رغم ما يبدو دعمًا ألمانيًّا غير مشروط لإسرائيل التي يُنظر إليها على أنها "قضية وجود"، فإن هناك تغيرا في لهجة الحكومة الألمانية، وسط مؤشرات قوية على انقلاب موقف الرأي العام، حسبما رصدت مراسلة صحيفة نيويورك تايمز في برلين إيريكا سولومون.

وكتبت سولومون -في تقرير لها- أن المستشار الألماني أولاف شولتس كان من أوائل من زاروا إسرائيل من القادة الأجانب في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، ليعبر عن دعم بلاده، قائلا -حينها- إن موقف ألمانيا الطبيعي هو مساندة إسرائيل.

وقد انضمت بلاده في يناير/كانون الثاني الماضي إلى فريق الدفاع عن إسرائيل في محكمة العدل الدولية باعتبار ألمانيا "سلطة أخلاقية" عندما يتعلق الأمر بحماية اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وحتى في مؤتمر ميونخ للأمن، تحاشى المستشار الألماني مرارا الإجابة عن سؤال عما إذا كان يعتقد أن إسرائيل خرقت القانون الإنساني الدولي.

انقلاب الرأي العام

لكن الرأي العام الألماني يرى الآن أن ما يفعله الجيش الإسرائيلي في غزة أمر لا يمكن تسويغه، ويبدو أن الحكومة أخذت تصطف مع هذا الرأي العام، فقبل أسبوعين زار شولتس إسرائيل مرة أخرى وتغيرت لهجته هذه المرة، فقد صرح في مؤتمر صحفي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقف إلى جانبه: "هل يمكن أن يسوغ الهدف، مهما كان، الأثمان الباهظة؟".

وتقول المراسلة سولومون إن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك غيّرت هي الأخرى لهجة الدعم غير المشروط، عندما أعلنت الأسبوع الماضي نيتها إرسال وفد إلى إسرائيل لأن ألمانيا باعتبارها أحد موقعي معاهدة جنيف "ملزمة بتذكير كل أطراف المعاهدة بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني".

وذكّرت سولومون بتصريحات لبيربوك في زيارتها السادسة إلى المنطقة حيث وصفت فيها غزة بالجحيم، وحثت إسرائيل على الإقلاع عن اجتياح رفح قائلة: "الناس لا يمكن أن تتوارى في الهواء هكذا ببساطة".

وانتقدت رفضها تقديم حل إنساني يحمي النازحين، وهو ما رد عليه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بقوله "نتوقع من أصدقائنا مواصلة مساندتنا في هذه الأوقات الصعبة لا إضعافنا في مواجهة منظمة حماس الإرهابية".

وحسب سولومون، فإن تغير موقف برلين لم يكن بمعزل عن تطور موقف أحزاب ألمانية تتساءل إن لم يكن الدعم قد تجاوز الحدود.

وتنقل مراسلة نيويورك تايمز عن ثورستن بينر مدير المعهد الدولي للسياسات العامة في برلين قوله إن هذا الدعم لم يعد يطاق وإن ألمانيا باعتبارها إسرائيل "قضية وجود" باتت تقدم لها شيكا على بياض.

مصالح ألمانيا

وكتبت سولومون أن ألمانيا تحاول الدفاع عن مصالحها حول العالم بسياسات تشمل مثلا دعم إبرام صفقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر لخفض تدفق الهجرة على القارة، أو مساندة أوكرانيا عسكريا لصد الغزو الروسي، لكن خبراء السياسة الخارجية يرون أن دعم إسرائيل أضعف مصداقيتها الأخلاقية عندما توجه النقد إلى أنظمة تصفها بالشمولية مثل حكومة فلاديمير بوتين.

وتقول سولومون إن تضعضع هذه المصداقية يُستشعر خاصة فيما بات يسمى الجنوب العالمي، والذي وبخ أحد أبرز قادته وهو الرئيس الماليزي أنور إبراهيم المستشارَ الألماني علنا حين وقف إلى جانبه في مؤتمر صحفي هذا الشهر في برلين قائلا: "نعارض الاستعمار والأبارتيد والتطهير العرقي ومصادرة أراضي أي بلد سواء في أوكرانيا أو في غزة ..أين إنسانيتكم؟ ما هذا النفاق؟".

وتضيف سولومون أن الرأي العام الألماني كان حتى وقت قريب يؤيد حكومته في دعم الحملة الإسرائيلية، لكن استطلاعات رأي أجرتها قنوات إعلامية مملوكة للدولة تظهر أن 70% من الألمان يرون الآن أن أفعال الجيش الإسرائيلي لا يمكن تسويغها، وقد كانت النسبة 50% قبل بضعة أسابيع فقط.

وعانى المستشار شولتس كثيرا وهو يحاول تحاشي الموضوع حتى في لقاءاته مع الناخبين الألمان، فهذا الأسبوع مثلا، انبرت له سيدة ألمانية في بلدة براندنبورغ في ضواحي برلين ورمته بالنفاق، متسائلة كيف يمكن لألمانيا أن تعارض اجتياح رفح وهي في الوقت نفسه أحد أهم موردي السلاح إلى إسرائيل.

تمويل أونروا

لكن مراسلة نيويورك تايمز تستبعد مع ذلك انقلابا جذريا في موقف ألمانيا وضربت مثلا بقرار وزارة الداخلية الأسبوع الماضي إدراج أسئلة عن إسرائيل في اختبار الجنسية "بسبب أهمية دعم إسرائيل وكونها جزءا من هويتنا" كما جاء في بيان الوزارة، وتوقعت -ما لم تتخذ واشنطن إجراءات ردعية أشد ضد إسرائيل- أن يقتصر الأمر على خطوات رمزية.

