عربي21:
2025-05-30@22:02:55 GMT

غزة وأوكرانيا.. في خطاب «حالة الاتحاد»

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

واجه الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تحدياً صعباً أثناء إلقائه خطاب «حالة الاتحاد» هذا العام أمام الكونجرس، إذ كان مضطراً للتعاطي مع بواعث قلق تتعلق بقلق الناخبين بشأن الاقتصاد، والبيئة المختلة التي خلقها التعصب الشديد داخل الحزب «الجمهوري»، والتهديد المستمر لعملياتنا الديمقراطية الذي يطرحه تكرار لسيناريو تمرد 6 يناير 2021.



وكما كان متوقعاً، كانت لدى المعلِّقين آراء مختلفة حول مدى نجاح بايدن في التعامل مع التحديات التي تواجه البلاد ورئاسته، حيث بدا أن «الديمقراطيين» المتحيزين للحزب يجترون نقاط حديث بايدن في الحملة الانتخابية، بينما سعى «الجمهوريون» إلى تمحيص كل كلمة من كلماته بحثاً عن أي عيوب أو ثغرات فيها، غير أن تقييماً صادقاً للخطاب يشير إلى أن بايدن منح «الديمقراطيين» ما يحتاجونه للقيام بحملة لإعادة انتخابه، ولكنه لم يفعل شيئاً لمعالجة الانقسام الحزبي، أو الدفع بأي تشريع عالق في الكونجرس حالياً. 

وبالنظر إلى حجم التحديات الداخلية التي شكّلت الجزء الأكبر من خطاب الرئيس حول «حالة الاتحاد»، فقد كان من الغريب اختياره افتتاح خطابه واختتامه بقضيتين من قضايا السياسة الخارجية، وكلاهما تم التعامل معه على نحو غير مرضٍ تماماً.

ذلك أنه افتتح تصريحاته بتحذيرات شديدة بشأن حرب روسيا على أوكرانيا، مشبهاً التحديات التي تفرضها هذه الحرب على الديمقراطيات الغربية بالوضع الذي كان سائداً في أوروبا، خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. والحال أن هذه مبالغة كبيرة، في أحسن الأحوال. ذلك أن بوتين ليس هتلر، والأكيد أن الحرب في أوكرانيا لا تشكّل تهديداً للولايات المتحدة، ولا تطرح تحدياً خطيراً لأي من دول «الناتو» الأوروبية. فروسيا لديها تظلم تاريخي معين بخصوص أوكرانيا، ولئن كان من المهم الدفاع عن سلامة أراضي هذه الأخيرة، فإنه يمكن القيام بذلك من دون غلو أو عقد تشبيهات تاريخية مبالغ فيها وغير دقيقة، ثم إن استخدام خطاب مبالغ فيه حول مواجهة الأنظمة الديمقراطية للاستبداد يبعث على النفور ولا يخلو من خداع، وذلك على اعتبار أن «الديمقراطيات» الأوروبية المعنية كانت قوى استعمارية في الأربعينيات، وكانت من بين أسوأ البلدان المنتهكة لحقوق الإنسان في العالم. 

عامان مرا منذ أن بدأ الرئيس في اتباع أسلوب خطاب تشرتشل أو ريجان في وصف إعادة خلقه لصراع الحرب الباردة مع روسيا والصين. وقد يُطرب ذلك بعض الأفراد داخل دائرته الداخلية، ولكنه لا يجد له صدى بين الناخبين، إذ تُعارض نسبة كبيرة من «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» إرسال مزيد من المليارات لخوض حرب في أوكرانيا.

وإذا كان افتتاح الخطاب بموضوع أوكرانيا غير موفق، فإن تناول الرئيس الأميركي موضوع غزة في الختام كان من دون تأثير أو فعالية. ولئن كانت جهود إعادة انتخاب بايدن لن تتضرر بسبب دعمه أوكرانيا، فإن نتائج بعض الانتخابات التمهيدية المبكرة هذا العام تشير بوضوح إلى أن استمراره في تسليح إسرائيل، ورفضه التنديد بسياساتها في غزة قد يكلّفه أصواتاً في نوفمبر المقبل. ونتيجة لذلك، شعر بأنه مضطر لتناول هذه القضية، ولكن مقاربته كانت مربكة ومحيرة في أحسن الأحوال. أما مشكلته، فهي أنه حاول الجمع بين نقيضين. ذلك أنه من جهة، يواصل التعهد بدعم إسرائيل دعماً كاملاً، و«حقها المزعوم في الدفاع عن نفسها»، وفي الوقت نفسه، يحاول تلطيف هذا الدعم وخلق نوع من التوازن عبر دعوة إسرائيل أيضاً إلى إظهار اهتمام أكبر بالمدنيين الفلسطينيين – وهي دعوات اعترفت بها إسرائيل مرات كثيرة، ولكنها تجاهلتها لأشهر. 

ورغم إشارة بايدن إلى مسؤولية إسرائيل عن الأزمة الإنسانية في غزة، إلا أنه بدلاً من أن يدعو إلى وقف إطلاق النار، ويطالب إسرائيل بسحب قواتها، تعهد عوضاً عن ذلك بإنشاء ميناء عائم لجلب الإمدادات اللازمة إلى غزة. 

اقتراح أثار الازدراء في الغالب الأعم. واعتُبر غير ضروري، على اعتبار أن مشكلة إدخال الإمدادات إلى غزة يمكن حلّها بسهولة أكبر عبر الانضمام إلى الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. وعلاوة على ذلك، لفت بعض المراقبين إلى أنه خلال الشهرين اللذين سيستغرقهما إنشاء الميناء، سيكون آلاف الفلسطينيين قد ماتوا جوعاً. 

التقييم الختامي: للأسف، أضمُّ صوتي إلى الأصوات التي ترغب في إنهاء هذا التقليد السنوي، لأن خطاب «حالة الاتحاد» لا يصف حالة أمتنا بصدق، ولا يعمل على توحيدنا لمواجهة التحديات التي نواجهها، بل أضحى مسألة حزبية لا تخطئها العين تتخلله هتافات الاستهجان والمعارضة، أو فعالية من فعاليات الحملة الانتخابية تتخللها تصفيقات متكررة ولا داعي لها. وبالتالي، فإنه يساهم في تعميق الانقسام الحزبي أكثر منه في توحيد البلاد خدمة للمصلحة العامة. وتأسيساً على ما تقدم، فإن خطاب الرئيس بايدن ربما أفاده بين بعض الأفراد في حزبه، لكنه لم يفعل شيئاً لتوحيد الأمة.

(الاتحاد الإماراتية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن غزة امريكا غزة بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حالة الاتحاد

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد تشديد الاتحاد الأوروبي لهجته حيال إسرائيل؟

شدد قادة دول الاتحاد الأوروبي لهجتهم حيال إسرائيل خلال الأسبوع الحالي بعد عمليات قصف جديدة حصدت مئات الشهداء في قطاع غزة، لكن يبقى معرفة مدى التأثير الملموس لهذا التغيير في اللهجة.

وبدا الأمر جليا يوم الاثنين الماضي مع انتقاد ألمانيا -وهي حليف دائم لإسرائيل- تكثيف الاحتلال هجومه على قطاع غزة، مع إعلان مستشارها فريدريش ميرتس أنه لم يعد يفهم هدف الجيش الإسرائيلي محذرا من أنه لن يتمكن بعد الآن من دعم حكومة نتنياهو الصادرة بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.

وقال ميرتس إن "الطريقة التي تضرر جراءها السكان المدنيون، كما هي الحال بشكل متزايد في الأيام الأخيرة، لم يعد ممكنا تبريرها بمحاربة حماس".

وقد وجدت لهجة برلين الصارمة الجديدة صدى أول أمس في بروكسل، حيث وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية أورسولا فون دير لاين، هجمات الأيام الماضية على البنية التحتية المدنية في غزة بأنها "بغيضة وغير متكافئة".

ووصف دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي هذه اللهجة بأنها "قوية وغير مسبوقة" من رئيسة المفوضية التي انحازت لإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة.

ورأى هذا المسؤول أن التفسير لذلك هو "تغيير ميرتس للموقف" في بروكسل.

إعلان

ومن جانبه قال جوليان بارنز-داسي، رئيس برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في بودكاست للمركز البحثي، إن الأسابيع الأخيرة شهدت تحولا ملحوظا للغاية، معتبرا أن ذلك يعكس تغيرا جذريا في الرأي العام الأوروبي.

انقسامات طويلة الأمد

لكن تحويل الأقوال أفعالا مسألة أخرى تماما، فقد رفضت ألمانيا -المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة- هذا الأسبوع الدعوات إلى وقف مبيعات الأسلحة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي.

