أصبح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أول رئيس في التاريخ الأمريكي يواجه تهما جنائية، فما هي أبرز هذه التهم، وهل تعرقل حملته الرئاسية لانتخابات 2024.
في مارس 2023، وجهت أول 34 تهمة لأنه "رتب" سلسلة عمليات دفع أموال لشراء صمت أناس في ثلاث قضايا محرجة له قبل انتخابات 2016 الرئاسية، التي فاز بها على منافسته الديمقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
وفي هذه القضية ونظرا لأن تزوير السجلات التجارية يعد جريمة من جرائم الدولة، فإن حاكم نيويورك وحده هو الذي يمكنه العفو عنه.
وفي مايو 2023، حملت هيئة محلفين في محكمة مدنية في نيويورك الرئيس الأمريكي السابق المسؤولية عن تحرش جنسي بالكاتبة جين كارول في تسعينيات القرن الماضي. لكنها وجدت أن ترامب غير مسؤول عن اغتصاب إي جين كارول في غرفة ملابس متجر بيرغدورف غودمان.
وبعد أقل من ثلاثة أشهر، تم توجيه الاتهام إليه مرة أخرى، وهذه المرة في 37 تهمة جنائية لسوء التعامل مع الوثائق السرية وإعاقة عمل المحققين، وأضيفت إليها 3 تهم أخرى (تهمة إضافية تتعلق بالاحتفاظ المتعمد بمعلومات الدفاع الوطني وتهمتي عوائق إضافيتين تتعلقان بمحاولات مزعومة لحذف لقطات فيديو للمراقبة في منتجع مارالاغو في صيف 2022).
أما في هذه القضية ولأن التهم كلها جرائم فيدرالية، لذلك إذا أعيد انتخاب ترامب رئيسا، يمكنه العفو عن نفسه.
هذا وقد يؤدي تحقيقان جنائيان آخران لا يزال التحقيق فيهما قائما، وكلاهما متعلق بالتدخل في انتخابات 2020، إلى توجيه مزيد من الاتهامات إلى ترامب وحلفائه.
التحقيق الأول هو الذي تجريه ولاية جورجيا حول تدخل ترامب في الانتخابات، والجرائم التي يمكن أن يواجهها ترامب إذا تم اتهامه في هذا التحقيق: ارتكاب تزوير انتخابي، التآمر لارتكاب تزوير انتخابي، التدخل المتعمد في أداء الواجبات الانتخابية، التدخل في الانتخابات التمهيدية والانتخابات، بيانات كاذبة، الحنث باليمين، التأثير على الشهود.
وأي محاكمة جنائية تنشأ عن هذا التحقيق ستكون بموجب قانون جورجيا. وبالتالي ولاية جورجيا هي الكيان الوحيد الذي يتمتع بسلطة منح العفو عن ترامب.
والتحقيق الثاني هو تحقيق تمرد "6 يناير"، حيث قد تؤدي تصرفات ترامب بعد انتخابات 2020 إلى ظهور مجموعة من المسؤولية الجنائية. وفي هذا التحقيق، قد يواجه ترامب الاتهامات التالية: إعاقة إجراء رسمي، مؤامرة للاحتيال على الولايات المتحدة، التآمر على الإدلاء ببيانات كاذبة، التحريض على التمرد أو المساعدة عليه، غسيل أموال.
ومثل القضية الأولى، ولأن جميع التهم المحتملة هي جرائم فيدرالية، يمكن لترامب أن يعفو عن نفسه إذا أعيد انتخابه رئيسا.
هذا ويواجه الرئيس السابق أيضا يواجه ترامب ثلاث محاكمات مدنية، من المقرر إجراء أول محاكمة في 2 أكتوبر 2023، فيما يتعلق بقضية الاحتيال المدني التي رفعتها المدعية العامة في نيويورك ليتيتيا جيمس بشأن مزاعم الاحتيال التجاري ضد ترامب ومنظمة ترامب وأطفاله.
وفي 15 يناير 2024، من المقرر أن يحاكم ترامب في قضية التشهير التي رفعتها ضده الصحافية السابقة إي. جين كارول. وبعد أسبوعين، يواجه الرئيس السابق محاكمة في دعوى قضائية فيدرالية تتهم ترامب وأعماله بالترويج لمخطط هرمي، وهو عبارة عن مخطط استثماري احتيالي يعتمد على وعود وعوائد غير واقعية من استثمارات خيالية.
