"الوثائق والمحفوظات" تصدر كتاب "الظاهرة في ذاكرة التاريخ العُماني"
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
مسقط- الرؤية
أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الجزء الثاني من كتاب الظاهرة في ذاكرة التاريخ العُماني ضمن المجلد الخامس من السلسلة التاريخية والحضارية للمحافظات والمدن العُمانية، ويحوي الكتاب 350 صفحة متضمنةً 9 أبحاث حول مواضيع متنوعة في الجانب الثقافي لمحافظة الظاهرة.
ويسلط الكتاب الضوء على الدور الثقافي الذي قامت به محافظة الظاهرة عبر تاريخها الطويل وانعكاس ذلك الدور على تاريخ المحافظة بوجه خاص وعلى التاريخ العُماني على وجه العموم، وقد تنوعت مواضيع الأبحاث التسعة التي ضمتها دفتي الكتاب في الجانب الثقافي لمحافظة الظاهرة، وهذا التنوع من حيث الموضوعات والمصادر والمناهج البحثية يُعطي ثراءً علميًّا للكتاب، كما يحتوي تقديم الكتاب على مدخل للموضوعات التي تناولتها الأبحاث والدراسات المقدمة في الندوة، ونبذة تعريفية مختصرة لكل الأبحاث التسعة المنشورة في الجزء الثاني من هذا الإصدار.
وتضمن الإصدار ملحقًا لبعض الوثائق والصور والخرائط المتعلقة بمحافظة الظاهرة من الأرصدة الوثائقية التي تمتلكها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. ومن المؤمل في الإصدار أن يعد مرجعًا أساسيًّا يرتكز على حقائق كثيرة تخدم الباحثين والمهتمين إلى جانب رفد المكتبات المحلية والعالمية بمجموعة من الإصدارات التي تستند إلى الوثائق والحقائق.
وفي مقدمة الكتاب، أكد سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أهمية هذه الأبحاث، وقال: "إننا نقف على جانب من الإنجازات البحثية التي قُدِّمَتْ في ندوة الظاهرة في ذاكرة التاريخ العُماني، وقد تناولت جوانب حضارية وتاريخية وثقافية واقتصادية وأبرزت مكانة الظاهرة في التاريخ العُماني على مدار القرون والحقب التاريخية حيث يشكل موقعها المتميز عند ملتقى الطرق البرية في نقل القوافل التجارية البرية لشبه الجزيرة العربية؛ فكان لأهلها دور فاعل في مجريات الأحداث التاريخية والسياسية، وشكلوا ثقلًا سياسيًّا فلهم حضورهم في صياغة المستقبل السياسي لعُمان من خلال تعاقب الحكومات والنخب السياسية المختلفة التي حكمت عُمان، وتواصل هذا الدور خلال الفترة الزمنية إلى ما قبل انبلاج فجر 23 يوليو 1970م وبداية النهضة المباركة". وأضاف: "أسهم أبناء الظاهرة بمختلف ولاياتها؛ عبري وينقل وضنك، في مسيرة البناء والتعمير فكانوا رافدًا مع إخوانهم أبناء عُمان في خلق التقدم والبناء لسلطنة عُمان، واليوم تشهد محافظة الظاهرة تطورًا عمرانيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا في إطار نهضة حديثة متواصلة متجددة تمضي قُدمًا للحاق بالركب الحضاري والتقدم العلمي".
