تحذيرات أميركية من حرب إسرائيلية على لبنان
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": مع قرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزّة والتباين الأميركي - الإسرائيلي المستجدّ، نبّهت دوائر أميركية من «نيات إسرائيلية مقلقة للغاية» ومن «مخططات تلامس الخطر لتحويل جزء من لبنان إلى مناطق غير مأهولة بما يماثل ما جرى في قطاع غزة». وتتعامل واشنطن، وفق المصادر، مع هذه المعلومات بجدية لمنع ترجمة التهديدات الإسرائيلية، بعدما عملت طوال الأشهر الستة الماضية على عدم تحويل لبنان إلى ساحة حرب شاملة، وهي تعي أن دول العالم لا يمكن أن تتحمل مرة أخرى نسخة مماثلة، ولو مصغّرة، لما جرى في غزة، في ظل إجماع دولي على منع تمدد الحرب إلى لبنان.
مع التحولات الأخيرة، ارتفعت لهجة التهديدات الإسرائيلية وأخذت منحى تصاعدياً مع الأخذ في الاعتبار عاملين أساسيين:
أولاً، لن تعترف إسرائيل بقرار مجلس الأمن الأخير لوقف النار في غزة، وستأخذ الأوضاع نحو مزيد من التشدّد. ويؤكد ارتفاع منسوب التوتر بينها وبين الولايات المتحدة ما كانت تقوله علناً، منذ اليوم الأول لحرب غزة، بأنها لن تتراجع قبل تحقيق الأهداف التي وضعتها للحرب، ولن تتجاوب مع أي مقترحات أميركية أو أوروبية أو أممية.
لم يأت القرار الدولي على ذكر لبنان، لا من قريب أو بعيد، وحصر المطالبة بوقف النار في غزة. وهذا يعني أن إسرائيل غير ملزمة في هذا الشق بأي موجبات أممية، فيما حزب الله هو الذي ربط نفسه بغزة وبوقفه أي عمل عسكري في حال توقّفت الحرب فيها. وإذا كان الإسرائيليون التزموا بإيقاع معيّن في الحرب مع حزب الله، إلا أن الانتقال إلى مرحلة رفح وعدم الالتزام بالقرار الدولي، سيحرران إسرائيل أيضاً من تبعات أي التزامات مع واشنطن في هذا الأمر، بعد التحول في وجهة خلافهما. كما يحمل القرار الدولي، بالنسبة إلى لبنان، وجهاً آخر يحيل إلى تعامله بنظرة مشكّكة، قبل أيام، مع الإحاطة التي قُدّمت إلى مجلس الأمن حول القرار 1701، فيما يتعامل مع القرار الحالي بنظرة مغايرة كلياً. وهذا يطرح على لبنان، في الأشهر المقبلة، تحدياً مماثلاً في التعامل مع التجديد للقوات الدولية ومتطلبات القرار 1701 وفق آليات جديدة. كما أن هذا الأمر سيكون من الآن أمام اختبار جدي للدول التي سبق أن دخلت على خط تفعيله أو على خط تعديل مهام القوات الدولية. لكن حتى ذلك الوقت، يبقى استحقاق التهديد الإسرائيلي قائماً، مع رسائل بأن التعامل مع لبنان سيكون كوحدة متكاملة، بما أن لبنان الرسمي تعامل مع الرسائل التي تصله بتماهٍ مع مواقف حزب الله. أما الموقف الأميركي، بعد التباين بين واشنطن وتل أبيب، فسيواجه صعوبة كبرى في لجم أي تصعيد تجاه لبنان، في موازاة اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع إيران لم تثمر حتى الساعة ما يمكن أن يشكل فرصة نهائية للتهدئة. ووسط مشهد ميداني متأرجح ومشهد إقليمي صاخب، فإن إعادة توجيه الأنظار إلى لبنان تحمل في طياتها الكثير من مؤشرات القلق مرة أخرى.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قرار تاريخي بقطع العلاقات مع الاحتلال| برشلونة تنتفض ضد انتهاكات إسرائيل.. وخبير: يعزز الضغط الدولي
سجّل التاريخ، قرار بلدية برشلونة بقطع جميع العلاقات المؤسسية مع إسرائيل، إلى أن يتم احترام القانون الدولي والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
ويأتي هذا كخطوة جريئة تُضاف إلى سلسلة الضغوط الدولية المتصاعدة ضد سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
القرار تعبير عن استياء دوليوتعليقا على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي أن هذا القرار، الذي أيّده الحزب الاشتراكي الحاكم وساندته أحزاب يسارية متطرفة وفصائل كاتالونية داعية للاستقلال، ليس مجرد لفتة رمزية بل هو تعبير قوي عن استياء دولي متنامٍ من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في غزة والضفة الغربية.
وأضاف أستاذ القانون الدولي - في تصريحات خاصة - أن أهمية القرار تكمن في كونه صادرًا عن ثاني أكبر مدينة في إسبانيا، مما يضيف وزنًا معنويًا وسياسيًا للضغوط الدولية. فبعد أن كانت عمدة المدينة السابقة، آدا كولاو، قد علّقت علاقات المدينة مع إسرائيل عام 2023، جاء قرار العمدة الحالي، جومي كولبوني، ليعيد تفعيل هذا التعليق وبشكل أكثر حزمًا.
يؤكد حجم الكارثة الإنسانية في غزةوأكد أن المعاناة والموت في غزة خلال العام ونصف الماضي، والهجمات الأخيرة من قبل الحكومة الإسرائيلية، تجعل من أي علاقة معها أمرًا غير ممكن. هذا الموقف يؤكد أن حجم الكارثة الإنسانية في غزة تجاوز كل الخطوط الحمراء، وبلغ مرحلة لا يمكن للدول والمدن المسؤولة أن تغض الطرف عنها.
ويتناغم قرار برشلونة، مع الموقف المتشدد الذي يتبناه رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الذي اتهم إسرائيل مرارًا بانتهاك القانون الدولي وباستخدام القوة المفرطة، محذرًا من أن حملتها العسكرية تهدد بزعزعة استقرار المنطقة.
وعبّر سانشيز صراحة عن هذا الموقف بقوله على منصة X، قائلا: “بعد عام من اعترافنا بدولة فلسطين، أصبح الألم في غزة لا يُحتمل”.
وأشار سلامة إلى أن إسبانيا ستواصل رفع صوتها، أقوى من أي وقت مضى، من أجل إنهاء المجزرة التي يشهدها". وهذا التوافق بين موقف الحكومة المركزية وموقف المدن الكبرى يعكس تحولًا جذريًا في النبض السياسي الإسباني تجاه القضية الفلسطينية.
وأوضح إنه يجب على إسرائيل أن تدرك أن هذا القرار، وغيره من المواقف الدولية المتزايدة، يعكس حقيقة أن دولًا كثيرة لم تعد تتحمل السياسات المتهورة والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في غزة والضفة الغربية.
تدابير ملموسة لمساءلة إسرائيل عن أفعالهاوشدد على إن الدعوة التي يوجهها القرار لهيئة "فيرا دي برشلونة" بعدم استضافة أجنحة حكومية إسرائيلية أو شركات متورطة في صناعة الأسلحة أو تحقق أرباحًا من الصراع، هي رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي بدأ يطبق تدابير ملموسة لمساءلة إسرائيل عن أفعالها.
واختتم أيمن سلامة، إن تراكم هذه الضغوط، من تصريحات رؤساء الدول إلى قرارات المدن الكبرى، يشير إلى أن آن الأوان قد حان ليصحح المجتمع الدولي موقفه تجاه إسرائيل ويتخذ التدابير المضادة الرادعة ضدها. فالصمت أو التراخي في مواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي يهدد بتقويض النظام العالمي بأسره، ويجعله يتبنى قانون البحر وشريعة الغاب بدلًا من مبادئ القانون الدولي.
وإن قرار برشلونة هو صيحة واضحة وصريحة بأن الإنسانية والقانون الدولي لا يمكن أن يظلا رهينتين للسياسات التي تتجاهل أبسط مبادئ العدل والكرامة الإنسانية.