ففي ردها على سؤال مكتوب من أحد النواب عما إذا كانت ألمانيا ستوقف شحنات السلاح إلى إسرائيل، اكتفت الحكومة بالرد بأن كل شحنة ستدرس على حدة.

وحسب يورغن هارت الناطق باسم الديمقراطيين المسيحيين للشؤون الخارجية في البرلمان الألماني فإن أهم قرار يمكن لألمانيا أن تُقدم عليه الآن هو استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويبدو أن ألمانيا تغير موقفها من الوكالة -حسب سولومون- فقد أعلنت هذا الأسبوع أنها ستستأنف تمويلها في مناطق عمل الوكالة خارج قطاع غزة، بعدما كانت تطالب بإقالة مفوضها فيليب لازاريني شرطا لإعادة ضخ الأموال، حسبما ذكر مسؤولون ألمان وأوروبيون مطلعون على الملف.

وأشار المسؤولون ذاتهم إلى مرونة في موقف ألمانيا التي لم تعد تتمسك بإقالة لازاريني، فيما يقول المسؤولون الألمان إنهم يتوقعون الإفراج عن التمويل المخصص لعمليات غزة بنهاية مايو/أيار المقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات نیویورک تایمز الرأی العام

إقرأ أيضاً:

موجة حارة عنيفة تضرب البلاد.. «معلومات تغير ‏المناخ» يكشف موعد ذروتها ‏

كشف مركز معلومات تغير المناخ أن هناك موجة حارة عنيفة، تضرب البلاد خلال الأيام المقبلة، حيث ارتفاع كبير في درجات الحرارة، وتتجاوز العظمى الـ 42 درجة مئوية.

موجة حارة عنيفة تضرب البلاد

وأوضح الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ أن هناك موجة صيفية قياسية شديدة الحرارة، وتستمر لعدة أيام، ويصاحبها رياح شديدة ساخنة محملة بالأتربة.

وقال رئيس مركز معلومات تغير المناخ في تصريحات صحفية سابقة: بدأت تتوالى موجات الصيف المبكر بقوة قبل موعد الصيف الفلكي بشهر ونصف.

موجة حارة تفاصيل حالة الطقس المتوقعة

وتابع الدكتور محمد فهيم أن بداية الارتفاع الحقيقي في درجات الحرارة يوم الخميس 8 مايو 2025، وتتراوح الحرارة ما بين 36 لـ 38 درجة.

ويستمر الارتفاع في درجات الحرارة يوم الجمعة 9 مايو 2025، لتكون الحرارة 38 درجة في الوجه البحري، و تصل إلى 40 درجة في الوجه القبلي والصعيد.

ويوم السبت 10مايو 2025، هناك ارتفاع في درجات الحرارة لتكون الحرارة حول 39 درجة وجه بحري، و40 و42 درجة وجه قبلي والصعيد.

الموجة الحارة في مصر موعد ذروة الموجة الحارة

وأكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ أن موعد ذروة الموجة الحارة يوم الأحد 11 مايو 2025، وهو يوم الارتفاع الكبير في درجات الحرارة في مصر، وتصل الحرارة إلى 43 في معظم مناطق الجمهورية، ويصاحبها رياح خماسينية ساخنة جداً محملة بالرمال والأتربة.

موجة الحرارة موعد انخفاض درجات الحرارة

وأشار محمد فهيم إلى أن بداية انخفاض درجات الحرارة، وانكسار الموجة الحارة يوم الإثنين 12 مايو 2025، حيث تنخفض درجة الحرارة 10 درجات مرة واحدة، وتصل الوجه البحري إلى 28 و32 درجة في شمال الصعيد، ولكن تستمر الحرارة الشديدة على الصعيد وحلايب وشلاتين، لتكون الحرارة 42 و43 درجة مئوية.

اقرأ أيضاًذروتها الأسبوع المقبل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة تضرب البلاد

تجنب أشعة الشمس.. «الأرصاد» تحذر من موجة حارة خلال الأيام المقبلة

استعدوا لموجة حارة.. الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: واشنطن توافق على تسليم برلين 100 صاروخ باتريوت إلى كييف
  • بالفيديو.. موقف طريف لفتاة مع «لامين جمال» يجذب تفاعلاً كبيراً
  • نيويورك تايمز: الصين تستثمر 10 مليارات دولار في صناعة السيارات بالمغرب وزيارة شي جين بينغ لم تكن عابرة
  • مارشيكا تتبخر….صفقات بمئات المليارات لم تغير شيئاً وإرث الفساد يتواصل
  • نيويورك تايمز: المواجهة العسكرية بين الهند وباكستان تتصاعد بشكل خطير
  • نيويورك تايمز: ميلانيا ترامب “تتنصل” من واجباتها كزوجة للرئيس
  • الفارسة الأوكرانية فاسيليفا تغير جنسيتها لتمثيل روسيا
  • موجة حارة عنيفة تضرب البلاد.. «معلومات تغير ‏المناخ» يكشف موعد ذروتها ‏
  • خبراء يكشفون عن خطر يهدد عيون البشر بسبب تغير المناخ
  • الموقف المروري.. الزحامات تطبق على جانبي بغداد