عادات متنوعة توارثتها الأجيال، تشهدها المحافظات المختلفة طوال شهر رمضان، حيث يحرص الأهالى على إحياء تراث الأجداد خلال الشهر الكريم، الذى يتميز عن غيره من الشهور بالتجمّعات العائلية على موائد الإفطار، التى يتم تجهيزها بكل ما لذ وطاب من أنواع الطعام، بالإضافة إلى عقد حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم، وأداء صلاة التراويح والقيام، وإقامة موائد الرحمن فى الشوارع والساحات العامة، وكذلك عقد جلسات الصلح فى بعض المحافظات، لتسوية أى خصومات ثأرية بين العائلات، ونشر قيم التسامح والتراحم فى الشهر الفضيل، وترصد «الوطن»، فى هذا التقرير، أبرز العادات التى تتميز بها المحافظات المختلفة فى شهر الصيام.

بينما يحرص الأهالى فى مختلف المحافظات على تناول اللحوم والبط والطيور على مائدة الإفطار فى اليوم الأول من شهر رمضان، تختلف هذه العادة فى محافظة البحر الأحمر، حيث يحرص سكان مدينة الغردقة على إعداد «طاجن السمك الناشف» ليكون الوجبة الرئيسية فى اليوم الأول، حسبما أكد «أبوعلى حمود»، أحد الصيادين من أبناء المدينة، وقال إن هذه الوجبة عبارة عن سمك يتم تجفيفه مُسبقاً، تُضاف إليه الطماطم والفلفل والتوابل، وتتم تسويته فى الفرن، مؤكداً أن هذه الوجبة من الأسماك عادةً ما تكون خفيفة على المعدة، بعد ساعات الصيام، وتتميز بأنها من الأطباق الشهية، التى يحرص الكثيرون من أبناء الغردقة على تجهيزها فى أول أيام الصيام.

«السلات وطاجن السمك الناشف» على مائدة الإفطار بالبحر الأحمر.. و«عزومات» أهالي البادية في مطروح 

وفى مناطق جنوب البحر الأحمر، يحرص أبناء القبائل فى حلايب وشلاتين على إحياء عاداتهم الخاصة، التى تمتد عبر السنين، من خلال إعداد وجبات إفطار تقليدية، تعبّر عن تراثهم وثقافتهم المحلية، حيث يجتمع الأهل والأحباب لتبادل الوجبات والتجارب الاجتماعية الخاصة بهذا الشهر الكريم. وقال «ناصر منصور»، أحد الأهالى، إن الأكلات الشعبية فى جنوب البحر الأحمر جزء أصيل من هوية قبائل المنطقة فى شهر رمضان، لافتاً إلى أن أهم الأكلات المفضّلة لديهم فى الشهر الكريم، ما يطلقون عليه الوجبات «البجاوية»، وأبرزها «السلات»، و«الممبار» المحشو بقطع اللحم الصغيرة، إلى جانب أطباق الشطة الحارة جداً، مع الخبز الساخن.

وفى مطروح، تعكس عادات وتقاليد أهالى المحافظة فى شهر رمضان الكريم، جوانب من العمق الاجتماعى والثقافى لسكان الصحراء الغربية، حيث تجتمع العائلات والقبائل على موائد الإفطار، تعبيراً عن الترابط العائلى والاجتماعى، وسط أجواء مفعمة بالألفة والتلاحم، لإحياء عادات وتقاليد قديمة رسخها الأجداد فى أبناء البادية، حسب ما أكده «إدريس أبوالسويطية»، عمدة قبيلة «الجميعات» بمطروح، الذى أكد لـ«الوطن»، أنه يتم نحر الذبائح، ويتم تناول الأطعمة التى تشتهر بها مطروح، ومنها لحوم أغنام البرقى، مع الأرز الأحمر، ويتجمّع الأبناء والأحفاد فى أجواء رمضانية تتميز بها الصحراء الغربية، ثم يتوجّه الأهالى إلى المساجد فى جماعات، لأداء صلاة العشاء والتراويح، مما يعكس مدى الترابط بين العائلات والقبائل فى مطروح.

وتتميز محافظة القليوبية بمجموعة من العادات والتقاليد الخاصة بشهر رمضان، ومن أهمها تعليق زينة وفانوس رمضان فى شوارع الأحياء الشعبية بالمدن وفى القرى، من خلال مجموعات من الصبية الصغار، الذين يقومون بجمع مبالغ مالية من الأهالى، ويقومون بتزيين الشوارع وسط حالة من البهجة، فيما يحرص الكثير من الأسر على إقامة العزومات والموائد العائلية، فضلاً عن إقامة موائد الإفطار فى الشوارع والميادين، فيما تنتشر موائد الرحمن على طريق «القاهرة - الإسكندرية» الزراعى، وغيره من الطرق المارة بالمحافظة، ووقوف الأهالى بالطعام والشراب لإفطار الصائمين على الطرق.

