تتراكم نحو 11 مليون طن من النفايات البلاستيكية في قاع محيطات العالم.
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
أظهرت دراسة نُشرت هذا الشهر من قبل باحثين أستراليين وكنديين أن بين ثلاثة إلى 11 مليون طن من النفايات البلاستيكية تتراكم في قاع محيطات العالم.
أوضح دينيس هارديستي من وكالة العلوم الوطنية الأسترالية أنه باستخدام الروبوتات التي تعمل تحت الماء عن بُعد، تمكن الباحثون من تقدير كمية النفايات البلاستيكية التي تتجمع في قاع البحر ومواقع تراكمها قبل أن تُفتت إلى قطع أصغر وتدمج مع الرواسب البحرية.
وأشار هارديستي، الذي شارك في إعداد الدراسة التي أُعدت بالتعاون بين وكالة العلوم الوطنية الأسترالية وجامعة تورونتو، إلى أهمية فهم كمية التلوث البلاستيكي التي تنتهي بالأمر في قاع محيطات العالم، والتي كانت مجهولة سابقًا.
وبالرغم من وجود تقديرات سابقة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، فإن الدراسة الحالية تركز على العناصر الأكبر مثل الشباك والأكواب والأكياس البلاستيكية.
ويعتبر التلوث البلاستيكي في قاع المحيطات موضوعًا ذا أهمية بالغة، خاصةً مع توقعات تزايد استهلاك البلاستيك بنسبة كبيرة بحلول عام 2040. وهذا يعزز أهمية حماية النظم البيئية البحرية والحياة البرية.
وأكدت أليس تشو، طالبة الدكتوراه في جامعة تورونتو التي قادت الدراسة، أن التلوث البلاستيكي في قاع البحر يُمكن أن يكون أكبر بكثير من البلاستيك العائم على السطح، وذلك بنسبة تصل إلى 100 مرة.
وأضافت تشو: "لذلك، يُعتبر قاع المحيطات موطنًا لتراكمات طويلة الأمد للتلوث البلاستيكي".
وتشير الدراسة إلى أن التلوث البلاستيكي في قاع البحار يُزيد من تفاقم المشكلة بسبب التحلل البطيء للبلاستيك في بيئات باردة تفتقر إلى الأكسجين والأشعة فوق البنفسجية.
ووفقًا لنتائج الدراسة، تُوجد نحو نصف كتلة البلاستيك المقدرة على عمق 200 متر من سطح الماء، في حين يمتد الباقي إلى عمق 11000 متر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: محيطات النفايات البلاستيكية قاع البحر التلوث البلاستیکی فی قاع
إقرأ أيضاً:
تدوير النفايات في سلطنة عمان.. ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
د. داود البلوشي
في مقال نُشر مؤخرًا بجريدة "عمان"، طُرحت مسألة تدوير النفايات المنزلية كقضية مجتمعية، ودُفعت المسؤولية بشكل مباشر إلى المواطن تحت عنوان "نقص الوعي المجتمعي"، في حين غُيّبت بذكاء إشكالية جوهرية، وهي تأخُّر البنية التحتية البيئية والخدماتية الداعمة لهذا السلوك الحضاري.
لقد جاءت التوجيهات السامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- واضحةً وصريحةً في مسألة تطوير المحافظات، إذ اعتبر جلالتُه تنميةَ المحافظات والمدن المستدامة من أولويات الرؤية المستقبلية لعُمان، وركيزةً استراتيجية لتحقيق تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بما يعزّز قدرةَ المحافظات على إدارة مواردها واستغلالها بكفاءة.
وقد أكّد جلالةُ السُّلطان -أعزّهُ اللهُ- في خطابهِ بمناسبةِ الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، قائلًا: إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية، سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه.
من غير العدل تحميل المواطن عبءَ التقصير في غياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. إذ لا تزال معظم الحارات والمجمّعات السكنية في السلطنة، حتى اليوم، تعاني من مشكلات مزمنة في جمع النفايات. فالحاوياتُ بعيدةٌ ومهترئة، والمخلفاتُ تتكدّس لأيام، والانبعاثات تنشر الأمراض والروائح، كيف نطلب من المواطن فرز نفاياته منزليًّا، في الوقت الذي لا تُوفَّر له حاوية مناسبة أو نظام واضح للتجميع؟
ما لا يجب تجاهله أنّ المواطن العُماني ليس غريبًا عن فكرة الفرز، كثيرٌ من المواطنين يفرزون الورق والكارتون والمعادن والزجاج دون توجيهٍ رسمي، فقط بدافعٍ أخلاقي. العُمانيون، بطبعهم، يحبون بيئتهم ونظافة مدنهم. المشكلةُ ليست في الوعي، بل في البنيةِ التي تأخرت عن اللحاق بهذا الوعي، وفي غياب أدواتِ الدعم والتشجيع.
منطقةٌ مثل سيح المالح، التابعة لشركة تنمية نفط عُمان، تُعدُّ نموذجًا مُشرقًا لما يمكن أن يكون عليه التخطيطُ البيئي السليم: حاويات ملوّنة للفرز، نظام جمعٍ متكامل، بنية طرق تخدم النقل البيئي، وسكان يتجاوبون مع النظام بسهولة. لماذا لا يتم تعميم هذا النموذج؟ ولماذا لا يكون حجرَ أساس في خطة وطنية تُطلقها هيئة البيئة بالشراكة مع المحافظات؟
للوصول إلى نظام متكامل ومستدام، لماذا لا يُؤسَّس كيان وطني جديد، شركة مساهمة عامة بيئية وخدمية، تُعنى بجمع النفايات وتدويرها، وتطوير مياه الصرف، والحدائق، والإنارة، والخدمات العامة، ويُسمح للمواطنين بالمساهمةِ فيها مباشرة؟ رسومُ الخدمات التي يدفعها المواطن اليوم لشركة "بيئة" يمكن تحويلها إلى رأسمالٍ تشغيلي لتلك الشركة الجديدة، في نموذجِ شراكةٍ فعليٍّ بين المواطن والدولة.
لا يمكن أن نطلب من المواطن ما لم تفعله الدولة. لا يجوز لومُ الناس على سلوكياتٍ لم تُعزَّز بخدمات مناسبة، ولا تحميلُ الوعي المجتمعي ما هو في الأصل مسؤوليةٌ حكوميةٌ وتشريعيةٌ وتنظيمية.
الخطوةُ الأولى لتدوير النفايات في عُمان ليست في نشرات التوعية، بل في خدمةٍ محترمة، وتشريعٍ مُلزِم، وحاويات مخصصة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.