واشنطن- يحتاج كل رئيس أميركي يسعى لإعادة انتخابه أن يبرز صورته الذهنية عند ملايين الأميركيين كزعيم قوي مسيطر على فريقه للأمن القومي، في اللحظات التي تعد اختبارا قويا لقيادته وسياساته تجاه قضايا الأمن القومي.

ووفرت لحظة شن إيران هجومها على إسرائيل، باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، فرصة نادرة للرئيس جو بايدن للظهور بهذه الصورة، والترويج لها، في وقت يشكك فيه الكثير من الناخبين بقدرات الرئيس الذهنية للقيادة بسبب تخطيه 81 عاما قبل الترشح لفترة حكم ثانية.

ومع دخول حملة انتخابات 2024 مساراتها النهائية، وجد بايدن مثقلا بسياسته الخارجية التي باتت تحت مجهر الناخبين الأميركيين، في وقت تشير أغلب استطلاعات الرأي إلى تراجعه أمام غريمه الرئيس السابق دونالد ترامب.

بايدن عجل بالعودة إلى البيت الأبيض من عطلة نهاية الأسبوع لقيادة مواجهة الهجوم الإيراني على إسرائيل (الفرنسية) صورة انتخابية بامتياز

في 1 مايو/أيار 2011، راقب الرئيس السابق باراك أوباما من غرفة العمليات قوات الكوماندوز الخاصة أثناء ملاحقتها أسامة بن لادن في مقر سكنه بمدينة أبوت آباد بباكستان حتى أردته قتيلا.

وبعد 8 سنوات، شاهد الرئيس دونالد ترامب في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2019 غارة استهدفت أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية قرب مدينة إدلب بسوريا. وروج أوباما وترامب لهاتين الصورتين للرئيس أثناء قيادته أهم مسؤولي الأمن القومي في قضية شديدة الحساسية لملايين الأميركيين.

وفور علم بايدن ببدء الهجوم الإيراني، عاد إلى واشنطن على الفور من ولاية ديلاوير، حيث كان يقضى عطلة نهاية الأسبوع. وقبل 6 أشهر من الانتخابات الرئاسية، وأثناء تحليق المسيّرات الإيرانية فوق العراق وقبل وصولها للأراضي الإسرائيلية، غرد الرئيس بايدن على منصة إكس قائلا "لقد التقيت للتو بفريقي للأمن القومي للحصول على آخر المستجدات حول هجمات إيران ضد إسرائيل. إن التزامنا بأمن إسرائيل ضد تهديدات إيران ووكلائها هو التزام صارم".

وأرفق بايدن صورته من داخل غرفة العمليات بالبيت الأبيض، وهو يترأس الاجتماع الذي ضم إلى يساره مستشار الأمن القومي، يليه وزير الدفاع ثم رئيس هيئة الأركان العسكرية المشتركة. في حين جلس وزير الخارجية إلى يسار الرئيس يليه رئيسة وكالات الاستخبارات الوطنية، يليها مدير وكالة الاستخبارات المركزية. وشاهد التغريدة حتى منتصف يوم أمس ما يزيد على 11 مليون شخص.

إبراز دور بايدن

أشار بيان البيت الأبيض عن الهجمات الإيرانية، أنه وبناء على توجيهات الرئيس "قام الجيش الأميركي بنقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة على مدار الأسبوع الماضي بغرض دعم الدفاع الإسرائيلي. لقد ساعدنا إسرائيل على إسقاط كافة الطائرات المسيرة والصواريخ تقريبا، وذلك بفضل عمليات الانتشار هذه والمهارة الاستثنائية التي يتمتع به جنودنا".

وأشار البيان إلى ترؤس بايدن اجتماع "قادة مجموعة الدول الصناعية السبع لتنسيق رد دبلوماسي موحد على هجوم إيران"، وأضاف "سنبقى متأهبين تجاه أي تهديدات ولن نتردد في اتخاذ كافة التدابير الممكنة لحماية شعبنا".

وجاءت هذه التصعيدات في وقت كشف فيه استطلاع حصري أجرته صحيفة بوليتيكو وموقع مورنينغ كونسلت، وأجري في الفترة من 5 إلى 7 أبريل/نيسان الجاري، حيث تم استطلاع آراء 6004 ناخب مسجل، أن حزب الرئيس الديمقراطي ممزق بشدة بشأن الصراع في الشرق الأوسطـ، وإن نصف الناخبين يعتقدون أن بايدن يجب أن يكون أكثر صرامة مع إسرائيل.

وإجمالا، شعر 41% من الناخبين الديمقراطيين أن الرئيس "لم يكن صارما بما فيه الكفاية مع إسرائيل" خلال الصراع في غزة، بينما قال 42% من الناخبين الديمقراطيين إن نهجه كان "صحيحا تماما".

وترسم هذه النسب صورة قاتمة لحسابات الرئيس بايدن الانتخابية، خاصة أن أغلبية الناخبين المستقلين والجمهوريين يشككون في فعالية أداء بايدن تجاه الصراع بصفة عامة.

ترامب لم يفوّت فرصة الهجوم الإيراني لمهاجمة بايدن (الفرنسية) فرصة للضغط على بايدن

واستغل الجمهوريون الهجمات الإيرانية لشن هجوم على بايدن، واتهامه بالتخلي عن الحليف الإستراتيجي لبلادهم.

ورغم دعم بايدن الواسع وغير المشروط لإسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، بعث امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2728 الداعي للوقف الفوري للقتال، برسائل عدم رضا من بايدن عن المسار الذي تتبعه حكومة نتنياهو خاصة تعهدها باقتحام مدينة رفح بريا، وهي التي تعد بمثابة الملاذ الأخير لأكثر من مليون فلسطيني نزحوا إليها من شمال ووسط قطاع غزة.

وكثف الجمهوريون الضغط على إدارة بايدن لزيادة دعمها لإسرائيل في أعقاب الهجوم الإيراني. وقال السيناتور روجر ويكر، وهو أهم عضو جمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في بيان، "هذه هي اللحظة التي تظهر فيها الولايات المتحدة أننا نقف جنبا إلى جنب مع حلفائنا".

في حين قال زعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيف سكاليس، في بيان، إن "مجلس النواب سينتقل من جدوله التشريعي المعلن سابقا الأسبوع المقبل للنظر بدلا من ذلك في تشريع يدعم حليفتنا إسرائيل ويحمل إيران ووكلاءها الإرهابيين المسؤولية".

وهاجم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مجلس النواب على عدم تبني حزمة المساعدات الخارجية التي أقرها مجلس الشيوخ، قائلا إنها "ستوفر موارد مهمة" لإسرائيل. وقال ماكونيل "يجب على القائد الأعلى والكونغرس أداء واجباتهما الأساسية دون تأخير. عواقب الفشل واضحة ومدمرة ويمكن تجنبها".

ترامب يهاجم بايدن

وعلى الجانب الآخر من السباق الانتخابي، حاول الرئيس السابق دونالد ترامب إلقاء مسؤولية وقوع الهجمات على الرئيس بايدن.

وأشار ترامب إلى أن الهجوم الجوي الإيراني الضخم على إسرائيل لم يكن ليحدث لو كانت إدارته في البيت الأبيض، وحذر ترامب إسرائيل من أن تصاعد الأعمال العدائية "لم ينته بعد".

وخلال فعالية انتخابية في ولاية بنسلفانيا جرت أثناء القصف الإيراني، وهي إحدى أهم الولايات المتأرجحة في انتخابات 2024، قال ترامب "بارك الله شعب إسرائيل، إنهم يتعرضون للهجوم الآن". وقال ترامب "الضعف الذي أظهرناه لا يصدق، لم يكن ذلك ليحدث لو كنا في المنصب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الهجوم الإیرانی

إقرأ أيضاً:

الرصاصة القاتلة انطلقت تجاه إسرائيل

لا حديث في الصحافة الإسرائيلية دوليًا إلا عن المخاوف من العزلة جراء افتضاح النهج الوحشي في الحرب التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من 19 شهرًا.

والأمر في نظرهم لا يتعلق فقط بأوروبا، على أهميتها، وإنما كذلك بغض الطرف الأميركي عن التّحركات والتهديدات الأوروبية. فالدرع الأميركي الواقي لإسرائيل في المحافل الدولية يتراجع حاليًا في أوروبا، ويمكن أن يتراجع كذلك في الأمم المتحدة.

وثمة من ينظر إلى التحركات الأوروبية على أنها مدروسة، ومنسقة سلفًا مع الإدارة الأميركية؛ بغرض ثني إسرائيل ومنعها من تحقيق أهداف حربها المعلنة. وهناك من يرى في توسيع نتنياهو مؤخرًا أهداف الحرب، وإضافة تنفيذ خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين عاملًا مفجرًا يضيف إلى تصاعد الأزمة.

ولا يجري الحديث عن التحركات الأوروبية بتعابير سياسية اعتيادية وإنما باستخدام مفاهيم "تسونامي" وأعاصير وما شابه. فالمشهد الراهن غير مسبوق من وجهة نظر إسرائيلية، وهو يمسّ جوهر العلاقة التي تربط إسرائيل بالغرب ويمسّ شرعية أفعالها.

ورغم أن بعض الإسرائيليين من اليمين لا يزالون يرفضون رؤية ما يجري، ويركزون على ترديد اتهامات اللاسامية، فإن أغلبية الإسرائيليين ترى التحولات في الرأي العام الأوروبي. وترى اضطرار حكومات كانت تقف بقوة إلى جانب إسرائيل، إلى الانتقال إلى موقف آخر.

إعلان

وتقريبًا بعد ما يزيد عن 19 شهرًا من الحرب تتقدم هولندا، التي كانت على الدوام إلى جانب إسرائيل، وتعلن خطًا أحمر ضد استمرار عدوانها، وتطالب بإعادة النظر في اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل. كما أن زعماء فرنسا، وبريطانيا، وكندا، رفعوا شعار؛ "كفى"، وأعلنوا نيتهم فحص فرض عقوبات على إسرائيل إذا لم توقف حربها.

وفي نظر إسرائيل كان أخطر ما قالوه تأكيدهم على أهمية مؤتمر السلام المقرر عقده الشهر المقبل؛ لأنه: "يوفر أفضل أمل لإنهاء معاناة عائلات المختطفين، وتخفيف معاناة السكان المدنيين في غزة، وإنهاء حكم حماس، وخلق مسار نحو حل الدولتين". "يتعين علينا جميعًا أن نعمل على تنفيذ حل الدولتين، وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين اللذين يحتاجهما الإسرائيليون والفلسطينيون، وضمان الاستقرار طويل الأمد في المنطقة".

كما أن رئيس وزراء إسبانيا أعلن وجوب التصدي للإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة. وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده ودولًا أخرى، سوف تعترف بالدولة الفلسطينية في المؤتمر الدولي الذي سيعقد قريبًا.

وأعلنت 25 دولة غربية قلقها الشديد من الوضع الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة. وعمليًا أعلنت بريطانيا تجميد مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل وفرض عقوبات على زعماء مستوطنين.

كما أعلنت السويد نيتها فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين، خصوصًا دعاة التجويع والتهجير.

وفي ظل الوضع القائم بدعوة من وزير الخارجية الهولندي، عقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لمناقشة إلغاء اتفاق الشراكة. قررت 17 دولة من دول الاتحاد الـ 27 المصادقةَ على إعادة النظر في الاتفاق، لأن الإلغاء الكلي يتطلب إجماعًا، فيما يمكن إلغاء أجزاء من الاتفاق بالأغلبية.

يدرك الإسرائيليون أن ما لعب دورًا مركزيًا في تغيير مواقف الحكومات الأوروبية، هو التصريحات والمواقف المتطرفة لقادة إسرائيل حول "الإبادة والتهجير والتجويع"، فضلًا عن الاستهداف بالقتل والتدمير للمدنيين.

إعلان

فهذه التصريحات والأفعال أزالت الكوابح التي كانت تعرقل في الماضي المبادرات لتقييد إسرائيل في الاتحاد الأوروبي. كما أن الضغوط الشعبية المتواصلة منذ أكثر من عام ونصفٍ، والمطالبة بفعل شيء ما لصالح الفلسطينيين، هدمت بقايا الدعم الأوروبي التي كانت لا تزال قائمة لحكومة نتنياهو.

فألمانيا، الصديقة الكبرى لإسرائيل تحاول الآن ممارسة نفوذها لتبنّي موقف موحد في بروكسل تجاه إسرائيل، وتطالب بفتح المعابر، ووقف الحرب بوضوح أيضًا، وتدين العملية العسكرية.

وقال وزير الخارجية الألماني: إن العملية البرية تثير "قلقًا كبيرًا" في ألمانيا. كما وجّه وزير الخارجية الإيطالي رسالة أشد عندما قال: "يتعين علينا أن نقول للحكومة الإسرائيلية إن الكيل قد طفح". "نحن لا نريد أن نستمر في رؤية سكان غزة يعانون". وأكد أن الحكومة الإيطالية كانت من أكبر الداعمين لإسرائيل، ولكن حان الوقت للتوقف عن ذلك.

ووفق الاستطلاعات بحسب صحيفة "غلوبس"، فإن 42% من الألمان يعتقدون أن إسرائيل تفعل بالفلسطينيين ما فعله النازيون باليهود (استطلاع أجرته مؤسسة بيرتلسمان).

كما أن 50% من الإسبان يطالبون مدريد بـ"بذل المزيد من الجهود لكبح جماح إسرائيل". و56% من السويديين ينظرون إلى إسرائيل بشكل سلبي. و60% من الإيطاليين يعتقدون أن الهجوم الإسرائيلي على غزة "غير مبرر" (بيانات وفقًا لاستطلاعات يوغوف). في كل الأحوال، نجحت الحكومات حتى الآن في حماية إسرائيل من الجمهور المعادي. الآن اختفت هذه الحماية.

إسرائيل "دولة منبوذة"

كما سلف لا يرون في إسرائيل، أن الانتقادات الأوروبية الجديدة، واللغة القاسية، والتهديدات والمطالبات، ليست فقط بسبب الرأي العام المحلي، بل هي ثمرة دعم ضمني من واشنطن.

فالأوروبيون يرون أن الإدارة الحالية في واشنطن تنتقد أيضًا السياسات الحالية، ومن هذا المنطلق، يحاولون استغلال قوتهم. ورغم ردود الفعل الحادة من جانب نتنياهو ووزير خارجيته، جدعون ساعر، على المواقف والتصريحات الأوروبية، فإنهم يأخذون الأوروبية بجدية كبيرة، خصوصًا عندما تكون العلاقة متوترة بعض الشيء مع واشنطن.

فالعواقب الاقتصادية للمواقف الأوروبية وخيمة على إسرائيل لسبب بسيط يتمثل في حقيقة أن أوروبا هي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل الذي يبلغ 50 مليار يورو.

إعلان

وبحسب الدكتورة مايا سيئون تصدقياهو، من معهد متافيم في الجامعة العبرية فإن "الرصاصة انطلقت من فوهة البندقية"، "نحن لا نعرف إلى أين ستصل. هذه خطوة تدهور بشكل أكبر مكانة إسرائيل كدولة منبوذة، تفقد عددًا من الأصدقاء في أوروبا. هذا السيل حدث بسرعة في الأسابيع الأخيرة، والقرار يمكن أن يشجّع على تسونامي سياسي".

بحسب نصوص الاتفاقيات، هناك على الدوام بند يتصل باحترام حقوق الإنسان، وفي هذا السياق تنظر معظم الجهات الأوروبية إلى أن سجل إسرائيل يقود على الفور لاعتبارها: " دولة متمردة".

وحسب إحدى الصحف الإسرائيلية: ما الذي يجب أن تفكر فيه شركة أوروبية عندما تفكر في فتح مصنع في إسرائيل، أو التعاون مع شركة إسرائيلية، في ظل خشيتها من انهيار العلاقات بشكل كامل؟

إعادة النظر في الشراكة

قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس: إنه في ضوء استمرار وتكثيف الحرب في قطاع غزة، وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، فإن الاتحاد سيدرس إمكانية إلغاء اتفاقيات الشراكة (اتفاقية الشراكة) التي وقعتها إسرائيل والاتحاد الأوروبي في عام 1995، وهي اتفاقيات إطارية تنظم العلاقات بين الطرفين.

وبحسب الإعلام الإسرائيلي فإن "إعادة النظر" لا تعرض للخطر فقط أهم اتفاقيات التجارة لدولة إسرائيل، والتي تبلغ قيمتها نحو 50 مليار يورو سنويًا، بل إنها تضع علامة استفهام على جميع الاتفاقيات الأخرى بين إسرائيل والدول الأوروبية .

وبين أهم هذه الاتفاقيات برنامج "هورايزن" الرائد للتعاون الذي يقدم مبالغ ضخمة في مجالات العلوم والبحث والتطوير والتكنولوجيا، بين إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي، والذي أيّد ما لا يقلّ عن ثلثيها بالفعل الإعلان.

أعرب رؤساء الجامعات الإسرائيلية عن قلقهم الشديد من تداعيات مثل هذه الخطوة، محذرين من أنها قد تكون غير مسبوقة بالنسبة لمكانة إسرائيل كقوة علمية، وقدرتها على قيادة العالم في الابتكار في جميع مجالات البحث.

إعلان

وقال رؤساء الجامعات لصحيفة معاريف: " هذه خطوة غير مسبوقة يمكن أن تضر بشكل خطير بالتعاون مع مؤسسات البحث الرائدة في أوروبا، وتؤدي إلى استبعاد الباحثين الإسرائيليين من مجموعات البحث الدولية، وتوقف الاستثمارات البحثية التي يبلغ مجموعها حوالي 1.5 مليار يورو، وهو مبلغ سيكون له تأثير كبير على مستقبل العلوم والابتكار في إسرائيل".

كما أن اتفاقية الشراكة تتصل أيضًا باتفاقية الأجواء المفتوحة، وتبادل الطلاب في إطار برنامج إيراسموس. وحتى لو لم يتم إلغاء اتفاقية الشراكة، فإن الخلاصة التي تنجم عن دراسة المادة الثانية المتعلقة بحقوق الإنسان ستكون: "إسرائيل دولة متمرّدة".

تسونامي سياسي

ومن أشد ما يقلق إسرائيل حاليًا الصمت الأميركي تجاه المواقف الأوروبية، الأمر الذي يبقيها وحيدة في المواجهة. فلم تصدر واشنطن أي بيان إدانة في أعقاب التهديدات بفرض عقوبات من بريطانيا، وفرنسا، وكندا، وثمة من يرى أن من قال في الماضي إن "ترامب ألقى بإسرائيل تحت الحافلة"، يجد ما يجري في الساحة الدولية حاليًا تجسيدًا عمليًا لهذا القول.

وما يزيد في القلق هو ماذا ستفعل أميركا إذا وصلت مطالب إنهاء الحرب إلى مجلس الأمن الدولي؟. وهل ستستخدم في هذه الظروف حق النقض الفيتو في ظل تقارير متكررة تفيد بأن ترامب "ينفد صبره" و"يشعر بالإحباط" من حكومة نتنياهو، بل وهدد بالتخلي عن إسرائيل وفق العديد من التقارير التي تم إنكارها؟

عمومًا نقل موقع "يديعوت" عن مصدر في وزارة الخارجية قوله: "نواجه تسوناميًا حقيقيًا سيزداد سوءًا. نحن في أسوأ وضع مررنا به على الإطلاق. هذا أسوأ بكثير من كونها كارثة، فالعالم ليس معنا".

وتابع: "منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، لم يرَ العالم على شاشات تلفزيونه سوى أطفال فلسطينيين قتلى وهدم منازل، وقد ضاق ذرعًا. إسرائيل لا تقدم أي حل، ولا ترتيبات لليوم التالي، ولا أمل. فقط الموت والدمار. المقاطعة الصامتة كانت هنا أولًا، وستزداد حدة. يجب ألا نستخفّ بهذا الأمر. لن يرغب أحد في أن يربط اسمه بإسرائيل".

إعلان

رغم كل ما سلف في إسرائيل هناك من يراهنون على أن أوروبا ستعجز عن فرض رأيها وتقاطع إسرائيل. ويعتقدون أن ما سيجري هو خطوات من قبيل استدعاء السفراء للتشاور، وفرض عقوبات إضافية ضد المستوطنين المتطرفين، ومواصلة التهديد بتعليق الاتفاقيات التجارية، وهو أمر يمكن عرقلته في الاتحاد الأوروبي بمساعدة أصدقائها هناك، خصوصًا المجر وجمهورية التشيك.

ومع ذلك فإن التهديدات بفرض عقوبات والاعتراف بالدولة الفلسطينية سوف تزيد من تعكير الأجواء إلى حد كبير. وهذا ما سيمنح الضوء الأخضر لتعميق "المقاطعة الهادئة" ضد إسرائيل: تجنب العلاقات الاقتصادية من قبل القطاع الخاص، وإلغاء التعاون العلمي والأكاديمي والتكنولوجي، والتخلي عن المشاريع الثقافية والسياحية والبحثية والتطويرية والرياضية وغيرها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الرصاصة القاتلة انطلقت تجاه إسرائيل
  • برلماني: تعديلات قوانين الإنتخابات تواجه متغيرات في قواعد البيانات وقيد الناخبين
  • في خطابه بالأمس.. ترامب يعيد تعريف دور الجيش ويهاجم إدارة بايدن
  • الجيش الإيراني يتوعد إسرائيل: جاهزون لرد يفوق التوقعات
  • صورة انتخابية لملكة جمال لبنان السابقة.. إبتسامة و تصويت
  • وثائق تكشف محاولات إيباك لإسقاط إلهان عمر باستمالة الناخبين وتمويل مناصري ترامب
  • تشديد الإجراءات الأمنية في واشنطن بعد مقتل موظفين بسفارة إسرائيل
  • هجوم سيبراني يعطل أنظمة الدفع الإلكترونية في "إسرائيل"
  • كيف استغل أنصار إسرائيل هجوم المتحف اليهودي في واشنطن؟
  • صحف عالمية: التحركات الدولية ضد إسرائيل متأخرة وتغطية على صمت شهور