الوطن:
2025-05-28@10:30:13 GMT

د. على جمعة يكتب: «نور الدين» وإرشاد الحائرين

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

د. على جمعة يكتب: «نور الدين» وإرشاد الحائرين

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذا مقال ليس ككل مقال، فإنه ليس لعرض فكرة جديدة أو الكلام عن مبدأ مهم أو موضوع لحضور، لكنه شكر واجب لكل من ساهم فى البيان والتبيين لحقائق الدين، فى عصر اشتدت فيه الفتنة، وكثر فيه الهرج واختلط فيه الأمر. الشكر لجريدة «الوطن» التى قادت هذه الردود الرصينة العلمية، والتى ساهمت مساهمة تذكر، فتشكر للدفاع عن الدين الصحيح، وللدفاع عن الحياة المستقرة، وللدفاع عن النفسية والعقلية، التى تكوّن الشخصية القوية السليمة، وفى حديث سيدنا أبى هريرة الذى أخرجه الإمام مسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف».

والشكر موصول لكل الأساتذة والعلماء والمفكرين وأصحاب الرأى الذين ساهموا فى عطاءاتهم ومقالاتهم حول برنامج «نور الدين».

برنامج «نور الدين» أعددنا له إعداداً طيباً، وقررنا أن نشتبك مع أسئلة الأطفال والشباب والرجال والنساء فيما يختص بعصرنا الحاضر، وهو خطوة فى طريق طويل، وقطرة من غيث منهمر «وأول الغيث قطر ثم ينهمر»، القصد منه هو إرشاد الحائرين، وهو الإجابة التى توصل إليها العلماء عبر القرون، لكنها ظلت مختفية ومغلفة بمصطلحات لا تصل إلى أسماع ولا عقول ولا قلوب الناس، وعندما كان الأطفال يسألون -بل والكبار- كانت الإجابات باهتة ومحيرة، ويزداد الأمر صعوبة فى التطبيق العملى، ولذلك قررنا ونزلنا وسمعنا من طائفة كبيرة من هذه الشريحة (الأطفال والشباب والرجال والنساء)، ما الذى يشغل البال؟ وما الذى يلفت الأذهان؟ وخرجنا بأكثر من مائة وخمسين سؤالاً لم تتسع أوقات حلقات برنامج «نور الدين» أن تستوعب كل هذه الأسئلة، فكانت الشرارة الأولى التى تحرك المحرك فى السيارة حتى تنطلق إلى هدفها، والحمد لله أحدث البرنامج ردود فعل طيبة وردود فعل متشنجة وردود فعل مستحسنة وردود فعل مستاءة، وهذا أمر طبيعى، ودائماً ما يكون عندما يأتى جديد.

الاشتباك مع الأطفال فى أسئلتهم الوجودية ومع الرجال والنساء فى أسئلتهم الفقهية ومع الشباب فى أسئلتهم الحياتية، كل ذلك أمر وكأنه جديد على الساحة بهذه الكيفية، ومن توفيق الله تعالى أننا التزمنا بمذهب أهل السنَّة والجماعة، كثير من الناس يريد أن يحمل كل الناس وكل المسلمين على رأيه، بحيث إنه يرى نفسه الصواب فقط، وهذا نعاه الله سبحانه وتعالى علينا، ودائماً ما يحيل رفع الخلاف إلى يوم القيامة، فيقول سبحانه «ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» (سورة الأنعام).

أما فى الحياة الدنيا، فهو اجتهاد مع إخلاص النية، فإن للمخطئ أجراً وللمصيب عشراً، كما أخرجه الدارقطنى وفى «الصحيحين»: «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، فإن أصاب فله أجران»، والشائع هو حديث «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله عشرة أجور» رواه الدارقطنى، ولكننا مع رواية الدارقطنى طمعاً فى فضل الله وجزيل ثوابه سبحانه وتعالى.

برنامج «نور الدين» أحدث حراكاً فى الحياة الثقافية، لكنه ينبغى أن يكون نموذجاً، وأن تتحرك الأمة فى هذا الاتجاه، ونرى مشكلات العصر، ونرى كيف نطبق دين الله سبحانه وتعالى دون تفريط ودون تعنت، فدين الله سبحانه وتعالى واسع، ويكفينا منه قوله تعالى: «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» (سورة البقرة)، يكفينا منه «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (سورة الشرح)، يكفينا منه أن الله سبحانه وتعالى بدأ كتابه وخطابه للبشر فقال: «بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم» (سورة الفاتحة)، فاختار صفتين من صفات الجمال ولم يختر صفة أو صفتين من صفات الجلال، فلم يقل «بسم الله المنتقم الجبار» ولم يقل «بسم الله الرحمن المنتقم» بل جعلها جمالاً فى جمال، يكفينا قول النبى صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، ما كان الرفق فى شىء إلا زانه، ولا نُزع من شىء إلا شانه» صحيح مسلم، يكفينا أن يأمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نتخلق بأخلاق الله فيقول: «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء» أخرجه أبوداود والترمذى وأحمد عن عبدالله بن عمرو.

فهذه آيات وأحاديث كلها تبنى الشخصية.. تبنى نفسية سالمة مسالمة، آمنة مؤمنة مطمئنة، وتبنى عقلية واضحة عميقة مبتهجة، فتتكون تلك الشخصية القوية التى يريدها منا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كل هذا وأكثر ظهر فى هذا الكم الكبير من الأقلام النيرة المؤمنة التى نهضت لتقوم بواجب عصرها للدفاع عن الحياة، وللدفاع عن الدين، أما الذين تسافهوا فأولئك وراءهم ما وراءهم، وربنا سبحانه وتعالى علمنا أن من يكون على هذه الصفة أن نواجهه بالعفو والصفح، «فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (سورة البقرة)، وأن نشتغل بعد ذلك بالصلاة وبالزكاة والعبادة، وبعمارة الأرض وتزكية النفس، وألا نقف عن أولئك، فبعضهم يعرف الحق ويحيد عنه، وبعضهم يضل عن الحق ولا يعرفه، ولكن دعونا نسِر فى طريقنا إلى الله سبحانه وتعالى، نرفع لواء أهل السنة والجماعة، ونطبق تلك البرامج التى تؤدى إلى سعادة الدارين.. سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.

كل حركة وسكنة فى هذا الكون وفى تلك الحياة على قلَّة ما فيها مرتبطة بالآخرة، فلا تحزن ولا تيأس، كل ما تلاقيه من نصب ومن تعب ومن كد فى الدنيا له علاقة بالآخرة، والله سبحانه وتعالى يقول: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرهُ» (سورة الزلزلة).

ويقول سبحانه: «وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» (سورة العنكبوت)، ويقول سبحانه: «كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» (سورة المؤمنون). وهكذا يوجه الله سبحانه وتعالى إلى أنه «وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ» (سورة القصص).

الشكر مكرر وموصول لصحيفة «الوطن» الغراء ولكل أستاذ وعالم وعَلم وعلَّامة كتب فيها نصرة للحق، لا يسعنى إلا أن أقول: «جزاك الله خيراً».

* عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نورالدين الدين الصحيح الله سبحانه وتعالى صلى الله علیه وسلم نور الدین

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (زحام القادم)

قالوا
أمس الأول موقع واسع فى بورتسودان فيه قادة الأمن … كل الأجهزة … وقوش هناك من أسبوعين
ورسم القادم
ضربة بورتسودان وقعت بعد وصول قوش بساعات
قحت قادتها ملفاتهم الشخصية فى حقيبة قوش وقحت التي تريد العودة تنظف البيت
(العام الماضي قوش يرسل إلى عرمان صورته وهو في الحمام)
…….
الدعامة رجعوا للحديث عن الطريق الثالث
الطريق الثالث لفظ ينطق به قوش وهو يخرج من القصر بعد خطاب البشير الأخير…
والسعودية تردد الجملة هذه أمس الأول … لما قال بن سلمان … الحل سوداني/ سوداني
وقحت لا تستطيع العودة إلى سودان فيه قوش
(أمس الأول التعايشي يطارده السودانيون في لندن)
……
والعقوبات إرضاء للإمارات .. وثمن للترليونات لكن
أمريكا لن تحارب … وسوريا الآن نموذج … لكن شيئًا مخيفاً يحدث يسمى … الديانة الإبراهيمية
وهي خليط من كل الأديان والأمر (جد) إلى درجة أن علماء العالم الإسلامي يصدرون بياناً ضده … قبل أسبوع
و(قبل أسبوع) جملة تعني أن الأمر يتجدد
والإمارات تبني المعبد الثاني للدين هذا
الأول بناه السادات
والأمر يبلغ أن الشرع في سوريا يقارب هذا الدين إرضاء لترامب
…….
وعن العقوبات قالوا
لامعنى لها .. فأنت لاتجد في السودان عربة أمريكية ولا بنك ولا ماكينة ..
والجنون الإسرائيلي يوقف أي تقارب مع إسرائيلي ومع غزة الآن لن يجرؤ زعيم على لفظ (تطبيع)
وحتى الصادق المهدي
والبعض يحفظ للصادق فيديو يقول فيه إنه سوف يقتل .. بالكرونا
أين مات/ قتل .. الصادق المهدي
لكن ما يهمنا هو أن اتفاقاً (لن) يعلن يوقع وفيه
::: روسيا تحرس حدود السودان جواً …
وهذا يعني إنقطاع الدعم عن الجنجا
وإنقطاع الدعم يعني …
يعني ماذا …

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (زحام القادم)
  • ملتقى الجامع الأزهر: تقبيل الحجر والطواف شعائر توحيد لا وثنية كما يزعم البعض
  • محمد محمود يكتب: التصدعات بين الفيفا واليويفا.. تحركات إينفانتينو الـدبلوماسية وأولويات مثيرة للجدل
  • ملتقى الجامع الأزهر يوضح المفهوم الشامل لتعظيم شعائر الله
  • آيات الرقية الشرعية كما جاءت عن النبي.. رددها لتشعر بالهدوء والسكينة
  • علي جمعة يكشف عن السنن المستحبة أثناء أداء فريضة الحج
  • دعاء سورة يس .. يقضي جميع حاجتك ويفك كربك
  • لماذا نقرأ سورة الملك قبل النوم كل ليلة؟.. لـ9 أسباب و10 أسرار
  • الحياة مدرسة
  • فضل ركن الإسلام الأعظم.. علي جمعة يوضحه