رواد منصة "إكس" يتساءلون.. البابا فرنسيس: السلام يولد من النساء
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
أثار منشور للبابا فرنسيس بمناسبة يوم المرأة العالمي تعليقات عديدة، بعد أن أشار فيه إلى أن "السلام يولد من النساء، وينبع ويتقد من حنان الأمهات".
وكتب البابا في المنشور عبر منصة "إكس": "النساء يجعلن العالم أجمل. هن يحمين العالم ويبقينه حيا. هن يحملن نعمة التجديد وعناق الإدماج وشجاعة بذل الذات.
#Women make the world a more beautiful place; they protect it and keep it alive. They infuse the grace of renewal, the embrace of inclusion, and the courage to make our lives a gift. Peace is born from women; it emerges and is rekindled from the tenderness of mothers.
— Pope Francis (@Pontifex) March 8, 2024ومن بين ردود وتعليقات عديدة تشيد بكلام البابا، انتقده آخرون، وسأله أحدهم: "لماذا تدعم المثليين؟".
Why are you supporting LGBTQ+?!
— bweera's finest✨ (@joelabah01) March 8, 2024وسأل آخر: "إذن، هل يمكن للمرأة الآن أن تكون متساوية في الكنيسة؟".
So, women can now be equal in church lol?
— Filozof iz Slavkovice ???? (@damjandobrila) March 8, 2024كما سئل البابا: "لماذا لا يوجد كاهنات إذن؟".
Why are there no woman priests then……
— Dardo1967 (@dardo1967) March 8, 2024Can a Catholic explain to me why the Catholic Church doesn't allow women to head churches as Bishops?
— Kpeibee Samuel (@KpeibeeS) March 8, 2024ونشر آخر خبر عن البابا يقول فيه إن "الكهنوت يقتصر على الرجال، ولا يمكن أن يغير التقاليد بالنسبة للنساء"، وكتب: "ولكن"..
Buthttps://t.co/K6OxxCRB1r
— Garvan Gallagher (@GallagherGarvan) March 8, 2024يذكر أنه في ديسمبر الماضي، وافق البابا فرنسيس رسميا على السماح للقساوسة بمباركة الأزواج المثليين، بحسبما جاء في وثيقة جديدة تشرح الانقلاب الجذري في سياسة الفاتيكان.
وتؤكد الوثيقة الصادرة عن مكتب العقائد بالفاتيكان، أن الأشخاص الذين يسعون إلى محبة الله ورحمته لا ينبغي أن يخضعوا "لتحليل أخلاقي شامل" كي يتلقوا مباركة الكنيسة.
ورغم أن الوثيقة تشير إلى أن الزواج سر مقدس مدى الحياة بين رجل واحد وامرأة واحدة، فإنها تؤكد كذلك أن طلبات الحصول على مثل هذه البركات "لا ينبغي رفضها تماما".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: البابا فرنسيس الزواج المثليون
إقرأ أيضاً:
الجامعة في فكر رواد النهضة
إيهاب الملاح
(1)
على مدى سنوات طويلة من معايشة تاريخ البحث عن النهضة العربية الحديثة (1805-1952)، ومطالعة نصوصها التأسيسية ومراجعتها ومعاودتها، تتكشف شيئًا فشيئًا الأفكار التأسيسية والبنى القارة الراسخة في أذهان الأجيال التي اضطلعت بحمل مسؤولية "التجديد" و"الإصلاح"، وطرح سؤال التقدم والتخلف، والتراث والمعاصرة..
إلخ الإشكاليات التي ما زلنا حتى وقتنا هذا (وبعد مرور ما يزيد على القرنين!) نشتبك معها ونختلف حولها، ونتحين الفرصة للإمساك بقيمها وتصوراتها التي لا نختلف عليها إنما نختلف حول كيفية ترجمتها على الأرض في صورة مؤسسات وسياسات ومناهج وآليات تثمر على المدى البعيد الشرائح والطبقات القادرة على إحداث النهضة المرجوة، والبحث عن المستقبل المشروع، والإمساك بتلابيب التطور والتحديث والحداثة التي تروغ منا كثيرا كما يروغ الثعلب (لهذا حديث آخر في مناسبة أخرى).
منذ رفاعة الطهطاوي، وعلي مبارك، ومن بعدهما الشيخ الإمام محمد عبده، والمفكرون المصلحون من أمثال قاسم أمين وجورجي زيدان وأحمد لطفي السيد، وطبقة رجال السياسة المستنيرين في ذلك الوقت في مصر، أقول منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر وحتى العقد الأول من القرن العشرين، ارتبط مشروع النهضة كله بضرورة تأسيس الحاملة أو الرافعة المؤسسية لإنجازه وإعداد كوادره من المتعلمين تعليما جيدا والمثقفين أيضًا.