لكن، وفي تهديد غير مباشر أول أمس، حذّر وزير خارجيتها إسرائيل من تجاوز الحدود.

وقال يوهان فاديفول "ندافع عن سيادة القانون في كل مكان، وكذلك عن القانون الإنساني الدولي. وعندما نرى انتهاكا له سنتدخل بالطبع، ولن نوفر أسلحة تمكّن من ارتكاب المزيد من الانتهاكات".

ولطالما واجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في التأثير على الصراع في الشرق الأوسط بسبب الانقسامات الطويلة الأمد بين الدول الداعمة لإسرائيل، وتلك التي تعتبر الأكثر تأييدا للفلسطينيين.

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن الأسبوع الماضي إطلاق مراجعة لتحديد ما إذا كانت إسرائيل تلتزم مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة أيدتها 17 دولةً من أصل 27 في التكتل.

وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس -أمس- إنها تأمل في عرض خيارات بشأن الخطوات التالية على وزراء الخارجية في اجتماع يعقد في 23 يونيو/حزيران في بروكسل.

ويتطلب تعليق الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل إجماعا بين الدول الأعضاء، وهو ما يراه دبلوماسيون أمرا مستحيلا.

ويعد التكتل أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ بلغت قيمة تجارة السلع 42.6 مليار يورو عام 2024. وبلغت تجارة الخدمات 25.6 مليار يورو عام 2023.

وأكد دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي أنه لم يتضح بعد ما إذا كان هناك دعم كاف لهذه الخطوة، التي تتطلب تأييد 15 دولة عضوا، تمثل 65% من سكان الاتحاد.

إعلان

واعتبرت كريستينا كوش خبيرة شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث صندوق مارشال الألماني أنه من السابق لأوانه الحديث عن تحول في السياسة الأوروبية.

ضغط دولي

في هذا الوقت، يتزايد الزخم لتكثيف الضغط على إسرائيل من دول تعد الأكثر انتقادا لها مثل إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا.

وقال وزير خارجية بلجيكا ماكسيم بريفو "رأيي الشخصي أن الأمر أشبه بإبادة جماعية" موضحا "لا أعلم ما هي الفظائع الأخرى التي يجب أن تحدث قبل أن نجرؤ على استخدام هذه الكلمة".

وتواجه إسرائيل اتهامات متزايدة بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، أعربت عنها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وعدد متزايد من الدول وفنانون من العالم بأسره، وتنفي إسرائيل قيامها بذلك.

وقد تكون الخطوة الملموسة المقبلة هي اعتراف أوسع بالدولة الفلسطينية، مع سعي فرنسا إلى المضي قدما بذلك قبل مؤتمر دولي في يونيو/حزيران المقبل.

وتساءل رئيس برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز داسي "هل سيكون لذلك تأثير فوري؟ على الأرجح كلا" لكنه تدارك "أعتقد أنه سيكون له تأثير إذا أدركت إسرائيل أنها لم تعد تتمتع بالحرية التي كانت لها لفترة طويلة".

مقالات مشابهة

  • بايدن يتحدث لأول مرة علنا بعد إصابته بالسرطان: سأتمكن من هزيمته
  • دبلوماسي أوروبي يهدد بتصعيد الضغط على إسرائيل
  • أوربان: قناعة راسخة لدى الأوروبيين بكارثية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي
  • أخبار العالم| شرط مشاركة أوكرانيا في مفاوضات روسيا.. رد إسرائيل على مقترح ويتكوف لا يلبي مطالب حماس.. وترامب ينتقد قرار محكمة التجارة بشأن الرسوم الجمركية
  • تعليق اتفاقية وحظر تصدير.. إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي لموقف ضد إسرائيل
  • ماذا بعد تشديد الاتحاد الأوروبي لهجته حيال إسرائيل؟
  • مسؤول حوثي: ارتفاع عدد الطائرات المدنية التي دمرتها إسرائيل في مطار صنعاء إلى 8
  • المتحدثة باسم «الأغذية العالمي» في الخرطوم لـ«الاتحاد»: 25 مليون سوداني يُعانون الجوع الحاد
  • ألمانيا وأوكرانيا توقعان اتفاقية لتمويل إنتاج أسلحة بعيدة المدى ودعم أوكرانيا
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل