أزهري: القرآن صالح لكل زمان.. وبه نصوص تاريخية لا يُعمل بها الآن
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
كشف الدكتور محمد سالم أبوعاصي، أستاذ التفسير، عميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، سبب الجدل حول تاريخية النص القرآني، إن الخلاف حول تاريخية النص القرآني، أن هناك نصوصا نزلت لتعالج أمور «في زمن نزول القرآن»، بينما الظروف تغيرت الآن.
وقال "أبوعاصي" خلال حديثه لبرنامج "أبواب القرآن" تقديم الإعلامي الدكتور محمد الباز، على قناتي "الحياة" و"إكسترا نيوز"، إن مرشد الإخوان عندما صرح في منتصف التسعينيات وقال إن المسيحيين لا بد أن يدفعوا جزية، وكان يستند إلى نص قرآني؛ خرج شيخ الأزهر وقتها، الدكتور محمد سيد طنطاوي، وقال «هذا نص تاريخي ولا يجب أن نعمل به».
وأردف: "توجد نصوص في القرآن يمكن ألا يُعمل بها الآن، القرآن كتاب صالح للزمن كله، والقرآن يعالج المشكلات الشبيهة بالمشكلات التي كانت موجودة وقت نزوله من باب القياس ومن باب إفراد.
وأشار إلى أن هناك ما يسمى بوحدة المفهوم وتعدد المصداق، فالجزية مصداق، فالمفهوم موجود في النص القرآني ونقرأه ونتعبد به، لكن هل مصداقه موجود الآن؟، لافتا إلى سيدنا عمر- رضي الله عنه- عندما ألغى العمل بنص «المؤلفة قلوبهم» لم يلغِ النص، ولكن محل إنفاذ النص كان قد ذهب، لهذا ألغى عمر المصداق والمحل في الجزية لأنه ذهب، لأنه يوجد فقه مواطنة.
وتابع: "الفقه جاء يشتبك مع الحياة، فإذا قرأنا جزءا كبيرا من الفقه لا يشتبك مع الحياة، فهذا تضييع للعمر، والجزية أصبحت تاريخية باعتبار المصداق غير موجود، لكن في الآية "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ" هل الآية تقول رباط خيل «في المعركة» عشان المصداق الخارجي يبقى موجود؟".
واستطرد: "عندما نقول لا فرض لجزية الآن، نحن لا نلغي القرآن وعمر رضي الله عنه لم يلغ نص سهم المؤلفة، إنما وجد المحل غير موجود، فالمصداق يذهب ويأتي، مما يجعل القرآن صالحا لكل زمان ومكان".
وأشار إلى نص آخر في القرآن ذهب محله، وهو نص "بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ"، مردفا بأن هذا النص مرتبط بالأحداث التاريخية، ونحن لا نبطل النص القرآني، بل نقول يذهب مصداق ويأتي مصداق جديد، فالآن جاء مصداق المواطنة ليحل محل الجزية.
ولفت إلى أنه من الجرم التعرض لتفسير القرآن، دون معرفة العلاقات الدولية، فالآن لا يوجد أسري حروب بالمعنى القديم، أن يكون لآسِرِهِم حرية العفو أو القتل، أو يتخذهم عبيدا، فالعبيد وملك اليمين لم يعد أمرا مقبولا في العلاقات الدولية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور محمد سالم أبوعاصي جامعة الأزهر الأزهر أستاذ التفسير النص القرآني نزول القرآن النص القرآنی
إقرأ أيضاً:
هل يجوز تخفيف عقوبة جريمة الشرف للأشقاء؟ خبير قانوني يجيب
استيقظ المصريون منذ فترة على خبر جريمة قتل ارتكبها أخ في حق شقيقته، ودفنها في منزل الأسرة، بعد أن تفاجأ بها في وضع مخل مع شخص غريب.
وصرح البعض بأن الجاني لن يتمتع بالعذر المخفف للعقوبة، لأنه ليس من المذكورين في نص المادة (237) من قانون العقوبات التي قصرت العذر المخفف على الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنا فيقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها.
هذه القضية تثير مسألتين هامتين: الأولى: هل يمكن تخفيف العقاب عن الأخ، بالرغم من عدم تمتعه بالعذر المخفف الخاص بالمادة 237؟ والمسألة الثانية: هل يحتاج نص المادة (237) من قانون العقوبات المصري إلى تعديل؟
وللإجابة على السؤال الاول، قال الخبير القانوني محمد أحمد الشهير، إنه يجب التفرقة بين (العذر المخفف القانوني) و (الظرف المخفف للعقاب أو العذر المخفف القضائي)، فالأعذار القانونية هي التي وردت على سبيل الحصر ونص عليها المشرع في حالات محددة مثال العذر المخفف لعقوبة الزوج عند إرتكاب جريمة قتل الزوجة الزانية حال مفاجاته لها.
