روح الإنسانية والتضحية في عيون الأطباء
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
علي عبدالله اللواتي
من أجل أطفال غزة عندما تتوحد ضمائر الأطباء في محنة الإنسانية يكون هناك عطاء بلا قيود ولا مال؛ بل عطاء روحي أبدي بلا خوف ولا وجل، رموا الموت وراءهم في سبيل إنقاذ الإنسان غير المقتدر أو مسلوب الإنسانية، من أجل غزة وأهلها لعلاج الجرحى من نُدَبٍ وتشوهات خلفتها الحرب الظالمة على أهلها، وفي ظل تراجع الخدمات الطبية ونقص في عدد الأطباء المتطوعين، ليكونوا شهداء على الكثير من الجرحى والجثث تحت وقع أصوات القنابل والصواريخ ودوي الرصاص من خلال تسجيل شواهدهم اليومية، فمنهم من خططت له السماء لخدمة الإنسانية الفقيرة وآخرون أنار الله دربهم في سبيل علاج المضطهدين في ساحة الوغى، كلٌ فيما خططت له السماء لأجل السمو والذكر الجميل.
فهذا الطبيب المصري محمد عبدالغفار المشالي- رحمة الله عليه- الذي بلغ من العمر 76 عامًا عالج مرضاه الفقراء مجانًا حتى لُقِبَ بطبيب الفقراء أو "طبيب الغلابة"، هذا الإنسان الطبيب وهب علمه وخبرته وحياته البسيطة والمتواضعة في خدمة المرضى بدون مُقابل؛ بل كان يشتري الدواء من قيمة الكشف الرمزي دون المطالبة بقيمته، هذا الإنسان الطبيب الذي وهب نفسه وعيادته لمساعدة المرضى الفقراء وعلاجهم مقابل مبلغ رمزي قيمته 10 جنيهات مصرية تساوي أقل من ربع دولار وحتى أيامه الأخيرة من حياته، كان حريصًا على متابعة مرضاه أولًا بأول وتوفير احتياجاتهم من خلال رسوم عيادته في قرى مصر الفقيرة دون المطالبة بقيمة الدواء، يقول الطبيب المرحوم: "إنني أنفذ وصية والدي الذي أوصاني بالفقراء خيرًا، فقد أوصاني بهم بالخير والعطاء ومعالجة العاجزين منهم قدر المستطاع".
ويروي طبيب الغلابة القصة التي غيرت مجرى حياته ودفعته إلى العمل الإنساني التطوعي، يقول: "سمعت عن طفل في أسرة فقيرة يقول لأمه، أمي اشتري لي حقنة أنسولين للعلاج؛ حيث إن الطفل كان يعاني من مرض داء السكري، فردت عليه الأم لا أقدر على الشراء، فإن اشتريت لك لن أقدر أن اشتري الطعام لإخوتك الفول والطحينية والعيش (الخبز)، فصعد الطفل إلى سطح دارهم وأحرق نفسه لإنقاذ إخوته من الجوع والهلاك، وقال لأمه: عشان تقدري تشتري الطعام لإخوتي الصغار". من هنا يقول الطبيب محمد المشالي الملقب: "عرفت مُعاناة الفقير ومدى احتياجه لتوفير الدواء وتوفير لقمة العيش، وأعلنت الجهاد علي نفسي بأن أهب نفسي لخدمتهم".
وقد انشأ طبيب الغلابة 3 عيادات في قرى محافظة طنطا وبإمكانيات بسيطة وقد رفض عروضًا كثيرة لإنشاء مستشفى تحت إدارته، معللًا بذلك بأهمية عيادته في الأحياء الفقيرة لسكانها. يقول: "لقد أعطتني الدنيا أكثر مما استحق وأتمنى ورفضت التبرعات السخية لبناء مستشفى وإدارته ولكني رفضت لعدم حاجتي لتلك الأموال"، وكان يتمنى أن يأتيه الموت وهو داخل عيادته يعالج المرضى والفقراء المحتاجين. رحمك الله يا طبيب الغلابة الذي طالما رسم الابتسامة على وجوه الأطفال والفقراء الذين هم أنفسهم ذرفوا الدموع في حسرة وحزن أليم عند سماع خبر موته.
إن التطوع الإنساني يعكس قمة الوعي الفكري والضمير الحي؛ فهؤلاء الأطباء المجاهدون في غزة بادروا إلى العمل التطوعي استجابة لدعوة الحق، رافضين الظلم والاستبداد، منهجهم منهج السماء في الحق والعطاء والتضحيات بدون قيود الأجر والمكسب المالي في سبيل رفع الظلم عن هؤلاء الأبرياء الذين لا طاقة لهم في الأرض.
الصهاينة والغرب- وعلى رأسهم أمريكا- هم شياطين الأرض يذرفون دموع التماسيح بينما أسلحتهم تقتل البشرية الغزاوية خاصة والفلسطينية عامة. الكوكبة الطبية المجاهدة عرفت الطريق إلى الله فسلكته، وأقدمت على التضحية الشخصية دون النظر الى الموت والقتل الشخصي، وذلك من أجل الغاية السامية، كان همهم العطاء دون الغذاء. على الإنسان أن يشكر بارئه لأنه وفقهم على نعمة العطاء والتضحية لإنقاذ الإنسانية المظلومة.
