من قمة إيفرست إلى أعماق سان دونغ .. دعوةٌ إلى الاستكشاف
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
عندما اعتليتُ أعظم قمم العالم، أدركتُ حقيقة بالغة الأهمية: أن العجائب الحقيقية لا تقتصر على طبقات الجو العليا، بل تكمن في قلب العالم، حيث يحجب الظلام روائع لا تُرى. مؤخرًا خُضتُ رحلةً إلى “هانج سون دونج” في فيتنام، أكبر كهف في العالم. لقد أذهلتني تلك التجربة وأنا أنزل إلى فوهته الهائلة، شعورٌ لا يقلّ روعة عن لحظة وصولي قمة إيفرست.
وبينما كانت الشمس تغيب، أضاءت أشعتها الغابات الخضراء والأنهار والصواعد والهوابط الممتدة تحت مستوى الأرض في مشهد بديع يبعث على التأمل في قدرة الطبيعة الخلّاقة.
لكن “هانج سون دونج” أكثر من مجرد معلم طبيعي فاتن؛ إنه مَعلمٌ حيوي نابض بالحياة. يمتد الكهف على مساحة هائلة ويضم عالمًا كاملاً مخبأً في الضباب والغموض. إن اتساعه يسمح بتشكّل مناخٍ داخلي فريد، حيث تمطر وتتساقط الثلوج داخله. تملأ السحب سماءه تدريجيًا ويتخلل الضباب غرفه كخيوطٍ غامضة. هذا المكان يحمل عبق التاريخ، إذ بقي على حاله تقريبًا عبر العصور، ومع كل منعطف تتجدد فرص الاكتشافات المذهلة.
يجب عليك أن تغوص في أعماق كهف هان سون دونغ لتدرك حقًا عظمته. يمكنك العثور على غابة بدائية فريدة في هذه المنطقة، مختبئة بين تكوينات صخرية قديمة. إنها تظهر مدى قوة الحياة. لم أستطع التخلص من الشعور بأنني كنت في عالم مختلف حيث يتوقف الزمن وتحكم الطبيعة بينما كنت أستكشف أعماقها.
لكن الخيام المخفية في الغرف الكبيرة للكهف قد تكون أروع ما في الرحلة. يمكن للناس هنا مشاهدة عرض لا مثيل له، حيث يتسلل الضوء الخافت خلالها. ومع تراقص أشعة الضوء على جدران الكهف وإضفائها لمسة ذهبية على الظلام، ستتمالكك الدهشة.
لكن الرحلة لا تنتهي هنا. يعيش أهالي قرية برو فان كيو في بلدة دونغ بطريقة لم تتغير كثيرًا على مر السنين. يستحق المكان زيارة. الناس والبيئة في تنافر، كما يظهر ذلك بكونها في وسط غابة.
يخطط فريق من الخبراء لكل جولة بعناية فائقة ويضمن سلامة جميع الضيوف وسعادتهم. هناك تحديات مثيرة ومناظر خلابة في كل منعطف، مثل السير عبر مسارات غابات كثيفة وعبور أنهار خطيرة.
عندما بلغتُ قمة “هانج سون دونج”، غمرني شعورٌ عظيم بالامتنان للروائع والمتعة اللتين تكمنان في أعماق هذا الكهف. لطالما كان النداء موجودًا، من قمة إيفرست إلى أعماق المحيط: نداءٌ للانطلاق في رحلة استكشاف. أولئك الذين يتمتعون بالجرأة الكافية للاستجابة له سيكتشفون أموراً مذهلة.
لكن بين تسلق قمة إيفرست والتوغل في جوف “هانج سون دونج” اختلاف شاسع! فالتخييم على قمة إيفرست ينطوي على مخاطر هائلة وعناءً شديد بسبب الظروف المناخية، بينما التخييم داخل غرف الكهف الفسيحة تجربة رائعة تتسم بالسحر والجمال. عندما تستريح في أحضان الكهف، تشعر بالأمان وتحيط بك مناظر خلابة يعجز الوصف عن الإلمام بها. إنه مشهد يختلف تمامًا عن قسوة القمم الشاهقة ووعورتها المستمرة.
فضلًا عن ذلك، يُعد “هانج سون دونج” انعكاسًا حيًا لعظمة العالم واتساع نطاق المجهول فيه. وبينما تذهلنا عجائب هذا الكهف المهيب، فإنه يذكرنا أيضًا بكل الكهوف الأخرى التي لا نزال في صدد اكتشافها. هذه المغامرة بمثابة دعوة لاكتشاف ما في “هانج سون دونج” فحسب، بل استكشاف ذلك العدد الهائل من الكهوف الفاتنة المختبئة تحت الأرض، بما في ذلك عجائب شبه الجزيرة العربية.
حان الوقت الآن لرسم خرائط كهوفنا، ليتسنى للمسافرين الاهتداء إليها والكشف عن أسرارها والمناطق الجديدة التي تنطوي عليها. بعد أن اعتلينا قمم أعلى الجبال، دعونا نتجه نحو الأسفل لنتأمل روائع العالم السفلي.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: قمة إیفرست
إقرأ أيضاً:
غزة تحترق والضمير العالمي غائب.. دعوة لفتح المعابر ووقف الإبادة
في وقتٍ يواجه فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه الحديث، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من سبعة أشهر، تتواصل عمليات القصف المكثف والتجويع الممنهج، وسط حصار خانق يمنع دخول المساعدات ويحول دون وصول الإغاثة إلى أكثر من مليوني فلسطيني. وقد أسفرت هذه الهجمة غير المسبوقة عن آلاف الشهداء والجرحى، وتدمير البنية التحتية، وانهيار النظام الصحي، في ظل صمت دولي وعجز المنظمات الإنسانية عن التدخل الفعال.
وفي هذا السياق، دعا المفوض العام للهيئة العليا للعشائر المصرية، الدكتور عاكف المصري، إلى تحرك عاجل لوقف المأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني.
وشدد المصري خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، على ضرورة فتح كافة المعابر والمنافذ فورًا دون استثناء، لتأمين دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، منتقدًا ما وصفه بـ"الخدعة الإعلامية" المتمثلة في إدخال مساعدات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الشعب المحاصر.
وثمّن المصري مواقف الدولة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، معتبرًا أن خطابه في قمة بغداد عبّر بصدق عن الموقف العربي الأصيل تجاه القضية الفلسطينية، وأكد على الدور الريادي لمصر في دعم الحقوق الفلسطينية ورفض سياسات الاحتلال.
كما دعا المصري القيادة المصرية إلى قيادة تحرك دولي فاعل لوقف حرب الإبادة الجارية ضد سكان غزة، وإحباط مخطط التهجير القسري الذي وصفه بأنه تهديد مباشر للأمن القومي المصري ومحاولة لزعزعة الاستقرار الإقليمي، مؤكدًا أن الثقة كاملة بالقيادة المصرية في إفشال هذه المؤامرة.
واختتم بتجديد التأكيد على أن أبناء العشائر يقفون في خندق واحد مع أبناء الشعب الفلسطيني في معركة الكرامة والوجود، مشددًا على أن الإرادة الفلسطينية لن تنكسر، وأن صوت المقاومة والحق سيبقى أقوى من آلة الحرب والدمار.