الأسبوع:
2024-06-07@09:21:39 GMT

تربية الضمير

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

تربية الضمير

سَمِعَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - جَلَبَةَ خِصَامٍ عِنْدَ بَابِهِ، فَخَرَجَ عليهم فَقالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ، وإنَّه يَأْتِينِي الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضًا أنْ يَكونَ أبْلَغَ مِن بَعْضٍ، أقْضِي له بذلكَ وأَحْسِبُ أنَّه صَادِقٌ، فمَن قَضَيْتُ له بحَقِّ مُسْلِمٍ فإنَّما هي قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أوْ لِيَدَعْهَا.

[رواه البخاري].

لقد حرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذين الخصمين الإيمان، وارتفع بهما إلى مستوى رائع من التربية الوجدانية، وبناء الضمير، فكانت هذه التربية حاجزا لهما عن الظلم والحرام.

والضمير هو قوة روحية تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، وهو منحة من الله للإنسان يدله بها على الخير والشر، وفي شريعة الإسلام إلى جانب ما شرعته من أحكام وحدود وعقوبات، فإنها سعت لتربية الفرد المسلم على يقظة الضمير، والخوف من الله ومراقبته، حتى إذا غابت رقابة البشر، وهمت نفسه بالحرام والإفساد في الأرض تحرك ضميره الحي يصده عن كل ذلك، ويذكره بأن هناك من لا يغفل ولا ينام ولا ينسى.

إن المرء لينظر في حياة الناس فيجد عجباً: مشاكل وصراعات، وتهاجرا وقطع أرحام، وغمطا للحقوق، وتنكرا للمعروف على أتفه الأسباب، بل إنك تجد من يكون سببا في شقاء المجتمع، بسبب سوء أخلاقه وتصرفاته، فيستغل المواقف، ويتحين الفرص، ليشبع رغباته، ويحقق شهواته على حساب القيم والأخلاق والدين، ومصالح الآخرين، ومنافع العباد.

وما وصل الناس إلى هذه الأمور إلا بسبب غياب الضمير الذي يهذب الأخلاق، ويقوم اعوجاج السلوك، ويكون سببا في صلاح النيات، وقبول الأعمال، وكثرة العبادات والطاعات، بل إنه يورث الخوف من الله والخشية من عذابه وسخطه.

إن تربية الضمير وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيه سعادة الأفراد والمجتمعات والدول، وبدونه لن يكون إلا مزيدا من الشقاء، مهما تطورت الأمم في قوانينها ودساتيرها، وطرق ضبطها للجرائم، وإدارة شؤون الناس، فإنه سيأتي يوم وتظهر ثغرات في هذه القوانين.

وبالتالي ما الذي يمنع الموظف أن يرتشي، والطبيب أن يهمل في علاج مريضه، والمعلم أن يقصر في واجبه، والقاضي أن يظلم في حكمه، والمرأة أن تفرط بواجبها، والتاجر من أن يغش، ويحتكر في تجارته.. إلى غير ذلك من المفاسد والموبقات؟.. لا شيئ أقوى من الضمير اليقظ الذى يستشعر به الإنسان رقابة الله له فى كل أفعاله وتصرفاته.

هذا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في عام الرمادة، وقد اشتد بالمسلمين الفقر والجوع، جاءت تجارته من الشام ألف بعير محملة بالتمر والزيت والزبيب، فجاءه تجار المدينة، وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له: فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين.

ماذا لو لم يكن يحمل سيدنا عثمان بين جوانحه ضمير المؤمن الحي؟، لكانت هذه الفرصة لا تعوض ليربح أموالا طائلة، ولو كانت على حساب البطون الجائعة، والأجساد العارية، وآهات المرضى والثكالى، وهموم أصحاب الحاجات.

إن ضمير الإنسان إذا لم يكن موصولا بالله، فإنه سيأتي يوم ويعرض ذلك الضمير للبيع في سوق الحياة، وعندما يباع الضمير تهمل الواجبات، وتضيع الحقوق والأمانات، ويوسد الأمر إلى غير أهله، وتظهر الخيانات، وتحاك المؤامرات، وتقدم المصالح الشخصية الضيقة على مصالح المجتمع والأمة، فلنحذر من الغفلة، وبيع ضمائرنا.

اللهم ارزقنا خشيتك في السر والعلن.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الضمير مقالات رضی الله عنه

إقرأ أيضاً:

هل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة بدعة؟.. أمين الفتوى يرد

رد الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على مزاعم أن الصيام فى التسع الأوائل من ذى الحجة، يعتبر بدعة ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على فضائية "الناس"، اليوم الثلاثاء: "الصيام من جملة الأعمال الصالحة التى تستحب في هذه الأيام، وبعض من يقولون إن الصيام فى هذه الأيام بدعة بزعم أن النبي لم يصومها، نقول لهم عدم الورود ليس معناه عدم الوقوع، والترك ليس حجة".

وتابع: "سيدنا خالد بن الوليد جاء لسيدنا النبي بحيوان الضب، ليأكله، فامتنع عن أكله، فقال له سيدنا خالد: أهو حرام، فقال له صلى الله عليه وسلم، فإنى أعافه، فهذا يعنى إن ترك سيدنا النبي أى أمر ليس معناه التحريم".

وأضاف: "من يزعم إنه بدعة وممنوع، لا بد أن يأتى بدليل أن الصوم لا يجوز فى هذه الأيام، ويشوف قول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، عن الأِشهر الحرم التى منها شهر ذى الحجة حين قال: صم من الحرم واترك".

وكانت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، قد أطلقت قناة الناس في شكلها الجديد، باستعراض مجموعة برامجها وخريطة الجديدة التي تبث على شاشتها خلال 2023.

وتبث قناة الناس عبر تردد 12054رأسي، عدة برامج للمرأة والطفل وبرامج دينية وشبابية وثقافية وتغطي كل مجالات الحياة.

مقالات مشابهة

  • عنقاءُ تِرْمِي
  • أحمد عبد الله محمود ضيف برنامج "واحد من الناس".. الإثنين
  • أحمد عبد الله في ضيافة واحد من الناس بهذا الموعد «صورة»
  • ماذا تفعل المرأة الحائض أثناء أداء مناسك الحج؟.. أمين الفتوى يجيب
  • من المنع ما استوجب الغضب
  • رخوبات مواقع التواصل الاجتماعي!!
  • تعرف على حكم الإنفاق على الفقراء بدلا من الحج والعمرة
  • هل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة بدعة؟.. أمين الفتوى يرد
  • دعاء المعجزات لطلاب الثانوية الأزهرية والعامة 2024
  • أنت حيث تضع نفسك!!