وعندما غزى الصهاينة مدينة غزة لم تجد العون والدفاع عن أهلها، فوهب الله غزة بكوكبة من الأطباء المجاهدين أدركوا قيمة العطاء والتضحية فهبوا لتلبية النداء الرباني دون تردد من خلال نبل أخلاقهم وهم: الطبيب أيمن السالمي من سلطنة عمان، جراح تجميل وتقويم وتصحيح، والذي أقدم على السفر إلى غزة وبضمير واعٍ وبتواصل مع المنظمات الدولية المتواجدة في غزة، من مبدأ إنساني تطوعي، وقام بإجراء عمليات جراحية يومية مع الطاقم البسيط المتواجد في المستشفى الأوربي، محاولًا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح بريئة لأطفال وكهول ونساء عجائز لا حول لهم ولا قوة. هذا الطبيب المجاهد الذي ترك مدينته وأهله وتواجد على أرض المعركة بعد رحلة طويلة وشاقة و قيامه بدوره الإنساني لعلاج ودعم أهلها المصابين الثكلى ومداواة جراحهم بعد أن تخلى عنها الضمير العالمي ونام. يقول الطبيب أيمن بحسرة: "لقد طلبت تمديد فترة إضافية للبقاء مع هؤلاء المستضعفين، ولكن طلبي رُفض لأسباب سياسية، ما كنت أريد الخروج من غزة إلا بعد سريان هدنة إنسانية، لقد تألمت وحزنت عند خروجي من غزة الإباء".
أما الطبيب الفلسطيني المرابط، فقد عبر عنه الأطباء الموجودون بأنه أسطورة التضحية يعمل على مدار الساعة يوميا ولمدة تزيد عن 170 يومًا بلا كلل ولا ملل وبدون مقابل مادي ولا معاشات وهم نازحون من دون عوائلهم، ويؤدون واجبهم الإنساني لإخوانهم في غزة المنكوبة.
وهناك أطباء من الكويت ومنهم الطبيب الإنسان محمد شمساه الذي قال إن طفل غزة يساوي 60 رجلًا كله عزة نفس وإباء وشموخ وكرامة. ويقول طبيب آخر "حسينا أننا خائفون والشعب الغزاوي هم المرتاحون". ويضيف الطبيب حسين القويعان: "كنا نذرف دموع الحزن على أهل غزة بينما هم كانوا يوزعون الابتسامات ويقابلون الأطباء بالتهليل والوناسة". ويقول الطبيب فيصل الهاجري: "شعب غزة شعب عظيم لا يزالون يضحكون ويبتسمون بالرغم من بؤسهم ومحنهم، لم أشاهد تقاطيع الخوف على وجوههم". ويضيف الطبيب مساعد العنزي: "لقد كان القصف الصهيوني قصفا وحشيا خاليا من أي معني للإنسانية، لقد كانت الرصاصة تخرق جسم الإنسان الغزاوي هي صغيرة الحجم، ولكنها لما تخرج من الناحية الثانية تكون عملت فتحة كبيرة في جسم الإنسان".
لقد أصبح هؤلاء الأطباء المجاهدون في ثغور غزة وتحت القصف العشوائي والخطورة الأمنية رموزًا للشهامة والشجاعة في العالم العربي الخامد، المجرد من القيم والإنسانية لم يترددوا في الذهاب الي أرض المعركة لتقديم المساعدة ليس لديهم سوى سلاح الإيمان والتوكل على الله، لقد تميزوا بعملهم السامي الإنساني هذا بتوفيق من الله وقد وفقوا في أدائه على أكمل وجه، فهذا هو المنطق الديني والإسلامي والرسولي الذي خط لنا الله لنكون في جنات الخلد.
كل هؤلاء المجاهدين خاضوا تجربة بطريقتهم، ولكن من خلال مبدأ إيماني واحد وهو التضحية لأجل الإنسانية والسمو وخدمة الغلابة؛ فهنيئًا لهم ولمبادراتهم التي إن دلت فهي تشير إلى دلالة النُبل والأصل، وعليهم أن يشكروا بارئهم، فقد وفقهم لأسمى خدمه قلّما توفق آخرون فيها.. رضي الله عنكم أينما حللتم مشمولين برعايته وحفظه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي في عيون الإعلام الدولي.. «قائد عظيم وصانع السلام في زمن الحروب»
في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة والعالم، تصدر اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي عناوين الصحف العالمية كرمز للحكمة والاتزان، وقائد يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار، ليس فقط داخل حدود مصر، بل في محيطها الإقليمي والدولي.
وقد جاءت قمة شرم الشيخ للسلام 2025، لتؤكد هذا الدور المحوري، حيث لفت أداء الرئيس السيسي أنظار العالم، وتصدرت إشاداته عناوين الصحف الأجنبية ووسائل الإعلام الدولية، التي وصفته بأنه "صانع للسلام" و"قائد يتمتع برؤية استراتيجية بعيدة المدى".
