤلفة من آلاف الصواريخ الواردة من إيران أي هجوم من إسرائيل على منشآت إيران النووية. وعلى القدر نفسه من الأهمية كان دور سوريا بشار الأسد التي يسرت انتقال كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة من إيران إلى لبنان، وساعدت في تنسيق مشروع «الدقة» الخاص بحزب الله، وهو مشروع معني بزيادة دقة الصواريخ والمقذوفات المملوكة لحزب الله. عقب تصفية سليماني على أيدي قوات خاصة أمريكية في يناير 2020؛ تولى اثنان قيادة المحور: أحدهما كان حسن نصر الله زعيم حزب الله الذي لم يكن فقط خطيبا مفوها، وإنما كان له أيضا عقل استراتيجي بما أتاح له نفوذا كبيرا في توجيه المحور شأن سليماني. غير أن نصر الله لم يكن يسلم من خطأ الحسابات كما حدث حينما عجز عن توقع رد إسرائيل على هجمات حزب الله العابرة للحدود في يوليو 2006 فورط لبنان في حرب دامية لمدة أربعة وثلاثين يوما.
كما استهان نصر الله أيضا بقدرات إسرائيل وتصميمها حينما قارن الدولة اليهودية ببيت العنكبوت، بما أفضى بحزب الله إلى الاشتراك مع حماس في هجمة السابع من أكتوبر على مجتمعات إسرائيل الجنوبية. وكان تخطيط تلك الهجمة المتحدة وترتيبها قد تما على يد فرد ثالث فائق الموهبة، هو قائد حماس يحيى السنوار. وقد أتاح ذلك للمنظمة غير الحكومية المسلحة [the armed NGO] أن تخترق الحدود بين غزة وإسرائيل في عشرات النقاط في آن واحد.
خلال حربها مع إيران أعقبت إسرائيل تصفية سليماني بقتل نصر الله والسنوار، وبقطع رؤوس طبقة من قيادات الحرس الثوري الإيراني وغيرهم من القيادات العسكرية، وكذلك الكثير من كبار العلماء النوويين الإيرانيين. ونتيجة لذلك، ولبعض الوقت في أقل تقدير؛ سوف يظل محور المقاومة يعاني عجزا قياديا بما يؤثر على التوزيع العام للقوة في الشرق الأوسط على حساب المحور.
ويزداد تعزيز هذا التغيير في هيكل القوة في المنطقة بالازدياد الموازي لقوة تحالف المحور المضاد الذي تقوده الولايات المتحدة، وتنسقه قيادتها المركزية. فقد أثبت هذا التحالف قدرته الكبيرة على الانتصار على هجمات الصواريخ الباليستية الإيرانية على إسرائيل للمرة الأولى في أبريل ونوفمبر 2024، ثم خلال حرب الأيام الاثني عشر بين إيران وإسرائيل في يونيو 2025. فلدرجة التعاون مع إسرائيل، والتنسيق بين الدول العربية ـ وأبرزها الأردن والمملكة العربية السعودية ودول الاتفاقات الإبراهيمية ـ، أعقبها انضمام الولايات المتحدة، ثم نشر وحدات ثاد للدفاعات الصاروخية الباليستية في إسرائيل -وهي خطوة غير مسبوقة-؛ اعتُرض أغلب الصواريخ والمقذوفات التي أطلقتها إيران قبل وصولها إلى المجال الجوي لإسرائيل.
والتغيير الأخير بالغ الأهمية في توزيع القوة في المنطقة تمثل في سقوط نظام الأسد في سوريا في ديسمبر 2024. وقد صاحب هذا الحدث الدرامي والأشهر القليلة الأولى للنظام الجديد في دمشق عدد من المفاجآت الاستراتيجية. فأولها أنه لم يتوقع خبير أجنبي أو جهة مخابرات خارجية انهيار نظام الأسد بتلك السرعة والسهولة. وثانيتها أن أحدا لم يتوقع من زعيم سوريا الجديد أحمد الشرع-وهو العضو الأسبق في القاعدة- أن يعيد تقديم نفسه بهذه السرعة، فينفصل عن حياة الصراع والعنف ليسعى إلى الرخاء والاستقرار.
لقد أوضح الشرع تماما -لمن يريدون الإنصات- أنه يعتزم أن يجعل سوريا حليفا للقوة الاقتصادية لدى الولايات المتحدة، وأوروبا، وقادة دول مجلس التعاون في المنطقة؛ سعيا إلى الرخاء الاقتصادي بدلا من أن يجعل بلده حليفا لروسيا التي دعمت الأسد، وتبنت القلاقل، وكثيرا ما سلكت سلوك المفسدين. وبرغم أن البوادر الأولية على أن الشرع قد ينظر في تطبيع العلاقات مع إسرائيل والانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية قد أثبتت أنها سابقة لأوانها، فثمة مؤشرات ذات مصداقية على أن سوريا تنأى بنفسها عن إيران، وقد تتبنى هدنة ممتدة مع إسرائيل بتشجيع من رفع الولايات المتحدة للعقوبات.