وقد قضت محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 1502لسنة13ق ـ بجلسة 25/10/1943بأن القانون المصرى لا يعتبر الغضب عذراً مخففاً إلا فى حالة خاصة هى حالة الزوج الذى يفاجىء زوجه حال تلبسها بالزنا فقتلها هى ومن يزنى بها.
بينما تعرف الظروف المخففة للعقاب بأنها الخصائص الموضوعية او الشخصية غير المحدودة والتي يمكن أن تسمح في تخفيف العقوبة المقررة قانونا للجريمة.
ويضيف الشهير، أن الأعذار القضائية تتفق مع الأعذار القانونية في أن كل من النوعين مخفف للعقوبة، والفرق بينهما في أن الأولى مبينة في القانون على سبيل الحصر، والتخفيف فيها وجوبي في الحدود التي يبينها النص الذي يقررها، اما الأعذار القضائية فغير مبينة، بل إن القاضي هو الذي يقدرها، والتخفيف فيها جوازي.
والظروف المخففة متروكة لتقدير القاضي حسب ما تمليه عليه عقيدته، حسب العناصر المطروحة في الدعوى مثل وقائع الجريمة وطبيعة العمل الإجرامي وشخصية المجرم والمجني عليه وملابسات وظروف الجريمة، وهى واردة بالمادة (17) من قانون العقوبات التي نصت على أنه (يجوز فى مواد الجنايات اذا اقتضت احوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاء تبديل العقوبة على عقوبة الاعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة او المؤقتة. عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة او السجن. عقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة بعقوبة السجن أو الحبس الذى لايجوز ان ينقص عن ستة شهور.عقوبة السجن بعقوبة الحبس التى لا يجوز ان تنقص عن ثلاثة شهور).
وأوضح الشهير، أنه يمكن أن سديصدر بحق الأخ حكم مخفف بحسب طبيعة ملابسات وظروف جريمة القتل، والحالة النفسية التي تشكلت عندما تفاجئ بوجود شقيقته في وضع شائن.
وأشار الشهير إلى قضاء محكمة النقض في الطعن رقم 401لسنة43ق ـ بجلسة 13/5/1973 بأن الاستفزاز أو الغضب لا ينفيا نية القتل، و إن عدت أعذاراً قضائية مخففة يرجع الأمر فى تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض.
أما السؤال الثاني، فتتطلب إجابته النظر في قانون العقوبات الخاص بمملكة البحرين، حيث نصت المادة (334) من قانون العقوبات البحريني على أنه (يعاقب بالحبس من فاجأ زوجه متلبسا بجريمة الزنا فقتله وشريكه في الحال أو اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة، ويسري هذا الحكم على من فاجأ أحد أصوله أو فروعه أو أخواته متلبسة بجريمة الزنا، ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر).
ويلاحظ من هذا النص أنه تلافى الإنتقادات التي وجهها الفقه إلى النص المصري، حيث راعي النص الحالة النفسية التي تحيط بالجاني وقت إرتكاب الجريمة وجعلها أساساً موضوعياً للعذر المخفف، وترتب على ذلك تمتع كل من الزوجين بالعذر المخفف ـ وليس الزوج وحده كما في النص المصري ـ كما تمتع بالعذر المخفف أصول وفروع وإخوة الزانية) كما توسع النص البحريني في تطبيق العذر المخفف وشمل جريمتي القتل والضرب المفضي إلى موت وإحداث العاهة، وهو بذلك أوسع نطاقاً من النص المصري الذي قصر العذر المخفف على جريمة القتل وحدها.
ويختتم محمد الشهير، حديثه بأن المشرع البحريني نص صراحة على عدم جواز إستخدام حق الدفاع الشرعي ضد المستفيد من العذر المخفف، وهو بذلك أغلق باباً للخلاف الفقهي حول مدى جواز إستخدام الزانية وشريكها لحق الدفاع الشرعي ضد الزوج الذي يفاجئهم ويحاول قتلهم، وحسناً فعل المشرع البحريني في ذلك الأمر، ونرجو أن يتبع المشرع المصري ذات الخطى ليكتمل بنيان النص القانوني على هذا الوجه.