من جانبها، قالت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية المديرة المساعدة لدائرة البحوث والدراسات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إن الإصدار يمثل ترجمة لرؤية هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية المتمثلة في حفظ التاريخ العُماني العريق، وانسجامًا مع أهدافها الاستراتيجية في تشجيع البحث العلمي في المجالات الحضارية المختلفة. وأضافت الجهورية أنَّ هذا الإصدار يُبرز الجوانب الحضارية والتاريخية للمحافظات والمدن العُمانية، ويركز على محافظة الظاهرة بولاياتها الثلاث: عبري وينقل وضنك، وهو حصاد أبحاث ودراسات قُدّمت في ندوة تاريخية متخصصة تحت عنوان: "محافظة الظاهرة في ذاكرة التاريخ العُماني"، نظمتها الهيئة في مارس 2022م في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة، في إطار جهود الهيئة للتعريف بالمساهمة الحضارية للمدن والمحافظات العُمانية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: هیئة الوثائق والمحفوظات الوطنیة محافظة الظاهرة
إقرأ أيضاً:
ما لا تعرفونه عن الأونروا
يترسّخ في أذهان كثيرين أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مجرد جهاز بيروقراطي احتكر لعقود توزيع الغذاء على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
لكن تحقيقا حصريا نشرته صحيفة لوموند الفرنسية الثلاثاء الماضي كشف أهمّ من ذلك بكثير. كشف أن الأونروا هي ضمير القضية الفلسطينية، إيمانها العميق بتلك القضية قادها إلى إنجاز عملية كوماندوس إنسانية خيرية تجبر المرء على الوقوف احتراما لمن امتلكوا فطنة الانتباه لها ثم التخطيط لها وشجاعة تنفيذها. عندما تقرأ تفاصيل العملية، التي بقيت سرية حتى الآن، تفيض مشاعرك من كل ذلك الإيمان بالمظلمة الفلسطينية والإخلاص لها، ويتضاءل اليأس الذي أقحمته في روحك السنتان الماضيتان من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. التحقيق بعنوان: من غزة إلى عمّان: قصة إنقاذ الأونروا للأرشيف العائلي الفلسطيني وسط توتر كبير.
اخترت ترجمة التحقيق ونشره هنا كاملا تعميما للفائدة وتفاديا للإخلال به أو التقصير بحق الأبطال الذي أنجزوا تلك المعجزة:
«جرى تهريب الوثائق التي تثبت صفة لاجئ لمئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة خلال الأشهر الأولى من الحرب، تحت القصف الإسرائيلي، ونُقلت إلى مكان آمن في الأردن. إنها عملية إنقاذ تبدو كأنها مأخوذة من فيلم أكشن. تحت نيران القصف الإسرائيلي تدور أحداث القصة بين غزة وعمّان، العاصمة العربية الهادئة، مرورًا بصحراء سيناء. أبطال العملية: مجموعة صغيرة من موظفي الأونروا – فلسطينيون وأجانب بدعم من طياري سلاح الجو الأردني.
الوقت كان ضيقًا والمهمة سرية للغاية: إنقاذ ما يبدو كأوراق رثّة، لكنها في الواقع وثائق ذات قيمة تاريخية وسياسية هائلة.. سجلات العائلات الفلسطينية اللاجئة في غزة. يعود جزء من هذه الوثائق إلى ما بعد النكبة مباشرة، حين طردت إسرائيل أكثر من نصف الشعب الفلسطيني (750 ألف شخص من أصل 1.2 مليون) من أرضه لإنشاء دولتها عام 1948.
تُستخدم هذه الأرشيفات لأغراض إدارية، لكنها توثق أيضا تفاصيل النكبة: أسماء القرى الفلسطينية المُهجرة، أعمال العنف، التهجير القسري. هذه الوثائق تشكل أدلة على حجم المأساة وتثبت صفة «لاجئ فلسطيني» التي مُنحت للمُهجّرين عام 1948 ولأبنائهم. اختفاؤها كان سيجعل من المستحيل على الأونروا، التي تأسست عام 1950، إثبات العلاقة بين الأجيال الحالية وضحايا التهجير القسري. في غزة، حيث يشكل اللاجئون المُهجّرون نحو 70% من السكان، تعتبر هذه الوثائق حيوية.
إخلاء تحت القصف: بدأت العملية في 12 أكتوبر 2023، بعد خمسة أيام من بدء الحرب، حين اضطرت الأونروا لإخلاء مقرها في مدينة غزة عقب قصف إسرائيلي مكثف. نقلت مكاتبها إلى رفح. وسط الفوضى، تُركت العديد من المعدات في المكان، كالهواتف الفضائية وكذلك الأرشيف العائلي، الذي لم يكن قد تم رقمنته بالكامل.
بدأت اتصالات يومية بين «ناصر»، وهو مسؤول فلسطيني في الأونروا بغزة (ذُكر اسمه الأول فقط حرصا على سلامته)، و»روجر هيرن»، المسؤول الأسترالي الذي يرأس إدارة الإغاثة والخدمات الاجتماعية في مقر الوكالة بعمّان. قرروا تنفيذ مهمة سرية إلى حي «الرمال» شمال غزة لإنقاذ الوثائق.