فرص جديدة للسلام
بتعيين ستيف ويتكوف ممثلا خاصا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ بدأ فريق ترامب-ويتكوف العمل بوصفه النظير الجديد لفريق بوش-بيكر في عام 1991. في نوفمبر 2024 بعد إعادة انتخاب ترامب وخلال التوتر في ما بين الإدارتين تعاون الفريق الجديد مع المفاوضين الذين عينهم بايدن على إكمال اتفاق بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن. وفي أعقاب الاتفاق ركز الفريق الجديد جهوده على محاولة إكمال اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإطلاق سرائح رهائن، وركز أيضا على السعي إلى التفاوض على اتفاق جديد مع إيران؛ للحد من جهودها النووية في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر بين إسرائيل وإيران. فضلا عن ذلك؛ يواصل مسؤولو ترامب المشاركة في مراقبة التزام إسرائيل ولبنان باتفاقية وقف إطلاق النار التي وقعتها الحكومتان في نوفمبر 2024 أيضا.
غير أن لحظة الأحادية القطبية الموصوفة هنا توفر فرصا تتجاوز الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بالفعل والتي يجري السعي إليها حاليا. وسوف يكون أهم هذه الفرص هو الاتفاق على إيجاد الظروف الملائمة لأن تنهي إسرائيل وحماس حربهما، ولأن تسحب إسرائيل قواتها من غزة، ولأن يجري إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. ولكي يحدث هذا الانسحاب دونما تعرية لمجتمعات إسرائيل الجنوبية وتعريضها لهجمات جديدة على غرار هجمة السابع من أكتوبر؛ فلا بد من إيجاد بديل لحماس في حكم غزة. غير أن إيجاد هذا البديل سوف يقتضي مباركة من السلطة الفلسطينية، وتعاونا من دول عربية محورية من قبيل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وسيكون هذا التعاون جوهريا لتنفيذ بعد أساسي في الاتفاقية المقترحة، وهو توفير الأمن والاستقرار في غزة وجنوب إسرائيل، وبخاصة خلال توتر فترة الانتقال في حكم ما بعد حماس (ويمكن الرجوع إلى تفاصيل هيكل الفترة الانتقالية واشتراطاتها بمزيد من الإسهاب في الفصل الثالث من «العرب وإسرائيل: من 7 أكتوبر إلى صنع السلام [Arabs and Israelis: From October 7 to Peacemaking] تأليف عبد المنعم سعيد علي، وخليل الشقاقي).
خلال هذه الفترة الانتقالية سوف يتعين إحلال قوة أمنية فلسطينية جديدة محل الجيش الإسرائيلي وحماس، وتكون مدعومة من الدول العربية المحورية سالفة الذكر. غير أن هذا الدعم لن يتحقق إلا لو ألزمت إسرائيل نفسها بطريق تقدم إلى دولة فلسطينية، مع ضمان الولايات المتحدة التزام إسرائيل بهذا الشرط. وسوف يفي هذا الوعد أيضا بشرط المملكة العربية السعودية لـ«تطبيع» علاقاتها مع إسرائيل، بما يوفر للأخيرة دافعا قويا للغاية للوفاء بوعدها.
لقد كان إيجاد هذا النظام الأمني المعقد في غزة ليعد أمرا غير واقعي حتى وقت قريب للغاية. لكن لحظة الأحادية القطبية الراهنة توفر لإدارة ترامب فرصة فريدة لترتيب هذا النظام وتنفيذه دونما قلق ممن يحتمل أن يفسدوه بمقاومة تكوينه وبتقويض هذا التكوين. زد على ذلك أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ـ وقد جعل من نفسه بالفعل زعيما ثوريا شجاعا ـ سوف يثبت مقدرته وعزمه على الشراكة مع الرئيس ترامب في إقامة النظام الأمني المقترح. وأخيرا؛ بحرب الأيام الاثني عشر الإسرائيلية الأخيرة مع إيران التي عمقت اعتماد إسرائيل، واستنادها إلى دعم الولايات المتحدة؛ يصعب تصور وسيلة تقاوم بها إسرائيل حث الرئيس ترامب على تحقيق إسرائيل لشروط المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية بالتعاون في تكوين نظام أمني يسمح بانسحاب إسرائيل، وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء الحرب.