وحدد قاض الأسبوع الماضي موعد المحاكمة الثانية للمحاكمة الجنائية لترامب في قضية الوثائق السرية، في 20 مايو 2024.
المصدر: politico + axios + RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا البيت الأبيض الحزب الجمهوري السلطة القضائية انتخابات دونالد ترامب واشنطن ترامب فی
إقرأ أيضاً:
دول الخليج هي التي ستملي سياسة أمريكا الخارجية
درج دونالد ترامب على أن يحقق مراده بطريقته. ولكن هذا قد يتغير هذا الأسبوع حينما يواجه الفوضى التي تسبب فيها في الشرق الأوسط. ففيما يبدأ رحلة على مدى ثلاثة أيام إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، يتعهد رئيس الولايات المتحدة بأمور عظام. وهو كدأبه واهم. فالواقع هو أن سياسات الولايات المتحدة المتهورة المتعارضة المهملة في المنطقة تحقق فشلا عاما. ولا غنى عن تصحيح مسار جذري.
وقادة الخليج لديهم من القوة ما يتيح تقويم مسار ترامب، لو أنهم قرروا استعمال هذه القوة. فهو يعتمد عليهم اعتمادا غير مسبوق ـ يفوق كثيرا اعتماده على أوروبا ـ بوصفهم وسطاء دبلومسيين، وشركاء أمنيين، وداعمين ماليين. والنهج الذي يتبعه في فلسطين فيوشك أن يبلغ بها نكبة ثانية هو مزيج من الانحياز والقسوة والجهل المحض. ودونما عون من العرب، قد تبقى الولايات المتحدة وإسرائيل في شرك مأزق سياسي مدمر لا نهاية له.
يعرف ترامب أنه ليس بوسعه تجاهل رؤى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظرائه في الخليج بشأن غزة وسوريا واليمن. وهم يعارضون محاربة إيران التي سبق أن هددت بها الولايات المتحدة وإسرائيل. وترامب بحاجة إليهم حلفاء له في نزاعه التجاري والجمركي مع الصين. وقد استضاف دبلوماسيون خليجيون محادثات سلام أوكرانية روسية دعمها ترامب شخصيا. وهو حريص أشد الحرص على إبقاء أسعار النفط على انخفاضها.
فضلا عن أنه طامع في صفقات استثمارية ومبيعات سلاح في الشرق الأوسط بمليارات الدولارات.
غير أن للدعم الخليجي ثمنا لا بد من دفعه. وانظروا على سبيل المثال إلى أمل ترامب في توسيع ما يعرف بالاتفاقات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية. فمهما يكن ما يقوله ترامب، يتعهد محمد بن سلمان بأن هذا لن يحدث بدون ضمان تقدُّم نحو دولة فلسطينية مستقلة، وذلك احتمال تمقته حكومة إسرائيل. وقد وصف محمد بن سلمان ما وقع من قتل بعد السابع من أكتوبر لأكثر من اثنين وخمسين ألف فلسطيني في غزة بـ«الإبادة». وفي الرياض، سوف يلاقي ترامب ضغطا كبيرا لإنهاء الحصار الإسرائيلي وإعادة فرض وقف إطلاق النار.
تزداد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية توترا، في ظل رفض ترامب حتى الآن الدعوات لإضافة العاصمة الإسرائيلية إلى جدول زيارته. وبغض النظر عن أثر الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس، فإن بنيامين نتنياهو وحلفاءه في اليمين المتطرف يخططون لاحتلال عسكري طويل الأمد لغزة ولعمليات طرد جماعي للفلسطينيين. وبرغم دعم ترامب قبل شهرين وحديثه الأهوج عن إقامة «رفييرا في الشرق الأوسط»، يبدو أنه قد أدرك متأخرا أن السلام لا يتحقق على هذا النحو.
