محمد فودة يكتب فى رثاء اللواء عاطف عبد الغفار: رجل البطولات الخالدة فى تاريخ العسكرية المصرية
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
خدم الوطن بكل إخلاص.. وترك وراءه "سجلا حافلا" بالإنجازات
تدرج داخل القوات المسلحة حتى وصل إلى منصب نائب رئيس هيئة العمليات
شارك فى حرب أكتوبر.. وكان حريصا على اصطحاب بعض أبنائه لجبهة القتال
لم يكن مجرد قائد عسكرى بل كان أيضًا معلمًا ومربيًا يعلم أبناءه وأبناء الوطن الإخلاص فى العمل والدقة والرجولة فى التصرف
الرئيس عبد الفتاح السيسى كرّمه تقديرًا لما قدمه من خدمات جليلة للوطن
فقدت مصر مؤخراً مقاتلاً من أبرز رجالها وأعمدتها العسكرية، إنه اللواء أركان حرب عاطف عبد الغفار، نائب رئيس هيئة العمليات الأسبق بالقوات المسلحة، ووالد الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، وفى حقيقة الأمر فإن اللواء عاطف عبد الغفار لم يكن مجرد اسم فى سجلات القوات المسلحة، بل كان رمزاً للتفانى والبطولة والعزيمة التى لا تلين أمام التحديات.
ولد اللواء عاطف فى أسرة مصرية متجذرة الانتماء للوطن، ومنذ نعومة أظفاره، نشأ على حب الأرض والدفاع عنها ، وترقى فى الرتب العسكرية مخلفًا بصمات واضحة فى كل منصب تولاه، من قائد سرية إلى قائد كتيبة، ومن ثم إلى قائد لواء ورئيس عمليات كتيبة ولواء، وصولًا إلى موقع نائب رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة. كما كان له الشرف فى الخدمة بمكتب المشير عبد الحكيم عامر، وهو ما يعد تشريفًا لأى ضابط فى الجيش المصرى.
شارك اللواء عاطف فى واحدة من أقوى معارك مصر والعرب، وهى حرب أكتوبر المجيدة، حيث كان جزءًا من لواء الصواريخ الذى أسهم بشكل كبير فى ردع العدو وتحقيق النصر ، وكان له دور فعال فى إعادة تسليح وتدريب القوات المسلحة بعد هزيمة يونيو 1967، وهى الفترة التى أطلق عليها "عام الهزيمة"، مشددًا على رفضه تسميتها "النكسة"، موضحًا أن الهزيمة كانت السبب فى إعادة تقييم الوضع العسكرى وبناء جيش قوى قادر على استعادة الأرض والكرامة.
ومن الجدير بالذكر أن اللواء عاطف كان حريصًا على تربية أبنائه على القيم الوطنية والعسكرية الراسخة ، مشاركًا إياهم فى استعداداته للحرب وحتى اصطحاب بعضهم إلى جبهة القتال ، حيث أراد لأبنائه أن يتعلموا دروس الحياة القاسية من خلال تجاربه الشخصية، معتبرًا أن مثل هذه التجارب تصقل الشخصية وتبنى الروح الوطنية.
خلال أحاديثه الصحفية، أعاد اللواء عاطف تذكير الأمة بأن الانتصارات العظيمة تولد من رحم المعاناة والتحديات، مستشهدًا بأحداث 5 يونيو 1967 كمحطة تحول فى تاريخ الجيش المصرى. فقد كانت هذه الأحداث، برغم قسوتها، بداية لمرحلة جديدة من التأهب والعزم نحو تحقيق النصر الذى تحقق فى النهاية فى حرب أكتوبر 1973.
لقد أكد الفقيد الغالى مراراً وتكراراً أن الاستعداد لحرب أكتوبر لم يكن مجرد تجميع للقوات، بل كان بناءً لقوة ردع حقيقية تمثلت فى لواء الصواريخ الإستراتيجى الذى تدرب بإشراف خبراء من الاتحاد السوفيتى. وكشف عن أن تدريب هذا اللواء تم فى خمسة أشهر فقط بدلاً من العامين المعتادين، ما يشير إلى الكفاءة والإصرار اللذين كانا يتحلى بهما الجيش المصرى فى ذلك الوقت.
وفى الحقيقة، لم يكن اللواء عاطف مجرد قائد عسكرى، بل كان أيضًا معلمًا ومربيًا، يعلم أبناءه وأبناء الوطن الإخلاص فى العمل والدقة والرجولة فى التصرف.
اللواء عاطف عبد الغفار كان يعلم أن القيم الوطنية لا تُغرس بالألقاب والمناصب، بل بالمواقف والأفعال. وكان يؤكد دائماً على الأهمية الكبرى لتعزيز الروح المعنوية للقوات المسلحة بعد هزيمة 1967، مشيرًا إلى أن الجيش المصرى واجه تحديات جمة لإعادة بناء قدراته القتالية، وأن حرب الاستنزاف كانت منصة لإثبات الصمود والقدرة على المواجهة.
وفى عدة لقاءات إعلامية مهمة معه استعرض اللواء عاطف أيضًا كيف أن تجهيز مسرح العمليات وإجراء عمليات استطلاع ناجحة قد أسهما فى تجميع المعلومات الحيوية عن خط بارليف وتحركات العدو شرق القنال، ما مكّن القوات المسلحة من تنفيذ ضربات محكمة أثناء حرب أكتوبر، مشددًا على أن كل طلقة من العدو كانت تقابل بعشر طلقات مصرية، فى تعبير عن الإرادة الصلبة للردع.
وفى نهاية حياته، تلقى اللواء عاطف التقدير اللائق بمسيرته البطولية، حيث كرّمه الرئيس عبد الفتاح السيسى تقديرًا لما قدمه من خدمات جليلة للوطن، وكان ذلك تكريمًا ليس لشخصه فحسب بل لجيل كامل من الأبطال الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن الأرض والعرض.
بوفاة اللواء عاطف عبد الغفار ، تُطوى صفحة مضيئة من تاريخ مصر العسكرى، لكن الإرث الذى خلفه اللواء عاطف عبد الغفار سيظل شاهدًا على ما يمكن أن يُحققه الإخلاص والتفانى فى سبيل الوطن. وإن كانت الأجيال القادمة ستتعلم من قصته، فإن دروس الشجاعة والتضحية التى عاشها وعلمها ستظل حية، تنبض فى قلب كل مواطن مصرى وتُنقل من جيل إلى جيل.
وفى ظل الحديث عن الاستعدادات والتجهيزات العسكرية التى سبقت حرب أكتوبر، كان اللواء عاطف عنصرًا فاعلًا فى تلك المرحلة الحاسمة. بدأت القوات المسلحة المصرية عملية إعادة التنظيم والتسليح، مستفيدة من الدعم السوفيتى الذى كان حاسمًا فى توفير المعدات والخبرات اللازمة لبناء جيش قوى ومؤهل لتحرير الأراضى المحتلة. اعتمدت الإستراتيجية المصرية على استخدام مزيج من الحرب التقليدية والحرب النفسية لإضعاف معنويات العدو وتعزيز فرص النجاح فى المعركة الفاصلة.
لم يكن النجاح الذى حققه اللواء عاطف ورفاقه فى السلاح فقط نتيجة الدعم الخارجى، بل كان أيضًا نتاجًا للإرادة والتصميم الداخلى. بقيادته الرشيدة، نجح فى تطوير تكتيكات عسكرية مبتكرة وفى إعداد الجنود نفسيًا وجسديًا للمعركة الكبرى. كان يؤمن بأن العقلية القتالية والتدريب الشامل هما اللذان يصنعان الفارق فى ساحة المعركة.
الروح الوطنية التى كان يتحلى بها اللواء عاطف لم تقتصر على ميدان القتال، فقد كان يُظهرها أيضًا فى حياته الشخصية. كان معروفًا بتواضعه وحبه للناس، ويشهد الكثيرون على سلوكه القويم وتعامله الراقى مع الجميع بغض النظر عن مراتبهم الاجتماعية. وقد نجح فى غرس هذه القيم فى أبنائه، الذين تبوأوا مناصب مرموقة واستمروا فى خدمة الوطن بشغف وإخلاص.
بوفاته، يودع الوطن بطلاً من أبطاله العظام، رجلًا خدم بلاده بكل إخلاص وعزيمة ، وترك وراءه إرثًا زاخرًا بالدروس القيمة فى الشجاعة، التضحية، والحب العميق للوطن. لقد كان اللواء عاطف مثالاً يُحتذى به فى كيفية تحويل الهزائم إلى انتصارات وتعزيز الروح الوطنية فى أحلك الظروف.
يُذكر أنه فى أعقاب حرب 1967، لم يستسلم اللواء عاطف لليأس، بل انخرط فى عملية إعادة بناء القوات المسلحة والارتقاء بها إلى مستوى التحديات المقبلة، وهو ما أثمر فى النهاية عن النصر فى حرب أكتوبر. ولعل من أبرز ما يمكن الإشارة إليه فى هذا الصدد هو دوره فى تأسيس لواء الصواريخ الإستراتيجى الذى كان له دور حاسم فى تحقيق التوازن الإستراتيجى مع العدو وتحقيق الردع اللازم.
على مر السنين، ظل اللواء عاطف ملتزمًا بمشاركة تجاربه وخبراته مع الأجيال الشابة من الضباط، مرسخًا فيهم قيم الإخلاص والتفانى فى العمل ، وقد رأى فى تدريبهم وتطوير قدراتهم العسكرية استثمارًا فى مستقبل مصر الأمنى والدفاعى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اللواء عاطف عبد الغفار القوات المسلحة الجیش المصرى حرب أکتوبر بل کان لم یکن
إقرأ أيضاً:
القسام: نقف إلى جانب إيران ونشيد بفعلها الذي هز أركان الاحتلال
أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء الأحد، وقوفها إلى جانب إيران قيادةً وشعباً، مشيدة في الوقت ذاته بالفعل البطولي والكبير للقوات المسلحة الإيرانية الذي هز أركان كيان الاحتلال رداً على العدوان الإسرائيلي.
ونعت كتائب القسام في بيان وصل "عربي21" قادة القوات المسلحة الإيرانية الكبار الذين استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على إيران، وعلى رأسهم: قائد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الشهيد اللواء محمد باقري، والقائد العام للحرس الثوري الشهيد اللواء حسين سلامي، وقائد مقر خاتم الأنبياء المركزي بالقوات المسلحة الإيرانية الشهيد اللواء غلام علي رشيد.
وقالت "القسام": "نشيد بالدور المحوري والتاريخي لهؤلاء القادة الكبار وإخوانهم في دعم القضية الفلسطينية ومقاومتها على مدار عقود، ووقوفهم الصلب الذي سيسجل بأحرف من نور في مختلف المحطات، والتي كان آخرها معركة الأمة الإسلامية؛ معركة طوفان الأقصى".
وتابعت: "رغم علمهم بأن هذا الدعم الكبير والمعلن سيكون له ضريبةٌ باهظةٌ ستدفع بالدم والتضحيات، إلا أنهم لم يتراجعوا إلى أن خُتم لهم بالشهادة على يد عدو الأمة، وستكشف الأيام طبيعة هذه الإسهامات المهمة التي شكلت رافعةً في مسار صراعنا مع العدو الصهيوني، حتى بتنا اليوم أقرب إلى تحقيق النصر النهائي على هذا الكيان المسخ".
وذكرت أنها "تنعى شهداء الشعب الإيراني الذي لطالما كان داعما وسندا للمقاومة، وتتمنى الشفاء لجرحاه"، معلنة وقوفها إلى جانب إيران قيادة وشعبا.
وأكدت أن "الفعل الإيراني البطولي والكبير هز أركان كيان الاحتلال رداً على العدوان، وبدد أوهامه وأثبت بأن ضرباته الغادرة لم تكسر إرادة الأحرار، بل زادتهم قوةً وتصميماً على تدفيع الاحتلال النازي أثماناً باهظة؛ لِلَجْمه عن عدوانه وعربدته في المنطقة التي بقيت لعقود دون رادع للأسف، ما جرّأه على التمادي في عدوانه".
وأشارت إلى أن "شعبنا الفلسطيني المكلوم لا سيما في غزة تابع هذه الضربات القوية بمنتهى الفخر والاعتزاز، وكان لها ما كان من شفاء لصدروهم من هذا المحتل المجرم الذي ارتكب بحقهم جرائم الإبادة والتطهير العرقي، ودمر حجرهم وشجرهم، وعلا علواً كبيراً".
وتابعت: "نسأل الله تعالى أن يتم على أمتنا نصره، وأن يُتبِّر علو الاحتلال تتبيراً، وأن ينجز على أيدي أمتنا الإسلامية ومقاوميها وأحرارها وعد الآخرة وتحرير المسجد الأقصى، واجتثاث هذه الغدة السرطانية التي ظلت مزروعةً في جسد أمتنا لعقود، وقد آن لها أن تزول مرةً وإلى الأبد"، بحسب البيان.