دعا النائب طوني فرنجية إلى "وضع حدّ نهائي لكلّ عمليات المراهنات الإلكترونية ولمكافحة هذه الآفة عبر الأجهزة الأمنية والقضائية المعنية من دون أيّ تهاون"، مؤكّداً "ضرورة تشريع قوانين واضحة، رادعة وصريحة تقوم بتنظيم هذا القطاع  بشكل دقيق، ما يجعل سبب اللجوء إلى القمار الإلكتروني مقتصراَ على التسلية والترفيه فقط لا غير، فعملنا لتوقيف القمار الالكتروني لا يأتي من باب الديكتاتورية او فرض خيارات معيّنة على المجتمع، إنما من باب حماية المجتمع، فالحرية نهج أكيد في مجتمعنا، لكن الفرق بينها وبين الفوضى شاسع وكبير".



واعتبر فرنجية في خلال لقاء تفاعلي بينه وبين عدد من الشباب نظّمه مكتب الشباب والطلاب في "تيار المردة"، تحت عنوان "المراهانات غير الشرعية خطر أشد وطأة من خطر المخدرات والكحول"، في مركز "مشروع أجيال" في بلدة كفرحاتا في قضاء زغرتا،  أنّ " الخطر البارز في المراهنات عبر الانترنت يكمن بأنها لا تأخذ بعين الاعتبار أيّ شرط من شروط قبول الفرد للدخول إلى مجالها، من هنا يمكن القول أن من يُدمن على هذا النوع من الألعاب الالكترونية هو ضحية، كما أنّ المروّج لها أو الوسيط هو ضحية بشكل أو بآخر، والمشكلة الأكبر أنّ هناك ضحايا غير مباشرين لهذا الإدمان وهم أمهات وآباء وإخوة وعائلات المدمنين الذين يدفعون يوميا أثمانا باهظة".

وأشار فرنجية إلى أنّ"ربط المراهنات الإلكترونية بـ"كازينو لبنان"، وفقاً لما يجري اليوم عملية غير شرعية وغير قانونية، وإذا كان الهدف من خلالها هو تنظيم وضبط هذه الألعاب، أكّدت النتيجة أن الهدف أتى معاكساً، فمنذ تحويل هذه المراهنات إلى الكازينو تفاقمت أعداد المدمنين والمروّجين والوسطاء، لذلك ندعو لوضعحدّنهائيلكلّأعمالالمراهناتعبر الإنترنت ريثمايتمالوصولإلىقانونينظمهاويضمنأنيكوناستعمالهاللترفيه فقط.
وأضاف "لا يمرّ أسبوع أو أي فترة زمنية قصيرة من دون ان تصلنا أخبار مؤسفة عن شبابا وعائلات يعانون  بسبب المُراهنات عبر الإنترنت ، وآفة المراهنات تصيب كلّ أفراد المجتمع والعائلات من دون أيّ استثناء واللافت أنّ نسبة لا يستهان بها من الفتيات والنساء دخلت إلى عالم إدمان القمار الالكتروني".

وختم مؤكّداً أنّ "حالات اليأس الكثيرة المنتشرة في مجتمعنا بفعل الأوضاع الحالية تدفع بالكثير من الشباب الى اللجوء إلى المراهنات الإلكترونية بهدف تحقيق الذات والربح السريع والدخول في مرحلة من الشعور بالرضى، لكن هذه الطريق سرعان ما تتكشف وتوصل سالكيها الى نهايات مأساوية أبرزها الإنتحار، لذلك من واجبنا جميعا كلّ من موقعه أن نتكاتف لنخلق حالة من الوعي حول هذه الآفة ففي لعبة القمار الإلكتروني الجميع خاسر من دون استثناء".

وفي بداية اللقاء، قدّم مستشار النائب طوني فرنجية المحامي أنطوان فنيانوس عرضاً مفصلاً لواقع المراهنات غير الشرعية في لبنان على الصعيد القانوني بالاضافة إلى قراءة معمقة في الأسباب  والنتائج، فضلاُ عن لمحة عامة عن واقع المراهنات غير الشرعية في عدد من دول العالم التي تضعها تحت سقف القوانين أو الاخرى التي لا تدخل في عملية تنظيمها.

وخلال عرضه أشار المحامي فنيانوس إلى أنّ  "مكافحة هذه الآفة يبدأ بالتشريع  في مجلس النواب بوقف وحجب كل منصات القمار الالكتروني حتى العائدة لمصرف لبنان كونها  مبنية على اساس قانوني غير صحيح اذ لايمكن  تعديل قانون امتياز الكازينو الصادر بتاريخ ١٩٩٥/٥/١٥ الا بموجب قانون وليس بمرسوم  وذلك عملا بمبدأ موازات الصيغ والأشكالPARALELLISME DES FORMES (المادة ٨٩ من الدستور) ليصار الى اقرا قانون حديث للقمار الالكتروني مبني على تشديد شروط الترخيص وقواعد الامتثال وعلى هيئة ناظمة اسوة بالقانون الفرنسي بعد تعديل قانون القمار الصادر عام ١٩٥٤ وقانون العقوبات اللبناني لاسيما المواد /٦٣٢/،/٦٣٣/،/٦٣٤/ بالاضافة الى قانون تنظيم اليانصيب الوطني والياناصيب الخاص واللوتو والمراهنات".

كما طرح المحامي فنيانيوس مجموعة من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى إدمان القمار الإلكتروني، فضلاً عن نتائج هذا النوع من القمار على الصحة النفسية والجسدية للمُدمن.

وتخلل العرض أيضاً حوار مع المشاركين تمحور حول الطرق والأساليب الممكنة لمعالجة أسباب ونتائج هذا النوع من الإدمان. 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من دون

إقرأ أيضاً:

نزيف العملات عبر الألعاب الإلكترونية.. الأزمة والحل

في عصر التحولات الرقمية المتسارعة، أصبحت الألعاب الإلكترونية إحدى أكثر الصناعات نموًا وربحًا على مستوى العالم. إلا أن هذا النمو، الذي يبدو للوهلة الأولى إيجابيًا، يخفي وراءه تحديات اقتصادية عميقة تعاني منها العديد من الدول، خصوصًا النامية. فقد تَحوّل سوق الألعاب من مجرد مجال ترفيهي إلى بوابة مفتوحة على مصراعيها لهروب الأموال واستنزاف الاقتصاد المحلي، حيث تخرج مليارات الدولارات سنويًا من كل دولة لصالح شركات أجنبية لا تترك لبعضٍ الدول سوى القليل من العوائد الاقتصادية خلفها. كيف نجحت بعض الدول في مواجهة الخطر والتصدي له بطرق مبتكرة؟

هذا النزيف النقدي الهائل لا يقتصر على كونه خسارة مالية مجردة، بل يُهدد استقرار العملات الوطنية في كل دولة، ويُعمّق من فجوة الاعتماد على الخارج، ويُضعف الصناعات الرقمية المحلية. ففي دول مثل إندونيسيا، الصين، البرازيل، وحتى بعض الدول الأوروبية، بدأت الحكومات تدرك أن استمرار هذا الوضع يقود إلى فقدان السيطرة الاقتصادية على سوق واسع يتنامى بلا ضوابط واضحة، ما دفعها إلى التدخل بوسائل تشريعية وإدارية لحماية مقدّراتها.

وليس فقط الاقتصاد الوطني هو المتضرر من هذا النزيف، بل تتعرض الأسرة أيضًا إلى تداعيات خطيرة نتيجة الإنفاق غير المنضبط على الألعاب الإلكترونية، في ظل انتشار نماذج الدفع داخل الألعاب التي تشجع على الشراء المتكرر والمكثف، خصوصًا بين فئة الشباب والأطفال. هذا الإنفاق يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على ميزانيات الأسرة، ويحدّ من قدرتها على توفير الاحتياجات الأساسية، مما يخلق ضغطًا ماليًا إضافيًا يصعب على البعض تحمله.

كما أن النزيف المالي داخل الأسرة يتعمق عبر ما يُعرف بـ"الإدمان الرقمي" على الألعاب، حيث تتزايد المصاريف الشهرية بصورة غير متناسبة مع الدخل، وتكون غالبًا غير خاضعة لأي رقابة أو ضبط من قبل الوالدين. ينتج عن ذلك شكاوى متزايدة حول التأثيرات الاجتماعية والنفسية على الأطفال، مما يدعو إلى ضرورة تحرك حكومي وتنظيمي يشمل حماية الأسرة والمستهلك إلى جانب حماية الاقتصاد الوطني.

في إندونيسيا، شكلت التجربة نموذجًا مهمًا في سعي الدول النامية لاستعادة السيطرة على قطاع الألعاب الإلكترونية. ففي عام 2024، كشفت السلطات أن شركة أجنبية واحدة استطاعت تحقيق أرباح تصل إلى 9 مليارات دولار أمريكي من السوق الإندونيسي، دون وجود استثمار ملموس داخل البلاد.هذا الكشف دفع الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات المنظمة، انطلاقًا من توقيع اللائحة الرئاسية رقم 19 في 12 فبراير 2024، والتي وضعت أساسًا قانونيًا لتطوير الصناعة المحلية وتقنين أنشطة الشركات الأجنبية.

لاحقًا، وتحديدًا في 5 أغسطس 2024، أعلنت الحكومة عن خطتها لإلزام الشركات الأجنبية بإنشاء كيان قانوني محلي أو الدخول في شراكات مع مطورين إندونيسيين، ما يضمن تدفق جزء من العائدات إلى الاقتصاد المحلي. كما تم تحسين بيئة الدفع عبر تشجيع استخدام بوابات الدفع الوطنية، لتقليص الاعتماد على أنظمة تحويل الأموال الخارجية.

كانت التجربة الإندونيسية تسعى إلى المزج بين تقييد نشاط شركات الألعاب الأجنبية وتسهيل البيئة التشريعية للمطورين المحليين، في خطوة تهدف إلى خلق صناعة محلية مستدامة، وليس مجرد فرض قيود ظرفية.