ولقد فوجئ نتنياهو ـ المستمر في تحريضه للولايات المتحدة على الانضمام إلى إسرائيل في عمل عسكري ضد إيران هذا العام ـ بإعلان ترامب المفاجئ الشهر الماضي عن محادثات مع طهران حول البرنامج النووي. كما جاء تراجع ترامب الفجائي بالقدر نفسه الأسبوع الماضي بإنهاء الضربات الجوية الأمريكية لليمن بمثابة ضربة مفاجئة لإسرائيل المستمرة في قصف الحوثيين. ويأتي هذان التحولان في السياسة، بجانب تغير نبرة ترامب فيما يتعلق بغزة، نتيجة ضغط خليجي فعال.
كما يريد القادة العرب بدعم تركي أن يحجِّم ترامب عمليات إسرائيل العسكرية في لبنان، وفي سوريا بصفة خاصة التي تتعرض لضرباتها المتكررة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر. فجميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة يؤيدون التعامل مع رئيس سوريا المؤقت أحمد الشرع وحكومته الائتلافية.
ويقول الشرع: إنه لا يريد القتال مع إسرائيل وينصب تركيزه على إعادة توحيد بلده المحطم. وقد أسفرت زيارته المهمة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر عن عروض سخية بمساعدات في إعادة الإعمار. غير أن ترامب، خلافا لبريطانيا والاتحاد الأوروبي، يرفض تخفيف عقوبات حقبة الأسد. وهذا خطأ جسيم يعرقل آمال السوريين في بداية جديدة، وقد يسمح لإيران وروسيا بالرجوع إليها. صحيح أن تحول سوريا إلى بلد ديمقراطي موال للغرب مغنم عظيم، لكنه يبدو في الوقت الراهن أشبه بفرصة مهدرة.
لو أن ترامب يريد أن يضمن دعم الخليج لأجندته الأوسع، فعليه أن يعطي في المقابل شيئا ذا قيمة. وقد يكون ذلك إحياء للاتفاق النووي الأمريكي الأوروبي لعام 2015 مع إيران في عام (الذي تراجع عنه بحماقة في عام 2018)، مع ضمان ألا يشن نتنياهو والمتشددون في طهران حربا أخرى. ويحتمل جدا أن يقدم ترامب على هذه الخطوة. فهو يزعم أنه «رئيس السلام». وهذه فرصته ليثبت هذا.
يمكن لاتباع أمريكا نهجا أكثر استنارة تجاه غزة وسوريا أن ينقذ أهدافا أخرى لترامب، من قبيل: تخفيض أسعار الطاقة وتعزيز الاستثمار الخليجي في الشركات والوظائف بالولايات المتحدة. ومواقف المملكة العربية السعودية محورية في كلا الأمرين. فالتخفيضات المستدامة في أسعار الوقود بالنسبة للمستهلك قد تهدئ ناخبي ترامب المحبطين وتساعد في ترويض التضخم في الولايات المتحدة. وقد طرح محمد بن سلمان في يناير صفقة استثمارية أمريكية لمدة أربع سنوات بقيمة ستمئة مليار دولار. وقد يليها المزيد.
فهل بوسع هذه الجزرة البدينة أن تكون السبب الرئيسي لاختيار ترامب للسعودية لتكون أول زيارة رسمية له بعد تنصيبه مثلما فعل في 2017؟ وثمة إغراء إضافي يتمثل في الاتفاقية الأمنية الأمريكية السعودية التي تشمل حزمة أسلحة أولية للرياض بقيمة مائة مليار دولار يجري العمل عليها. وسوف تنشأ فرص كثيرة لشركات ترامب العائلية أيضا لو كان لنا مؤشر في منتجع الجولف الفاخر في قطر. فرغبة ترامب العارمة في تحقيق الأرباح لا تتأثر أوهى تأثر باحتمال تضارب المصالح.
إن تنامي قوة ونفوذ دول الخليج حقيقة لا مهرب منها في الحياة الجيوسياسية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين. لكن لو كان ترامب رجلا أكثر شجاعة، وأكثر استقامة، لذهب إلى غزة في الأسبوع القادم ليرى بنفسه الخراب الذي تسبب فيه هو وحلفاؤه في اليمين المتطرف.
ولكنه لن يفعل هذا. فمعروف للكافة أن ترامب ليس هذا الرجل النبيل. ومعروف أيضا أنه ليس برجل دولة.
سيمون تيسدال معلق الشؤون الخارجية في صحيفة ذي جارديان.
عن الجارديان البريطانية