قصة يوسف: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ).
فهى من أروع القَصَص وأَعجَبه ليس فحسب بسبب جمال الحكى وروعة القصِّ وفائق البيان وتكامل عناصر الصدق والموضوعية والواقعية المسلسلة بسلاسل ذهبٍ أسلوبى، بل كذلك اشتملت عليه من ديوان العِبَر والحِكَم الذى يزيد كما يقول ابن قيم الجوزية على ألف فائدة.
وليس أروع مما تضمنته من أعظم حِكْمتين تُعَدّان دستورا تربويا ومعيشيا للحياة الإنسانية لمن يسعى نحو بناء شخصية آمنة مطمئنة أشد صلابة من الحديد وأكثر رسوخا من الجبال الراسيات:
الحكمة الأولى: أن حجاب الغيب لو ارتفع وانكشف للإنسان ما وراءه، فإنه سيختار نفْس قضاء الله وقَدَره الذى أمضاه علينا وأنفذه فينا.
فهل كان يعقوب سيختار بديلا لفَقْد ابنه الأثير؟
وهل كان يوسف سيختار بديلا لقاع البئر أو ظلمة السجن بعد أن كان ذلك هو الطريق الملكى الحريرى إلى أن يرتفع ويرفع أبويه على عرش المُلك والسلطة؟
الحكمة الثانية: أن الصبر وتفويض الأمر لله أنجع دواء ربانى لعلاج طعنات الغادرين، ومكائد الكائدين، ومؤامرات ودسائس المتآمرين، وشرور الفاسدين: كما صبر يعقوب ويوسف: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا)، فالمكائد والمؤامرات والدسائس لا تستطيع تحويل نعمة الله عن المحسود، كما أن حبل الكذب قصير وسرعان ما تظهر الحقيقة: (قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).
وربما لم تتضمن سورة أخرى ما تضمنته القصة من القيم الدينية والروحية والإنسانية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية والسياسية التى جعلت من مقاطعها تتحول إلى أمثال سائرة : (إن النفس لأمارة بالسوء)، (قُضىَ الأمر الذى فيه تستفتيان)، (والله المستعان على ما تصفون).
فتجد قيمة التخطيط بأشكاله ودوافعه المختلفة مثل التخطيط الاستراتيجى الذى وضعه يوسف لحل أزمة الجفاف والمجاعة، والتخطيط التآمرى الذى قام به إخوة يوسف للتخلص منه، والتخطيط الكيدى النسوى من زوجة العزيز لتبرئة نفسها أمام زوجها وأمام النسوة.
وتجد التوظيف الإعجازى للعنصر الواحد فى خدمة أغراض متعددة بالقصة، فقميص يوسف جاء دليلا على كذب الإخوة، ودليلا على براءة يوسف، وبشارة ليعقوب وعودة بصره.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
وزيرة التخطيط تشارك في وداع السفير البريطاني بالقاهرة
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في حفل وداع السفير جاريث بايلي، سفير المملكة المتحدة بالقاهرة، الذي نظمته جمعية رجال الأعمال المصرية البريطانية، بمناسبة انتهاء فترة عمله في مصر، وذلك بمشاركة عدد كبير من الشخصيات العامة ومجتمع الأعمال المصري والبريطاني.
وثمنت الدكتورة رانيا المشاط، الدور الفاعل للسفير جاريث بايلي، منذ عام 2021 في دفع العلاقات الاقتصادية المصرية البريطانية، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص من البلدين من خلال التعاون والشراكة المثمرة مع مؤسسة التمويل البريطانية BII، والشراكة الثنائية بين الحكومتين.
وأشارت إلى التطورات المتلاحقة على صعيد العلاقات المصرية البريطانية فيما يتعلق بجهود التعاون الإنمائي حيث دعمت المملكة المتحدة إطلاق المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، وكذلك إطلاق منصة «حافز» للدعم المالي والفني للقطاع الخاص، إلى جانب الشراكة تنويع مصادر التمويل المبتكر للقطاعين الحكومي والخاص، وآليات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودعم الشركات الناشئة في مجال العمل المناخي من خلال برنامج تسريع التمويل المناخي المنفذ بالشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص.
من جهته عبر السفير البريطاني جاريث بايلي، عن بالغ تقديره للحكومة والشعب المصري والحفاوة التي لاقاها خلال فترة عمله في مصر، مشيرًا إلى العلاقات الكبيرة والتاريخية بين جمهورية مصر العربية والمملكة المتحدة، سواء على مستوى الحكومتين، أو القطاع الخاص من البلدين. وأشار إلى المشروعات التي دعمتها المملكة المتحدة في مصر من بينها المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، التي تُعد أداة لحشد الاستثمارات المناخية وتعزيز جهود التحول الأخضر في مصر.
وتسهم المملكة المتحدة بمنحة في محور الطاقة ببرنامج «نُوَفّي» ويديرهم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية كما ، تشارك في محور الغذاء عن طريق الشراكة الدولية للتكامل مع جهود المنصة في إطار محور الغذاء، حيث وقعت حكومة جمهورية مصر العربية مُمثلة في وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والزراعة واستصلاح الأراضي، مذكرة تفاهم في مجال الأمن الغذائي، مع حكومة المملكة المتحدة، ممثلةً في وزارة الخارجية وشئون الكومنولث والتنمية بالمملكة المتحدة، بما يُعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مجال الأمن الغذائي.
وتتسم العلاقات المصرية البريطانية بتنوعها في العديد من المجالات كما تتواجد العديد من الشركات البريطانية التي تستثمر في مصر، وفي عام 2020 أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ووزارة الدولة البريطانية للتنمية الدولية، بيانًا مشتركًا لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وذلك ضمن فعاليات قمة الاستثمار البريطانية الأفريقية.