إلى ذلك التاريخ (1908) لم تكن لدينا مؤسسة تعليمية جامعة بالمفهوم الحديث، كان لدينا الأزهر حاضنة التعليم الديني، والمدارس الابتدائية والتخصصية والفنية التي أنشأها محمد علي، ومن جاؤوا بعده على تفاوت في التوسع أو الانكماش، ولم تظهر الجامعة بمعناها الحديث ومناهجها العصرية إلى النور، إلا في سنة 1908 وبعد جهود مضنية وكفاح شاق من آباء النهضة وروادها الأول، الذين كانوا يفرقون جيدا بين دور المدرسة ودور الجامعة، وما كانت تقتضيه كل منهما من إعداد وتأهيل، ومن اتصال وانفصال، ومن غايات ووسائل.. إلخ.
ظهرت الجامعة الأهلية إلى النور عام 1908 بجهود نخبة عظيمة من رواد النهضة، كان فيها السياسي والمناضل الوطني، والشيخ الأزهري المستنير، ورجال الطبقة الثرية المؤمنة بحق هذا الوطن في التقدم والبحث عن موضع قدم بين الأمم.
وظلت هذه النخبة العظيمة تصارع من أجل البقاء بكل ما أوتي لها من قوة وعزم وإرادة، نخبة الفكر والسياسة والنهضة ممن آمنوا بأنه لا سبيل إلى الخلاص إلا بالعلم، وحده، إلى أن جاءت سنة 1925، وبالتحديد في مارس حين صدر المرسوم الملكي (آنذاك) بتحويل الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية (جامعة فؤاد الأول، ثم الجامعة المصرية، ثم صارت باسمها المعروف حتى الآن جامعة القاهرة).
(2)
وتبدأ منذ ذلك التاريخ رحلة عامرة بالإنجازات والأعلام والأحلام؛ تعثرت حينًا وتأخرت أحيانًا لكنها وطوال مسيرتها لم تتخل أبدًا عن حلمها ولا غايتها حتى وإن خذلتها الوسائل والإمكانات، وحاصرتها التحديات في أوقات الأزمات، لكنها ظلت محتفظة بعراقتها وبتاريخها المنير والمشرق والمشرف، وبمدونة أعلامها من أنبغ عقول هذا البلد وأبناء هذه الأمة (العربية)!
خلال الفترة من 1908 حتى 1925 (سبعة عشر عامًا) فترة اختمار وتأسيس وتجريب وتأطير للممارسة "التعليمية" ووضع الأسس والمبادئ التي تصون التجربة وتحفظ لها قدر المستطاع تحقيق الغايات والأهداف التي أنشئت من أجلها.
لم يغب لحظة واحدة عن أذهان ولا وعي آبائها الأول أن "الجامعة" يعني ارتباطها المطلق بالبحث عن المستقبل، وبالتطلع إلى التقدم والأخذ بأسباب الحضارة والمدنية الحديثة، وإلى الإعلاء من شأن الفكر والعلم والثقافة، وإلى ترسيخ القيم النهضوية الحديثة، من احترام الآخر، والتعددية، والتنوع، وحق الاختلاف واحترامه، وحق البحث دون أي قيود أو حدود، وحق طرح السؤال وحق البحث عن إجابات محتملة.. إلخ.
كما ارتبط بأهداف "الجامعة" وتأسيسها مقاومة التخلف، والتقليد، والانكفاء على الذات واجترار الماضي، وفتح النوافذ على مصاريعها أمام كل الأفكار والتيارات والانتقاء منها والاختلاف معها، والانطلاق من الوعي بالذات في انفتاحها على الآخر، وليس العكس، ومن ثم التأصيل الواعي بالهُوية وحضورها دون تعصب أو تطرف أو أي شكل من أشكال الشوفينية والانغلاق.
أيضا كانت فكرة "الجامعة" مرتبطة منذ تأسيسها بإعادة النظر إلى ميراث الماضي كله انطلاقًا من الوعي العلمي، النقدي، الحقيقي، وليس الزائف، وإعادة تأسيس علاقتنا بهذا الماضي من منظور تحررنا منه لا خضوعنا له! أو بعبارة أخرى التطلع إلى ميراث الماضي؛ بوصفه نقطة للبداية وليس للنهاية، وبضرورة تجاوزه وليس استنساخه!