وأوضح فؤاد مرسى، خبير التراث ووكيل وزارة الثقافة الأسبق، لـ«الوطن» أن من أهم العادات التى تتميز بها محافظة القليوبية خلال شهر رمضان، إقامة حلقات الذكر والتلاوة، التى تستمر بعد صلاة التراويح، بالإضافة إلى استضافة المقرئين داخل المنازل، بالإضافة إلى عقد جلسات الصلح العرفية لإنهاء الخصومات بين العائلات المتشاجرة، وبعد التوصّل إلى اتفاق الصلح، يتم ذبح خروف، يُوزّع نصفه على الفقراء فى القرية، والنصف الآخر على الحاضرين فى جلسة الصلح.

وترتبط عادات أهالى بنى سويف فى شهر رمضان بأجواء روحانية تعم فى مختلف شوارع وميادين وقرى ومدن المحافظة، وتتمثل فى تجمّعات العائلات والأصدقاء، سواء فى المساجد لأداء الصلوات، أو المنازل للعزومات وموائد الإفطار، وما زال «المسحراتى» أحد أشهر عادات أهالى بنى سويف، الذى يبدأ مع أول يوم سحور فى شهر رمضان بطبلته المعتادة فى إيقاظ المواطنين، التى تطورت إلى استخدام الأنوار المضيئة، وكذلك نوع الطبلة ذاتها، لتبدأ الأسر فى إعداد وتناول السحور، ثم التوجّه إلى المساجد لأداء صلاة الفجر.

واعتاد أهالى كفر الشيخ على موروثات وتقاليد كثيرة خلال شهر رمضان، حيث تتميز المحافظة بموائدها المتنوعة على مدار الشهر الكريم، ويحرص أهالى كفر الشيخ على طهى البط والأوز، خاصة فى أول أيام الشهر الكريم، كما يحرص الأهالى على إعداد المحشيات بأنواعها، التى يتم إعدادها بطريقة مختلفة، حيث اعتاد بعض الأهالى على وضع القشطة الفلاحى فى خلطة المحشى، كما يحرص أهالى كفر الشيخ على زيارة المقابر، والصلاة فى المساجد القديمة، مثل مسجد «إبراهيم الدسوقى»، ومسجد «سيدى طلحة»، ومسجد «البيلى أبوغنام»، كما يحرصون على تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت، التى يتم وضعها أعلى المنازل، وفى الشوارع والطرقات، بالإضافة إلى تنظيم الدورات الرمضانية، التى تجرى منافساتها فى الشوارع والأندية الرياضية.

وتتميز موائد الطعام فى أسوان بتنوعها واحتضانها الكثير من المأكولات والمشروبات طوال أيام شهر رمضان، والتى تمثل ثقافات سكانها، ومنها «الأبرية»، و«الخماريت»، أشهر الأصناف على مائدة الإفطار لأهل المناطق النوبية، إضافة إلى أصناف «فطير النشاب»، ورغيف «الملتوت»، و«السناسن»، التى لا تخلو منها موائد الإفطار، إضافة إلى «الويكا الصعيدى»، والطواجن والحمام والعيش الشمسى، وهى من الأصناف التى لا غنى عنها على مائدة الإفطار فى مختلف المناطق بمحافظة أسوان.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قبلي الحمام شهر الصيام على مائدة الإفطار موائد الإفطار الشهر الکریم بالإضافة إلى فى شهر رمضان فى الشوارع

إقرأ أيضاً:

الإجازة في تلاوة القرآن الكريم.. التحديات والفوائد وأهميتها في التعليم الإسلامي

الحصول على الإجازة في تلاوة القرآن الكريم يمثل حلمًا لكثير من المسلمين الذين يسعون إلى إتقان التلاوة وفق أصول التجويد والقراءات. هذه الإجازة ليست مجرد شهادة أكاديمية، بل هي إثبات للتمكن من نقل القرآن الكريم كما تلقاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام. في هذا المقال، سنستعرض التحديات والفوائد في الحصول على الإجازة في تلاوة القرآن الكريم، بالإضافة إلى دورها المحوري في التعليم الإسلامي، مع تسليط الضوء على الجوانب العملية والروحية لهذه الرحلة.

