"الفجر" تفتح باب الحوار المجتمعي لحل أزمة كثافة الفصول داخل المدارس..وخبراء تعليم يضعون روشتة العلاج
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أولياء الأمور يطالبون الرئيس السيسي بالنظر إلى كثافة الفصول الدراسية بجميع مدارس الجمهورية
خبراء: لدينا عجز يقرب من 220 ألف فصل تعليمي في المدارس
"التعليم": تم بناء 551 ألف فصلًا دراسيًا على مدار الـ10 سنوات الماضية
ارتفاع كثافة الفصول بالمدارس الحكومية المصرية، أزمة طويلة الأمد، يعاني منها الطلاب وأولياء الأمور منذ سنوات طويلة، دون أن يضع أي خبراء روشتة حقيقية لإنهاء الأمر، ما يؤثّر بشكل مباشر على القيمة التعليمية التي يتلقّاها الطالب طوال الوقت، ويُخفّض القُدرة الاستيعابية لديه.
أزمة ارتفاع الكثافة الطلابية في الفصول الدراسية بمصر، يضعنا أمام أرقام صادمة حول أعداد الطلاب في الفصل الواحد، خاصة في المدارس الحكومية، وأيضًا في المناطق الريفية والشعبية، وهو ما يجعل الطلاب أكثر عُرضة للعدوى أيضًا، الأمر الذي لفت الأنظار إلى خطورة هذا الملف، خلال انتشار وباء كورونا منذ 4 سنوات.
قوبل هذا الملف بمحاولات ليست حثيثة من الحكومة ووزارة التربية والتعليم لحل الأزمة؛ فأصدرت الوزارة قرارات عديدة بعدم قبول التحويلات إلى المدارس، إذا تخطّى العدد الكثافة الطُلابية في الفصول، ومحاولات أخرى بفصل اليوم الدراسي إلى فترتين، صباحية ومسائية، أو زيادة عدد الفصول الدراسية، ولكن باءت تلك المحاولات بالفشل في أغلب الأوقات، أو لم تكن كافية لإنهاء الأزمة بشكل كامل.
وضعت الحكومة أمامها مُستهدف الوصول بالكثافة الطلابية إلى 35 طالبًا في الفصل الواحد، وذلك ضمن رؤية مصر 2030، واعتبرته من المؤشرات الهامة المُستهدفة لها ضمن تلك الاستراتيجية، ولكن لم يرَ أولياء الأمور أو الطلاب، أي مؤشرات حتى الآن، للبدء في تنفيذ حلول واقعية لتلك الأزمة.
فتحت بوابة" الفجر" هذا الملف، من خلال الحديث مع أوليار الأمور، وخبراء التعليم، والوزارة أيضًا، ورصد المشكلة، وتقديم بعض المقترحات للقضاء عليها، وذلك ضمن ملف أعدته بعنوان: "ماذا تريد مصر من الرئيس؟"، يفتح الملفات، ويرصد أهم المشكلات التي يجب أن يعمل الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة عليها، خلال فترته الرئاسية الجديدة.
الكثافة الطلابية في المدارسولي أمر: فكر هيئة الأبنية مازال "عقيمًا".. والكثافة الطلابية في زيادة
تحدّثت "الفجر" مع فاطمة فتحي، وهي ولي أمر، ومؤسس جروب تعليمي بعنوان "تعليم بلا حدود"، حول تجربتها مع أزمة الكثافة الطلابية، والشكاوى التي تتلقّاها من أولياء الأمور بشأن هذا الملف.
تقول "فتحي" إن الكثافة الطلابية للفصول الدراسية، تتركّز بشكل أكبر في المدارس التي تتواجد بالمناطق الشعبية أو العشوائية، والمناطق الريفية أيضًا؛ وذلك لأنها تكون أكثر جذبًا للسكن لرُخص المعيشة نسبيًا عن باقي مناطق الجمهورية، أو لزيادة الإنجاب.
وأضافت أن الكثافة الطلابية مازالت في ارتفاع مستمر، على الرغم من السعي في التوسع الأفقي، عن طريق إنشاء عددٍ من المباني الأخرى، ولكن مازالت لا تكفي الزيادة المستمرّة في أعداد الطلاب، والتي تخطّت 130 طالب في الفصل الواحد، برغم أن المدرسة تعمل بنظام الفترة الممتدة (الفترتين)، ولعدم توافر أراضي مملوكة للدولة.