(3)
يوضح المرحوم أحمد أمين الفارق بين "المدرسة" و"الجامعة" في مقدمة الجزء الثاني من «فجر الإسلام»، حيث يقول:
«تعلمت من هذا الوسط (الجامعة) أن ميزة الجامعة عن المدرسة هي البحث، فالمدرسة تعلِّم ما في الكتب، والجامعة تقرأ الكتبَ لتستخرج منها جديدًا، والمدرسة تعلِّم آخر ما وصل إليه العلم، والجامعة تحاول أن تكتشف المجهول من العلم، فهي تنقد ما وصل إليه العلم وتعدله، وتحل جديدًا محل قديم، وتهدم رأيًا وتبني مكانه رأيًا آخر، وهكذا هذه وظيفتها الأولى والأخيرة، فإن لم تقم بها كانت مدرسة لا جامعة»..
(أحمد أمين، من مقدمة الجزء الثاني من «فجر الإسلام»، الطبعة الصادرة عن دار المعارف 2025)
أما أستاذ الجامعة، وأدواره، والفرق الدقيق بين الأستاذ الجامعي و"الملقن" المدرسي، يحددها أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد في رسالته المسماة "رسالة الجامعة":
"الأساتذة ليسوا موجودين بالجامعة لتلقين المعرفة للطلاب، ولكن فقط لإرشادهم. فلقد أتى الطالب ليتعلم بنفسه ويقوم بتحضير الموضوع قبل أن يتعرض له الأستاذ. لهذا السبب لا يوجد أي كتاب مقرر لأن هدف التعليم الجامعي هو تربية العقل، وليس ملء الحافظة. ومن يعتمد فقط على الذاكرة أو يقبل بآراء أستاذه دون تمحيصٍ، وتفكيرٍ ذاتي، ليس طالبًا حقيقيًّا".
هنا مربط الفرس وجوهر الغاية من العملية التعليمية كلها في إطار المشروع النهضوي العام والحاكم والمؤطر للنشاط الجامعي والتعليمي عمومًا. إدراك الفارق بين التعليم الأولي (التجهيزي) وما قبل الجامعي، والتعليم الجامعي، والعالي، كل مرحلة لها غاياتها وأهدافها ووسائلها وآلياتها وإجراءاتها التنفيذية.
معلم ما قبل الجامعة يختلف في تكوينه وإعداده ووسائله عن أستاذ الجامعة، مع الاشتراك في خطورة الأدوار التي يقومون بها معا، ومع تقدير مكانتهما وعظمة وسمو الغاية الأخلاقية والمعرفية والإنسانية لكليهما..
(4)
كانت هذه التصورات والمفاهيم قارة وراسخة في أذهان جيل النهضة الحديثة، بالتحديد الجيل الذي خرج من عباءة الإمام الشيخ محمد عبده (1849-1905)، الجيل الذي شمل كلًّا من:
أحمد لطفي السيد (1872-1963)، الشيخ مصطفى عبد الرازق (1885-1947)، وأحمد أمين (1886-1954)، ومحمد حسين هيكل (1888-1956)، وطه حسين (1889-1973)، وعباس محمود العقاد (1889-1964)، والشيخ أمين الخولي (1890-1966).. وغيرهم..
كل هؤلاء أولوا قضية "التعليم والتعلم" وبناء المؤسسات التعليمية والثقافية والمعرفية (الجامعة، الصحيفة، المجلة الثقافية، دار النشر المستنيرة.. إلخ) التي تعد الإنسان وتؤهله لممارسة أدواره في مجتمع مدني حديث "ناهض"، كلهم بلا استثناء اهتموا اهتماما بالغا وكبيرا بهذه المسألة، وإن برزت أدوار البعض عن البعض الآخر بحكم الاقتراب أو الابتعاد من دوائر الجامعة والأكاديمية والانخراط في ممارسة التدريس وإعداد الكوادر.. إلخ.
وجميعهم كانوا يؤمنون إيمانًا راسخًا بأن البحث العلمي لا ينغلق على نفسه داخل أسوار الجامعة منعزلًا عن قضايا المجتمع وأحلامه في التقدم، وأن دراسة الأدب (أو دراسة أي علم من العلوم أو فن من الفنون) لا معنى لها ما لم تضع في اعتبارها الدور الاجتماعي الذي يسهم به نقد الأدب والإنسانيات وما يتصل بها جميعا -تأكيدا لدور الأدب والإبداع نفسه- في الارتقاء بالحياة من مستوى الضرورة إلى مستوى الحرية، وأن الأستاذ الجامعي الحقيقي هو من يمتد برسالته الإبداعية و"التنويرية" إلى خارج أسوار الجامعة، مشيعا قيم الحرية الفكرية في المجتمع، متحديا التقاليد الجامدة بما يفتح المدار المغلق للثقافة على وعود التجديد والابتكار والتجريب..
(وللحديث بقية)..