توجهت مجموعة صغيرة إلى المقر تحت تهديد القصف وهدير الطائرات المسيّرة. تم تحميل ثلاث شاحنات بالوثائق. الطريق إلى رفح كان مدمّراً لكنه ما يزال سالكاً. تكررت العملية مرتين إضافيتين قبل أن تدخل الدبابات الإسرائيلية شمال القطاع في 27 أكتوبر، وتقصف مقر الأونروا.
في رفح تم تخزين الأرشيف في مستودع أصيب في قصف في مارس 2024، مما أسفر عن مقتل موظف وجرح آخرين. خططت الإدارة لنقل الوثائق إلى مصر عبر شاحنات، لكن السلطات المصرية رفضت ذلك واشترطت التنسيق مع إسرائيل، فتقرر اللجوء إلى «الخطة ب»: بدءًا من نوفمبر 2023، أُخفيت الوثائق في حقائب موظفي الأونروا الأجانب المغادرين غزة، دون علم السلطات المصرية.
كان عدد الموظفين المحليين المطّلعين على الخطة محدودا للغاية. في سيناء، وتحديدا في العريش، كانت الطائرات العسكرية الأردنية تُسقط مساعدات إنسانية وتعود محملة بالوثائق إلى عمّان، حيث المقر الوحيد المتبقي للأونروا. الأردن، الداعم القوي للوكالة، استمر في دعمها رغم اتهام إسرائيل، دون دليل، لـ12 من موظفيها بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر.
الرحلة الأخيرة – ومرارة النصر: في أبريل 2024، ومع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من رفح، هُرّبت آخر الوثائق على عجل. هبطت آخر طائرة عسكرية أردنية تحمل أرشيف الأونروا في 21 إبريل بمطار قرب عمّان. في 6 مايو دخل الجيش الإسرائيلي رفح وأُغلقت الحدود المصرية بالكامل.
لم يتسنَّ إنقاذ جميع الوثائق: نُسخ من جوازات سفر تعود لفترة الانتداب البريطاني (1923-1948) ووثائق ملكية بقيت في غزة، لكنها كانت قد رُقمنت قبل الحرب.
أما الأرشيفات غير المرقمنة، مثل المراسلات الرسمية، فربما دُمّرت. يطرح هذا الأمر سؤالاً: لماذا الاحتفاظ بهذه الوثائق المهمة في منطقة حرب؟ رغم أن رقمنة الأرشيف بدأت في أوائل 2000، إلا أنها توقفت بسبب نقص التمويل وتفضيل الأونروا التركيز على التعليم والصحة. لكن روجر هيرن يعتبر أن ذلك دليل إهمال شديد. في نوفمبر 2024 عاد روجر لفترة قصيرة إلى غزة. هناك التقى ناصر، لكنه لم يتعرف على المدينة التي عمل بها 20 عاما لكثرة ما أصابها من دمار.
الأونروا هي عقدة الذنب الأزلية للإسرائيليين
في عمّان جرت رقمنة أرشيف عائلات غزة، وكذلك لاجئي الضفة الغربية الذين هُرّبت وثائقهم سرا من مكاتب الأونروا في القدس الشرقية. يُعدُّ الحفاظ على هذه الوثائق انتصارا في معركة الدفاع عن حقوق اللاجئين وذاكرتهم. يمكن من خلالها يوما ما إعادة بناء تاريخ القرى الفلسطينية المدمّرة عام 1948. لكنه نصر بطعم المرارة: أدلة طرد لاجئي غزة والضفة من بيوتهم وأراضيهم لم تعد محفوظة في فلسطين. لا تزال إسرائيل تواصل حملتها على الأونروا وأغلقت مكاتبها في القدس الشرقية. كما دمّرت ثلاثة مخيمات لاجئين في شمال الضفة الغربية. مستقبل الوكالة يبدو اليوم قاتما أكثر من أي وقت مضى». انتهى نص لوموند.
لعلكم أدركتم الآن أن سعار المسؤولين الإسرائيليين تجاه الأونروا ليس لأنها جهاز بيروقراطي أو مجرد سوبرماركت يحتكر توزيع الغذاء، كما يدّعون. ولعلكم تأكدتم أيضا أن الأونروا هي عقدة الذنب الأزلية للإسرائيليين التي تحيلهم دائما إلى جرائم سلفهم في 1948.
القدس العربي