وأكدت فاطمة فتحي أن فكر هيئة الأبنية مازال عقيمًا، يساعد على إهدار المساحات المتبقية من المدارس (مباني منفصلة)، وذلك بوجود رسومات ثابتة "اسطمبات" جاهزة لمباني جاهزة، تُنفّذ في جزء من المساحة المتبقية، دون عمل تصميم يخص كل مدرسة على حدة، يراعي ظروفها واحتياجاتها.
وتابعت: "كان الأجدر أن تكون المباني على شكل Uأو O، وأن يكون فكرها يحارب الزياده المستقبلية، كخطوه استباقية في زياده أسعار تكاليف البناء، ويجب أن يكون للأبنية بدروم، يُستغل كفصول أنشطة أو ملاعب، وأن يكون جزء من البناء بطريقة المظلات، وأن تحتوي المباني على حمامات في كل دور، وذلك بدلًا من مباني الحمامات التي تحتل جزءًا من مساحة المدرسة، ويكون غالبًا مهجور لأنه متطرّف، فهدمه وإقامة مبنى يساعد في تقليل الكثافة هو حل أفضل".
وأشارت "فتحي" إلى أن التوسّع الرأسي في المباني، أمر ضروري، وذلك بالتوازي مع التوسّع الأفقي أيضًا، وزيادة عدد الطوابق، واستغلال أسطح المدارس، وذلك في عمل مشاتل وملاعب مكشوفة لحصص الألعاب، ليبقى الفناء لوقت راحة الطلاب "الفسحة".
ولفتت ولي الأمر إلى بطء تخصيص الأراضي المُستردّة للدولة لوزارة التربية والتعليم، والتي من شأنها تقليل الكثافة، ببناء مدارس أو مجمع مدارس، مُطالبة الدولة بمراجعة أراضيها وحضرها، بعد أن تم التعدّي عليها، وقيام بعض الأشخاص بوضع يدهم عليها بعد ثورة 25 يناير 2011.
وأكدت ضرورة عمل صيانة شاملة حقيقيه للمدارس؛ حيث أن الصيانات الشاملة والجزئية التي تتم، هي في الأصل عبارة عن مجرّد دهانات لواجهات المدارس فقط، أو تركيب بعض الصنابير، ومازالت الشروخ تحتل المباني والفصول، بجدرانها المكسورة، وألوانها غير الموجودة، وطوبها المكشوف، كأنها سجون أو مقابر لا تتناسب مع طفل يتطلّع لمستقبل أفضل.
واختتمت حدّيثها لنا قائلة: "مازالت هيئة الأبنية لا تمد المدارس بالعدد الكافي من الديسكات، وحتى الجديد منها بخامة منخفضة الجودة، ومقاسات صغيرة، لا تتناسب مع أحجام طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، ولا يتم إعادة تدوير الديسكات القديمة المُستهلكة في المدارس، نتمنّى إعطاء الأولوية في إنشاء وتجهيز المدارس على أعلى مستوى؛ لتتناسب مع رؤية مصر في ملف التعليم".
الكثافة الطلابية في المدارسولي أمر: هذه الأزمة تؤرّقنا.. ونطالب الرئيس بالنظر إلى أبنائه
وفي ذات السياق، تواصلنا مع هند شاهين، وهي ولي أمر، ومؤسس الجروب التعليمي "منارة مصر التعليمية"، وذلك خلال رحلتنا لرصد آراء وردود أفعال أولياء الأمور، والمُهتمين بهذا الملف.
قالت هند شاهين في حديثها لنا، إن أزمة الكثافة الطلابية من أكثر المشكلات التي تواجه المدارس حاليًا، وتؤرق العديد من أولياء الأمور، وتكاد تكون الأزمة الحقيقية هي التكدّس الكبير بين الطلاب والطالبات بالمدارس"، وقد يصل العدد إلى 80 طالب وطالبة في الفصل الواحد.
وأضافت "شاهين" أن هذا العدد يُمثّل عبئًا كبيرًا على الطلاب والمُعلمين، خاصة وأن لكل طالب مستوى مختلف في الفهم والاستيعاب، وهو ما يجعل الأمر صعبًا على هؤلاء الطلاب والمعلمين أيضًا.
وطالبت "شاهين" الرئيس عبدالفتاح السيسي، النظر إلى الكثافة الموجودة في جميع مدارس الجمهورية بعين الأب الحقيقي لجميع الطلاب، وو ضع خطة مدروسة لحل هذه الأزمة.
الكثافة الطلابية في المدارسولي أمر: الدروس الخصوصية سبب رئيسي في انتشار الظاهرة
كما تواصلنا مع داليا الحزاوي، ولي أمر، ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، والتي أشارت إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، والتي اعتبرتها أحد أهم أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، والتي تؤدي إلى عدم قدرة المدرسة على أداء واجبها التعليمي بشكل مناسب، ما يدفع الطلاب للجوء إلى تلك الدروس؛ لتعويض القصور في الشرح، والحصول على تطبيقات وأسئلة.
وقالت "الحزاوي" إن العدد الكبير يجعل الأمر صعبًا على المعلم، التفاعل مع الطلاب والمناقشة، في ظل منظومة تعليمية جديدة، تحتاج إلى تفاعل المعلم مع الطلاب بشكل كبير.
وأضافت: "الطالب في ظل الكثافة المرتفعة في الفصول، لا يستطيع الجلوس بشكل مريح، فكيف يستطيع أن يفهم ويستوعب ما يُقال له في الحصة، في ظل هذا المناخ غير المناسب، لعل الحل الوحيد للخروج من تلك الأزمة، هو مشاركة المجتمع المدني في بناء المدارس".
وناشدت "الحزاوي" الرئيس عبدالفتاح السيسي، إطلاق مبادرة قومية لبناء المدارس الحكومية؛ وذلك لحث رجال الأعمال على القيام بواجبهم المجتمعي، والمساهمة في بناء تلك المدارس.
الكثافة الطلابية في المدارسولي أمر: أزمة الكثافة الطلابية تؤثّر على جودة التعليم وتصنيفه العالمي
فيما قالت أميرة الصفطاوي، وهي ولي أمر، وأدمن جروب "أولياء أمور مدارس مصر"، إن أزمة كثافة الفصول الدراسية، تواجه الطلاب وأولياء الأمور كل عام دراسي، وبالتالى تؤثّر على جودة التعليم وتصنيفه العالمي.
وأضافت أن كثافة الفصول مازالت أزمة مستمرّة، على الرغم من تزايد عدد المدارس الجديدة التي تُطرح كل عام في جميع المحافظات؛ وذلك بسبب زيادة عدد الطلاب دون وضع خطة سابقة لاستيعاب هذا العدد على المدى البعيد.
وتابعت: "نتيجة هذه الكثافة الرهيبة في المدارس الحكومية والرسمية، أدت إلى ابتعاد عدد كبير من الطلبة عن المدرسة، وعودتهم مرة أخرى خلال فترة الامتحانات فقط، وهذا برغبة ولي الأمر، للحفاظ على سلامة أبنائه؛ نظرًا لانتشار الأمراض والأوبئة في السنوات الماضية، بسبب غياب البيئة الصحية في المدارس، وعزوف الطلاب عن المدرسة هو كارثة كبيرة سندركها في السنوات المقبلة".
ولفتت "الصفطاوي" إلى عدم قدرة المعلم السيطرة على الفصل، في ظل وجود أعداد كبيرة جدًا، وعدم وجود أماكن للجلوس للكثير من الطلاب، ما يؤدي إلى فقدان القدرة على الاستيعاب.
وكشفت أميرة الصفطاوي عن الالتزام بالمربع السكني، الذي قد يكون حلًا لإنهاء جزء من الأزمة، وأن يلتزم كل طالب بالمدرسة القريبة من منزله، ووضع قيود صارمة للتحويلات، وغلق جميع أبواب الوسائط، وإنشاء عدد من المدارس في كل محافظة، يتناسب مع كثافتها السكانية.
وناشدت رجال الأعمال وأعضاء مجلس النواب، بالتبرع لإنشاء مدارس على نفقتهم الخاصة، والتبرّع بالأراضي، والإسراع في حل الأزمة مع هيئة الأبنية التعليمية، ليعود الطالب مرة أخرى إلى المدرسة، وتوفير مقعد، وكتاب مدرسي، ومعلم مؤهّل علميًا ونفسيًا، ومدرسة قريبة من منزله، وتفعيل لائحة الانضباط المدرسي.
الكثافة الطلابية في المدارسولي أمر: نلجأ للدروس الخصوصية في ظل ظروف اقتصادية صعبة
فيما أكدت إيريني فارس حبيب، ولي أمر، ضرورة أن يضع وزير التعليم خطة لحل تلك الأزمة، والتي تنعكس بدورها على المعلم أيضًا، وتؤدي إلى تشتيت الطالب، وتؤثّر بشكل سلبي على مستوى تحصيل الطالب، مما يجعله يلجأ للدروس الخصوصية.
وقالت إن أعطاء الطلاب دروسًا خصوصية في جميع المواد، هو أمر أصبح شديد الصعوبة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها مصر، وتأثّر بها أولياء الأمور.
وطالبت الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعمل خطة لبناء مدارس جديدة لاستيعاب الطلاب في المدارس؛ حيث يصبح الفصل الواحد حد أقصى به 40 طالب فقط، للقضاء على الكثافة الطلابية، وأضافت: "في ظل تطوير منظومة التعليم، يحتاج الطالب لاهتمام من المعلم، فكيف يحدث ذلك في ظل الكثافة العالية؟".
الكثافة الطلابية في المدارسولي أمر: بنسبة كبيرة الفصل يحتوى على نحو 70 طالب فيما أكثر
ومن جانبه، علّقت شيرين نصر، ولي أمر، على أزمة الكثافة الطلابية بالمدارس، قائلة: "بنسبة كبيرة الفصل يحتوى على نحو 70 طالب فيما أكثر، بجانب عدم احترام وتقدير الطالب للمعلم، هذه كارثة يجب النظر إليها".
وأضافت أن المقاعد في الفصول ليست بحالة جيدة تصلح للآدمية، بالإضافة إلى أن عدد الطلاب والطالبات أكثر من عدد المقاعد، وهذه كارثة يجب إيجاد حل سريع لها.
ووجّهت "نصر" مناشدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، بوضع حلول حقيقية وواقعية وسهلة التنفيذ، للوصول إلى الاكتفاء بعدد معين في الفصول، بالإضافة إلى حل أزمة عجز المدرسين.
الكثافة الطلابية في المدارسخبير تربوي: هذه الأزمة تتسبب في حدوث عجز كبير بالمدارس
توجّهنا في رحلة أخرى للبحث عن حلول من خبراء تربويين؛ حيث تواصلنا مع الدكتور مجدي حمزة الخبير التربوي والتعليمي، والذي أكد أن أزمة الكثافة الطلابية من أهم المشكلات التي تواجه التعليم في مصر، ضمن مشكلات كثيرة منذ عشرات السنين، ولم يستطع أحد حلّها حتى وقتنا هذا، لذا تزداد المشكلات وتتفاقم مع مرور الوقت.
وقال "حمزة" إن أحد المشكلات الرئيسية الهامة التي تواجه التعليم المصري، هي أزمة الكثافة الطلابية في الفصول، والتي تتسبب في حدوث عجز كبير جدًا في المدارس، حتى وصل العجز إلى 220 ألف فصل تعليمي في المدارس، ما يحتاج إلى ما يقرب من 150 لـ200 مليار جنيهًا.
وأضاف أن توجيهات القيادة السياسية في الفترة الأخيرة بحل مشكلات التعليم، هو توجّه محمود، متمنيًا أن يلقى هذا الملف قبولًا لدى جميع المسؤولين، وأن تنتبه القيادة السياسية إلى خطورة الكثافة الطلابية في المدارس.
وأكد وجود بعض المناطق يصل عدد الطلاب بها في الفصل الواحد إلى 120 طالب، خاصة في المراحل الابتدائية والإعدادية، وهذا ينعكس على المستوى التعليمي في مصر بشكل عام، وبالفعل بدأت تقل جودة التعليم في مصر، وخاصة في ظلّ عجز المعلمين، الذي وصل لما يقرب من 260 ألف معلم.
وتابع: "عجز المعلمين مع أزمة وجود أزمة الكثافة الطلابية، يخلق مشكلة كبيرة جدًا، وأدى إلى عدم وضوح جودة التعليم في مصر، وأصبح المعلم غير قادرًا على التواصل مع هذا الكم من التلاميذ داخل الفصل الواحد".
ووضع الخبير التربوي روشتة للقضاء على هذه الأزمة، تمثّلت في الآتي:
- زيادة ميزانية الأبنية التعليمية من الحكومة.
- عمل شراكات مع شركات القطاع الخاص في بناء مدارس بحق الانتفاع.
- تيسير إجراءات بناء المدارس الخاصة والحكومية.
- العمل على زيادة جودة التعليم.
- قيام مجلس النواب بدوره في إصدار التشريعات والقوانيين.
- قيام منظمات المجتمع المدني بدورها في قضية كثافة الفصول.
- بناء فصول متنقلة.
- وضع خطة قصيرة المدى للقضاء على كثافة الفصول، وخطة طويلة المدى للقضاء على الأزمة.
- وضع رؤية واصحة لتحديد المدة الزمنية للقضاء على المشكلة.
- قيام رجال الأعمال بدورهم من خلال إنشاء مدارس.
- مشاركة الأندية، والمساجد، والكنائس.
- تيسير إجراءات بناء الفصول المتنقلة في الأماكن ذات المناطق المزدحمة، كالقاهرة والجيزة والإسكندرية.
- استخدام أكثر من فترة دراسية في التعليم، خاصة في المناطق ذات الكثافة العالية، من خلال تطبيق ثلاث فترات على مدار اليوم الدراسي.
- استخدام "التعليم الهجين"؛ وهو الجمع بين التعليم التقليدي والتعليم الحديث، جزء منها يتم في المدارس، والآخر في المنازل، ولكن تطبيقها يحتاج إلى آليات، وقرار وزاري قادر على استيعاب هذه الفكرة.
الكثافة الطلابية في المدارسخبير تعليمي: أبناء 9 مليون لاجئ دخلوا مصر تسببوا في تفاقم الأزمة
ومن جانبه قال الدكتور محمد كمال، الخبير التعليمي، إن إصلاح التعليم هو الأولوية القصوى لأي حكومة رشيدة، وهو ما أدركته الجمهورية الرابعة؛ حيث سعى الرئيس عبدالفتاح السيسي بخطوات حثيثة لحل الأزمات التي تعاني منها مصر بكافة المجالات، وعلى رأسها قطاع التعليم، ومن هنا ارتفعت ميزانية التعليم العام من 47 مليار في 2010، إلى 230 مليار في 2023، غير أن هذه الزيادة لم تكن كافية لحل مشكلات التعليم، والتي تتمثّل أهمها في مشكلات المناهج الدراسية وتطويرها، بما يتناسب مع أحدث ما توصلّ إليه العلم.
وأضاف أن المشكلات المتعلّقة بالمعلمين، سواءً قلة أعدادهم، أو انخفاض مرتباتهم، هي المشكلات التي حاولت الدولة حلّها، عن طريق البدء في تعيين المدرسين؛ فتم تعيين 14 ألف معلم هذا العام، على أن يُعيّن سنويًا 30 ألف معلم، لسد العجز في المدرسين، وكذلك رفع مرتبات المعلمين، وزيادة مرتبات موظفي الدولة، بجانب مشكلة الإتاحة، والتي لم تجد لها حلًا، في ظل الزيادة السكانية المتفاقمة، وأبناء أكثر من 9 مليون لاجئ دخلوا مصر في السنوات الأخيرة.
وتابع: "ارتفع عدد طلاب التعليم الابتدائي والإعدادي، من 14 مليون إلى 19 مليون، وهي زيادة تعادل سكان عدة دول، كما زاد عدد طلاب التعليم العام بشكل إجمالي، من 16 مليون و750 ألف عام 2013، إلى ما يزيد عن 25 مليون في عام 2023، لتزداد حِدة مشكلة الكثافة الطلابية في المدارس، رغم الإنفاق الكبير على إنشاء الأبنية التعليمية، حتى بلغ عدد المدارس ما يزيد عن 60 ألف مدرسة، تضم 550 ألف فصل، إلا أن ذلك لم يُنهي".
وأشار الخبير التعليمي، إلى ضرورة البحث عن حلول خارج الصندوق، ومنها الاستفادة من "قناة مدرستنا"، بحيث تصبح الدراسة ثلاثة أيام في الأسبوع فقط بالمدرسة، على أن تُخصص الأيام الثلاثة المتبقية للدراسة من خلال القناة، ويتم التبادل بين التلاميذ؛ فيدرس بعضهم في النصف الأول من الأسبوع، والبقية في النصف الثاني، ويقوم المعلمين في اليوم الأول للدراسة بالمدرسة بمراجعة ما تم دراسته في قناة مدرستنا، وبذلك تنخفض الكثافة لدينا إلى النصف، مما يقل عدد تلاميذ الفصل الواحد إلى العدد المطلوب؛ حيث تعمل القناة بنظام اليوم الدراسي صباحًا، ويتم تخصيص 9 قنوات لـ9 فصول الدراسية الأولى.
وبالنسبة للتعليم الثانوي الفني، أكد "كمال" ضرورة إلغاء التعليم التجاري، والذي لم يعد له فائدة الآن، في الوقت الذي يشغل فيه 954 مدرسة، تشمل 17 ألف فصل، و850 ألف طالب، وتوزيع المدارس والطلاب على التعليم الثانوي الصناعي والزراعي، مع إعادة هيكلة كلٍ منهما، ليؤدي خدمة تعليمية حقيقية لتخريج شخص مهني متعلم، يفيد نفسه وأسرته ومجتمعه، وليست صورية كما يحدث أحيانًا.
ولفت الدكتور محمد كمال إلى نحو 52 ألف فصل بـ4500 مدرسة ثانوية عامة، غير مُستغلين؛ وذلك بسبب انصراف الطلاب إلى الدروس الخصوصية، وقلة المعلمين، وعدم التدريس الجاد في عدد ليس بقليل منها، مع ضرورة أن يتزامن ذلك مع محاربة الدروس الخصوصية بشكل حقيقي، يتضمّن غلق مراكز الدروس الخصوصية، ومعاقبة العاملين بها عقوبات جنائية، لردع الآخرين عن ذلك.
وأشار "كمال" إلى ضرورة رفع مرتبات المعلمين في كل مراحل التعليم، بما يتناسب مع متطلبات المعيشة، مقابل التفرغ للعملية التعليمية، متابعًا: "إن قرارات مثل هذه، تتطلّب رؤية إصلاحية ثورية، وهو ما نراه في الرئيس السيسي، برغبته الحثيثة في إصلاح الدولة المصرية، والانتقال بها إلى القرن الحادي والعشرين".
الكثافة الطلابية في المدارس"الأبنية التعليمية": نعمل على تنفيذ التكليفات الرئاسية بإنشاء مدارس في المناطق الأكثر احتياجًا
من جانبه أكد مصدر مسؤول بهيئة الأبنية التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بناء 551 ألف فصلًا دراسيًا على مدار الـ10 سنوات الماضية، وذلك طبقًا لنماذج ومعايير منضبطة، ومراعاة لشكل الفراغات، وصولًا لشكل المدرسة الذكية في ظل التحول الرقمي.
وقال المصدر، إن الهيئة تستعد لوضع خطط واضحة لتنفيذ التكليفات الرئاسية، بإنشاء مدارس في المناطق الأكثر احتياجًا، والقضاء على تعدد الفترات الدراسية، التي تُعد من أحد أسباب تقليل مستوى التعليم في المدارس، بسبب تقليل مدة تواجد الطالب بالمدرسة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الرئیس عبدالفتاح السیسی الأبنیة التعلیمیة المدارس الحکومیة الدروس الخصوصیة الفصول الدراسیة المشکلات التی أولیاء الأمور هیئة الأبنیة جودة التعلیم کثافة الفصول إنشاء مدارس التعلیم فی فی المناطق للقضاء على هذه الأزمة فی الفصول هذا الملف طالب فی من خلال ألف فصل ولی أمر خاصة فی فی مصر التی ت جزء من وهو ما
إقرأ أيضاً:
مقال.. مدارس الأوقاف في القدس منارات صامدة في وجه أسرلة التعليم
تعدّ مدارس القدس التابعة للأوقاف، والتي تنضوي تحت مظلة مديرية التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية، رافعة أساسية لحماية الهوية التعليمية والوطنية في مدينة تتعرّض منظومتها المدرسية لضغوط سياسية واقتصادية وأمنية متواصلة.
تعمل هذه المدارس وفق المنهاج الفلسطيني، وتخضع إداريا لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، لكنها تُدير يومياتها في بيئة شحيحة التمويل، ومقيدة بحواجز وتضييقات، ما يجعل الحفاظ على استقرار الكادر والطلبة مهمة شاقة تتطلب دعما مجتمعيا ومؤسسيا مستداما.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال.. طلبة القدس من رمزية التفوق إلى مشروع وطني للتعليمlist 2 of 2دكتوراه على الرف.. أستاذ جامعي يعجن الخبز في غزة المدمرةend of listفي عام 2021 بدأت مدارس الأوقاف تواجه أزمة جديدة، تعتبر من أعقد أزماتها التربوية، إذ تداخلت التحديات السياسية بالاقتصادية والاجتماعية، لتهدد استقرار العملية التعليمية.
لم تكن المشكلة في البنية التحتية وحدها، ولا في الكثافات الصفية المتزايدة فقط، بل في صميم العنصر البشري: وهو المعلّم، إذ إنّ صرف الرواتب مجتزأة (50-80%) من مستحقات الراتب الشّهريّة دفع عشرات المعلمين الأكفاء إلى مغادرة الميدان، وألقى ذلك بظلال من القلق على الأسر التي صارت تخشى عاما دراسيا بلا استقرار، فترددت في تسجيل أبنائها في مدارس الأوقاف.
هكذا وُجدت هذه المدارس أمام معادلة صعبة: نقص في الكادر المؤهل من جهة، وتراجع في أعداد الطلبة من جهة أخرى.
خيارات قاسية
وفي القدس على وجه الخصوص، حيث نسبة غلاء المعيشة هي الأعلى في المنطقة، يُشكّل انتظام الراتب شرطا أساسيا لاستمرار المعلّم في أداء رسالته، مع العلم أن المعلم المقدسي يعيش أزمة الراتب القليل الذي لا يتناسب وغلاء المعيشة، وكان دائم الشكوى منذ تسلّم السلطة الوطنية الفلسطينية مهامها عام 1993م.
وفي نهاية 2024 وبداية 2025، دخلت أزمة الرواتب مرحلة أكثر خطورة: تأخر صرف الرواتب عدة أشهر، ووصلت الاقتطاعات في بعض الأشهر إلى 65%، ليحصل المعلم على 35% فقط من المستحقات الشهرية، هذا النقص لم يكن مجرد رقم على الورق، بل حقيقة معيشية جعلت المعلم غير قادر على دفع إيجار بيته أو تسديد أقساط المدارس لأولاده أو حتى تغطية أبسط متطلبات الحياة.
إعلانتحت ضغط هذه الظروف، لجأ عدد كبير من معلمي الأوقاف إلى خيارات قاسية:
الإجازة المفتوحة: أكثر من 150 معلما وُثّق خروجهم خلال الثلاث سنوات الماضية بسبب العجز عن الاستمرار براتب ثابت. الاستقالات: بعض الكفاءات وجدت فرصا في مدارس خاصة أو في مؤسسات تعليمية خارج القدس براتب أكثر انتظاما. الهجرة إلى قطاعات موازية: معلمو لغات وعلوم توجهوا إلى الدروس الخصوصية أو أعمال أخرى خارج القطاع التربوي.
نزْف متواصل
هذا النزف جعل بعض المدارس تعجز عن تغطية حصص أساسية، وأدى إلى إغلاق ما يقارب 30 شعبة صفية.
فحسب إحصائية مديرية تربية القدس للعام الدراسي 2022-2023 كان عدد الشعب الصفية في مدارس الأوقاف 597 شعبة صفية. وفي عام 2023-2024 انخفضت إلى 586، وفي العام 2024-2025 وصلت إلى 567.
وقد أدى ذلك إلى قلق أولياء أمور الطلبة، ومنه تراجع إقبالهم على مدارس الأوقاف، لعدم ضمان الاستقرار.
وحسب إحصائية مديرية تعليم القدس، في عام 2022-2023، كان عدد طلبة مدارس الأوقاف 10 آلاف و693 طالبا وطالبة.
وفي العام الدراسي 2023-2024، انخفض إلى 10 آلاف و375، وفي 2024-2025، صار 9297 طالبا وطالبة.
أي خلال الثلاثة أعوام السابقة، خسرت مدارس الأوقاف 1396 طالبا وطالبة.
وفي العام الدراسي 2025-2026، ومع تكرار الأخبار عن إضرابات محتملة أو تأخّر في صرف الرواتب، ازدادت مخاوف الأهالي من أن يبدأ العام الدراسي ثم يتوقف فجأة.
هذا القلق دفع بعض أولياء أمور الطلبة -رغم تمسّكهم بمدارس الأوقاف وإدراكهم دورها الحيوي كصمّام أمان، يحافظ على المناهج الوطنية الفلسطينية- إلى نقل أبنائهم إلى مدارس خاصة رغم ارتفاع رسومها، أو حتى إلى مدارس بلدية الاحتلال أو المنهاج الإسرائيلي لمن هو غير مقتدر ماليا، وذلك ليس رغبة منهم في هذه المدارس ومناهجها، بل خشية من ضياع العام الدراسي من أبنائهم.
مبان غير مؤهلة
ويذكر أنّ معظم مباني مدارس الأوقاف تفتقر إلى المرافق التربوية الأساسية، مثل المختبرات والملاعب والساحات، كونها في الأصل مباني سكنية جرى تأهيلها بقدر المستطاع، بعد أن منعت سلطات الاحتلال إصدار تراخيص للبناء أو حتى التوسعة، بل إنّ بعضها مهدّد بالهدم بذريعة عدم الترخيص.
شعرت الحكومة الفلسطينية بخطورة التحديات التي تواجه مدارس الأوقاف في القدس، فأصدر مجلس الوزراء قرارا استثنائيا يقضي بعدم اقتطاع أي جزء من رواتب معلمي مديرية القدس، وصرفها كاملة، تقديرا لصمودهم في وجه سياسات الاحتلال.
وجاء هذا القرار في ظل الخطوة الخطِرة التي اتخذتها سلطات الاحتلال بإغلاق مدارس وكالة الغوث (أونروا)، في محاولة لفرض مناهجها على الطلبة بدفعهم قسرا إلى مدارس بلدية الاحتلال ووزارة معارفه، حيث تُدرَّس مناهج فلسطينية محرفة ومشوّهة، اجتث منها كل ما يتصل بالهوية الوطنية والانتماء الفلسطيني، واستبدالها بمواد مسمومة تخدم أهداف الاحتلال، أو بزج الطلبة في المدارس الخاضعة بالكامل للمناهج الإسرائيلية.
إنّ مدارس الأوقاف في القدس، وبرغم محدودية إمكاناتها وقلة عدد طلابها مقارنة بمجموع الطلبة المقدسيين، لا تزال تمثل خط الدفاع الأول عن التعليم الوطني الفلسطيني، وتشكّل صمام الأمان في وجه سياسات الأسرلة وطمس الهوية.
إعلانلكنّ استمرارها في أداء هذا الدور الحيوي يظل محفوفا بالمخاطر، خاصة بعد التضييق المتزايد ومنع الكتب الفلسطينية الأصلية من دخول المدارس الأخرى.
وبينما لا تتجاوز نسبة طلابها 9% من أصل 130 ألف طالب وطالبة في المدينة، فإن مسؤوليتها أكبر بكثير من حجمها العددي، إذ تحمل عبء الحفاظ على الوعي الجمعي الفلسطيني.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: إلى أي مدى ستتمكّن مدارس الأوقاف من الصمود ومواجهة هذه التحديات، في ظل واقع يومي يزداد قسوة على المقدسيين، ومعركة مفتوحة على مستقبل التعليم والهوية في القدس؟
*ديمة السمان: مديرة دائرة الإعلام التربوي سابقا في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ومديرة ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية.