كعك العيد.. تراث يحافظ عليه السوريون في مخيمات النزوح
تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT
إدلب- تجتمع النسوة في خيمة النزوح الصغيرة بالليالي الأخيرة من رمضان لإعداد حلويات عيد الفطر ولكن "مريم أم عارف" تُصر على صناعة "كعك العيد" أو ما يعرف باسم كعك "بعصفر" في إدلب والذي تصفه بأنه الأكلة التراثية الأشهر في يوم العيد وإذا لم تكن موجودة فلا معنى للعيد بدونها.
كعك العيديشتهر كعك العيد في مناطق شمال غرب سوريا خصوصا وسوريا عموما لأنه يناسب جميع العوائل من حيث التكلفة المادية البسيطة، حيث يتكون من مواد بسيطة جدا، وهي الطحين والزيت النباتي والسمن والبهارات المكونة من "حبة البركة والسمسم والمحلب والزنجبيل والشمر واليانسون والقرفة وجوزة الطيب والعصفر وهو المكون الرئيسي الذي يعطي هذا الكعك لونه الأصفر.
وتتم صناعته حسب رغبة العائلة على شكلين مختلفين الأول يكون مملَّحا، والثاني حلو وبعض العوائل تصنع من الصنفين معا.
تقول مريم أم عارف التي استضافت الجزيرة نت في خيمة نزوحها إن "كعك العيد" أو كما نسميه نحن في إدلب "كعك بعصفر" هو أكلة تراثية سورية مشهورة في أيام العيد، والمنزل الذي لا يصنع هذا "الحلو" في آخر أيام رمضان لا يدخله "العيد"؛ لأن هذا الكعك مع ثياب العيد هو الفرح الأكبر لدى الأطفال.
وتضيف أن لهذا الكعك رائحة مشهية كانت تنتشر في كل حارات القرية قديما قبل نزوحنا، واليوم تفوح في كل أرجاء المخيم وتأتي هذه الرائحة الفواحة من البهارات المتنوعة والكثيرة التي نضيفها للكعك الذي لا نصنعه إلا أيام الأعياد وفي غير أيام الأعياد لا أحد يتذكره.
وتستذكر مريم بغصة ودموع قريتها قبل النزوح وكيف كان كل الجارات يجتمعن في أيام الـ10 الأخيرة من رمضان بمنزل إحداهن ليتعاونَّ في صناعة الكعك، وتطفو على الليالي الأهازيج والضحكات ويتقاسمن الأدوار بينهن، فمنهن من تعجن العجين وأخريات يُقطِّعن، والبعض الآخر يلْفُفن الكعك، ثم يتم شيُّه في الفرن؛ ليكون جاهزا على رأس قائمة الحلويات التي تُقدم في أيام العيد للضيوف
"سيأتي العيد ولا بد من ذلك ولكن أنا لم يعد لدي عيد ولا فرحة بالعيد" بهذه الكلمات تصف مريم العيد في خيمة النزوح التي تعيش فيها منذ عام 2018 بعد تهجيرها وعائلتها من بلدتها "التح" بريف إدلب الجنوبي لتستقر هي وعائلتها المكونة من 8 أشخاص في خيمة صغيرة أصبحت بعد 5 سنوات مهترئة.
ويزيد من غصتها حسب وصفها بُعد أهلها والجارات والصديقات اللائي كانت الزيارات بينهن أحد "طقوس" صباح أول أيام العيد، ولكن بعد رحلة النزوح والتهجير والمسافات الشاسعة التي أصبحت بينهن، ومنهن من أصبحت خارج سوريا وأصبح التواصل معها فقط عبر مكالمة فيديو "واتساب"، وزاد ذلك الفقر وعدم امتلاك وسائل للتنقل والزيارات؛ كل هذا بات يشعرها أن لا بهجة ولا فرحة للعيد.
عيد بلا كعكراودَ الشكُّ مريم كثيرا في أن يكون عيدهم هذا العام بلا كعك، فتقول "كنت واقعة بين نارين الأولى إصرار أطفالي والثانية حالتي المادية الضيقة والصعبة بعد انقطاع المساعدات الإنسانية عن المخيمات التي بات الوضع المعيشي فيها صعبا جدا ولكن الأطفال الذين ينتظرون العيد لا يفهمون ذلك، وعندما يشاهدون الجيران يصنعون الكعك يطالبون به".
وتضيف "رغم بساطة مكونات هذا الكعك وهي الأبسط والأرخص سعرا ولكن ضيق الحالة المادية، وغلاء الأسعار،-تصل تكلفته إلى 1000 ليرة تركية- يجعل الحصول عليه صعبا؛ فهذا المبلغ يمكن أن أعيش به مع أولادي لمدة أسبوعين أو شهر. ولكن بفضل من الله ثم من أهل الخير رزقني وأطفالي مكونات هذا الكعك".
عيد وغصةسيأتي العيد ولكن الحزن وعدم الفرح منتشر بين أقمشة وأروقة هذه الخيام الممتدة كبحر عائم ولكنه كالسراب الذي لا يسقي العطشان فكل الوجوه مرسوم عليها الغضب والتعب والقهر ولم يبق من فرح، ونحن نعيش في هذه المخيمات إلى أجل غير مسمى، وأما فرح العيد فأصبح للأطفال فقط وأنا اليوم فرحتي بصناعة الكعك ليس من أجلي إنما من أجل فرحة الأطفال، تقول مريم بلسان الحال والمقال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات خیمة النزوح کعک العید فی خیمة
إقرأ أيضاً:
فيضانات وموت تحت الأنقاض: فصل جديد من الكارثة الإنسانية يضرب مخيمات غزة (تفاصيل)
يعيش قطاع غزة اليوم، كارثة إنسانية غير مسبوقة مع اشتداد الأمطار جراء المنخفض الجوي العميق، بالتزامن مع استمرار الإبادة الجماعية والحصار والتجويع للعام الثالث على التوالي، حيث يعيش أكثر من مليون ونصف نازح قسريًا في خيام مهترئة ومساكن مدمرة، معرضين لتهديد مباشر على حياتهم مع دخول فصل الشتاء، تفاقمت المأساة الإنسانية بفعل المنخفضات الجوية، التي أدت إلى غرق آلاف الخيام والمساكن، وأسفرت أمس عن وفاة 13 مواطنًا، من بينهم ثلاثة أطفال، نتيجة انهيار المنازل المدمرة وغرق الخيام، إلى جانب استشهاد 4 وإصابة 10 آخرين نتيجة استهداف الاحتلال. ويصل عدد ضحايا الإبادة منذ أكتوبر 2023 إلى 70373 شهيدًا، وعشرات الآلاف من المفقودين، و171079 إصابة.
وأكد الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، أن نحو 850 ألف نازح في أكثر من 760 موقع نزوح - أي ما يعادل 40% من سكان القطاع - يواجهون خطر الفيضانات المباشر، بعد أن غمرت المياه أو غرقت أكثر من 27 ألف خيمة، ما ترك سكانها بلا مأوى. وحذر من مخاطر تداخل مياه الأمطار مع مياه الصرف الصحي، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة، ويفاقم مأساة السكان، خصوصًا الأطفال وحديثي الولادة وكبار السن، الذين يواجهون البرد القارس دون مأوى أو تدفئة أو ملابس مناسبة.
وأشاد «عبد العاطي» بدور الطواقم الطبية والدفاع المدني، مشيرا إلى أنها تعمل بإمكانات محدودة للاستجابة لآلاف نداءات الاستغاثة، في ظل مواصلة الاحتلال عرقلة ومنع إدخال الخيام والمنازل المؤقتة والمعدات الثقيلة ومضخات المياه والمستلزمات الشتوية ومواد الإغاثة والإعمار والوقود من تداعيات الكارثة الإنسانية، ويحوّل المخيمات إلى ساحات موت يومية.
وأكد عبد العاطي أن ما يجري اليوم يشكل فصلًا جديدًا من الإبادة الجماعية، عبر مختلف الأدوات التي تشمل القتل الحصار والتجويع وترك المدنيين تحت وطأة الطقس القاسي، هذه السياسات والجرائم التي يتحمل المسؤولية الكاملة عنها دولة الاحتلال الإسرائيلي تشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، كما أن العجز الدولي عن وقف الكارثة الإنسانية، الذي تفاقم مع دخول المنخفض الجوي، يعكس فشلًا أخلاقيًا وانهيارًا كاملًا لمنظومة القوانين والقيم الدولية، ويشكل تواطؤًا يشرّع استمرار حرب الإبادة، حيث يترك المدنيين بلا حماية أمام تهديدات الموت اليومي.
وشدد عبد العاطي على الحاجة لتدخل دولي عاجل وجاد لإنقاذ سكان غزة قبل فوات الأوان، فكل ساعة تمر تزيد حجم الكارثة، مطالبا المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية وأحرار العالم بالضغط والتدخل العاجل من اجل إلزام الاحتلال بإدخال جميع احتياجات القطاع، بما في ذلك خيام مقاومة للمياه والعواصف وكرافانات عاجلة، تضمن الحد الأدنى من الحماية والكرامة الإنسانية، وفتح جميع المعابر بشكل كامل ودون قيود لإدخال الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية، وتوفير حماية دولية فعّالة للمدنيين ووقف استهداف مراكز الإيواء، وتمكين المؤسسات الإنسانية، وخاصة الأونروا، من العمل دون قيود، مع تحرك أممي عاجل لوقف الإبادة الجماعية وبدء عملية استجابة إنسانية عاجلة لإنقاذ حياة السكان.
اقرأ أيضاًأكثر من 250 ألف نازح بسبب الأمطار.. بلدية غزة: الأوضاع كارثية (عاجل)
وزير الخارجية يبحث مع «جوتيريش» جهود دعم مسار التهدئة وتثبيت وقف اطلاق النار فى غزة
مستشار الرئيس الفلسطيني: قبلنا خطة ترامب لوقف الإبادة الجماعية في غزة