19 مارس، 2024

بغداد/المسلة الحدث: دعا رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم الدول الاسلامية الى ترميم بيتها الكبير وإيجاد شراكات اقتصادية وتجارية كبرى.

وقال السيد الحكيم في مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الاسلامية في مكة المكرمة والتي القيت بالنيابة عنه “يسعدنا أن نجتمع في ضيافة المملكة العربية السعودية و في رحاب حرم الله الآمن و قبلته الجامعة و بيته المبارك الذي جعله قياماً للناس و هدىً للعالمين ، الذي رفع إبراهيم و إسماعيل قواعده ليكون مطهراً لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ، هنا حيث مهد الإسلام و مهبط الوحي و مهوى الأفئدة، لنلتقي بالتزامن مع شهر ضيافة الله ، شهر رمضان المبارك .

وأضاف “الشكر موصول لرابطة العالم الإسلامي و أمينها العام معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى ، على دعوته الكريمة إلى هذا المؤتمر النوعي وغايته السامية في تحقيق وحدة المسلمين و جمع كلمتهم وتعضيد روابطهم الإسلامية والايمانية، وما أحوجنا إلى هذه اللقاءات و الحوارات و المناقشات البناءة الجادة التي تبني الجسور وتعزز الروابط بين أبناء الأمة الواحدة وتطيب النفوس وتنور العقول وتقارب القلوب وتوحد الكلمة ،تجسيداً لقوله سبحانه ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وقوله تعالى ( وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).

وتابع السيد الحكيم “مما لاشك فيه أن الإسلام بما يحمله من رؤى و قيم و مبادئ إلهية و إنسانية ، ولد منذ اليوم الأول ليكون جامعاً ومتمماً وخاتماً لكل الرسالات على امتداد حياة البشرية ، منذ أبينا آدم (عليه السلام)  ، وصولاً لرسولنا الخاتم (صلى الله عليه وآله و سلم) ، مما يدلل بوضوح على أن هذه الشمولية في احتواء خط النبوة والوحي عبر مساراته التاريخية ، تجعل منه قادراً على احتواء أبنائه وأتباعه وحملة أمانته الذين تبنوا رؤيته و آمنوا به صدقاً و عدلاً و فعلاً و قولاً ، لكي يتكاتفوا في ترسيخ هذه الرؤية الكونية وتبيانها للعالم أجمع”.

وبين إن “تعدد القراءات و تنوع المسارات و تراكم الإرث و حجم الموروث و سعة التراث الإسلامي والأثر الشاخص ، كلها إشارات دالة على عظيم قدر الرسالة ومكانة الرسول ورعاية المرسل ، من أجل هدف عظيم وجسيم هو اشاعة عقيدة التوحيد: (قولوا  لا اله الا الله تفلحوا) وتوحيد المخلوق بقوله ( ما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون ) أي ليتحرروا من كل نزاعاتهم و نوازعهم و أهوائهم و هوياتهم الفرعية لصالح عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي خلق بني آدم متساوين مكرمين مطهرين محترمين ، ليكونوا خير خليفة له في الوجود”.

ولفت الى انه “حين ننظر للإسلام من زاوية الرسالة و الأهداف و العنوان الأكبر ، تتصاغر عندنا الاختلافات البينية و تتوحد عندنا المجهودات الفرعية ، لتصب في مجرى الدعوة المحمدية الغراء إلى الوحدة والسلم والقول الطيب والحياة الصالحة والحوار البناء ، للارتقاء بحياة الإنسان وبأهدافها و زادها وصولاً إلى معادها و رجوعها لبارئها وخالقهاالعظيم”.

وبين السيد الحكيم “ومع هذه الخصائص الغنية لايمكن أن تتصور أن هناك مذهباً إسلامياً يختلف ويتقاطع مع عالمية الإسلام وعظيم رسالته ، التي تقع مسؤوليتها على عاتقنا جميعاً كأمة مسلمة واحدة ، لأي مذهب انتمينا و أي مشرب اخترناه وأي مسلك تبنيناه، وانطلاقا من هذه الرؤية الإسلامية المتكاملة ، يجب أن نتبنى معاً مهمة مد جسور التفاهم و الحوار الإسلامي الداخلي لتنظيم بيتنا الكبير أولا ، قبيل التوجه إلى العالم ومفاتحته و محاورته بما نملك من رؤية و منطق و ثروة فكرية و روحية و قيمية”.

