الضربة الإيرانية لم تقع
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
آخر تحديث: 16 أبريل 2024 - 9:52 صبقلم:فاروق يوسف إيران تكذب دائما. تلك هي عادتها. نظام سياسي قائم على أوهام العقيدة التي ستغير العالم. عداء ذلك النظام للعالم ضروري من أجل بقائه. تتمنى إيران لو أنها استطاعت أن تلحق الضرر بأيّ جزء حيوي من العالم. غير أن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر. ومَن يدرك عمق العزلة التي تعيشها إيران لا بد أن يجد تفسيرا لذلك العداء.
أما حين يكذب النظام على الشعوب الإيرانية وشعوب أخرى وقعت تحت تأثير آلته الدعائية فإنه يفعل ذلك بتأثير جنونه العقائدي. فليس من مصلحة ذلك النظام أن يعترف بأن دخوله إلى سباق التسلح لن يحقق لإيران تفوقا إلا على دول ضعيفة شاء حظها العاثر أن تكون هدفا للغزاة الجدد كما هي حال العراق.تكذب إيران في ما تفعله وما لا تفعله على حد سواء. فالهجوم الذي قالت إنها قامت به بمسيّرات وصواريخ بالستية على إسرائيل بقي عالقا في الهواء فيما يؤكد قادة حرسها الثوري أن ذلك الهجوم قد حقق أهدافه. فهل هي أهداف معنوية كما كان الحال يوم انتقمت لمقتل سليماني بقصف قاعدة أميركية غرب العراق بعد الاتفاق المسبق مع الولايات المتحدة؟ عن طريق الكذب ترفع إيران معنويات مواليها ومناصريها من المخيبين والمهزومين وكارهي أوطانهم وهوياتهم. أليس الأمر كذلك ما دامت المسيّرات والصواريخ لم تصل إلى الأرض؟ ولكن ماذا يحدث لو اكتفى الحرس الثوري بإنتاج أفلام فيديو عن هجوم صاروخي متخيل؟ ستكون التكلفة أقل وسيصدقه مَن يريد أن يصدق. الأسوأ أن الهجوم كان حقيقيا وفشل. ما يعني أن إيران تكذب في قوتها وأن كل لهاثها في سباق التسلح ما هو إلا مضيعة للوقت وهدر لأموال الشعوب الإيرانية. لقد قيل إن كل المعدات التي استعملتها إيران في هجومها قد تم إسقاطها قبل أن تصل إلى أرض العدو. وهو ما يعني أن إيران بدت عارية وأن كل ما تقوله عن قدرتها على الرد بالمثل هو مجرد هراء. وإذا كانت هذه هي المرة الأولى التي لم تختبئ فيها وراء وكلائها في المنطقة حيث قامت بإطلاق عدد من المسيّرات والصواريخ من أراضيها إضافة إلى ما أطلقه وكلاؤها من العراق واليمن فإن ذلك لا يعني أنها لا تعرف حدود ما يمكن أن تفعله خشية أن تجرّها أفعالها إلى حرب شاملة، هي غير مستعدة لتحمل تبعاتها. فحين يصرح أحد جنرالاتها الكبار بأنها ستكون حربا محدودة فهو يقصد أنها لن تستفز إسرائيل إلى الدرجة التي تدفع بها إلى الرد. حرب محدودة الغرض منها رفع المعنويات. كان الغرض دعائيا. غير أن الفضيحة التي تكمن في التفاصيل لا يمكن إخفاؤها. فبعد طول انتظار عبر سنوات من قصف إسرائيل لمواقع إيرانية في سوريا ومقتل الكثير من الضباط والخبراء العسكريين الإيرانيين جاء الرد الإيراني شبيها بمسرحية متفق على حكايتها. ليلة من الفزع الذي عمّ المنطقة التي أغلقت بلدانها مجالاتها الجوية فيما كانت أطراف اللعبة تعرف حقيقة ما يحدث. وإذا ما كانت المسيّرات قد شكلت في أوقات سابقة عنصر تهديد لأمن دول مجاورة لإيران فإنها في الحالة الإسرائيلية استعادت صفتها الواقعية باعتبارها ألعابا يتسلى الأطفال بإطلاقها. كانت مسيّرات إيران عبارة عن دمى تم اصطيادها قبل أن تصل إلى أهدافها. تتفهم الولايات المتحدة أن الحكاية كلها حكاية معنويات. لذلك قال الرئيس جو بايدن إن الولايات المتحدة لن تشارك في أيّ عمل عسكري تقوم به إسرائيل ضد إيران فيما كان يعبر عن تضامنه معها في مواجهة العدوان. إسرائيل التي فوجئت بسماجة الرد الإيراني وخفته لن تتورط في حرب، هي في غنى عنها في الوقت الذي تستمر فيه في حربها في غزة وتستعد لتوجيه ضربة ماحقة إلى لبنان إذا ما خرج حزب الله عن حدود ما هو مسموح به من فعاليات يثبت من خلاله وجوده على الساحة اللبنانية. تقدر إسرائيل أن كل ما يفعله حزب الله ضدها هو نوع من شراء الوقت في مواجهة خصومه اللبنانيين. كما أن إيران كانت واضحة في منع حزب الله من الانخراط في حرب ضد إسرائيل.كانت ليلة فزع انتهت بالفكاهة. لا أعتقد أن أحدا في العالم تعامل بجد مع مسألة قيام إيران بالرد على إسرائيل. مَن يعرف النظام الإيراني جيدا يدرك حقيقة أنه لن يجرؤ على المس بأمن إسرائيل، لأنه لا يملك ما يؤهله للقيام بذلك وهو ما كشفت عنه مغامرته الأخيرة، كما أنه يدرك أن نهايته ستحل إذا ما حوّل الفكاهة إلى نوع من اللعب الجاد.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
عاجل. ترامب: الولايات المتحدة كانت على علم بخطط إسرائيل لمهاجمة إيران
تتأرجح المواقف الأميركية تجاه إيران بين الدعوة إلى العودة للمفاوضات النووية، كما صرّح الرئيس دونالد ترامب، وبين تقارير إعلامية كشفت عن منح واشنطن ضوءاً أخضر لإسرائيل لتنفيذ ضربات عسكرية ضد طهران. اعلان
في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتجه نحو مسقط، حيث كان يُفترض أن تُستأنف الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يوم الأحد المقبل، دوّت فجر الجمعة أولى الضربات الإسرائيلية على مواقع نووية وعسكرية إيرانية.
ترامب: تفاوضوا قبل أن لا يبقى شيء
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض على وقع أزمة نووية متصاعدة، وجّه رسالة واضحة لطهران عبر منصته "تروث سوشال"، دعا فيها الإيرانيين إلى الإسراع بإبرام اتفاق قبل فوات الأوان، قائلاً: "ما زال هناك وقت لوقف هذه المذبحة... افعلوا ذلك قبل أن لا يبقى شيء".
كلام ترامب حمل لهجة مزدوجة: تحذير من موجة عنف قادمة، ودعوة عاجلة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وفي مقابلة متزامنة مع شبكة "فوكس نيوز"، أكد أن بلاده "تأمل في استئناف المحادثات النووية"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "امتلاك إيران لسلاح نووي ليس خياراً مقبولاً إطلاقاً".
Relatedالموساد يضرب عمق إيران: تاريخ من العمليات الإسرائيلية السريّة ضد الجمهورية الإسلاميةهل وضعت إسرائيل جيران إيران من العرب في موقف محرج؟ما هي المواقع والشخصيات التي استهدفتها إسرائيل في ضرباتها ضد إيران؟ضوء أخضر
ما كشفه موقع "أكسيوس" الأميركي نقل الموقف إلى بعد آخر. فوفقًا لتقارير استندت إلى مصادر إسرائيلية رسمية، حصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي واضح لشن هجومها ضد إيران، بعد ثمانية أشهر من التخطيط السري، تخللها تنسيق استخباراتي واسع.
وتحدثت التسريبات عن وجود عملاء إسرائيليين على الأرض داخل إيران، نفذوا عمليات دقيقة إستهدفت منصات الصواريخ والدفاع الجوي.
الموقف الأميركي: بين الردع والدبلوماسية
منذ بداية الأزمة، تبنّت الإدارة الأميركية خطًا معلنًا يقوم على التفاوض مع طهران، مع الحفاظ على "الردع الصارم" ضد أي تقدم عسكري نووي. ويبدو أن موقفها الحالي لم يخرج عن هذا الإطار، لكن توقيت الضربات الإسرائيلية – الذي جاء قبل 48 ساعة فقط من موعد مفترض لجولة تفاوضية في مسقط – قد يضعف صدقية المسار الدبلوماسي.
وأكد ترامب لاحقاً، في حديث لـ "وول ستريت جورنال"، أنّ الولايات المتحدة كانت على علم بخطط إسرائيل لمهاجمة إيران". وأضافت الصحيفة نقلاً عنه "تحدثت مع نتنياهو أمس وسأتحدث معه مرة أخرى اليوم".
غموض مقصود أم استراتيجية مزدوجة؟
يتعامل المراقبون مع التصريحات الأميركية الأخيرة بوصفها جزءًا من سياسة مدروسة: تهديد جاد يعزز موقع واشنطن التفاوضي، دون انخراط مباشر في المواجهة العسكرية. فبينما تترك لإسرائيل هامش التحرك ضد منشآت تعتبرها تهديدًا وجوديًا، تسعى واشنطن لأن تبقى في موقع "الوسيط القوي" القادر على فرض شروطه لاحقًا في أي اتفاق محتمل.
لكن هذا النهج لا يخلو من مخاطر. إذ قد تراه طهران دليلاً على عدم جدية واشنطن في خيار الحوار، أو أسلوباً لتقويض المفاوضات تحت غطاء من التصعيد الأمني.
الرسالة الأميركية تبدو واضحة ومتناقضة في آن: التفاوض لا يزال ممكناً، لكن الخيار العسكري حاضر ومتاح. وهي رسالة قد تنجح في دفع طهران للتراجع، أو تدفعها إلى التصعيد والانكفاء عن طاولة التفاوض.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة