الجزيرة:
2025-06-03@16:11:59 GMT

من يقف وراء أزمة السيولة وشح الكاش في غزة؟

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

من يقف وراء أزمة السيولة وشح الكاش في غزة؟

غزة – سؤال "وين راح الكاش؟" لا يجهل الغزيون إجابته، لكنهم يصرخون به ألما، فتداعيات شح السيولة النقدية تفتك بهم، وتزيد من تردي واقعهم المعيشي، في ظل حرب إسرائيلية ضارية ترافقها عزلة حادة وحصار خانق.

للشهر الثاني على التوالي لم تنجح محاولات أبي ناصر في سحب راتبه الشهري من الصراف الآلي في فرعين لبنك فلسطين بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ويرجع هذا الموظف الحكومي في السلطة الفلسطينية السبب إلى الازدحام الشديد وعدم توفر السيولة النقدية الكافية.

وتوشك السلطة على صرف راتب شهر مارس/آذار الجاري لموظفيها في القطاع، في وقت يقول فيه أبو ناصر للجزيرة نت "لم أستطع سحب شيكل واحد من البنك في الشهرين الماضيين، وغيري له أكثر من ذلك، واضطررت في النهاية إلى سحب مبلغ من أحد تجار العملة مقابل 10% عمولة".

هذه نسبة كبيرة أليس كذلك؟ يبتسم الموظف الأربعيني ويقول "هذا التاجر صديق والدي، وهو يعتبر نفسه قد خدمني وأسدى لي معروفا، فغيره من التجار ومحال الصرافة يتقاضون أكثر من ذلك وتصل العمولة إلى 15%".

معركة الصراف

خلال الشهرين الماضيين، حاول أبو ناصر بكل السبل الوصول إلى الصراف الآلي، وفي كل مرة يفرغ من النقود قبل أن يأتيه الدور من شدة الازدحام، فمن يسبقونه إلى الصراف يغامرون بحجز أماكنهم منذ ساعات الفجر الأولى، وهو ما لم يفعله لمخاطر الخروج ليلاً في ظل التحليق المكثف للطيران الحربي للاحتلال.

وحتى من يخرجون ليلا فإن الحظ لا يحالف كثيرا منهم، ويقول "الحاجة إلى الصراف في ظل هذه الأوقات أشبه بخوض معركة من أجل البقاء، حيث تقع خلافات شديدة تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي، والأسوأ فئة من البلطجية وسماسرة الصراف أفرزتها الحرب".

ويشكو موظفون من هذه الفئة، وكذلك من تجار عملة وأصحاب محال صرافة يسحبون عمدا مبالغ كبيرة لإفراغ الصراف الآلي من المال، خاصة في فروع بنك فلسطين، الذي يستحوذ على العدد الأكبر من حسابات الموظفين في القطاعين العام والخاص وموظفي المنظمات الدولية في القطاع.

وبحسب أبي ناصر فإنه شاهد هؤلاء الذين يسحبون مبالغ كبيرة ويوظفون "بلطجية" للوقوف في الطابور بين الناس، ويتعمدون افتعال المشكلات من أجل "التخريب وإشاعة الفوضى، والاستحواذ على أكبر مبالغ ممكنة من الصراف من أجل خلق أزمة وابتزاز المواطن بلجوئه إليهم للحصول على راتبه في مقابل عمولة عالية".

أزمة السيولة تمس حياة أكثر من مليون و300 ألف من السكان والنازحين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة (الجزيرة) أين الكاش؟

إضافة إلى ما أشار إليه أبو ناصر من دور لمن وصفهم بـ"البلطجية وتجار العملة" في تعميق أزمة السيولة النقدية، فإن الاحتلال يتحمل المسؤولية بالتدمير الهائل لمقار بنوك وآلات الصرف الآلي، وامتناعه منذ ما قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن تزويد البنوك بالسيولة النقدية، وتحديدا من عملتي الشيكل والدولار الأكثر تداولا في القطاع.

والأحد الماضي، قالت سلطة النقد الفلسطينية إن عددا من فروع المصارف ومقارها تعرضت للتدمير، وتعذر فتح ما تبقى من فروع للقيام بعمليات السحب والإيداع في القطاع كافة بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة وانقطاع التيار الكهربائي والواقع الأمني.

ونجمت عن هذا الوضع، بحسب بيان سلطة النقد، أزمة غير مسبوقة في وفرة السيولة النقدية بين أيدي الغزيين وفي الأسواق، وتفاقمت الأزمة مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة.

وتتابع سلطة النقد شكاوى السكان عن عمليات ابتزاز يقوم بها أشخاص وتجار وبعض أصحاب محلات الصرافة غير المرخصة باستخدام أجهزة الخصم المباشر في نقاط البيع، أو التحويلات المالية على التطبيقات البنكية، وقالت "هؤلاء يستغلون حاجة السكان إلى الكاش مع استمرار تعذر وصولهم إلى أفرع البنوك والصرافات الآلية، ويتقاضون نسبة تصل إلى 15% عن أي مبلغ يتم سحبه من حساب المواطن بواسطة البطاقات البلاستيكية أو الحوالة مقابل تسليمه الجزء المتبقي نقدا".

أدوات الاحتلال

ولم يشر بيان سلطة النقد إلى ما يتعرض له الغزيون في الآونة الأخيرة من إغراءات ليس معروفا على وجه الدقة إن كانت فردية أو منظمة، لكن هدفها سحب الكاش من أيدي المواطنين في مقابل فائدة تصل إلى 8% تودع في حساباتهم المصرفية.

ويروج هؤلاء لعروضهم المالية المغرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو بالوسائل التقليدية من شخص إلى شخص، ويستخدمون في سبيل تحقيق غاياتهم الترغيب بالفائدة الكبيرة، والترهيب من ضياع أموالهم جراء الحرب والنزوح.

وبرأي رئيس قسم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية الدكتور نائل موسى فإن من يقف وراء هذه الحملات لسحب السيولة النقدية من أيدي المواطنين هم "تجار الدم والحروب لإدراكهم القيمة التجارية العالية للكاش في زمن الحروب والطوارئ، وإذا كانت الحملات منظمة فقد يكون خلفها جهات أو شبكات ذات أهداف اقتصادية سياسية".

وساوى هذا الخبير الاقتصادي بين "المتخابر مع الاحتلال والمتاجر بدم شعبه في وقت الحرب"، وتساءل في حديثه للجزيرة نت "هل يوجد فرق بين من يساعد المحتل على قتل شعبه بالقصف وبين من يخنق شعبه ويحاربه في لقمة العيش؟".

وإلى جانب المسؤولية المباشرة للاحتلال، لا يستبعد الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور طارق الحاج أن تكون "أزمة الكاش" سببها "أيدٍ خفية، سواء من تجار الحروب، أو ربما من أدوات الاحتلال التي يستخدمها لمحاربة أهل غزة عبر تشديد الخناق المالي والحصار الاقتصادي".

وقال الحاج للجزيرة نت إنه بدا واضحا منذ بدايات الحرب أن إسرائيل تعمل على تدمير البنية التحتية لكافة مفاصل الحياة بما فيها الجهاز المصرفي، كما دمرت مقار العديد من البنوك وأجهزة الصراف الآلي، مثل بنك فلسطين الذي يستحوذ على 75% من العمل المصرفي الفلسطيني.

وبحسب جمعية البنوك الفلسطينية، ومقرها رام الله، يوجد على مستوى القطاع 56 فرعا و92 صرافا آليا تتبع لمختلف المصارف العاملة في الأراضي الفلسطينية، ولا تتوفر حتى اللحظة إحصائية دقيقة عن مستوى الدمار الذي حلّ بها بسبب الحرب.

وفي حالة مدينة رفح التي تؤوي حاليا زهاء مليون و300 ألف فلسطيني يمثلون أكثر من نصف تعداد السكان في القطاع، فإن بنك فلسطين وغيره من البنوك تواجه تحديات كبيرة في توفير السيولة النقدية التي تسد حاجة هذا العدد الهائل من السكان، وفقا للحاج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات السیولة النقدیة الصراف الآلی سلطة النقد فی القطاع

إقرأ أيضاً:

قطر ومصر: تكثيف الجهود للتوصل إلى هدنة في غزة

أعلنت قطر ومصر، اليوم الأحد، عزمهما على "تكثيف الجهود" للتوصل إلى هدنة في غزة، في ظل تعثر المباحثات الهادفة إلى إنهاء الحرب في القطاع.
وفي بيان مشترك بينهما، نشرته وكالة الأنباء القطرية الرسمية، أعلن البلدان "اعتزامهما بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، تكثيف الجهود لتذليل العقبات التي تشهدها المفاوضات. كما دعت قطر ومصر لضرورة تحلي كافة الأطراف بالمسؤولية ودعم جهود الوسطاء لإنهاء الأزمة بقطاع غزة بما يعيد الاستقرار والهدوء للمنطقة".
كما أعربت الدولتان عن "تطلعهما لسرعة التوصل لهدنة مؤقتة لمدة 60 يوما تؤدي إلى اتفاق وقف دائم لإطلاق النار بقطاع غزة، وبما يسمح بإنهاء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة بالقطاع والسماح بفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، بما يضمن التخفيف من المعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني بغزة، وصولا لإنهاء الحرب بشكل كامل والبدء في إعادة إعمار القطاع وفقا للخطة التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة في القاهرة في 4 مارس 2025".

أخبار ذات صلة «ويبقى الأمل».. فيلم وثائقي عالمي يبرز  إنسانية الإمارات في غزة «الأغذية العالمي»: الوضع الإنساني خرج عن السيطرة في غزة المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • جمعية البنوك تستنكر محاولة إنشاء هيئة إدارية في عدن
  • جمعية البنوك: أزمة تراكم الشيقل تضطر البنوك إلى التشدد في استقباله
  • البنوك تغذي ماكينات الصراف وتلبي الطلب على فكة عيد الأضحى
  • أزمة الشاباك غير المسبوقة: الجهاز المحصّن يهتز 
  • ائتلاف المالكي:عدم التزام حزب بارزاني بقانون الموازنة وقرارات المحكمة الاتحادية وراء أزمة رواتب الإقليم
  • من ماكينات البنوك.. حبس سيدتين تتزعمان عصابة لسرقة أموال كبار السن
  • قطر ومصر: تكثيف الجهود للتوصل إلى هدنة في غزة
  • ما وراء ضباب الحرب: تحليل ادعاءات التفوق الجوي بين الهند وباكستان
  • الأمم المتحدة تكشف عن أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف الحرب
  • بيسحبوا الفلوس من ماكينات البنوك.. سيدتان تتزعمان عصابة لسرقة أموال كبار السن