وأكد إن “قبولنا لبعضنا وتقبلنا لحقيقة الاختلاف و إدارتنا لواقع التنوع و التعدد ، وإيماننا بأهدافنا السامية ، يجعلنا أكثر إدراكا لمسؤولياتنا الإسلامية بعيداً عن المجاملات والشعارات و التجاذبات ، ويدفعنا نحو القول السديد و العمل الصالح والجهد المشترك”.

ودعا السيد الحكيم إلى التركيز على النقاط التالية :

أولا : إن المذاهب الإسلامية على تعددها و تنوعها تشكل قراءات متنوعة تنبع من نسخة واحدة جوهرها الإسلام والوحي المصان و القبلة الواحدة و الشعائر الإسلامية ، ويجب أن نتفهم تماما الاختلافات الطبيعية في القراءات و مصادرها.

-وانطلاقاً من ذلك يجب أن ننتهي من فصول التشكيك والتفريق بين أبناء الأمة الواحدة ونعلن قبولنا الرحب والمنطقي والعقلاني لهذه الاختلافات ، بل يجب حصرها على المستوى العلمي و الفكري و المعرفي بعيداً عن أجندات المتطرفين و الجهلاء و الدخلاء الذين يريدون جر المجتمعات الإسلامية إلى الاقتتال و التنافر و الفرقة .

-وما أكثر الاختلافات و الاجتهادات و المناقشات داخل المذهب الواحد ، فضلا عنها في المذاهب المتعددة ، وهو أمر يصلح لشحذ العقول والأفكار والطاقات لصالح الإسلام ونشره وتكريسه من زوايا وأطر متعددة ومقنعة.

ثانيا : إن الأمة الاسلامية بعددها الذي يربو على مليارين مسلم في مجتمعات إسلامية شبابية متعلمة وطموحة ومثقفة و واعية ، تستدعي من قيادات الأمة الاهتمام و الرعاية و العناية ، والسير الحثيث نحو بناء حضاري عالمي كبير بهوية إسلامية أصيلة ، تشارك الحضارات الأخرى في عمران الأرض و تطوير العلوم والمعارف و التجارب البشرية ، وتكون لنا بصمة و أثراً و وجوداً مؤثراً في العالم.

-إن الرؤية الكونية للإسلام و حثها على التعلم و التعقل و التدبر ، هي محطات هامة و فرص هائلة للنهوض بالأمة مرة أخرى ، من منطلق قوة المنطق لا منطق القوة ومن بوابة التشارك لا التحارب وعلى أساس التعاون البشري لا التقوقع و الانغلاق والتخوف .

-لنقدم للعالم قيم السلام والفضيلة والمعرفة والحكمة والعقلانية ، لنكسب بذلك ثقة الآخرين و اندفاعاتهم نحو التشارك و التفاعل و التعاون معنا.

ثالثا : إن تمسكنا بحبل الله المتين و تعاوننا على البر و التقوى و تعاضدنا على الأخوة و المودة و الرحمة ، سيجعلنا جميعاً كالبنيان المرصوص، ليكون كل تطور واستقرار و ازدهار في أي دولة أو مجتمع إسلامي محط فخر و اعتزاز و تكريم لنا جميعا .

-يجب أن تتعاون مجتمعاتنا على الخير و التقدم و التطور لنكون بأزاء عدالة إسلامية و مساواة إيمانية في دولنا جميعها .

لنؤسس معا مسيرا مشتركاً ومصيراً واحدا للتقدم و الازدهار ، ولنشعر معاً بالقوة و العزيمة والحياة الكريمة.

لقد دعونا سابقاً و نكرر اليوم دعوتنا إلى ضرورة ايجاد شراكات إقتصادية و تجارية كبرى ومضاعفة الشراكات العلمية والتكنولوجية والثقافية بين دولنا ، لننعم معاً بثمرات هذه الشراكات و خيراتها .

رابعا: منذ سنين ونحن ندعو إلى ترسيخ مفهوم الوطنية و المواطنة الشيعية ، للتأكيد على ضرورة ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة في كل دولة ، وفق أطر الحقوق و الواجبات المتساوية العادلة .

وتأكيدنا هذا يأتي لحث الشيعة على الاندماج الإيجابي في أوطانهم من جهة ، واستثمار طاقاتهم و احتضانها من قبل مجتمعاتهم و دولهم من جهة أخرى .

ومن هذا الفهم أدعو إلى إشاعة الثقافة الوطنية و احترام خصوصيات المجتمعات و الدول في جميع بقاع المسلمين ، من أجل إقامة علاقات متينة مستقرة وإيجابية وفاعلة بين الدول الإسلامية ، بعيداً عن التشكيك بالولاءات أو الوقوع في شراك التقاطعات .

خامسا: ضرورة الاهتمام بالقضايا الإسلامية المشتركة وفي مقدمتها قضية فلسطين وشعبها الصابر والقدس الشريف .

فما يجري من إزدواجية المعايير والقيم الإنسانية والسياسية على مستوى التعامل مع المجازر الإنسانية المرتكبة من قبل الكيان الصهيوني بحق أبناء فلسطين لهو أمر يدعو للأسف و الحزن والاستنكار ، ويؤكد أهمية الوحدة وضرورة التكاتف .

علينا الدفاع عن فلسطين لا لكونها قضية إسلامية وعربية فقط، بل لأنها جرح إنساني نازف منذ سبعة عقود ، وبحاجة إلى خطوات جادة و إجراءات كفيلة بمعالجة هذه الأزمة الإنسانية العميقة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: السید الحکیم یجب أن

إقرأ أيضاً:

الدلالات العميقة في قراءة الشهيد القائد لآيات التقوى والاعتصام والنجاة

الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، العلم الذي يمثل امتداداً لإعلام الهدى من آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وآله، والصوت الذي خرج من عمق القرآن، وإشعاعاً روحياً أعاد للكتاب العزيز قدسيته في حياة الناس، لم يُقدِّم قراءاته الدلالية للآيات القرآنية ،كمفسّر بين المفسرين، بل قدّمها كمن عاش مع الآيات حتى تحوّلت في روحه إلى نور، وفي وعيه إلى بصيرة، وفي خطابه إلى نهضة، وعندما تناول المعاني الدلالية في آيات من سورة آل عمران،  كانت ملامح هذه الروح القرآنية تتجلى في كل كلمة، في كل يقين، وفي كل نَفَس، لقد قرأ هذه الآيات  قراءة دلالية أعاد لها حياتها وأعاد بها حياةً لمن أنصتوا إليه،

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِـمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ } (104) 

يمانيون / تحليل / أعده للنشر ، طارق الحمامي

 

 آيات تُقرأ بروح من تجلّى له معناها

ليست القراءة الدلالية عند الشهيد القائد مجرد شرح لمعنى لغوي أو سياق تفسيري، بل انكشافٌ لمعنى حيّ، كان يقف أمام الآية كما يقف الإنسان أمام باب يُفتح له على عالم آخر، عالم يرى فيه الحركة الإلهية في التاريخ، ومسؤولية الأمة، وخطر التفرق، وجلال الاعتصام بحبل الله.

حين قرأ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، لم يكن يرى فيها تقوى الخائف الساكن، بل تقوى من أيقن بالله حتى امتلأ قلبه قوة وعزماً، تقوى ترفع الإنسان إلى مقام الشهود لا مقام الانكسار.

وحين تلا: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}، كان يرى فيها إعلاناً إلهياً لبناء أمة لا يفرّقها شيء، ولا تهزّها الفتن، ولا تضعفها التحديات، كان يرى أن الاعتصام ليس اجتماعاً شكلياً، بل اتحاداً روحياً يجعل الأمة كالجسد الواحد.

 

 لغة التحذير في قراءته الدلالية تحوّلت إلى بوصلة

حين وقف عند قوله تعالى: {وَلَا تَفَرَّقُوا}، لم يعد الخطاب مجرد ذكرى، بل جرس إنذار يدوّي في الوعي، فهو يصرّ على أن التفرق ليس مجرد حالة اجتماعية، بل مرض يفتك بالأمة من داخلها، يقودها إلى الضعف، ثم إلى الاستسلام، ثم إلى فقدان هويتها.

وفي تحذيره من التفرق، كان يقرأ المستقبل بعين من يرى مواقع الضعف التي يمكن أن تنفذ منها الهزيمة إلى الأمة.

 

المفلحون مقامٌ عظيم لا يناله إلا من نهض بروح الأمة

من أقوى ما ميّز قراءة الشهيد القائد الدلالية للآيات هو تفسيره لكلمة المفلحين في الآية الكريمة، بتلك الروح العالية التي رآها فيها، فهو لا يراها مجرد بشارة، بل مقاماً إلهياً لا يبلغه إلا من حمل هم الأمة، ونهض بواجبها، ووقف في صف الحق بلا وهن.

فهو يقول إن المفلحين هم، أبناء العمل الصادق، وأهل المواقف الكبيرة، وصُنّاع الكرامة للأمة، الذين يضيئون وجوههم في الدنيا قبل الآخرة.

وبهذا فُهم الفلاح في معناه الدلالي كأنه وسامٌ رباني لا يناله الضعفاء ولا المتخاذلون.

 

 التثبيط .. الخطر الذي يجعل الأمة تفقد روحها

في مقاربته للتحذير القرآني من المرجفين والمثبّطين، فإن الشهيد القائد يتحدث بلغة ممتلئة بالألم والحزم في آن واحد.
فهو يرى أن الكلمات التي تُرهب الناس، أو تزرع فيهم الخوف، أو تدعوهم للابتعاد عن مسؤوليتهم، هي أخطر بكثير من ظنّ العامة، ويشدد على أن المثبط قد يبدو ناصحاً، لكنه في الحقيقة يسلب الأمة أعظم ما تملكه، وهي إرادة النهوض، والقرآن حين توعدهم، فهو يتوعد الحالة التي تهدم الأمم من داخلها.

 

وجوه تشرق .. وأخرى يسودّها الخذلان

في وقوفه أمام الآيات التي تصف يوم القيامة، كان الشهيد القائد ينقل مستمعيه إلى عالم آخر، كان يرسم ببيان قوي صورة، للوجوه التي أشرق نورها لأنها وقفت مواقف العزة والكرامة، وللوجوه التي اسودّت لأنها خذلت الحق في اللحظة التي احتاجها فيها، و هذا التصوير يُلهب الوجدان، لأنه يجعل الإنسان يقف أمام نفسه ليحدد موقعه، أفي صف المواقف المشرّفة؟ أم في صف التردد والخذلان؟

 

 الثقة المطلقة بالله سلاح الأمة التاريخي

الآيات القرآنية الكريمة عند الشهيد القائد ليست أوامر مجردة، بل اشراقة تطمئن القلب، فهو يؤكد باستمرار أن الله لا يأمر بشيء إلا وقد أراد أن يُعين عليه، وأنه مالك السماوات والأرض، وأنه يهيئ الظروف، ويخلق المتغيرات، ويفتح الطرق حين تُغلق.

هذه الفكرة مركزية في رؤيته، وأن الأمة التي تسير على هدى الله لا يمكن أن تُترك وحدها.

لقد أعاد الشهيد القائد للقلوب الإحساس بأن القرآن كتاب حيّ، كتاب مسؤولية، كتاب حركة، كتاب يصنع الإنسان والأمة.

يحيي فيهم الشعور بالكرامة، ورفض القعود، والإيمان بأن للأمة دوراً، وأن لله وعداً لا يتخلف.

 

ختاماً 

بهذه القراءة الدلالية العظيمة، قدّم الشهيد القائد رضوان الله عليه في وعي الأمة، نموذجاً فريداً للموجه الذي لا يكتفي بالمعنى، بل يغوص في الروح، ويستخرج من الآيات عزيمة تبعث الحياة، وقوة تُعيد للأمة ثقتها، ووعياً يحميها من التفرق والضعف والخذلان.

مثلما رأى في آيات من سورة آل عمران دعوة لأن تنهض الأمة، لا أن تبقى جالسة على ركام خوفها، ورأى فيها وعداً من الله لمن اعتصموا بحبله جميعاً، وتوكلوا عليه، وسلكوا الطريق الذي لا يُخلف الله أهله.

بهذه الروح العظيمة بقيت كلماته  في الوجدان، مصباحاً يضيء الطريق، وحضوراً لا يموت، وصوتاً يوقظ العزة في القلوب.

 

مقتطف من ملزمة سورة آل عمران ’’الدرس الثالث’’ للشهيد القائد رضوان الله عليه :

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}(البقرة: من الآية252) {تِلْكَ} إشارة إلى هذه الآيات، وكلمة {آيَاتُ} تعني أعلام من الهدى، أعلام من البينات، أعلام إلى الحقائق. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} حق لا ريب فيه، حق لا شك فيه، حق لا يتخلف. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} (آل عمران:108) كل هذه التأكيدات من عند الله سبحانه وتعالى بشكل رهيب، بشكل يخلق في نفس الإنسان شعوراً بالحياء وبالخجل أمام الله سبحانه وتعالى، تكشف عن رحمته العظيمة بعباده، إنه يرشدنا لأنه لا يريد لنا أن نُظلم. ثم عندما يرشدنا أن نسير على هذا الطريق، إلى هذه الطريقة، عندما يهدينا إلى هذا النّهج هو يقول لنا: بأنه سيكون معنا أنه سيقف معنا، وعندما يحصل لدينا إيمان بأنه سيقف معنا فلنعلم من هو الذي سيقف معنا، هو من له ما في السماوات وما في الأرض وإليه ترجع الأمور. هو من يمكن أن يهيئ، هو من يمكن أن يخلق المتغيرات، هو من يمكن أن يهيئ الظروف، هو من يمكن أن يُعَبِّدَ الطريق، هو من يهيئ في واقع الحياة المتغيرات التي تجعلكم قادرين على أن تصبحوا – وأنتم تسيرون في هذه الطريق – أن تصبحوا أمة قادرة على مواجهة أعدائكم، على ضرب أعدائكم، على قهرهم؛ ولهذا جاء بعدها {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (آل عمران:109) أي ثقوا بأني عندما أهديكم إلى أن تسيروا على هذا الطريق أني بيدي ما في السماوات وما في الأرض، أستطيع أن أجعل من يؤيدكم من خلقي، ألم يجعل الله الملائكة تؤيد المسلمين في بداية تحركهم مع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ؟.{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفتح: من الآية7) هو الذي كل من في السماوات والأرض خاضع له يستطيع أن يهيئ يستطيع أن يفتح الفرج، أن يفتح الثغرات في ذلك الجدار الذي تراه أمامك جداراً أصماً، تراه جداراً من الصلب، هو من يستطيع أن يفتح في هذا الجدار أمامك فترى كيف يمكن أن يضرب هذا الجدار، كيف يمكن أن يدمر ذلك الجدار، الذي ترى نفسك مهزوماً أمامه، ترى نفسك ضعيفاً أمامه، تراه من المستحيل أن تتجاوزه، من المستحيل أن تعلوه، من المستحيل أن تهدمه، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}. نحن قلنا أكثر من مرة أن بإمكان الإنسان – إذا تأمل في واقع الحياة – أن يرى ما يهيئه الله أمام عباده، إنه يهيئ الكثير من الفرص ؛لتعلم وتـثق بأنه ليس هناك من يمكنه أن يغلق الأجواء أمامك كاملة، ليس هناك من يمكنه أن يحيطك بسور من الحديد فيقفل عليك و يحاصرك في موقعك، فترى كل شيء مستحيلاً أمامك، إن الله يهيئ، إن الله يسخر، إن الله يخلق المتغيرات، فالأمور بيده له ما في السماوات وما في الأرض. أليس هذا مما يعزز الثقة في نفوس من يسيرون على هديه؟. وإنه لا يعطي تلك التهيئة ولا يهيئ ذلك إلا لمن هم جديرون بها. ولمن تكون تلك التهيئة، وتلك الإنفراجات تلك الفرص حجة عليهم إذا ما قصروا وفرطوا وتوانوا في استغلالها والتحرك لاستغلالها. {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (آل عمران:109) صدق الله العظيم. ،، إنتهى كلامه رضوان الله عليه .

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كوشة العالم واللغة)
  • مسيرات حاشدة في الضالع تؤكد على نهج الجهاد للتحرر والاستقلال
  • الأمين المساعد لـ البحوث الإسلامية: الأزهر ضمير الأمة.. وقضية فلسطين في قلب رسالته
  • مسيرات جماهيرية في حجة تأكيداً على الثبات واليقظة والاستعداد والجهوزية العالية
  • مسيرات جماهيرية في محافظة صنعاء تأكيداً على الجهوزية للجولة القادمة من الصراع
  • أبناء محافظة صنعاء يؤكّدون التمسك بنهج الجهاد والتضحية للتحرر والاستقلال
  • لماذا يعادي الهند الإسلام الذي حكمه 8 قرون؟
  • الأوقاف: توقير كبار السن من شيم المروءة وكمال الرجولة
  • دين الإسلام أو دين النفعية
  • الدلالات العميقة في قراءة الشهيد القائد لآيات التقوى والاعتصام والنجاة