لينا الموسوي
حضرت هذه الكلمة على خاطري، إنها كلمة تحمل معاني مختلفة، ومتضادة، فالوحدة تعني الترابط والتعاون الاجتماعي ولكنها تعني أيضاً التفرد الذاتي والعزلة الاجتماعية.
حضرتني هذه الكلمة وأنا في أحد أجمل الاحتفالات العربية لإحدى المؤسسات في دولة الإمارات العربية المتحدة، حينها شعرت بالدفء والحميمية اللذين افتقدهما بسبب بُعد الأهل والأحباب، فوجدت نفسي أتكلم مع أناس لا تربطني معهم صلة سوى اللغة والدين.
كلمة الوحدة هنا تتمثل كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، وهناك معنى آخر قد يشتت المجتمع ويؤلم الفرد وهو يتمثل في الوحدة النفسية التي قد يشعر بها الفرد أحيانا إذا اختلف في فكره وأسلوب حياته ومفاهيمه عن ما يحيط به من العالم المحيط؛ حيث يفقد وسيلة أو لغة التفاهم مع المحيطين من حوله، فينطوي وينفرد ويتوحّد أو ينشأ ويتربى على مبدأ الفردية والخصوصية العالية، معتمدًا في حياته على النظام المؤسسي وليس الاجتماعي. وهذا في الحقيقة نجده متفشيًا في العالم الغربي؛ حيث إنها توفير كل الخدمات المجتمعية والمؤسسية العالية الجودة ولكنها خالية من الروح الاجتماعية الحميمية، كما في عالمنا العربي الإسلامي وإن تناقصت بعض الشيء بسبب التقنيات الحديثة.
نلاحظ أن الميل إلى الوحدة أو التفرد بدأ يزداد تدريجيا وبصورة غير محسوسة في حياتنا العامة، ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة قد تكون مثلا قلة احترام خصوصية الفرد والتدخل في الأمور الأسرية والشخصية التي تجعل بعض الأفراد يفضلون الحياة الفردية عن التداخل الاجتماعي أو الانشغال في الأعمال الحياتية والتواصل عن طريق الهاتف النقال الذي يقوي بدوره الشعور بالفردية وغيرها من الأسباب الأخرى كالتباهي والتظاهر والطبقية وكل هذه الأمور التي توجه البعض إلى التفرد والميل الى الوحدة.
فلسفة الوحدة- كما أرى- مفاهيم وانعكاسات مختلفة لها آثارها الاجتماعية الإيجابية والسلبية حسب مفهومها.
أما مفهوم صفة الوحدة معماريا فيعني أحيانا وحدة الفضاءات التي تزيد من المساحات الداخلية فتنعكس إيجابا لتريح النفس والذات، ووحدة الكتل الخارجية تقلل من التكاليف فتزيد الواجهات بساطة وجمالا وإذا نظرنا إلى الجانب الآخر من المعنى نجد الوحدة قد تكون أيضا تفرد المكان وإعطاءه تميزا أو خصوصية ليبرز أو عزلة المكان فتوفر أجواء وظيفية خاصة لأداء بعض الوظائف الحياتية.
لذلك أحبتي.. كلمة الوحدة بكل صفاتها ومعانيها جميلة إذا تعاملنا مع هذه الصفة بالتوازن واحترام كل معنى من هذه المعاني فوحدة الفرد وخصوصيته ووحدة المجتمع وقوته ووحدة المكان واتساعه وكذلك أي صفة أو كلمة من الكلمات قد تأخذ جوانب متعددة وما علينا إلا أن نتفهم هذه الجوانب ونتعامل معها بما تحمله من صفات جميلة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"القمار الإلكتروني وخطره على الفرد والمجتمع" ندوة لـ لأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية بجامعة المنصورة
استقبل الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، فضيلة الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، خلال زيارته للجامعة للمشاركة في ندوة تثقيفية بكلية التجارة، تحت عنوان: "القمار الإلكتروني وخطره على الفرد والمجتمع".
حضر اللقاء الدكتور محمد عطية البيومي، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والشيخ سامي عجور، مدير عام منطقة الوعظ بالدقهلية، والشيخ إبراهيم سرحان، مدير الدعوة بمنطقة الأزهر الشريف، والدكتورة مريم ويصا، منسقة مشروع "بداية" بجامعة المنصورة، والدكتور إبراهيم جمال، منسق الأنشطة الطلابية بكلية الفنون الجميلة.
جاءت هذه الندوة في إطار التعاون المستمر بين جامعة المنصورة ومجمع البحوث الإسلامية، وإدارة الوعظ الديني بمنطقة الدقهلية، ضمن سلسلة ندوات مشروع "بناء الفكر الصحيح"، وذلك تنفيذًا لمبادرة "بداية الوعي" المنبثقة عن المبادرة الرئاسية "بداية"، التي تهدف إلى نشر الوعي الفكري والديني بين الشباب.
رحّب الدكتور شريف خاطر بفضيلة الدكتور محمود الهواري والوفد المرافق له، مؤكدًا دور الجامعة الريادي في بناء الإنسان وتعزيز الوعي المجتمعي لدى الشباب، انطلاقًا من رسالتها كمنبر للعلم والمعرفة ونشر الوعي.
ووجّه الدكتور شريف خاطر التحية والتقدير لمجمع البحوث الإسلامية على جهوده المخلصة في نشر الوعي وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ودعمه المستمر لمؤسسات التعليم في غرس القيم الدينية والفكرية السليمة لدى شبابنا، من خلال شراكة تمثل نموذجًا وطنيًّا يُحتذى به في تكامل الأدوار التربوية والدعوية.
كما أعرب رئيس الجامعة عن فخره واعتزازه بما حققته مبادرة "بداية" من أثر ملموس ومستدام بين الطلاب، مشيدًا بجهود إدارة الوعظ الديني بالدقهلية في دعم هذا التوجه البنّاء.
وأكَّد الدكتور محمد عطية البيومي أن الجامعة تسعى إلى تقديم نموذج متكامل للتعليم لا يقتصر على الجانب الأكاديمي فقط، بل يشمل أيضًا التوعية الدينية والفكرية والأخلاقية، مشيرًا إلى أن مبادرة "بداية" تمثل خطوة مهمة لترسيخ القيم الصحيحة ومواجهة التحديات الفكرية التي تواجه شبابنا.
ومن جانبه، أكَّد الدكتور محمود الهواري أن جامعة المنصورة تقدّم نموذجًا مشرفًا في التعاون مع مؤسسات الدعوة والإرشاد، مشيرًا إلى أن الندوة تأتي في سياق مشروع وطني كبير يهدف إلى تحصين العقول ضد الانحرافات السلوكية والفكرية، معربًا عن سعادته بالحضور الطلابي المتميز.
شهدت الندوة، التي أُقيمت بقاعة المؤتمرات بكلية التجارة، حضورًا وتفاعلًا كبيرين من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث تناولت موضوع القمار الإلكتروني ومخاطره النفسية والاجتماعية والاقتصادية، مع التأكيد على أهمية التوعية وبناء الفكر السليم.
وفي ختام الفعالية، تم تكريم 30 واعظًا من منطقة الوعظ بالدقهلية ممن نفذوا 103 ندوات تثقيفية بالجامعة خلال العام الحالي ضمن مشروع "بناء الفكر الصحيح"، كما تمت الإشادة بالبرنامج الرمضاني اليومي "الخواطر الرمضانية"، الذي أُطلق عبر بودكاست توعوي خلال شهر رمضان، ولاقى صدىً طيبًا بين الطلاب والمجتمع الجامعي.