هذه الإشادة الدولية لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة مواقف واضحة وشجاعة تبناها الرئيس في دعم الحلول السلمية، والدعوة إلى الحوار والتوازن في أوقات اشتدت فيها الأزمات وتعقّدت الملفات.
التحليل الإحصائي للهيئة العامة للاستعلاماتيشير التحليل الإحصائي الذي قامت به الهيئة العامة للاستعلامات لحجم وتوجهات التناول العالمي الدولي للقمة، إلى سيطرة الاتجاه الإيجابي على نحو 92% من المواد المنشورة مقابل%8 فقط في الاتجاه السلبي.
وأجمعت وسائل الإعلام الدولية على دور مصر والرئيس السيسي المحوري في استضافة قمة شرم الشيخ وصناعة السلام بالمنطقة، وأنه لولاها لما تم التوصل إلي أتفاق غزة، أو استضافة هذا الحدث العالمي الفريد والمهم، وأبرز الإشادات التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقادة المشاركون في القمة للرئيس السيسي، ووصفه بأنه «قائد عظيم وصانع للسلام».
وأكد الإعلام الدولي أن قمة شرم الشيخ تعد إنجازا دبلوماسيًا بارزاً لمصر، وتعيد ترسيخ موقع مصر المحوري كمركز للدبلوماسية الإقليمية والدولية.
دور مصر وقمة شرم الشيخ للسلاموبين دور مصر وقمة شرم الشيخ للسلام في إرساء السلام في المنطقة، واستكمال تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي لإنهاء حرب غزة، وإعادة إعمار القطاع، ووضع أسس لسلام دائم بالمنطقة، خاصة وأن تسوية القضايا العالقة في خطة ترامب تعد حاسمة لضمان أن تفضي الخطة إلى نهاية مستدامة للحرب التي أودت بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني.
وأشاد الإعلام الدولي بسياسة مصر التي حافظت على القضية الفلسطينية والتصدي لخطط التهجير، مشيراً إلى أن الدبلوماسية المصرية نجحت في تجاوز فترة الفتور في العلاقات مع الولايات المتحدة، وتمكنت من المحافظة على علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن، وفي نفس الوقت حماية مصالحها الوطنية والتزاماتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.
دور مصر وخطة ترامب بشأن غزةوشدد على أن مصر كان لها دور حاسم في خطة ترامب بشأن غزة، وتعمل على الحصول على التزام طويل الأمد من الدول الأخرى لضمان أحلال السلام، وهذا يتماشى مع سياستها الرامية إلى ضمان أن يكون حل النزاع جهدًا جماعيًا.
ونوه الإعلام الدولي إلى أن قمة شرم الشيخ ستساهم في إضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتثبيته، و إدخال شركاء جدد في عملية السلام بالمنطقة، وأن إحلال السلام سيكون له مردود اقتصادي كبير على التجارة الدولية بتطورات وعلى قناة السويس تحديدًا.
وتابع أن حجم هذا الأثر الإيجابي سيظل مرتبط بالأوضاع الإقليمية، خصوصًا في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وأن التحسن في حركة السفن سيظهر تدريجيًا خلال أسابيع حال استقرار الأوضاع في المنطقة وليس غزة فقط، إذ تعيد شركات المالحة جدولة خطوطها وموانئها بعد توقف الحرب.
وفي هذا السياق، نشرت الصحف والمواقع الإخبارية ووكالات الأنباء الدولية الكبرى، في أمريكا وأوروبا ودول الجوار وآسيا وأفريقيا والعالم العربي خلال الأيام الثلاثة الماضية حوالي 362 مادة متنوعة عن تلك القمة.
وتوزعت تلك المواد، حسب النطاق الجغرافي الذي تمثله، الى 25 مادة نشرها العالم الأمريكي بنسبة 7% و136 مادة نشرها العالم الأوروبي، بنسبة، 38%، و40 مادة نشرتها وسائل إعلام دول الجوار، بنسبة، 11%.
وتعود تلك النسبة إلى الاهتمام الذي يوليه الإعلام الإسرائيلي للقمة، و70 مادة نشرها العالم الأسيوي، بنسبة19% مع ملاحظة ارتفاع كثافة النشر في وسائل العالم الباكستانية والإندونيسية لحضور رئيس وزراء باكستان والرئيس الإندونيسي للقمة، و6 مواد نشرها العالم الأفريقي، بنسبة، 2% و85 مادة نشرها العالم العربي، بنسبة 23% كما هو موضح بالجدول.
اقرأ أيضاًالإغاثة الطبية الفلسطينية: 90% من البنية التحتية في غزة مدمرة.. و70 مليار دولار تقديرات الإعمار
«بُعثنا أحياء بصمود شعبنا».. الأسير المحرر باسم خندقجي يبعث من مصر رسالة إلى غزة
عاجل.. الاحتلال يدرس منع دخول المساعدات لغزة بحجة عدم تسليم جثث الرهائن