وفي الصين، باعتبارها أكبر سوق للألعاب الإلكترونية في العالم، انتهجت أسلوبًا أكثر حزمًا وصرامة في التعامل مع هذا القطاع، مدفوعة بقلق من إدمان الألعاب بين الشباب، إلى جانب المخاوف الاقتصادية من تسرب الأموال. وبدأت السلطات منذ عام 2019 بفرض قيود على ميكانيكيات "الشراء داخل اللعبة"، خاصة ما يُعرف بصناديق الجوائز، والتي شبّهتها بآليات القمار. من بين أبرز الإجراءات:

الإفصاح الإلزامي عن احتمالات الربح من صناديق الجوائز.

تحديد سقف يومي لإنفاق اللاعبين، خاصة القُصّر.

فرض حد أقصى للمشتريات الشهرية من قبل المستخدمين الصغار.

إلى جانب هذه القيود، يتم إخضاع كل لعبة لرقابة محتوى صارمة قبل إجازتها للنشر، مع حظر أي لعبة لا تمتثل للمعايير الثقافية أو الاقتصادية التي تفرضها الدولة.

التجربة الصينية سلّطت الضوء على أهمية النظر إلى الألعاب الإلكترونية ليس فقط كمنتج اقتصادي، بل كمكون ثقافي واجتماعي، يستوجب رقابة وتشريعًا لحماية النسيج المجتمعي والسيادة الاقتصادية.

أما في البرازيل، وهي دولة ذات سوق استهلاكي كبير في أمريكا اللاتينية، فقد تبنّت في 2024 نهجًا تشريعيًا يركّز على مكافحة الطابع المقامر لبعض آليات الألعاب، خصوصًا تلك التي تعتمد على الحظ والمفاجآت المدفوعة، وقامت السلطات بحظر الألعاب التي تحتوي على عناصر تشبه القمار، بما في ذلك صناديق الجوائز أو "الفرص العشوائية" التي تتطلب الدفع مقابل الحصول على محتوى غير مضمون. هذا القرار أدى إلى خروج عدد من الألعاب الشهيرة من السوق البرازيلي، أو تعديل ألعابها بشكل جذري لتتماشى مع الإطار القانوني المحلي.

على خلاف التجارب السابقة التي تركز على التقييد والمنع، اتجهت فرنسا إلى منهج تحفيزي يقوم على تشجيع الإنتاج المحلي بدلًا من تقييد الأجنبي فقط. منذ عام 2008، وضعت فرنسا نظام ائتمان ضريبي لصناعة ألعاب الفيديو، يغطي 30% من تكاليف الإنتاج، بحد أقصى 6 ملايين يورو سنويًا لكل شركة.

هذا النظام ساهم في خلق بيئة إنتاجية مزدهرة، حيث باتت فرنسا من الدول الأوروبية الرائدة في تطوير الألعاب، وموطنًا لشركات كبرى. وبذلك، بدلًا من محاربة الشركات الأجنبية، ركّزت على تمكين الصناعة المحلية لتكون قادرة على المنافسة وجذب الاستثمارات.

في الختام، تؤكد التجارب أن نزيف العملات عبر الألعاب الإلكترونية ليس مجرد تحدٍ مالي عابر، بل هو أزمة متعددة الأبعاد تهدد استقرار الاقتصاد والمجتمع. ومع ذلك، تثبت خطط المواجهة أن الحلول الواقعية والمبتكرة ممكنة، من خلال تنظيم السوق، وحماية المستهلك، ودعم الصناعة المحلية.

وعلى الدول النامية الاستفادة من هذه الدروس، مع تكييفها بما يتناسب مع خصوصياتها، لتحويل هذا القطاع من نقطة ضعف إلى فرصة استراتيجية للنمو الاقتصادي الرقمي المستدام. فالألعاب الإلكترونية اليوم ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل ميدان جديد للتنافس الاقتصادي، وفرصة لصناعة مستقبل أكثر ازدهارًا.

مقالات مشابهة

  • لجنة متابعة الوضع بطرابلس تلتقي أعضاء تنسيقية الاحزاب لوضع الحلول العاجلة للأزمة
  • نزيف العملات عبر الألعاب الإلكترونية.. الأزمة والحل
  • بعد فوزه بمنصب نقيب الأطباء في طرابلس والشمال.. فرنجية يبارك للمقدسي
  • لا يستطيع رفع رأسه.. الألعاب الإلكترونية تشوّه فقرات شاب (صور مرعبة)
  • بجاية: السجن لشخصين يحترفان ألعاب الحظ و القمار الإلكتروني بتسكريوت
  • مختص: المملكة سجلت أعلى عدد لعمليات فصل التوائم السيامية على مستوى العالم
  • إيطاليا لإسرائيل: كفى لعمليات القصف في غزة
  • معوض: كلام فرنجية الأخير غير مقبول و آخر مرة بقطّعا
  • ندوة توعوية ينظمها قطاع خدمة المجتمع بجامعة القاهرة عن القمار الإلكتروني
  • فرنجية زار عون.. وبحث في عدد من الملفات