ما هي الإجازة في تلاوة القرآن الكريم؟

الإجازة في تلاوة القرآن الكريم هي إثبات رسمي من شيخ مُجاز بأن الطالب قد أتقن تلاوة القرآن الكريم وفق قواعد التجويد المحددة، سواءً برواية حفص عن عاصم أو غيرها من القراءات المتواترة. تحمل هذه الإجازة سندًا متصلًا بسلسلة من المشايخ حتى تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مما يعطيها قيمة دينية وعلمية عالية.

تتطلب الإجازة في تلاوة القرآن الكريم عدة عناصر أساسية:

- إتقان أحكام التجويد (الظاهرة والمخفيّة).

- حفظ القرآن كاملًا أو جزءًا منه حسب نوع الإجازة.

- القراءة على شيخ مُجاز للتأكد من ضبط النطق والوقف والابتداء.

- الالتزام بالأخلاق الإسلامية خلال رحلة التعلم.

التحديات في الحصول على الإجازة في تلاوة القرآن الكريم

رغم الفوائد العظيمة، فإن طريق الإجازة في تلاوة القرآن الكريم ليس سهلًا، بل يواجه الدارس عدة تحديات، منها:

- صعوبة إتقان التجويد: خاصةً في الأحكام الدقيقة مثل التفخيم والترقيق، أو أحكام النون الساكنة والتنوين.

- التزام الوقت: يحتاج الطالب إلى مواظبة يومية على التلاوة والمراجعة، مما قد يصعب على من لديه التزامات عمل أو دراسة.

- البحث عن شيخ مُجاز: ليس كل المشايخ معتمدين في منح الإجازات، مما يجعل العثور على شيخ موثوق تحديًا في بعض المناطق.

- التكلفة النفسية: قد يواجه الطالب فترات من الملل أو الإحباط، خاصةً إذا واجه صعوبة في حفظ بعض السور.

الفوائد الروحية والعلمية للإجازة في تلاوة القرآن الكريم

على الرغم من التحديات، فإن الإجازة في تلاوة القرآن الكريم تحمل فوائد عظيمة، منها:

- ضمان صحة التلاوة: حيث تصبح القراءة خالية من الأخطاء وفق أصول التجويد.

- نيل الأجر العظيم: فالقارئ المُجاز يكتسب أجرًا مضاعفًا لتلاوته القرآن كما أُنزل.

- الحفاظ على السند المتصل: مما يساهم في حفظ القرآن من التحريف أو التغيير عبر الأجيال.

- التميز في التعليم الإسلامي: حيث تُفتح أمام الحاصل على الإجازة أبواب التدريس والإمامة في المساجد.

دور الإجازة في تلاوة القرآن الكريم في التعليم الإسلامي

تلعب الإجازة في تلاوة القرآن الكريم دورًا محوريًا في التعليم الإسلامي، فهي:

- أساس تعليم التجويد: حيث يعتمد المعلمون على الإجازات لضمان جودة المدرسين.

- تعزيز الثقة بين الطلاب والمشايخ: فالإجازة تُعتبر دليلًا على الجدارة العلمية.

- نشر القراءات الصحيحة: خاصةً في المناطق التي تنتشر فيها لهجات قد تؤثر على نطق القرآن.

- تشجيع الحفظ والمراجعة: لأن الإجازة تتطلب التزامًا مستمرًا بالقرآن.

نصائح للحصول على الإجازة في تلاوة القرآن الكريم

لتحقيق النجاح في رحلة الإجازة في تلاوة القرآن الكريم، يمكن اتباع النصائح التالية:

- اختيار شيخ خبير: يفضل البحث عن شيخ معروف بسنده القوي وأسلوبه الواضح في التعليم.

- الالتزام بجدول يومي: تخصيص وقت ثابت للحفظ والمراجعة.

- المشاركة في حلقات القرآن: حيث تساعد المنافسة الإيجابية على التحفيز.

- الصبر والمثابرة: لأن الإجازة تحتاج إلى وقت وجهد طويل.

أهمية الإجازة في تلاوة القرآن الكريم في العصر الحديث

في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه الأمة الإسلامية، تبرز الإجازة في تلاوة القرآن الكريم كحصن يحفظ هوية الأمة ويربطها بمصدر تشريعها الأول. ففي عصر انتشرت فيه القراءات الإلكترونية والعشوائية للقرآن، أصبحت الإجازة ضمانة لحماية النص القرآني من التحريف أو سوء الفهم.

كما أن الإجازة في تلاوة القرآن الكريم في زماننا هذا لم تعد مجرد وسيلة لإتقان التلاوة فحسب، بل أصبحت أداة فعالة في مواجهة التيارات الفكرية التي تحاول تشويه صورة القرآن الكريم. فالقارئ المجاز يصبح سفيرًا للقرآن، قادرًا على تصحيح المفاهيم الخاطئة ونقل العلم الصحيح.

الفرق بين الإجازة في التلاوة والإجازة في القراءات

من المهم التفريق بين الإجازة في تلاوة القرآن الكريم برواية واحدة (كرواية حفص عن عاصم) وبين الإجازة في القراءات العشر. فالأولى تركز على إتقان تلاوة القرآن برواية معينة مع تطبيق أحكام التجويد، بينما الثانية تتطلب دراسة أعمق تشمل القراءات المتواترة المختلفة مع معرفة الفروق بينها.

لكل نوع من هذه الإجازات مميزاته الخاصة:

- الإجازة في رواية واحدة تكون أيسر وتحقق الغرض الأساسي من ضبط التلاوة.

- إجازة القراءات تفتح آفاقًا أوسع في العلم ولكنها تحتاج جهدًا مضاعفًا.

- كلتاهما تسهمان في حفظ التراث القرآني ولكن بدرجات متفاوتة.

الإجازة في تلاوة القرآن الكريم بين الأصالة والتطوير

تشهد الإجازة في تلاوة القرآن الكريم في العصر الحالي تطورًا في الوسائل مع الحفاظ على الأصالة في المنهج. فبينما ظل الشرط الأساسي هو التلقي المباشر من الشيخ المجاز، إلا أن التقنيات الحديثة سهلت العملية عبر:

- المنصات الإلكترونية للتعليم عن بعد.

- تطبيقات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التقييم.

- وسائل التواصل للاستمرار في المتابعة مع المشايخ.

لكن يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على روح الإجازة التقليدية التي تعتمد على العلاقة المباشرة بين الشيخ والطالب، والحرص على عدم تحويلها إلى مجرد عملية تقنية جافة.

تأثير الإجازة في تلاوة القرآن الكريم على المجتمع

لا تقتصر فوائد الإجازة في تلاوة القرآن الكريم على الفرد فقط، بل تمتد إلى المجتمع بأكمله. فالمجازون يصبحون:

- نواة لحفظ القرآن في المجتمع.

- مرجعية في تصحيح التلاوات في المساجد.

- قدوة للشباب في الالتزام الديني.

- جسرًا بين الأجيال في نقل العلم.

كما أن انتشار حاملي الإجازات في المجتمع يسهم في رفع المستوى العام لتلاوة القرآن، ويحد من الأخطاء الشائعة في التلاوة التي قد تنتشر بسبب عدم وجود مرجعية علمية.

الخاتمة

الحصول على الإجازة في تلاوة القرآن الكريم يمثل إنجازًا عظيمًا يجمع بين الأجر الديني والتميز العلمي. رغم التحديات التي قد تواجه الطالب، إلا أن الفوائد الروحية والعملية تجعل هذه الرحلة تستحق العناء. سواءً كان الهدف هو تعليم الآخرين أو ضمان صحة التلاوة، تبقى الإجازة في تلاوة القرآن الكريم حلقة وصل بين الأجيال في حفظ القرآن الكريم ونقله بلا تحريف.

مقالات مشابهة

  • 3 عادات تؤدي إلى تآكل سيارتك بشكل أسرع
  • أهالي غزة يعلقون على هروب الإسرائيليين تجاه قبرص بـالسخرية والتعجّب
  • مشهد جنائزي مهيب.. أهالي سوهاج يشيّعون مدير العلاقات العامة بحضور نائب المحافظ
  • أسوأ 3 عادات تؤدي إلى تآكل سيارتك بشكل أسرع
  • لجنة الأزمة تطمئن أهالي الأصابعة: لا إصابات في حريق منزلي محدود
  • بدء إذاعة المصحف المعلم للشيخ الحصري عبر إذاعة القرآن الكريم
  • غذاء المصريين في أمان.. احتياطي إستراتيجي يحمي موائد 100 مليون مصري من أي اضطرابات
  • عادات يومية غير متوقعة قد تقودك للإصابة بالسرطان .. احذرها
  • الإجازة في تلاوة القرآن الكريم.. التحديات والفوائد وأهميتها في التعليم الإسلامي
  • الصيام في شهر المحرم.. حكمه وفضله للمسلم